قبل أن نواصل ما انقطع ساتعرض لنقطتين باختصار ، الأولى : ذكر أحد المعلقين (ود الحاجة) على الحلقة الماضية أن المعلومات الواردة منقولة من موقع معين بالنص . و لإزالة اللبس أقول : قبل حوالي عشر سنوات راسلني الكاتب في ذلك الموقع (و هو مشارك في مواقع عدة كما ذكر لي و قرأت له) و كان ذلك قبل اشتراكه في ذلك الموقع ، و تبادلنا رسائل عدة فيها الاختلاف و فيها الاتفاق و كان من بينها المكتوب الذي أشار إليه المعلق (ود الحاجة) ، و قد استأذنني أن يستعين بما راسلته به و يشير للمصدر ، لكنني قلت له : اكتب ما بدا لك دون الإشارة للمصدر ، و قد كتب باختلاف يسير حسب وجهة نظره و راسلني بما كتب مشيرا للمواقع التي كتب فيها ، و كنت مسرورا لكتابته فكل شمعة تساهم في إزالة حجب الظلام ، يمكن مراسلة الكاتب على بريده [email protected] للتاكد من ذلك . النقطة الثانية هي ما تحمله الايام من تصديق و تاكيد ما نقوله عن الفكر السلفي و مفاهيمه عن الرق و السبايا و قتل المخالف و أنه متى ما تمكن يمكنه أن يستعيد تلك المفاهيم ، فها هي بوكو حرام تفعل ما يتمنى الكثيرون أن يفعلوه لو أتيحت لهم الفرصة و هي الحصول على سبايا ، لكن لأن الدنيا ليست دنياهم فهم يعلمون أن كل يوم يباعد بينهم و بين أمانيهم . السؤال : من اين أتت بوكو حرام بتلك الفتاوى ؟ الإجابة : ببساطة من كتب الفقه ، فهم يقرأون في البخاري (جمع الروايات والزيادات التي وردت في الصحيح من خلال مختصر صحيح البخاري للشيخ الألباني رحمه الله تعالى) .....(باب استخدام اليتيمِ في السفَرِ والحَضَرِ إذا كانَ صلاحاً لهُ، ونَظَرِ الأمً أو زَوْجِها لليتيمِ) في موقع (ملتقى أهل الحديث) جاء فيه " .... فلما دَخَلَ القَرْيَةَ [النبي (ص)]؛ رفع يديه، و قالَ: "الله أكبرُ ، خَرِبتْ خيبرُ، إنا إذا نزلنا بساحةِ قوْم فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ، (قالها ثلاثاً) "، ..... فأصبناها عَنْوةً فقتلَ النبي- صلى الله عليه وسلم - المقاتِلَةَ، وسَبَى الذُريةَ ؛ وكانَ في السبْيِ صَفيةُ بنتُ حُيي بنِ أخْطَبَ ، ... فلما فَتَحَ الله علية الحِصْنَ، ذُكِرَ له جمالُ صفيةَ، وقد قُتِلَ زوجُها، وكانت عروساً، أفجُمِعَ السبْيُ، فجاء دحيةُ، فقالَ: يا نبى الله- صلى الله عليه وسلم - أعطني جاريةً مِن السبي. قالَ: "اذهب فخذ جاريةً"، فأخذ صفيةَ بنتَ حييَّ، فجاءَ رجلٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: يا نبى اللهِ! أعطيتَ دِحْيةَ صفيةَ بنتَ حُييٍّ سيدَةَ قُرَيظَةَ والنَضيرِ، لا تصْلُحُ إِلا لكَ. قالَ: "ادعوه بها"، فجاءَ بها، فلما نَظَرَ إليها النبي - صلى الله عليه وسلم ، قالَ: "خُذْ جارِيَة من السبيِ غيرها"، فاصطفاها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لنفسه]، [قال: فأعْتَقَها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم و تزوجَها". ......