بعد إعلان النفير العام.. العشائر العربية في سوريا: يحرم علينا شرب القهوة    عثمان ميرغني يكتب: سلام السودان وازدواجية المعايير!    لا خيار ياعطاف .. وسجن ..سجن ..غرامة .. غرامة    اليوم الدولي لنيلسون مانديلا    الخرطوم.."العجب" يكشف عن التحديّ الكبير بعد الضرر الجسيم    يا أقمار لاانكسرت الزجاجة ولاأندلق الزيت!! اللقب لايزال تحت اقدامكم فماذا أنتم فاعلون؟    بهذه الحركة لن يتمكن الرجل ووزرائه القادمين من تقديم ما ظنه السودانيون أملاً    تسنيم الريدي تكتب: رجال العمل الإغاثي في السودان يواجهون التحديات لدعم النازحين!    الرئيس البرهان و"إفراغ الدائرة" (1/2)    رمضان يغادر الى بورتسودان    إجراء مراسم قرعة دوري النخبة لأندية الدرجة الثانية بالقضارف    الإستخبارات الأوكرانية تستعد لمعركة في أفريقيا    رئيس مجلس السيادة يلتقي السفير المصري    محطة المقرن تعود للعمل.. بشرى لسكان الخرطوم وأم درمان    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    شاهد بالصور.. سودانيون في مصر يصرون على جارتهم المصرية على إقامة إحدى عاداتهم ويزينونها بأزياء "الجرتق" في ليلة فرحها    كيليان مبابي متهم بدفع 180 ألف يورو "رشوة" ل5 ضباط فرنسيين    لجنة أمن ولاية الخرطوم تؤكد دعمها للخطة التفصيلية لضبط الوجود الأجنبي بولاية الخرطوم    بالفيديو.. شاهد احتفالات لاعبي المريخ مع جمهورهم بعد الفوز الغالي على الميرغني كسلا: (بركة الجيت بركة الجيت)    هل يعود انقطاع الكهرباء في مصر؟    الحكومة الإسبانية تدخل على خط أزمة احتفال يامال بعيد ميلاده    الحسابات الجزافية    شاهد بالصور والفيديو.. "الزعيم" يتمسك بصدارة الدوري السوداني ويقترب من حسم اللقب بفوز هام على "الأنيق"    المباحث الجنائية تضبط عربة بوكس تويوتا وسلاح ناري وتلقي القبض على المتهم    بريطانيا تُغلق الباب ببطء.. الطريق إلى الجنسية أصبح أطول وأقسى    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    شاهد بالفيديو.. الحسناء "منوش" تواصل لفت أنظار جمهور مواقع التواصل بالسودان بتفاعلها من إحدى أغنيات الفنان حسين الصادق    عثمان ميرغني يكتب: عودة الاعيسر    إدارة ترامب ترحّل مهاجرين إلى إسواتيني.. آخر ملكية في أفريقيا    شاهد بالفيديو.. في لقطة مؤثرة.. لاعب المريخ يجهش بالبكاء ويفشل في إكمال حديثه عقب تسجيله أغلى هدف لفريقه    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنانة ندى القلعة تبدي إعجابها بطفل صغير اقتحم المسرح وقدم فواصل من الرقص على طريقة "الصقرية"    شاهد بالصور.. "البندول" يفاجئ جمهوره ويستعد لإكمال مراسم زواجه ب(الحناء) والفنانة إيمان الشريف أول المهنئين له: (سر بالي سيرنو سار الدهب الغالي سيرنو)    عطل فني يتسبب في انقطاع جزئي للتيار الكهربائي ببورتسودان    المجلس القومي للأدوية والسموم يبيد ادوية منتهية الصلاحية بكسلا    الخرطوم..