Fast profits: Investor sentiment and stock returns during Ramadan حيردزي بيلاكوسكي وأحمد اتباري وتوماس بيوتر ويزنسكي Jędrzej Białkowski, Ahmad Etebari, Tomasz Piotr Wisniewski ترجمة وعرض: بدر الدين حامد الهاشمي تقديم: نشرت هذه الورقة في دورية عالمية هي "المجلة المصرفية المالية" في شهر سبتمبر من عام 2011م لمؤلفين يعملون في جامعات نيوزلندية، وأخرى بريطانية وأمريكية. ولم أكن لأعثر على هذه المجلة، وهذا المقال تحديدا، لولا أنني كنت أبحث في الشبكة العنكبوتية عن ما كتب في الأدبيات الغربية العلمية عن تأثيرات صوم رمضان على الجسم، فعثرت مصادفة علي هذا المقال بعنوانه المثير، فآثرت أن أعرض في إيجاز لأهم ما جاء فيه (خاصة وأنه مقال طويل نسبيا يقع في نحو 40 صفحة) تماشيا مع المقولة المأثورة التي تفيد بأن "العلم بالشيء خير من الجهل به"، رغم أنه لم يخطر ببالي قط أن أعلم شيئا قليلا أو كثيرا عن الأسهم وسوقها، دعك عن أن أعلم أن لها علاقة ما بشهر رمضان الكريم! والمؤلفون يلعبون بذكاء بكلمة (فاست) Fast الإنجليزية في العنوان، فهي يمكن أن تعنى "صوم" أو "سريعة"، ، لذا قمت بترجمة العنوان ليشمل المعنيين معا! ********** ********** *************** ********* قدم الباحثون لقرائهم في البدء نبذة مختصرة عن شهر رمضان بأنه شهر يمتنع فيه المسلمون (وعددهم يفوق 1.5 بليون الآن) عن تناول الطعام والشراب والملذات الحسية والشهوات الأخرى. ويعد هذا الشهر عند المسلمين موسما للطاعات وإصلاح النفس وتهذيبها، وللعطاء والعبادة. ويلاحظ في هذا الشهر زيادة روح التضامن والتعاون بين المسلمين في كل أرجاء العالم، وتضاعف العون والسند الاجتماعي الذي يسود بين مجتمعات الصائمين، وتقوية علاقة الفرد الصائم بربه؛ والأخيرة هذه تعد شكلا هاما من أشكال العلاقة الاجتماعية. ويغدو المسلم في رمضان أكثر روحانية واجتماعية من ذي قبل. وكما يقول الخبراء فهنالك أكثر من دليل قوي على أن التدين والتقوى والتداخل والقيم والمعايير الاجتماعية، لها جميعا أعظم الأثر في القرارات الاستثمارية للمرء وللمؤسسات والهيئات المالية أيضا. تعرض الباحثون إلى بعض المعلومات الأولية عن شهر رمضان، ذلك الشهر التاسع في السنة القمرية، وعن صوم أكثر من بليون ونصف مسلم لنهاره (موجهة بالطبع للقراء الغربيين الذين لا يعلمون الكثير عن الإسلام) وعن أن تلك الشعيرة واحدة من أكبر الشعائر الدينية في العالم، والتي تنال اهتماما كبيرا. وذكر الباحثون أيضا شيئا عن فوائده الصحية من واقع ما نشر في الأدبيات الطبية والعلمية. ويقرر الباحثون أن بدايات صوم شهر رمضان يصاحبها إحساس بعدم الراحة، يزول مع مرور الأيام. ويعتقد من يؤمنون بالطب البديل (في الأصل "الطب الطبيعي") أن الصوم يطرد من الجسم المواد السامة التي تتراكم في الشهور التي تسبق رمضان، ويريح الجهاز الهضمي. وأكدت عدد من الدراسات أن الصوم لفترات معلومة ينقص الوزن ومحيط الخصر، ويتبع ذلك فوائد معلومة على الجهاز الوعائي القلبي وعلي الأكسجة في الجسم، وعلى تركيز الدهون في الدم. وأورد العالم الياباني يوماماتو أن الحرمان من الطعام بصورة دورية يخفف من آثار الأمراض العقلية والسايكوسوماتية (الجسدية- النفسية) ويقلل من القلق والتوتر. وربما يفسر ذلك تناقص أعداد المنتحرين خلال شهر رمضان، وذلك بحسب نتائج بحث أجري في الأردن في بداية تسعينات القرن الماضي، بل قد أورد ذلك البحث أن كثيراً من الصائمين يشعرون ببعض النشوة أثناء الصيام، يفسره أحد العلماء بأن الصوم يستهلك ما هو مخزون من الجلوكوز، ويكون الأجسام الكيتونية في الكبد، والتي تمثل مصدر الطاقة للدماغ، ونظير أحد هذه الأجسام الكيتونية (بحسب ما جاء في البحث) يعمل كمضاد للاكتئاب، بل ويستعمل بصورة غير قانونية كمادة تحسن الحالة المزاجية. بينت كثير من الدراسات