فخرجَ بها، حتى بَلَغْنا سد (الصهْباءِ) حَلتْ [أي طهرت من حيض]: (وفي الطريقٍ: جَهزَتْها له أمُّ سُلَيمٍ، فأهدَتْها لهُ مِن الليلِ) ، فبنى بها، فاصبحَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عَروسا http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=333972 ...... حتى الصحابة لم يكونوا يستنكرون أن تكون صفية مما ملكت يمين نبيهم (سبية) فقد اورد البخاري أيضا : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : " أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ خَيْبَرَ والْمَدِينَةِ ثَلَاثًا يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ ، فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلَا لَحْمٍ ، أُمِرَ بِالْأَنْطَاعِ ، فَأَلْقَى فِيهَا مِنَ التَّمْرِ وَالْأَقِطِ وَالسَّمْنِ ، فَكَانَتْ وَلِيمَتَهُ ، فَقَالَ : الْمُسْلِمُونَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ ، فَقَالُوا : إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ ، فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّى لَهَا خَلْفَهُ ، وَمَدَّ الْحِجَابَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ " . و يقرأون في مسلم و السيرة و كتابات الفقهاء مالك و أبو حنيفة و الشافعي و ابن حنبل و حتى ابن تيمية و ابن القيم بل و حتى محمد بن عبد الوهاب و فقهه عن الرق و مرورا بابن فوزان في أيامنا هذه و قبله ابن عيثيمين و ابن باز و محجوب عنهم اجتهادات من يرون أن العصر يستلزم اجتهاد جديد ... و لمسوا تطبيق ذلك الفقه منذ الغزوات و الفتوحات حتى السلطنة العثمانية منذ أول عهدها حتى عهد السلطان عبد الحميد الذي أجبره الأوربيون على توقيع معاهدات و مراسيم تحريم الرق و الاتجار في البشر ، و كيف كان أولئك كلهم عبر ذلك التاريخ الممتد يسترقون و يسبون باعتبار أن الأعداء كفار و ما على بوكو حرام إلا ان تستحضر تلك الفتاوى و تطبقها على الواقع بعد أن تحكم على الأعداء بأنهم كفار . كل دولنا العربية الإسلامية المباركة لها الشرف بمواصل ممارسة الرق لمدة طالت بعد أن ابصر العالم ، و كلما اقترب مكان ما من الفهم السلفي كلما تأخر في الفكاك من ربقة الرق(السعودية حتى ستينيات القرن الماضي و مورتانيا حتى ثمانينياته) . الجميع يعرف كيف بدأت الدعوة الإسلامية ، و فيما يخص تناولنا نقول إن الثلاث عشرة سنة الأولى من الدعوة في مكة حملت مؤشرات عدة ، فقد كان أغلب من آمنوا بها من الذين يسميهم التاريخ الإسلامي بالمستضعفين ، كانت السمة الغالبة عليهم أنهم من الرقيق و الموالي و فقراء قريش ، و من الأغنياء السباقين أبو بكر الصديق و عثمان بن عفان و عبد الرحمن بن عوف . و قد بشر الرسول الرقيق و الموالي : "اتبعوني أجعلكم أنسابا" . تقريبا كل الآيات المكية التي تناولت الحياة الاجتماعية في ذلك الوقت نادت بالتسامح و الصفح الجميل و عدم الاكراه على الدخول في الدين و حطت من أولئك المتجبرين الأغنياء الذين يكنزون الذهب و الفضة و المستكبرين و أجابت على سؤال من سألوا : ماذا ينفقون ؟ أجابت بالعفو ، اي ما زاد عن الحاجة (و سيتم التصالح مع اقتناء المال فيما بعد بأحاديث و آيات عن نعمة المال و ثواب المنفقين و أفضلية أن تترك ورثتك اغنياء ... الخ) ... و حتى السنة الأولى بعد الهجرة تناولت الآيات اليهود و المسيحيين باعتبارهم يحملون كتبا مقدسة فيها هدى و نور و لم تتكلم عن تحريف أو حصر الخيار بين الإيمان بالدين الجديد أو الجزية عن يد مع الصغار أو السيف حتى جاءت السنة الثانية للهجرة و بدأ معها تاريخ الغزوات . بصورة سريعة نستعرض غزوات