٭ في زاويته المقروءة بصحيفة (الحياة) اللندنية، سأل غسان شربك رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني عن اللحظة الأقسى في حياته الحافلة؟! فحكى بارزان مشهداً قال: (إنه لن ينساه)، حين ذهب متفقداً أحد المواقع في غارات 1991م، حيث شاهد إمرأة تحمل كيساً من النايلون، وتبكي وتلطم بحرقة غير عادية. ٭ سأل بارزاني: ماذا تحمل؟! فقالوا: ما تبقى من (الأشلاء الطازجة)، لأربعة من أبنائها، قتلوا بقذيفة طائرة!! ٭ وفي بيروت، عام 5791م سجلت الكاميرا، صورة المرأة التي كانت تجري وتبكي، وفي يدها حفنة مناديل، تواري بهن جثة طفلها الوحيد الذي جعلت القذائف من جسده أشلاء غير قابلة للتجميع. ٭ وشاشات الفضائيات تقدم كل يوم، بل كل ساعة، درساً مريراً عن أهوال الحرب والاقتتال. ٭ ومع ذلك لا زلنا نتقاتل، والأخبار التي ترد من دارفور وجنوب كردفان تحتاج إلى وقفة. ٭ لا أحد يستطيع أن يدافع عن الحرب، وليس للحرب (عندي) ثمة حيثيات أو مسوغات مهما عظم الأمر، أو سُلب الحق أو وقع الضيم، فالإنسانية، التي بلغت القرن الواحد والعشرين، توصلت إلى طاولة اسمها (المفاوضات)، هي المعنية والمعنية فقط، بوضع الأمور في نصابها، مهما كان الاختلاف بين الفريقين والبون شاسعاً. ٭ (الحوار).. هو الآن السلاح المسموح به، للوصول إلى الحقوق، ومن يتخذ البارود منهجاً، فهذا يعني الخسران المبين، منذ الوهلة الأولى، وإن انتصر. ٭ سأل عمر بن الخطاب شاعر العرب وفارسها عمرو بن معدي كرب عن الحرب، فقال: مرة المذاق إذا قلصت عن ساق ٭ فهي كما قال الشاعر: الحرب أول ما تكون فتية تسعى بزينتها لكل جهول حتى إذا استعرت وشب ضرامها عادت عجوزاً غير ذات خليل شمطاء جزت رأسها وتنكرت مكروهة للشم والتقبيل ٭ قال زهير بن أبي سلمى (حكيم العرب): وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم وما هو عنها بالحديث المرَّجم ٭ أخشى أن تتحول الحرب إلى (نمط إنتاج).. وثقافة.. حينها سيكون كل (مختلف) عدواً.. ولا تكفي المناديل للملمة أشلاء الضحايا.