اللافت للنظر في السودان كثرة اللجان والمؤتمرات والتجمعات والورش على مستوى المركز والولايات وعلى مستوى التنظيمات القطاعية من طلاب وشبابية وعمالية اللافت للنظر انه لا يمر يوم إلا ونطالع أخبارها كما إنها نفسها تكلف الدولة أموالاً طائلة إلا إننا لم نشهد يوما إنها تبحث شانا هاما خاص بمعاناة المواطن لترفع عنه بعض ما يعانيه حتى يكون هذا مبرراً لما تتكلفه الدولة في هذه التجمعات والمؤتمرات يحدث هذا في وقت قضت فيه الدولة على المؤسسات والقوانين التي كانت تمثل السلطة الرادعة والحامية للمواطن من جشع التجار بعدان أصبح المواطن تحت رحمة الطامعين في جمع المال خصما على أهم حقوقه بعد أن لم تصبح هناك رقابة على أي سلعة أو خدمة للتأكد من مواصفاتها أو سعرها الذي يتحمله المواطن والذي أصبح فوق قدرته بعد أن لم تعد هناك قوانين أو مؤسسات تحميه, فالتاجر هو الذي يجدد نوع السلعة أو الخدمة مستوردة أو مصنعة محليا ومن أي مصدر دون رقابة عليه وبأي مواصفات فالمهم أن يدفع مقابل ذلك المعلوم من جمارك أو ضريبة إنتاج ثم بعد ذلك هو الذي يحدد السعر الذي يريده وفق هواه ومطامعه لهذا نشهد فوارق في السوق ولنفس السلع في الأسعار لا يصدقها عقل وقد طالت هذه الظاهرة حي الأدوية في الصيدليات. عجبا بحدث هذا في السودان الذي كانت تتحكم في أسواقه جهات رسمية مختصة على رأسها في وزارة التجارة قسم الرقابة على الأسعار بقانون ملزم يحدد نسبة الربح لأي سلعة وفق التكلفة القانونية المعتمدة بالمستندات فكان مفتشوا رقابة الأسعار يملكون السلطة في تفتيش أي سلعة معروضة في السوق للتأكد أولا من مصادرها مشفوعة بالمستندات التي تثبت صحتها وتكلفتها ثم وفقا لذلك التأكد من أن سعر بيعها للمواطن لا يتعدى نسبة الربح التي حددها القانون وللمفتش أن ثبتت أمامه أي مخالفة أن يحيل صاحب المحل للمساءلة القانونية وتشميع المحل الأمر الذي كان يشكل ضمانة للمواطن من حيث نوع الصنف وسعر بيعه ولكن انظروا كيف انقلب الحال فهو لا يصدق ويستحيل أن يصدق فقبل فترة وبدون تفاصيل لانتا أمام ظواهر عامة وليست خاصة بجهة بعينها ففي احد المستشفيات تقرر طبيا لمريض في الإنعاش أن يزود بمحلول معين وحسب رأي المستشفى ان الجرعة الواحدة منه تكلف 260 جنيه وهو بحاجة لأربعة جرعات إلا إن المستشفى أوضح انه ليس متوفر حاليا وانه متواجد في صيدلية يفصل بينها والمستشفى عدة مباني وبالفعل كان المحلول موجودا لدى الصيدلية إلا إن سعرا لجرعة حسب ما طالبت به الصيدلية 400 جنيه مما اغضب أهل المريض فسارعوا لصيدلية أخرى على شارع رئيسي وكانت المفاجأة إن السعر الذي طالبت به للجرعة الواحدة 600 جنيه فعاد أهل المريض وشروه بأربعمائة جنيه والدهشة تقتلهم والمفارقة الأكبر إن هذه المفاهيم التي سادت السودان الذي أصبح سوقا حرة في كل مجالاته لم تستثنى التعليم والعلاج فصاحب المبنى أو الحوش الذي حوله لروضة أو مدرسة أو حتى جامعة هو وحده كمالك يحشد فيها من يشاء من المعلمين وأساتذة دون رقيب على المستويات كما انه يحدد وفق هواه ما يتكلفه الطالب للانتماء للمدرسة أو الجامعة من مصاريف تبدأ بما لا يقل عن أتنين مليون لتصل عشرات الملايين بجانب الالتزامات الأخرى التي تفرضها هذه المؤسسات التعليمية من مراحل الروضة حتى الجامعات حيث ابتدع أصحاب المؤسسات التعليمية طرق خبيثة لجني المزيد من المال فأصحاب المدارس ابتدعوا حفلات التخريج من مرحلة الروضة حتى الجامعة وفرضوا فرضا على أولياء الأمور أن يسددوا مبالغ طائلة للمدرسة ويتكلفوا الكثير لإعداد أولادهم وبناتهم لهذه الاحتفائية الاستننزافية الزائفة والتي تحرج الأسر فوق معاناتها لأنها لو لم تستجيب للمدرسة وحرمت بنيها من الحفل فإنها تحبط نفسياتهم وربما يرفضوا الذهاب للمدرسة بسبب الحرج لهذا لا يملكون إلا أن يستجبوا لحفلات التخريج وكمان في الصالات ولكم ضحكت وأنا أرى صديق يصحب ابنته البالغة من العمر خمسة سنوات للكوافير تحت إصرارها حتى تعد نفسها لحفل التخريج (ترى ماذا نقول ما تفضوها سيرة مؤتمرات واجتماعات وورش ويا والى الخرطوم ان كنت والى الفقراء والمعدمين لماذا لا تكتب نهاية مسلسل(عايرة وادوها سوط)