500 عربة قتالية بجنودها علي مشارف الفاشر لدحر عصابات التمرد.. أكثر من 100 من المكونات القبلية والعشائرية تواثقت    مبعوث أمريكا إلى السودان: سنستخدم العقوبات بنظام " أسلوب في صندوق كبير"    حمّور زيادة يكتب: من الخرطوم إلى لاهاي    قيادي بالمؤتمر الشعبي يعلّق على"اتّفاق جوبا" ويحذّر    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    قصة أغرب من الخيال لجزائرية أخفت حملها عن زوجها عند الطلاق!    الهلال يتعادل مع النصر بضربة جزاء في الوقت بدل الضائع    كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    تستفيد منها 50 دولة.. أبرز 5 معلومات عن الفيزا الخليجية الموحدة وموعد تطبيقها    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    حادث مروري بمنطقة الشواك يؤدي الي انقلاب عربة قائد كتيبة البراء المصباح أبوزيد    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصول وجزور البرتي ودورهم في الدولة السودانية الحديثة(3)
نشر في الراكوبة يوم 11 - 05 - 2015

سنقدم للقارئ الكريم سلسلة من المقالات لنشر البحث التكميلي الذي أعددته لنيل درجة الماجستير في جامعة النيلين كلية الاداب،وسأقوم بتقسيم البحث لاجزاء متتالية حتي تعم الفائدة للجميع،ونتطرق في المقالات ،تاريخ البرتي قديماً وحديثاً واماكن تواجدها وأصولهاوجزورها ورموزها التاريخية وأفخاذها ودلالة تسمية تلك الافخاذ والتي تثبت انتماء البرتي للأصل النوبي ومعلومات اخري نتناولها من خلال البحث الذي بعنوان قبائل دارفورغير العربية أصولها وجزورها ودورها في الدولة السودانية الحديثة -قبيلة البرتي نموذجاً ..نواصل
المطلب الثاني: الأصول الليبية والبربرية أو التونسية
لكن يبقى البحث حول ارتباط البرتي بالليبيين قائماً طالما كانت القبيلة تسكن فيما يسمى من ناحية عامة بالصحراء الليبية أو القرعان وفقاً لوصف بعض المصادر التاريخية، ماكمايكل أيضاً في كتابه تاريخ العرب يسطر أن البرتي والزغاوة والبديات ينتمون لأصل قديم يسمى القرمانطيون الذين سيطروا بالتجارة على صحراء شمال أفريقيا وأنهم ينتمون لغوياً وثقافياً لمجموعة اللغات الكنورية وأن ماكمايكل يقول أن لغتهم المندثرة أقرب للزغاوة .( )
وقد أورد عون الشريف أن البرتي والتنجر والقرعان والزغاوة من أصل واحد يدعى القبائل البرجمانية.
يرى الباحث إن ارتباط الصحراء غرب النيل مجتمعاً أو عرقياً وثقافياً وجغرافياً جعل كثير من المؤرخين ينسجون أقوال مختلفة حول أصول هذه المجموعات السكانية رغم اتفاقهم في قِدم هذه القبائل وارتباطها بالصحراء والنيل معاً، وفي سياق آخر يورد مؤلف اللسانيات إبراهيم عبدالله إسحق ربما كانت لغة البرتي ذات علاقة بلسان البربر بشمال أفريقيا كاللواته والنفوسه والنفراوة وبني ناتن – منازلهم الأولى في إقليم الشهب والهضبة التي تمتد من النيل حتى جنوبي تونس.( )
الرقعة الجغرافية بشمال دارفور ذات اتصال عميق – قدم التاريخ ، ارتباط جغرافي متواصل تسميه أو وصف باسم الصحراء الليبية، وجود آثار مروية ، نوبية بليبيا لا يحتاج إلى بحث عميق كما أشار فيصل محمد موسى.
