الحرب التي تشنها عصابة المؤتمر الوطني على الاقاليم الثلاثة المهمشة(دارفور,النيل الازرق,جبال النوبة)هي حرب هدفها قتل وتشريد شعوب الاقاليم الآنفة الذكر,وهي عبارة عن جريمة حرب وإبادة جماعية منظمة- تهدف الى إفناء العنصر البشري الذي يختلف ثقافياً وعرقياً عن المركز,الذي يبث سموم أفكاره العنصرية لجعل السودان أٌنموذجاً عربياً واسلامياً- في بلد تتعدد فيه الأعراق والأديان والثقافات ,وبالرغم من أن المحكمة الجنائية تطالب بتسليم البشير الذي تلطخت يديه بدماء شعبنا البرئ,إلا أن المجرم ومصاصو الدماء من زمرته ما زالو سادرون في غيّهم يمارسون عنجهيتهم وعبثيتهم المطلقة تجاه كل الشعوب التي تختلف عن المركز ثقافياً والتي يريد المركز قولبتها تحت ظل الثقافة الاسلاموعروبية التي لا تعترف بحق الكيان الانساني في العيش تحت ظلال العدالة والحرية والمساواة التي تولد بطبيعة الحال واقعاً ديمقراطياً نطمح اليه ونريد تطبيقه في السودان الجديد عبر مشروع السودان الجديد,الذي يمثل حلماً منطقيّاً وموضوعيًاً يداعب مخيلةكل سوداني حرٍّ يأبى أن تمارس عليه صنوف من الكبت والتهميش,ومُعترفاً بإنسانيته ,بعيداً عن الترميز التضليلي الذي يمارس من قبل النخبة الفاشلة في جعل السودان دولة يتعايش فيها كل السودانين بدون تمييز أو تصنيف عرقي. على أنّ ما دعاني لكتابة هذه المقدمة القصيرة – هو الارهاب النفسي الذي تمارسه طائرات الانتنوف على الاقاليم الثلاث وبخاصة في جبال النوبة حيث نتواجد في الأ راضي المحررة.حكاية صغيرة لإبن رفيقي إسماعيل كمبال تحكي عن المعاناة والعذاب والخوف والإرهاب الذي يعيشه الأطفال لحظة تحليق طائرة الانتنوف وهم داخل الخنادق,وداخل كهوف الجبال ,إبن صديقي هذا طفلٌ صغير لايتعدى الثالثة من عمره عندما تأتي الطائرة ننتزعه من العابه الطينية إنتزاعاً رُغماً عنه وعن بكائه المُّر ونهرول به الى الخندق لنحميه من قصف الطائرة ,وأحياناً عندما تفاجئنا الطائرة نرمي بثقل أجسادنا عليه,مما يجعله يتساءل ببراءة الأطفال لماذا تضربنا الطائرة عمُّو؟ ماذا فعلنا؟ هل سأعود إلى اللعب مرة أخرى بعد ذهاب الطائرة؟إلى متى نظل داخل الخنادق؟أُصدقكم القول ظللت ولفترة طويلة اجيب على السؤاليين الاخرين ,أما الاسئلة الأولى فهي أكبر من أن يفهمها لصغره! وحتماً تعرفون إجاباتها ,بما أننا نناضل من أجل إسترداد حقوق مسلوبة ومهضومة , وبما أننا نكافح من أجل سودانٍ حر يتعايش فيه الكل بمختلف تباياناتهم العرقية ,وثقافاتهم,فهناك نخبة حاكمة هدفها الاستئثار بالسلطة وكذا الموارد,نخبة ظرفية من أجل البقاء في سدة الحكم وقولبة الشعب تحت ظل الإسلاموعروبية رغماً عنه وعن أنفه. تترك الحروب ولاسيما تلك الحروب ذات الصبغة العدوانية العنيفة اثرها النفسئ السئ على المجتمع ككل ،وخاصة اؤلئك الاطفال والنساء –ما نشاهده هوخراب ودمار-ودماء تسيل واشلاء متناثرة وجثث مقطعة ،وقد يكون الزمن كفيل بتجاوز هذه الازمات ،واما ما لا نشاهده ولا يمحوه الزمن هو الاثر النفسى الذى تتركه الحروب بداخل كل من عاصرها وعايش الرعب والقلق وفقد عزيز –او قريب –اودار يستظل بها , يعتبر السلاح الاشد فتكا فى الحروب هو التدمير النفسى ،الذى يدمر كل التوازن النفسى للمواطنين وخاصة الاطفال،وخاصة نحن فى افريقيا لا نعطى اهتماما كبيرا بالرعاية النفسية والوسائل المطلوبة لاحتواء ردة فعل الصدمات فى حين ان غالبية المختصين يؤكدون ان اخطر اثار الحروب هو مايظهر بشكل ملموس وواضح للعيان لاحقا فى جيل كامل من الاطفال سيكبر من ينجو منهم وهو يعانى من اثار الصدمات ومشاكل نفسسية ,فهل ننقذ هؤلاء الاطفال من مصاصي الدماء هؤلاء أم نتقاعس ونمضي قُدماً في صمتنا ,ثم ما رأي فئات الشعب السوداني هل ستثور ضد الطغمة الحاكمة أم ستنتظر تسونامي التغيير وهي في بيوتها ؟!الثورة مستمرة والتغيير آتٍ لامحالة. الاراضي المحررة(جبال النوبة) [email protected]