السابقة أن عائدات السندات المالية تستجيب لكثير من المتغيرات المتعلقة بعوامل مثل الطقس، والنظم البيولوجية، والمعتقدات والهوية الاجتماعية. فقد أكد باحثون أن عائدات السندات اليومي مرتبط أشد الارتباط بنور الشمس واضطرابات النوم التي يسببها اختلاف التوقيتين الصيفي والشتوي. وذهب البعض إلي أن نتائج مباريات الكرة العالمية لها أيضا أثر بالغ على عائدات السندات المالية، إذ أن هزيمة الفرق القومي لبلد ما في المنافسات العالمية تصيب الأسواق المالية في ذلك البلد بالكساد. وتعتمد كل هذه الدراسات وغيرها على نظريات حديثة تركز على تأثيرات العواطف والأحاسيس على تقديرات الناس وعملية صنعهم لقراراتهم، خاصة عندما تنطوي هذه القرارات على مخاطرة ما، أو عدم يقين. وعادة ما يكون الأفراد الذين يكونون في مزاج طيب أكثر تفاؤلا في قراراتهم المالية من الذين يكونون في مزاج رديء، وتتأثر الأسعار في الأسواق المالية بتغير الحالة العاطفية للمستثمرين، حتى عندما تكون الأحداث الكامنة متعادلة اقتصاديا من ناحية التكاليف والفوائد. وتناول الباحثون في الورقة التي نحن بصددها إلى إمكانية أن تحدث ممارسة دينية سنوية تأثيرا نفسيا علي المستثمرين وعلى ما يتخذونه من قرارات في مجال الاستثمار والمضاربة في سوق الأسهم. وظل دور الدين (في المعاملات الدنيوية) مصدر اهتمام كثير من الباحثين منذ عقود طويلة. فلقد كتب فيبير في عام 1905م أن البروتستانتية كان لها دور كبير في تشجيع تطور الرأسمالية الباكرة، وكتب ستولز ووليامسون في عام 2003م عن أن الدين يمكن أن يفسر التباين بين مختلف الدول فيما يتعلق بحقوق الدائنين ومدى تطبيق القوانين. وتشير كثير من الأبحاث إلى أن درجة التدين والتفاعل /التداخل الاجتماعي والأعراف الاجتماعية، كل ذلك يمكنه التأثير على اتخاذ الفرد أو المؤسسات المالية للقرارات المتعلقة بالاستثمار، وربما لكل قرار يتعلق بتلك المؤسسات. وأضاف مؤلفو هذه الورقة عاملا جديدا لما هو معروف في هذا الجانب ببحث أمر أسواق الأسهم في البلدان التي يلعب فيها الدين دورا محوريا. وتناولت كثير من الدراسات آثار الأنماط الموسمية المتكررة في السنة الميلادية (مثل الأعياد) على عائدات السندات المالية. وتبين من هذه الدراسات أن هنالك تغيرا في نمط هذه العائدات في مطلع الأسبوع، ومطلع كل عام، وقبيل العطلات الرسمية التي تغلق فيها أسواق الأوراق المالية (البورصة)، وقبيل أو بعد الأعياد الدينية عند المسيحيين واليهود، مثل أعياد الميلاد، ورأس السنة، والجمعة العظيمة (ولعلها يوم صوم لدي المسيحيين الكاثوليك)، ويوم رأس السنة اليهودية (روش ها شنا)، حيث ترتفع الأسهم فيه وقبله بيومين، بينما تنخفض في يوم عيد يهودي آخر هو "يوم كيبورو" واليوم الذي يليه. غير أن هنالك القليل فقط من الأبحاث حول آثار الاحتفالات غير العلمانية مثل رمضان. ومن تلك الدراسات القليلة نشر بحث عام 2005م عن تأثير شهر رمضان على سلوك سوق الأوراق المالية في السعودية بين عامي 1985 – 2000م كانت نتائجه تشير لعدم وجود تغير كبير (ومعنوي إحصائيا) في العائدات، ولكن تم ملاحظة انخفاض واضح في تقلبات السوق التي تحدث في غير رمضان. ويختلف هذا البحث عن البحث المذكور سابقاً في أنه يشمل دولا أكثر، ويبحث في فترة زمنية أطول. ولا تخالف نتائج البحث الحالي حول الأسواق المالية السعودية في رمضان نتائج ذلك البحث الذي أجري في عام 2005م، إلا أنه أشار بوضوح إلى أن غالب الأسواق المالية في بقية الدول الإسلامية قد شهدت تاريخيا زيادة مقدرة في أسعار الأسهم خلال شهر رمضان الكريم. لا شك إذن أن للمشاعر الدينية (عند المسيحيين واليهود والمسلمين أيضا) أثارا محسوسة على الأسواق المالية.. واعتمد الباحثون في هذه الورقة على المعلومات المتوفرة من دول عدد المسلمين بها يفوق نصف عدد السكان؛ وتسجل مؤسسة