"الإنسان عدو ما يجهل" و في أثر آخر "الما بتعرفوا بتجهاوا" قبل أن يبرق نجم نافع في سماء الإنقاذ المظلمة ، قرأتُ كتاباً عن الأسماء العربية و قد ورد إسم نافع ضمن أربعة أسماء نهي الإسلام عن التسمي بها – فرجعتُ إلي الكتاب للتأكد فوجدته كذلك! في حديث أورده سُمرة أنه نُهي أن يُسمي أرقاؤنا أربعة أسماء: أفلح و نافع و رباح و نجاح. و عن عمر بن الخطاب قال، قال رسول الله (ص) " لئن عشتُ –إنشالله – لأنهين أن يُسمي رباح،و نجيح و أفلح و نافع و يسار" ترجعُ علة منع التسمي بهذه الأسماء" لأنهم إنما كانوا يقصدون بهذه الأسماء، و بما في معانيها إما التبرك بها، أو التفاؤل بحسن ألفاظها ، فحذرهم أن يفعلوه، لءلا ينقلب عليهم ما قصدوه في هذه التسميات إلي الضد، و ذلك إذا سألوا فقالوا: أثم فلاح؟ أثم يسار؟ أثم رباح؟ فإذا قيل لا، تطيروا بذلك و تشاءموا بهو أضمروا الإياس من اليسر و الرباح، فنهاهم عن السبب الذي يجلب سؤ الظن بالله سبحانه و يورثهم الإياس من خيره" كنتُ بذلك الإكتشاف فرحاً- خطلٌ في الفكر و سقمٌ ! مال الفتي نافع و إسمه ؟ هل إختاره؟ و هل كان له خيار في أن يولد في تلك الأرض اليباب؟ الجافة القاسية؟ ليس له من الأمر شئ ! هل كان له خيار بأن يولد بهيئته تلك؟ و في زمانه ؟ أمرٌ يسري علي الجميع ، لو كان لنا خيار لتسمينا بأجمل الأسماء و أخترنا أفضل الهيئآت و أجمل الأماكن في العالم للعيش و السكن و أفضل زمان ! ربما زمان النبي الأعظم ! و لكن ما بال القادرين علي التمام يعجز عن إختيار إسم لإبنه أو إبنته؟ ما بال الصادق وهو إمام يسمي بالمكروه من الأسماء؟ خلال الأسابيع الماضية ضجت الأسافير بإخوان لنافع أُتهموا في جريمة قتل – سُلطت الأقلام علي نافع كذلك ! أمرٌ لا منطق فيه و لا عقلٌ ! مال نافع و إخوانه ؟ ثم إلتقيتُ بقريب لنافع له به شبهُ شديد، كأنه شقيق أو توأم ! و كانت سانحة لأعرف حقيقة الأمر، خاصة كِبار الفِريات ! و قد أوشك البعض علي إخراج نافع عن حاضنتة و عُصبته التي بها يفقر و يرجز- رغم بعد ذلك عما جاء به الإسلام و ما جاءت الإنقاذ لتجدد منه: من تعاليم و قيم ! و علي كل حال فهذا واقعنا في بلاد السودان ، لا فكاك منه ! فقد صبغت الإسلام بشئ من الفرعونية و بكثير من الوثنية الضاربة جذورها مع كل قيم القبائل العربية و شبه العربية التي تاهت في صحاري السودان و براريه الواسعات و نسيت من الإسلام تسامحه و زهده و نهيه عن التفاخر بالأنساب و الأمجاد. و لعل الجميع يذكر فخر الفنان وردي بجدوده، بتهراقا و برماة الحدق ! فهاجمه متعصبي الإنقاذ و أتعبوه ! سألتُ الرجل عن حقيقة ما حدث و لخص الأمر في أن إخوة نافع متهمين بالتحريض علي القتل !و ليس القتل ! عن الإبل التي تربو عن ال 30000 ألف سألتُ، فتبسم الرجل و ضحك و قال إنها لا تبلغ ذلك العدد ! و لكنه أكد علي أن الضأن يسد الأفق و هو كثير! و هنا تدخلتُ أن يوصل رسالة إلي نافع و لا أخالها عنه تغيب و لكن لنذكر – و هي تتلخص في الإستفادة من لبن الإبل كما فعل القوم في موريتانيا حيث يتم حلبها و تجميع ألبانها بالعربات المبرده إلي مصنع ينتج الزبد و الجبن مع السمن و الزبادي و اللبن المبستر. لبن الإبل يقولون يعالج الكروش الكبيرة، فيزيل شحمها المسبب للسكري و الجلطات !