فالحرب فتنة, فملعون ميقظها بنص حديث الرسول الكريم, فهي كما قال الشاعر العربي زهير بن أبي سلمي (أحد شعراء المعلقات) وما الحرب الا ما علمتم وذقتم ** وماهو عنها بالحديث المرجم هذا البيت يوضح بجلاء, انه يصعب توصيف اهوال الحرب ومخاطرها, والحديث المرجم في عجز البيت كالحديث عن الغيب الذي لا يعلمه الا الله تعالي. فلا احد يعرف مدي الخسائر البشرية والمادية التي تنجم حال نشوبها! ويضيف زهير قائلا: لا يعرف الهوي الا من يكابده ** ولا الصبابة الا من يعانيها كما يقول المثل السوداني: (الجمرة بتحرق الواطيها) فوجه الشبه في البيت هو المعاناة الناجمة وان كانت المقارنة شاسعة الفارق. فالحرب ثقيلة الوزر لقوله تعالي (حتي تضع الحرب اوزارها) فهي بكل المقاييس عمل غير اخلاقي وفشل صريح في معالجة القضايا بالطرق المعروفة التي تجنب الابرياء سفك الدماء دون وجه حق. فهي شريعة الغاب وخروج عن المألوف. أما الفطرة التي فطر الله تعالي الناس عليها هو (السلام) في قوله (وادخلوا في السلم كافة) اي جميعا دون استثناء لأحد. سأل سيدنا عمر بن الخطاب (ض) عمرو بن معدي كرب- شاعر العرب وفارسها ذات يوم عن الحرب, فقال: (مرة المذاق) اذا قلصت عن ساق, من صبر فيها عرف, ومن ضعف عنها تلف, وهي كما قال الشاعر: الحرب اول ما تكون فتية *** تسعي بزينتها لكل جهول حتي اذا ما استعرت وشب ضرامها ** عادت عجوزا غير ذات خليل شمطاء جزت راسها وتنكرت ** مكروهة للشم والتقبيل تأملوا روعة هذا الوصف للحرب, فاي انسان عاقل صاحب بصيرة سواء كان محاربا او مسالما يعلم يقينا ان الحرب مرة المذاق قبيحة المنظر. فهي تغري الفارس في بادئ الامر وتخدعه كما تخدع الفتاة الصغيرة الشاب الغر, ولكن سرعان ما يلبث ان يذوق ويلاتها ومآسيها وتتكشف له علي حقيقتها أخيرا انها عجوزا شمطاء كريهة حتي للشم ناهيك عن التقبيل! فالحرب في عرف القانون الدولي غير مرحب بها, وهي آخر الدواء. وقد جاء في ميثاق الاممالمتحدة في الفصل الاول المادة 2 الفقرة 4 الآتي: (يمتنع اعضاء الهيئة جميعا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة..الخ). فالجميع ممثلين في الاممالمتحدة ومجلس امنها وهيئاتها ومنظماتها, والمنظمات الدولية والاقليمية والتجمعات المحلية والاتحادات وعامة الدول, مطالبين بالعمل علي انهاء حالة الحرب الدائرة اليوم والصراع اينما وجد, خاصة في المناطق الملتهبة كمنطقة الشرق الاوسط علي الصعيد الاقليمي, وعلي وجه الخصوص القضية الفلسطينية التي طال أمدها. وعلي الصعيد المحلي السوداني في مناطق دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق من أجل وضع نهاية لمعاناة الاسر والأبرياء من ويلات التشرد والنزوح والتشتت في اصقاع المعمورة, وكذلك من أجل العمل علي لم شمل الأسر في بيئة واحدة لينعم الجميع بالحياة الآمنة خالية من التوترات. الجميع مطالب بلعب دور ايجابي والعمل علي احلال السلام بدلا عن الحرب. و تحكيم صوت العقل افضل سياسة من اللجوء للخيار العسكري في حل المنازعات والخلافات التي تنشأ من وقت لآخر بين الدول او علي الصعيد الداخلي للدول بين الجماعات والكيانات المختلفة. وان جميع الدول تقع عليها مسؤوليات جسام يجب ان تضعها نصب عينيها تتمثل في احترام حقوق الانسان وكرامته, ومن ثم احترام مبادئ القانون الدولي الانساني خاصة فيما يتعلق بشرائح النساء والاطفال وكبار السن وتجنيبهم ما امكن في حال اندلاع اي صراع مسلح. وختام, يمكنني القول, ان لا خيار افضل من العيش في ظل السلام الدائم العادل الشامل واحترام التعددية والاديان وحقوق الانسان ومبادئ الحكم الرشيد و الديمقراطية والسلام. مهتم بقضايا السلام [email protected]