خبر حزين لمواطني بحري    اعتصام في حلة يونس غرب بربر احتجاجاً على أحواض السيانيد ومخاوف من كارثة بيئية    بعد خسائر بملايين الدولارات.. "شارع الحرية" بالخرطوم يستعيد نشاطه    أقوى 5 جيوش بحرية على مر الزمان؟    الأزرق… وين ضحكتك؟! و كيف روّضتك؟    عاجل..اندلاع حريق جديد في مصر    5 طرق بسيطة لاكتشاف تطبيقات التجسس على جهازك    المباحث الجنائية المركزية ولاية الخرطوم تكشف غموض جريمة مقتل مواطن ونهب هاتفه بالحارة 60 وتوقف المتهم    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    ((مختار القلع يعطر أماسي الوطن بالدرر الغوالي)) – غنى للعودة وتحرير مدني وغنى لاحفاد مهيرة – الدوحة الوعد الآتي (كتب/ يعقوب حاج أدم)    3 طرق لإخفاء تحركاتك وخصوصياتك عن "غوغل"    أم درمان.. سيولة أمنية وحوادث عنف بواسطة عصابات    تدشين حملة التطعيم ضد الكوليرا بمحلية سنار    هبة المهندس مذيعة من زمن الندى صبر على الابتلاء وعزة في المحن    المباحث الجنائية بولاية الخرطوم تضبط متهمين إثنين يقودان دراجة نارية وبحوزتهما أسلحة نارية    نانسي عجاج: لستُ من ينزوي في الملماتِ.. وللشعب دَينٌ عليّ    بشرط واحد".. فوائد مذهلة للقهوة السوداء    بالفيديو.. شاهد لحظات قطع "الرحط" بين عريس سوداني وعروسته.. تعرف على تفاصيل العادة السودانية القديمة!!!    عَودة شريف    مأساة في أمدرمان.. تفاصيل فاجعة مؤلمة    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    كيف نحمي البيئة .. كيف نرفق بالحيوان ..كيف نكسب القلوب ..كيف يتسع أفقنا الفكري للتعامل مع الآخر    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زينوفوبيا: هل تنتقل العدوى؟
نشر في الراكوبة يوم 25 - 04 - 2015

تناول الأخ السفير أحمد عبد الوهاب جبارة الله في مقال له بصحيفة "الراية القطرية" الأحداث المؤسفة التي وقعت مؤخراً في جنوب أفريقيا وتمثلت في استهداف عشرات الأشخاص القادمين من الدول الأفريقية الأخرى. وصدق الأخ السفير حين أعرب عن عجبه في أن تقع مثل تلك الأحداث في بلد أنجب القائد الملهم نيلسون مانديلا الذي يعتبر رمزاً للتسامح والتعايش السلمي. والأخ السفير بخبرته الدبلوماسية في أفريقيا وعمله كموظف دولي في مجال حماية اللاجئين في مختلف أنحاء العالم خير من يتحدث عن هذا الأمر ، ولا أظننا نضيف جديداً حول الموضوع. غير أنني أسعى لأن أتناول في مقالي هذا تجدد ظاهرة الزينوفوبيا في تلك البلاد محاولاً استجلاء بعض جوانبها ومحذراً مما أراه يطل برأسه في بعض أنحاء القارة الأفريقية من ردود أفعال قد تساعد على تعقيدها. ولا شك أن مثل هذه الأمور الخطيرة لا يجب أن يستهان بها أو ينظر إليها باعتبارها "الحريق على الجانب الآخر من النهر" ، خاصة وأن أي بلد من البلاد لا يمكن أن يكون في مأمن من تداعياتها أو تكرارها مهما كانت "طيبة أهله" وكرمهم أو تقاليدهم المرعية في الاحتفاء بالضيف والغريب.