يرى الباحث أيضاً امتداد وتواصل ليبيا بتونس لا يحتاج إلى بحث كثير معمق فهذا واضح، أواصر التاريخ والجغرافيا ، بينهما لا تنفصل الثقافة اللغة القبائل المتداخلة ، البربرية ، العربية. حيث لم تستطيع الظروف والعوامل الطبيعية التي تعاظمت أن توقف التماذج الذي حدث وجنوب تونس والجزائر وجنوب ليبيا وشمال دارفور كل هذه الرقعة الجغرافية كما أشار باذل في أضواء على أفريقيا الجديدة حول أواصر الترابط بين أجزاء أفريقيا.
من جانب آخر حضارة البحر المتوسط الفاصل الطبيعي بين دول ليبيا وتونس وغيرها من دول شمال أفريقيا وارتباطها مع جنوب إيطاليا جعل عالم اللسانيات إبراهيم عبدالله إسحق يضع اعتبار عميق لحديث هولت في مؤلفة Berti tribe لفظ برتي كلمة من الأسماء الشائعة في إيطاليا ومازالوا يستمون به حتى اليوم.( )
لكن الباحث عثمان عبد الجبار عثمان في مؤلفه تاريخ الزغاوة كان قد قسم سكان دارفور إلى أربع مجموعات فسمى المجموعة الأولى المجموعة الليبية النوبية في شمال ووسط دارفور ووداي كالزغاوة والبرتي.( )
حيث يضيف إليهم في سياق آخر قبائل القرعان والبدايات والتيبو وهي قبيلة بجنوب ليبيا وذكر أن جماعات منهم من هاجروا إلى دارفور اندمجوا مع الزغاوة( )
لكن الهجرة الأكثر وضوحاً هي هجرة قبيلة الكنين رغم أن أصلها يرجع إلى غرب أفريقيا الاستوائية يعرفون بالطوارق يسكنون قرب الفاشر حتى عام 1933م، لكنهم طلبوا من السلطات الإنجليزية إرجاعهم لموطنهم الأصلي بأفريقيا الغربية فعادت مجموعة منهم وبقى البعض يدعى البرتي أن هؤلاء منهم أي يتبعون لهم.( )
يرى الباحث حول الأصل الليبي أو البربري للبرتي كما وردت في ثنايا كتب بعض المؤرخين أنه لم يكن هنالك جزم واضح بقدر ما التأكيد على التداخل الذي كان سلفاً موجود بين قبائل الصحراء الكبرى والتي تعتبر شمال دارفور وشمال السودان جزء لا يتجزاء منها.
ويذكر المؤلف اليأس نقلاً عن أرستون ، يسكن النوبة الضفة اليسرى من النيل – ليبيا – من مروي حتى إنحناءة النيل ليسو تحت الحكم المروي هم عبارة عن ممالك مستقلة متعددة واليونانيين أطلقوا اسم ليبيا على المناطق الواقعة غربي نهر النيل حتى الميط الأطلسي، ليبيا في مفهومه تعني أفريقيا، بناء على ذلك أن القبائل غربي نهر النيل (النوبا) في القرن الثالث ق.م خرجت عن طاعة مملكة مروي كونت وحدات إدارية مستقلة. ( )
ثانياً الوجود أو الأثر النوبي بقبائل الصحراء الكبرى الممتدة حتى المغرب ، حيث يقطن البربر في أجزاء واسعة منه رغم أن لهم أثر قوي مع القبائل التي تجاور البرتي مثل الزغاوة والقرعان والبديات أيضاً لا يمكن أقصاء البرتي من التأثير الذي حدث بالقبائل الأخرى .
ثالثاً قبيلة التبو بجنوب ليبيا التي ورد ذكرها أيضاً مع مجموعة الزغاوة البديات القرعان – وقبيلة الكنين ، التي يدعى البرتي انتماء هؤلاء إليهم رغم أن تسمية الكنين تأتي تبعيتهم للطوارق بالتالي البربر ، كل هذا يشير إلى أن البرتي لهم وجود معتبر عبر أفخاذهم الكثيرة ببقية قبائل الصحراء، ومع ذلك كله لابد من التأكيد أن هذا البحث يحاول فتح منافذ حول العلاقات التي كانت موجودة بين قبائل الصحراء الكبرى في العهود السابقة وأن لا استبعاد حول مدى قوة وضعف هذا الارتباط وقد لايمكن فضه كلية لصالح وجهة نظر لأحد المؤرخين إنما تبقى في النهاية الأدلة الأكثر رسوخاً فهي التي تحدد الأصل الحقيقي للقبيلة.
