في إحدى إجازاتي بالسودان ومنذ أربع سنوات تقريباً كنت بصحبة صديق لي في سيارته وهوحسب معرفتي اللصيقة به لاعلاقة له إطلاقاً لا بالمؤتمر الوطني ولا بسلطة الإنقاذ بل ولا صلة له بالسياسة لا من قريب أو بعيد، وكنا في طريقنا لواجب عزاء بجزيرتنا الخضراء ، وعند معبر سوبا ، فاجأني حقيقة باخراج بطاقة عضوية المؤتمر الوطني التي تحمل إسمه وصورته وقدمها عند نافذة تحصيل رسوم العبور ، فوقف الموظف إحتراماً لصاحبنا وسمح لنا بالمرور مجاناً وسط ذهولي واستغرابي الشديدين ! وما أن غادرنا البوابة وهو لعله قد قرأ الحيرة والتساؤل في تقاطيع وجهي ،حتى إنفجر ضاحكاً وهو يقول لي ، هكذا يا عزيزي تمضي الأمور في هذه البلاد الهاملة التي يستعمرها الكيزان ونحن أحق بأن نستهبلهم ! تساءلت في نفسي ساعتها ولا زلت ، كم هم من يحملون مثل بطاقة الإستهبال تلك و يتباهى قادة المؤتمر بهم بحسبانهم ضمن الستة ملايين التي يزعمون أنها عضوية حزبهم الذي يتغذي من ضرع بقرة الدولة ويلتصق المستهبلون من حملة بطاقته مصاً لدمائها كالقراد! وكم يا ترى هي العضوية الحقيقية لهذا الحزب الذي بدأ سقفه يتشقق من أعلى ويلقى بركام حطامه على رؤوس تلك القواعد التي ربما يكون ثلثاها من حملة بطاقات الإستهبال والذين بالطبع لن يصمدوا للدفاع عن هذا الكيان القائم على المال العام الحرام ويستفيد منه كل مستهبل استغلالاً لهذه البطاقة التي تنتهك بها حرمات الدولة ويرتعب لها الموظفون العامون خوفاً على وظائفهم التي يمن بها أهل النظام على من والاهم أو من يرهبهم ! الان تترى الأنباء عن فضائح الخناقات التي تحدث في مؤتمرات هذا الحزب المسخ والتي وفقاً للأنباء قد وصلت حد القتل في أحد فروعه بإحدى ولايات الشمال ، فيما يحاول أهل النظام نفى ذلك حتى تحدثت الأخبار عن تشققات اصابت فرع الحزب ببحري في مقتل ! وهكذا دائماً الكيانات التي لا تعتمد في بنائها على قناعات الأعضاء الذين يدفعون من حر مالهم لتقويمها على المباديء و البرامج ، لا إرتيادها للنهب و الثراء ، وحينما يتشقق جدرانه يهربون عنها حتى لا تسقط على رؤوسهم ، مثلما حدث للإتحاد الإشتراكي المايوي الذي لم يجد قادته أكثر من خمسة الالاف مهرج خرجوا لمؤازرة النظام المترنح وقتها في حياء وخجل وتردد قبل سقوطه بساعات في السادس من ابريل 1985 ، و مثلما حدث لحزب بن علي و حزب نظام مبارك وعلى عبد اهن صالح و كما توارى نشامى البعث العراقي و لجان ملك ملوك أفريقيا والحبل على جرار سوريا ! فهل سيجد حزب المؤتمر حينما تهب رياح زوال الإنقاذ من يدافع عنه غير الذين ارتبطت حياتهم بوجوده من أمنجيته الذين يخشون سيوف الثار التي تنتظرهم اومن ارتبطت مصالحهم الحيوية ببقائه من لصوص السحت هذا إن توفرت لهم الشجاعة للوقوف في وجه العاصفة الكاسحة.! هذا اذا اسقطنا كل أعداد المستهبلين الذين حملوا بطاقته زيفاً ولن يتحملوا بالطبع حجارة تصدعه اذا ما بدأت تتساقط من سقفه على قواعده الهشة أصلاً ، وهو مصير حتمي قد يراه الواهمون بعيداً أما الذين يدركون عاقبة النفاق والإستهبال فيرونه قريبا وقريباً جداً ! محمد عبد الله برقاوي.. [email protected]