السنة الثانية من الهجرة حسب أرجح الروايات لما للأمر من أهمية في تناولنا :1 - غزوة ودان (الأبواء) : خرج رسول الله إليها في صفر ... يريد عيرا لقريش و بني ضمرة، وقيل: لم يكن مريدا لهم بل مريدا للعير التي لقريش ... و لم يدرك العير التي أراد .2- بواط : في شهر ربيع الأول خرج فيها رسول الله في مائتين من أصحابه، يعترض عيراً لقريش. فيها أمية بن خلف الجمحي ومائة رجل من قريش، وألفان وخمسمئة بعير، فبلغ بواطا من ناحية رضوى و لم يدرك العير التي أراد. 3- العشيرة : خرج الرسول في خمسين ومائة راكب وقيل في مئتين في جمادى الأولى حتى بلغها ... ليتتبع عير قريش و لم يدرك العير التي أراد . 4- بدر الأولى غزوة سفوان : خرج خلف كرز بن جابر الفهري وقد اغار قبل أن يسلم على سرح المدينة اي النعم والمواشي ... وفاته كرز ولم يدركه . 5- بدر الكبرى : خرج الرسول (ص) ليدرك العير التي فاتته في غزوة العشيرة وقد كانت هذه العير قافلةً تجاريةً كبيرةً قادمةً من الشام تحمل أموالاً عظيمةً لقريش، وكان يقودها أبو سفيان، ويقوم على حراستها بين ثلاثين وأربعين رجلاً و لم يدرك العير التي أراد . عندما علم أبو سفيان بخروج المسلمين أرسل لقريش فخرجت قريش لتحمي أموالها و عندما أفلتت القافلة أرسل أبو سفيان لقريش أن ارجعوا فلا داعي لخروجكم لكن عمرو بن هشام (أبو جهل) أصر على عدم الرجوع ، رجع البعض و رافقه بعضهم ليصلوا بدر فيلهو و يغنوا و يسمروا ... هذه هي الغزوة التي تم فيها أسر سبعين رجلا من قريش و لأن قريش أهل النبي و المهاجرين فلا يمكن ان نتصور أنه يمكن استرقاقهم ، لا يمكن أن تسترق ابن عمك أو تستعبد رفيق صباك ... كيف تستطيع أن تنظر في عينيه ، الاسترقاق و السبي للغرباء ، لذا كانت الآية (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا...) و لذا لم يطبق هذا الحكم إلا نادرا و سيتكرر المن بعد فتح مكة لأنها قريش . تبقت من غزوات السنة الثانية للهجرة غزوات بني سليم (بعد سبع ليال من بدر) و بني قينقاع الذين حاصرهم المسلمون خمسة عشرة ليلة حتى نزلوا على حكم النبي ، فقام إليه عبدالله بن أبي بن سلول ، حين أمكنه الله منهم ، فقال : يامحمد ، أحسن في مواليّ ، وكانوا حلفاء الخزرج ، قال : فأبطأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقال : يا محمد ، أحسن في مواليّ ، قال : فأعرض عنه . فأدخل يده في جيب درع رسول الله صلى الله عليه وسلم ..... قال ابن إسحاق : فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرسلني ، وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأوا لوجهه ظُللا ، ثم قال : ويحك أرسلني ؛ قال لا والله لا أرسلك حتى تحسن في موالي ، أربعمائة حاسر وثلاثمائة دارع قد منعوني من الأحمر والأسود ، تحصدهم في غداة واحدة ، إني والله امرؤ أخشى الدوائر ؛ قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هم لك .... انتهت رواية ابن اسحاق . آخر غزوة في العام الهجري الثاني كانت غزوة السويق ... كل هذه الغزوات لم يتم فيها سبي فكلها كانت المقاتلة بغير نساء و لم يتم غزو ديار عامرة بنسائها و يتم القبض عليهن بعد هزيمة الرجال ، سيتم ذلك في السنة الخامسة للهجرة في غزوة بني المصطلق قبل غزوة الخندق . نواصل [email protected]