المطلب الثالث: علاقة البرتي بالعرب:
لا تستطيع أي قبيلة محلية بالسودان القديم أو قبل دخول العرب للسودان أن تدعي أنها بمنآي عن التأثير العربي والذي أول ما دخل السودان كما أشرنا في ثنايا البحث سابقاً (فصل القبائل العربية بالسودان) ودخول العرب السودان فكانت هجرتهم للسودان اما قسراً -أي حروب- وأما بحثاً عن الاستقرار وفي كلا الحالتين وجد العرب ضالتهم في السودان كمساحة جغرافية شاسعة توجد بها كل أسباب الحياة والاستقرار تواجد قبيلة البرتي بهذا الجزء من السودان – شمال دارفور – وفي مساحة واسعة وتصنف منطقتها من ضمن مناطق الرعي والزراعة أولاً، ومنطقة عبور ، تجاري لشمال أفريقيا خاصة مصر وليبيا ما يشير ذلك إلى انفتاح العنصر البشري خاصة البرتي على غيرهم من الشعوب بمختلف سحناتهم ، بل أن التركيبة النفسية إذا جاز ذلك للبرتي دائماً ما تصف بالسلمية ، التسامحية ما جعلهم عرضة للغزوات ، والحروبات وفقاً للروايات المحلية حيث كانوا في حروب مستمرة مع الميدوب جيرانهم من الشمال والقرعان أيضاً طمعاً في أرضهم الإستراتيجية والمحصنة أيضاً بكثير من الجبال وجبال تقابو مليط و.. الخ. الشكل البيولوجي للبرتي أيضاً له دوره الجذاب في الاندماج مع القبائل الأخرى خاصة الوافدة فقد وصفهم التونسي بأن البرتي والميدوب أجمل نساء من غيرهم( )
هذا الوصف للتونسي الذي زار دارفور في أواخر القرن الثامن عشر ذو دلالات ومعاني تعزز أن الدماء العربية بالبرتي التي امتزجت قبلها النوبية بالعربية ، والمصرية ، ثم مضافاً الأثر البربري قبائل المتوسط باعتبارهم أكثر انفتاحاً وألوانهم تميل للبياض وإن كانت السمرة أيضاً تعتبر سمة من سمات البربر وفقاً لأماكن تواجدهم الممتد عبر الصحراء ولكن وفقاً لروايات كثير من أفخاذ البرتي التي يدعون فيها العربية لم يأتي هذا الادعاء من فراغ بقدر ما أتى من حيثيات لها قيمتها الدلالية التي يمكن أن تكون برهان ودليل قوي ، يؤخذ في الاعتبار إلى حين تمضي الأبحاث في هذا الجانب تؤكده أو تنفيه أو تؤمن على وجوده بمدى مختلف من فخذ إلى آخر، لكن يبقى الأثر العربي ، الذي أتى من خلال انتشار الإسلام ببلاد السودان قوياً على المدى الذي جعل البرتي يتناسون لغتهم القديمة ولم يكن هذا الأمر حكراً على البرتي وحدهم بدارفور إنما لقبائل أخرى غير عربية، حيث يقول عبد الجبار مؤلف كتاب الزغاوة أن انتشار الإسلام والثقافة العربية ، حتى أن بعض اللهجات المحلية كادت أن تختفي كلهجتي البرتي والبرقد بوسط دارفور وحلت محلها اللغة العربية( )
والقرب المكاني كان له أكبر الأثر عكس البعد المكاني للمناطق الجبلية لجيران البرتي، مثل دار زغاوة والبديات والقرعان والميدوب الذين استطاعوا الاحتفاظ بلغاتهم بل حتى الإسلام كان اسمياً فقط فالوثنية موجودة ذلك ما جعل سلاطين وداي ينظرون بشئ من الاستخفاف تجاه البديات والزغاوة( ) .