مورجان ستانلي العالمية مؤشر البورصة فيها. وشملت العينة التي غطت الفترة بين عامي 1989 – 2007م، حركة البورصة في 14 دولة إسلامية هي البحرين ومصر واندونيسيا والأردنوالكويت وماليزيا والمغرب وعمان وباكستان وقطر والسعودية وتونس وتركيا والأمارات العربية المتحدة (يلاحظ أن نسبة المسلمين التي وردت في بعض الدول العربية تتفاوت تفاوتا كبيرا، فبينما سجل الباحثون أن نسبة المسلمين في قطر مثلا تبلغ 77.5%، نجدها تبلغ 81.2% في البحرين، و85% في الكويت، و90% في مصر و100% في السعودية. ولا أدري مدى صحة هذه الأرقام. المترجم). خلصت هذه الدراسة إلى أن متوسط عائدات الأسهم السنوية في تلك الدول المذكورة (عدا السعودية والبحرين واندونيسيا، والتي جمعت منها معلومات قليلة نسبيا) يزداد بنسبة ملحوظة خلال شهر رمضان، إذ يزداد في المتوسط بنحو 38.1% في هذا الشهر مقارنة بزيادة لا تتعدى 4.32% في ما سواه من الشهور). مع (أو رغم) هذه الزيادة الملحوظة، إلا أن الباحثين يقولون بأن تقلبات السوق كانت أقل في شهر رمضان عنه في باقي الشهور في كل الدول التي شملتها الدراسة عدا واحدة (هي تونس). وتعكس هذه التغيرات تحولا حادا في مدى تفاؤل المستثمرين. ولم تكن لعوامل مثل كمية السيولة في الأسواق أو طول يوم الصيام أو تغيرات سعر العملة أو غير من العوامل المعروفة السابقة (التي تحدث في أيام معينة مثل الاثنين ويناير وعيد الهالوين (يوم معروف في شمال أمريكا يصادف 31 أكتوبر من كل عام، يطوف فيه الأطفال على منازل الحي لتقبل الحلوى، ويلبس فيه الناس ملابس تنكرية. المترجم) أي علاقة بما تحصل عليه الباحثون من نتائج في هذا البحث (لا أرى أي علاقة بالمناسبات التي ذكرها الباحثون والدول الإسلامية. المترجم). ويؤكد الباحثون أن تأثير رمضان على الأسواق المالية في البلاد العربية مرده تغير نفسية (سايكولجية) المستثمرين، إذ أن رمضان شهر تعبدي مقدس يؤثر على كل جانب من جوانب حياة المسلمين. فبالإضافة للصوم والصلاة، فإن صوم رمضان يضاعف من الوعي الاجتماعي، ويزيد من الإحساس بالقرب من الله، ومن المحتاجين من فقراء المسلمين حول العالم. وباعتباره تجربة أصولية مشتركة، فإن صوم رمضان يجلب معه للصائم شعورا بالتضامن مع بقية المسلمين، ويزيد من شعوره بالرضاء بالحياة، ويشجع على التفاؤل والثقة في الغد. وتؤثر هذه الروح المتفائلة على شعور المستثمر وقراراته، ويؤدي ذلك كله إلى انتعاش سوق الأسهم وأسعارها، على النحو الذي ذكر. ويؤمن الباحثون بأن النتائج التي تحصلوا عليها من 14 دولة إسلامية تمثل بالفعل الواقع في كل العالم الإسلامي، ويقولون بأنه سيكون من المفيد دراسة تأثير صوم رمضان على أداء الشركات الخاصة، وقطاع رجال الأعمال، إذ أن بعض الشركات (والمصارف أيضا. المترجم) تسير وفق منهج إسلامي أصولي، وقد تكون أكثر حساسية للحاجات الاجتماعية للفقراء من المسلمين، وقد تستفيد مثل هذه الشركات من حماس المستثمرين المتدينين في شهر رمضان. ويزعم الباحثون أن لبحثهم هذا آثاراً هامة يجب على المستثمرين الساعين نحو تحقيق أرباح سريعة في العالم الإسلامي أن يدركوها، ومنها أهمية شراء الأسهم قبيل بدء الشهر الكريم، وبيعها في نهايته، خاصة مباشرة بعد عيد الفطر، مع الأخذ طبعا في الاعتبار تكاليف الصفقات، والتي تتضاءل قياسا بالأرباح الهائلة المتوقعة. ويمكن أيضا اتخاذ سياسة سلبية نوعا ما، بأن يؤجل المستثمرون بيع أسهمهم حتى نهاية شهر رمضان، أو أن يعجلوا توقيت شرائها قبل بدء الشهر. ورغم كل ذلك نبه الباحثون المستثمرين إلى بعض المحاذير، أهمهما أنه ليس هنالك من ضمان من أن ما حدث في سوق الأسهم والسندات المالية في عقود سابقة قد يتكرر تارة أخرى، وأن هذا السوق يتميز بالتقلبات السريعة والضخمة والفجائية، وقد لا تفسر الآثار الموسمية – كقاعدة عامة- جزءا كبيرا من هذه التقلبات