شاعر انجليزي متمكن ، يشار اليه بالبنان ، عاصر عودة الملكية ، وأصبح من القلائل المقربين للبلاط ، على الرغم من بساطة نشأته و مولده. هو الطفل الرابع عشر في الابناء ، والاكبر فيهم ، مما خوله تلك الايام ، ان يرث عقارا بسيطا خلفه والده ، عله يدبر معيشته. كتب الشعر ابتداء ، ثم – لظروف المعيشة القاسية – اتجه للكتابة المسرحية . عصفت ايامه قلاقل كبيرة في البلاد ، وعمت الخلافات والرؤى السياسية ، فكان اختياره العقلاني ، يحتم عليه مساندة العرش ، وعليه ، فقد أصبح منذ حينها يطلق عليه لقب : " مؤرخ العرش". تزوج من السيدة ( اليزابيث هيوارد ) ، ابنة كاتب المسرح الشهير أنذاك . قدم مسرحيات ، لكنها لم تكن بتلك الجودة كشعره . أخفق في فن الملهاة ، كونه لا يمتلك المقومات الاساسية في هذا الفن من خفة الظل ولطف التعبير . و كما يبدو ، فقد نجحت مساعيه في كتابة التراجيديا بشكل أفضل من الملهاة . وسواء نجح أم أخفق ، فالمرجح أنه كان يقوم بذلك ،لأجل لقمة العيش .كتب شعرا مسرحيا عام ( 1667 ) ، وعبر فيه عن اعجابه الكبير ، بل منقطع النظير ، بالشاعر والكاتب المسرحي الانجليزي " شيكسبير " ، اضافة الى الشاعر الكبير " تشوسر" . وصل عدد ما كتبه من مسرحيات ( 27 ) مسرحية ، أشهرها " الحب للجميع ) ، و ( زواج على الموضة ) اضافة لغيرهما ، ولكنها – جلها- لم تصل الى مصاف المسرحيات الراقية . يشهد له الخصوم ، قبل الاصدقاء، بأنه كان لا يتجنى في هجاءه على أحد ، فحيثما وجد الخطأ ، أو اللا استقامة ، أو القذف من أحد ، كائنا من كان ، فسرعان ما يصوب عليه أسلحة الهجاء المقذع ، كما فعل مع معاصريه من الشعراء ، أمثال :" سيتل " ، و " شادويل " ، لدرجة أنه حط من قيمة ما يكتبه " شادويل " من شعر ؛ فهو لا يغدو شعرا ، ولا يستحق الورق الذي يدون عليه ، و مكان هذا الورق ، بما عليه من شعر، هو المرافق العامة ، حسب قوله. و على الرغم من هذا الابداع في الهجاء ، الا أنه لم يصل لدرجة " بايرون " ، واسلوبة المهلك في الهجاء – ان جاز لنا التعبير- ان دعت الضرورة لهجاء أحد ما . أطلق الناقد " صموئيل جونسون " على " درايدن " لقب : " أبو النقد الانجليزي " .وكان نقده يعنى بالحالة الفنية في حرفة الكتابة ، وليس لنواح اجتماعية صرفة ، كما يفعل الغير . وأشد ما لقيه خصوم الشاعر من قدح ، ونقد ، هم خصوم الملك ، اذ كان يعيب مما يكتبونه من مقاطع شعرية ركيكة، هدفها الاعلاء من قيمة من يؤيدون ، تكسبا و رياء . ففي بعض أشعاره ، يعمد " جون درايدن " الى الكتابة على نهج " اليكساندر بوب " فيما يسمى بالثنائيات البطولية " هيرويك كبلتس "، وهو اسلوب في كتابة الشعر . كما كتب قصيدة بعنوان" الظبية والنمر" ، حيث دافع فيها عن دينه و معتقداته ، اذ كان ينتمي للمذهب الكاثوليكي الروماني. من أرقى ما كتب " درايدن " المقطوعة الشعرية الملحمية " سنة العجائب " ، وهي وصف بارع لما الت اليه لندن في عام 1666 يوم الحريق العظيم الذي ذهب بجلها من ناحية، و بمرض الطاعون الذي أهلك الحرث والنسل ، من ناحية أخرى . كما لم ينسى تخليد ذكرى انتصار بلاده في معركتها ضد هولندا . مدح بلاده وعرشها ، وتمنى استقرارها ، وهدوء أحوالها السياسية . احيانا كانت تهب عواصف التغيير ، وتقتلع كل وشيجة احكمت فيما بينه وبين ذلك النظام ، خاصة ما حل بالملك " جيمس " ، مما أثر على شاعرنا بشكل قوي. لم تكن أخر سني " جون درايدن " مسكا ، كما كانت ، أحيانا ، في السابق . فعندما دارت الدائرة على " الملك جيمس " ، فقد خبا نجم الشاعر ، و اطفئت نيرانه . انتهى به المطاف الى دار نشر محلية ، يدقق ، و يصحح ما يعد للنشر . استثمر وجوده في الدار ، وكتب عددا من القصائد ، تضاف الى رصيده السابق ، أيام مجده ، اضافة لقيامه بترجمة البعض من اعمال " فيرجيل " . لفظ " درايدن " اخر أنفاسه ، وأسلم الروح في لندن . تؤكد بعض الروايات ، أنه دفن في دير يقع في وستمنستر ، حيث يرقد جثمانه بين قبري شاعرين عملاقين –" تشوسر " و" كاولي " [email protected]