"الفوبيا" ظاهرة مرضية وهي تشير إلى الرعب أو الخوف الشديد غير المبرر أحياناً ، والزينوفوبيا هي الخوف من الأجنبي أياً كان ويشار لها باسم "رهاب الأجانب" باعتبارها مرض نفسي يتمكن من الشخص ويحدد أسلوب تعامله مع الآخرين ، وله أعراض ظاهرة للعيان يعرفها المتخصصون. ولدولة جنوب أفريقيا تاريخ طويل مع هذه الظاهرة ، ويرى بعض المختصين أن سياسة الفصل العنصري التي طبقت على أيام حكم الأقلية البيضاء كانت في محصلتها انعكاساً لظاهرة الزينوفوبيا التي تمثلت حينئذٍ في الخوف من الأغلبية السوداء. بل إن الظاهرة شملت في ذلك الزمان التفريق بين البيض أنفسهم وذلك بتشجيع الحكومة العنصرية لهجرة الأوربيين المنحدرين من شمال وغرب أوربا للبلاد على عكس أولئك الذين ينتمون لدول الشرق والجنوب الأوربي. ولم تكن الموجة الحالية من أحداث العنف التي تشهدها جنوب أفريقيا هي الأولى منذ نهاية حكم الفصل العنصري ، بل شهدت البلاد من قبل أحداثاً مشابهة في عام 2008 كان من ضحاياها ستين قتيلاً من بين الأفريقيين المقيمين بالبلاد.
من الواضح أن الهدف وراء الحملة الشرسة على الأفريقيين في جنوب أفريقيا جاءت نتيجة للإحباط الذي يعاني منه المواطن هناك بسبب الأزمة الاقتصادية التي تخيم على البلاد والتي انعكست على مستوى البطالة المرتفع والذي تقول بعض المؤشرات أنه بلغ 25,5% خلال النصف الثاني من العام الماضي. يرى الكثيرون أن التصريحات التي أدلى بها ملك الزولو "غودويل" زويليثيني ودعا فيها المهاجرين الأفريقيين في جنوب أفريقيا لحزم أمتعتهم ومغادرة البلاد تمثل القشة التي قصمت ظهر البعير. كانت تصريحات الملك هي السبب المباشر لاندلاع عمليات العنف التي قادها عدد من رعاياه ضد إخوتهم الأفريقيين ، غير أن الأسباب الحقيقية وراء الأزمة ظلت تتفاعل تحت السطح لفترة طويلة كما أشرنا في الفقرة السابقة.
لم تكن ردود الفعل في الدول الأفريقية التي تعرض مواطنوها للعنف الجماعي بأقل خطورة مما جرى على أرض الواقع في جنوب أفريقيا ، فقد تعرضت السيارات التي تحمل لوحات جنوب أفريقية للحصب بالحجارة في كل من زمبابوي وموزمبيق بالاضافة لعدد آخر من دول الجنوب الأفريقي المجاورة. كما شهدت سفارات جنوب أفريقيا في العديد من العواصم الأفريقية مواكب غاضبة تطالب بالقصاص للأرواح التي أزهقت خلال الأحداث ، فضلاً عن المطالبة بقطع العلاقات الدبلوماسية والتضييق على شركات جنوب أفريقيا العاملة في عدد من هذه الدول حتى اضطرت شركة "ساسول للطاقة والكيماويات" في موزمبيق ، على سبيل المثال ، لترحيل 340 من موظفيها الذين يحملون جنسية جنوب أفريقيا إلى بلادهم خوفاً على سلامتهم.