كما ذكرت سابقاً أن هناك كثير من الروايات التي يدعي فيها البرتي العروبة، وهناك ما يعرف بشجر النسب شائعاً في كثير من القبائل التي توصف بأنها غير عربية، مثل الداجو والتنجر والبرقد والفور {كيرا} وغير ذلك من القبائل ، والحقيقة التي يجب أن توضح في هذا الادعاء يمكن حصرها في الآتي:
اولاً: الثقافة – العقيدة الإسلامية كانت عبارة عن مد جارف قوي اكتسح كل الثقافات الموجودة ومحاها من الوجود إذا جاز أو قُل قلل التأثير للثقافات الموجودة من قبل دخول الإسلام وهجرة العرب.
ثانياً: المهاجرين الأوائل: الذين حملوا الدعوة الإسلامية إلى دارفور كانوا غالباً ما يوصفون برجال الدين الأتقياء ذو القدرات البلاغية القوية فكانوا يؤدون دورهم على أكمل وجه. وهؤلاء غالبهم يدعون العروبة ، حتى الانتماء لشجرة النسب للرسول (صلى الله عليه وسلم). وهؤلاء غالباً ما استوطنوا وتزاوجوا مع القبائل المحلية هذه بعد أن وجدوا الاحترام والتقدير وسهولة سبل المعيشة، وذلك وضح من خلال التونسي وابنه في بلاط سلطنة الفور وذلك كنى به، الشريف التونسي كونه جاء من تونس البلاد التي تأثرت بالهجرة العربية بصورة مباشرة ، وكانت هجرتهم لدارفور فتح لغيرهم ليواصل في هذا الإطار.
ثالثاً: الاختلاط مع العناصر العربية الوافدة كما أشرنا في الفقرة السابقة خاصة من بلاد الشمال الغربي – ليبيا + تونسالجزائر – المغرب واضح الأثر بدارفور، من خلال المذهب المالكي ، والتجانية أخيراً والعناصر العربية التي جاءت من هناك.
رابعاً: بعد أن تعمق الإسلام بدارفور من ناحية عامة صار مرتبطاً في كثير من جوانبه بالعنصر العربي ، ثقافة ودماء فالإدعاء للانتماء للعروبة صار حتى (كموضة) وحدث طاغي كاد يغطي على ماهية الإسلام وحقيقة الإسلام كدين عربي من خلال التوصيف لرجال الدين، كل الذين أتوا للسودان مهاجرين بدوافع ذاتية أو قسرياً يدعون النسب للأشراف أو بعض الصحابة والتابعين فاختلطت الحقيقة مع غير الحقيقة في هذا الإطار لكن صار الادعاء امراً واقعاً ومشاعاً واتخذ عدة طرق تفاعل معها كثير من من يدعون ثقافة النسب والتي تعتبر علم قائم بذاته بجانب العلوم اللغوية والفقهية آنذاك.
ارتباط أهل دارفور بالعقيدة الإسلامية لا يشوبها شائب ذهابهم إلى الحج كان معروفاً بمحملهم الذي كان ينتظره أشراف مكة بفارق الصبر لتميزه واغتناءه ، ومساهماتهم التي امتدت لفقراء مكة، فكان لابد من رد الجميل ولو على شاكلة التمني بأحسن الأوصاف مقابل ما خف وزنه وغلا ثمنه، يدفع للمثقفين من أهل مكة والمدينة من لهم علم بثقافة النسب وما يسمى بشجرة النسب فكانت قبائل السودان كلها ، تتداعى لبلوغ شرف آخر في النسب، من قبل هؤلاء (المثقفين) وفقاً لعلوم زمانهم في استخراج شجرة نسب كان لا يكلفهم كثيراً وفي نفس الوقت لا يقلل من قيمتهم هناك كمسلمين بقدر ما يرون ربما تعضيد وتقوية لشوكة الإسلام والعروبة عندهم لذلك اقتناء هذا الشرف (شجرة النسب) لم تسلم منه قبيلة البرتي فأي تحقيق علمي ممنهج لكثير منها يلغيها أو يشكك فيها، حيث الظرف وحده الذي استخرجت يظل محل شك، ومع ذلك تبقى هذه الروايات محل نظر وفحص وتحليل القديمة منها والحديثة حتى كتاب عون الشريف قاسم الذي انحاز لعنصر العروبة رغم تساوي البشر، ورغم أن أي إنسان أتى من سليل أسرة ، بغض النظر عن قبيلته أو لونه أو عنصره لأن المتعارف عليه وجود العناصر البشرية المتحضرة أو المتخلفة منها على شكل مجموعات أثنية متقاربة أو حتى متطابقة في كل شئ.
