أخي هل ساءلت نفسك يوماً وأنت تمتطي سيارة أو تحلق على متن طائرة لماذا هذه السيارة والطائرة من صنع الخواجة وليست من صنعك؟. هل ساءلت نفسك وأنت تجلس للتلفزيون تتنقل عبره بين مدن العالم وتتلقى الأخبار وتشاهد الأحدات لحظة وقوعها لماذا هذا من صنع الخواجة وليس من صنعك؟ هل ساءلت نفسك وأنت تمسك بموبايلك أو تغوص في لجج الانترنت وتجوب الأرض شرقاً وغرباً وأنت لم تبرح سرير نومك لماذا كل هذا من صنع الخواجة وليس من صنعك؟. هل ساءلت نفست لماذا كل هذا من أصغر وأول ابتكار وحتى الأخير من صنع غيرك؟ وهل ساءلت نفسك كم هي مساهمتك في كل هذه الابتكارات والاختراعات والاكتشافات التي أدت إلى هذا التطور المذهل؟ وهل وجدت إجابات لتساؤلاتك؟. أخي هل تساءلت يوماً لماذا يصر رجال الدين (بدعم من الحكام) على موقفهم المعادي للفلسفة والفكر الحر والنظريات العلمية وحرية التعبير وهذه الأشياء هي أساس وأس هذا التطور المذهل الذي وصلت إليه البشرية؟ ولماذا يعلنون الحرب ويقيمون الأرض ولا يقعدونها مع كل اكتشاف أو اختراع لا يتماشى مع أفكارهم وحسب هواهم ثم يعودون مكرهين لا أبطال (بعد أن يصبح واقعاً تفرضه متطلبات الحياة) لصياغة التبريرات التي تتيح لهم استخدامه واستهلاكه أكثر من صانعيه؟ لماذا يهاجم شيوخنا وأئمة مساجدنا الفلسفة وهم يقتاتون من فتات ثمراتها؟ وكم تساوي مساهمة أفكارهم في هذا التطور إن وجدت؟ وماذا استفادت البشرية من أفكارهم؟ والأهم من هذا من نصبهم ولاة علينا وجعلهم يأمرون وينهون ويكفرون ويجرمون إن كان من العامة ويصمتون ويباركون عندما يكون الأمر من الحاكم؟ هل هي السلطة السياسية التي تمارس معهم ما يشبه زواج المتعة؟ أم شيءٌ آخر خفي؟. منذ أن قمنا ونحن نرى الإمام في كل بلداننا يقف يوم الجمعة على المنبر فيرعد ويزبد في خطبة مكرورة وممجوجة غالباً ما تكون في ذم النساء أو انتقاد الفضائيات أو مهاجمة الفكر والثقافة الغربية التي يستلكها في نفس اللحظة باستخدامه للمايكريفون والكهرباء ثم يختمها بالدعاء الذي حفظه الجميع (اللهم أهلك طاغية كذا، اللهم دمر سفاح كذا، اللهم حطم عروش أباطرة كذا، -وعند دخوله حدود بلاده- اللهم أحفظ ولاة أمورنا). ما رأيك؟. أخي هل ساءلت نفسك لماذا نصر على دراسة مناهج تعليمية لا تؤدي في النهاية إلا إلى تخريج كم هائل من العقول المحنطة حيث لا إكتشاف ولا اختراع ولا حتى تطوير فيما هو موجود؟. بولد الطفل حراً فتغتصب حريته ويكبل عقله وتحنط أفكاره فينشأ نسخة مكررة من جد جده الكبير ويحيى في ثياب أمة عاشت منذ ألفي سنة وهكذا جيل بعد جيل وعصر بعد عصر والعالم يسير ونحن قابعون، العالم يسير ونحن قابعون حتى ابتعدت الشقة وصار البون شاسعاً وأصبحنا أمة مستهلكة وليس لها فضل جرام فيما تستهلكه وأمسينا حقل تجارب لابتكارات واكتشافات الآخر وبتنا نسير في ذيلية الأمم المتخلفة. أخي الكريم إن قناعاتي إننا في حاجة ماسة إلى ثورة عارمة لا كثورات ما سمي بالربيع العربي تكتفي بتغيير الحاكم فقط وإنما ثورة متكاملة تقضي على كل عقيم ومكبل للعقل وتسحق كل من يحاول الوقوف دون مبادئها في حق الإنسان والشعوب في الحرية والفكر الحر والتعليم وحق التعبير، كان ذلك حاكماً أو شيخاً أو إماماً أو رجل دين وتدهس كل من يحاول جرنا للخلف والعودة بنا للوراء فالزمن يسير للأمام والعالم في تطور مستمر، ثورة تؤمن بأن المرأة نصف المجتمع وتحترم حقوقها وتحميها فلا نهضة لأمة نصفها مسجون، ثورة تقتلع كل هذه المناهج التعليمية العقيمة التي ظلت لمئات السنين تدرس في معظم بلداننا ولم تقدم شيئاً وتلقي بها في لجج الغيهب وتسبدلها بأحدث الفلسفات والنظريات العلمية وتأخذ بأسباب التطور أين كان علنا نستطيع النهوض والسعي قدماً وفي كل تأخير تأخر، وليحكم من يحترم مبادئ هذه الثورة ويطبقها بغض النظر عمن هو. يقول المثل: اعطني سنارة وعلمني كيف اصطاد بدلاً من أن تعطيني سمكة. فلنجعل هذا المثل على الصيغة التالية: اعطني نظرية وعلمني كيف أفك رموزها بدلاً من أن تبيعني موبايل. [email protected]