كان وقع الأحداث مفاجئاً ومؤلماً للعديد من مواطني الدول التي تعرض أبناؤها للعنف في جنوب أفريقيا ، ولم تكف التطمينات التي أعلنت عنها الحكومة في بريتوريا أو الخطوات التي اتخذت لمواجهة الموقف. كما أن مواقف الكثيرين لم تخل من الإحساس بالخذلان إذ كانت قضية الفصل العنصري في جنوب أفريقيا تمثل القضية الأولى من بين قضايا التحرير في القارة حيث ساهمت كل الشعوب الأفريقية بصورة أو أخرى في تحرير البلاد من ذلك النظام البغيض. من ناحيته ، أعرب الرئيس روبرت موغابي خلال خطابه بمناسبة استقلال بلاده عن الصدمة والاشمئزاز حيال ما جرى في جنوب أفريقيا معرباً عن إدانة الأحداث باسم بلاده وباسم الاتحاد الأفريقي الذي يترأسه حالياً. وقد كان العنف الذي تعرض له المواطنون الأفريقيون في جنوب أفريقيا سبباً وراء دفع بعض الصحف لأن تشير للدعم الكبير التي تلقاه المؤتمر الوطني الأفريقي من اشقاءه في مختلف أنحاء القارة خلال حربه ضد انظام العنصري ، فقد ذكَّرت بعض الصحف النيجيرية مثلاً قراءها بأن حكومة بلادها قدمت دعماً تجاوز عشرات المليارات من الدولارات اقتطعته من قوت الشعب النيجيري من أجل حرية المواطن في جنوب أفريقيا.
من حسن الطالع أن الجالية السودانية في جنوب أفريقيا صغيرة الحجم قياساً بالجاليات الأفريقية الأخرى ، لذلك فإنه لم يرد ما يشير إلى تعرض أفرادها للمضايقات خاصة وأن معظم العنف كان موجهاً تجاه الأجانب من أصحاب الأعمال التجارية الصغيرة التي لم يعرف عن المهاجرين السودانيين في ذلك البلد الاشتغال بها. غير أن ذلك لا يجب أن يقلل من ضرورة حذر الجهات المعنية بشئون المغتربين في بلادنا ، خاصة وأن حجم الجاليات السودانية ينمو بسرعة في العديد من أنحاء العالم بسبب الأوضاع الاقتصادية المتدنية داخل البلاد. من جهة أخرى ، فقد شهدنا في الآونة الأخيرة السرعة التي تنتشر بها مثل هذه الظواهر السالبة في مختلف أنحاء العالم بسبب ثورة المعلومات التي جعلت من العالم "قرية صغيرة" كما يقول التعبير الشائع. وكما أن السودان يعتبر دولة مصدرة للعمالة ، فإنه يستقبل كذلك عمالة أفريقية من عدد من دول الجوار مما يقتضي التعامل مع الأمر بالحكمة المطلوبة خاصة وأن الغالبية العظمى من العمالة الأجنبية الوافدة للبلاد تعتبر من غير المؤهلين مهنياً. يعني ذلك أن سوق العمل عندنا تشهد تنافساً من جانب هؤلاء مع العمالة السودانية حول المهن اليدوية البسيطة ، في الوقت الذي تشير فيه الاحصائيات إلى أن نسبة البطالة في بلادنا بلغت 24,5% خلال عام 2013. عرف عن أفراد الشعب السوداني ، ولا شك ، استقبالهم للمهاجرين بأريحية وكرم غير أن ذلك لا ينفي ضرورة اتباع السياسات المدروسة واتخاذ الاجراءات الضرورية من أجل تقليل فرص تزايد الاحساس لدى العامل السوداني بأن الوافد يسرق الفرص الضيقة المتاحة له ، فيحدث ما لا تحمد عقباه. قد يقول قائل أن حديثنا هذا يعبر عن قلق ليس في مكانه ، غير أن تنامي الاحساس بالضيق من العمالة الوافدة ، وأحداث شغبٍ سابقة مثل تلك التي عرفت باسم الأحد المشؤوم في عام 1965 بعد أن تأخر وصول طائرة وزير الداخلية كلمنت أمبورو وهو عائدٌ من جوبا وما صحب ذلك من شائعات واضطرابات ، أو في عام 2005 بعد سقوط طائرة الدكتور جون قرنق على الحدود السودانية اليوغندية تؤكد أنه لا بد من الحذر وعدم الركون للدعة أو الغفلة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.