لعل هذا الإستغلال يوفر فرصاً للعمل و يساعد في إستمرارها و نموها و ربما يجلب عملةً صعبة للبلاد! و قد أمنتُ علي أن الإبل من أفضل أنواع الإستثمار في مثل تلك البيئات القاسية- البطانة، شمال كردفان و دارفور! كما أثبتت الدراسات – قامت الدولة أخيراً بإنشاء مركز لأبحاث الإبل بالبطانة. يُرجي أن يُعزز من هذه الفوائد و يزيد من فرص إستخدام الأراضي الهشة و يساعد علي إستدامة التنمية. و أستدركتُ لعل نافع يقدم علي عمل أكثر فائدة له و للناس في مشروع يتم فيه توزيع الإبل و الضان علي الفقراء بالبطانة لترفد من بعد المصانع باللبن والصادر باللحوم الطيبة ! و تذكرتُ السيدة البريطانية التي جاءت إلي السودان لزيارة إبنها الذي يعمل بإحدي المنظمات الطوعية ، فقامت بإنشاء منظمة لتوزيع الماعز علي الفقراء و المساكين في مشروع دوار يتم فيه تقديم عدد من الماعز للأسرة و التي تتبرع من بعد بالناتج من التوالد لأسر أخري و هكذا يتم توزيع الثروة و الخير علي المجتمع – أسمت المشروع كدز فور كدز-- Kids for Kids لعل نافع و غيره يحذو حذو فاعلي الخير في العالم و الذين تضامن بعضهم بدعوة من بيل قيتز للتبرع بجزء كبير من ثرواتهم! و قد تبرع بيل قيتز بمبلغ هائل و هو 25 بليون دولار أميركي و لحقه صديقه وارن بوفيت فتبرع بمبلغ كبير و تذهب غالب هذه الأموال لإفريقيا لمعالجة أسقامها و محاربة فقرها و مساعدة أهلها بشكل ذكي و مبتكر! تحت إدارة منظمة بيل قيتز و ميرندا قيتز ! سيترك بذلك نافع مأثرة عظيمة، ستبقي علي مر الزمن و تنسي ما حاق بإسمه من أقوال و تمحق بها و ليظل نافع ، نافعاً لأهله و بلده . سألتُ الرجل عن حقيقة سكن نافع مع ناظر البطاحين خالد ، فنفي ذلك و أكد علي أن الدراسة في ذلك الوقت في نهاية الأربعينيات و اوائل الخمسينيات و ظلت إلي زمن قريب مجاناً مع توفر السكن بالداخليات ، بدءاً بمرحلة الأساس و حتي الجامعة و هو ما مررتُ به حتي التخرج في جامعة الخرطوم في أواسط السبعينات من القرن الماضي. وُلد نافع بتميد النافعاب إلي الشرق من شندي موغلاً في البطانة بمسافة قد تبلغ الخمسمائة كيلومتراً و كان خاله عُمدة للنافعاب و كان يقضي جل و قته في البطانة .النافعاب فرع من الجعليين – التميد هو البئر و كذلك التمد و لا يحفر البئر إلا الرجل الهميم صاحب المال و الطولِ- لذلك يظلم الناس نافع في محاولة إخراجه من عُصبته بني جعل ! ذهبتُ يوماً لعذاء فوجدتُ صيواناً يغلق الطريق للبيت الذي أقصد و كان الوقتُ صباحاً و لما جاء وقت الإفطار ، جاءت الصواني مليئة بألوان الطعام و لذيذه- صينية عُرس! و لما غادرنا سألتُ زميلي د.يحي وأختنا د.شادية ، كيف جهز أهل الدار هذا الأكل الطيب الوفير و بهذه السرعة ؟ فكان ردهم " الأكل جاء من بيت العرس المجاور!" فرددتُ بأن صاحب العرس لازم يكون جعلي ! و قد كان كذلك! كان د. يحي و د. شادية من الجعليين و كانا بذلك فخورين ! كأن الصواني تلك جاءت من بيوتهم ! و بمثل هذا فليتنافس المتنافسون و إلي المكارم فليقدم الناس و ليتداعوا لفعل الخيرات. و من هنا دعوتي لنافع ليوزع ثروته من الإبل و الضان علي الفقراء بالبطانة في شكل مشروع للتنمية مستدام ، لإنتاج اللحوم و الألبان و منتجاتهما. و ليصنع مأثرةً باقية و إرثاً و ذكراً – لا شئ يدوم و المال يا صاحِ غادٍ و رائح! و دعوة لكل من صنع ثروة في الزراعة و الصناعة و غيرهما من مجالات الإنتاج و العمل أن يقدم علي التبرع و الإنفاق ! خاصة و البلاد مقدمة علي مرحلة جديدة في التعافي و المصالحة و العدالة .و دعوة لأن نعرف بعضنا حتي لا نظلم أنفسنا و نظلم الآخرين و من الخير لنا ترك هذه الديار كما جئنا إليها! و لا شئ يدوم ! سيفعل الزمن بالناس فعلته و كذلك بالدول و الحكومات و قد شهدنا نهاية إمبراطوريات و دول عظيمة مثل إنجلترا و روسيا و توقعنا إفلاس أميركا و ما تمنيناه ففي إفلاس أميركا خسارة للعالم كله! لقد فرح البعض لإنهيار روسيا و سرعان ما أدرك خطله ! ستمر علينا ذكري الإنقاذ و قد لا يتذكرها أحد ! تماماً كما تمر ذكري مايو و عهد الأزهري و المهدية التي كثيراً ما تُذكر بالجهادية و أفعالهم الماكرات! دعوة للإنفاق كما دعا الإسلام و قد عددتُ من الآيات القرانية ما زاد عن السبعين آية تدعو كلها للإنفاق .وهنا أُذكرُ فقط و لا شئ غير ذلك و دعوة للتصافي و التصالح و تحقيق العدالة ! إسماعيل آدم محمد زين [email protected]