الرواية التي أوردها عون الشريف تدعي أن لفظ البرتي أطلق في عهد جدهم إدريس التونسي الذي تزوج ابنة الملك تقابو انجب منها نامدو الملك جد البرتي ، حيث يقال أن إدريس يقول أنا جئت من البر والتية والناس لا يفهمون اللغة العربية لذا دمجت صارت برتي.( )
وفي رواية أخرى أبو سن في مذكراته يقول الشائع سلطان البرتي يسكن مليط وأصوله عربية يدعى نامدو كان ضخماً حتى لا يستطيع ركوب الخيل لطول رجليه وضخامة جسمه .( )
الباحث محمد البشرى أبكر أفاد أن إدريس التونسي تزوج بنت تقابو وانجب نامدو جد البرتي الأخير وهو من أب عربي قرشي، فجاءت التركيبة الحالية للبرتي ، وانقرضت اللغة النوبية بهذا التمازج العربي ثم دخل البرتي عدة خشوم بيوت أو أفخاذ من أصول عربية (مثل الجعليين – الجوامعة ، جموعية ، كنانة ... )
يرى الباحث من خلال روايات البرتي، كما يقول محمد البشرى وقبله عون الشريف وأبو سن ومن ثم روايات بعض أفخاذ البرتي عن نامدو ويتضح الآتي:
أولاً أن إدريس التونسي ، الذي يدعى بعض البرتي بشرفه لم يكن هناك اسم كامل بغية التحقق من هذا النسب كأن يقال إدريس بن فلان إلى – آخر الرواية.
ثانياً من غير المقبول أن يقول محمد البشرى أبكر الذي يمثل الرواية الجامعة عند عوام البرتي أن إدريس تزوج ابنة تقابو لينجب نامدو ومن ثم يسميه آخرون كجد للبرتي ، إذن أين أبناء تقابو الآخرين كما أشار إليهم محمد البشرى لتقابو ثلاث أبناءهم (دقر – كوات – ارفنا) وأربعة بنات هن {شلنقا – باسنقا – ديسا سيمياد} وفي الرواية هذه صدقية واضحة عن تقابو الكبير ، وفقاً لتسمية جبال تقابو باسمه وأيضاً أسماء أبناءه ، دقر جاء دقرتو كفخذ كوات جاء كواتو كفخذ أيضاً وأرفنا جاء ارفناتو بل حتى اسماء البنات شلنقا جاء فخذ شلنقاتو ومن بنته باسنقا ربما جاء البسنقة ومن ديسا جاء دين ومن سيميا ربما جاء السميات وهكذا حيث يقتضي السياق اللغوي في التعريف الذي جاء واضحاً من أسناء أبناء تقابو.
إذن من الغريب جداً أن يوصف البرتي بأن جدهم نادمو العربي لن أبيه إدريس جاء من تونس وعندما هزم من قبل سليمان صولون فر إلى تونس وضمت المملكة إلى الفور كما أشار التونسي من قبل وغيره من المؤرخين بإنضمام مملكة البرتي والميدوب للفور وكل الممالك والسلطنات التي كانت موجودة أخضعت لسليمان صولون (العربي) سلطان الفور.
يرى الباحث يمكن أن يكون نادمو عربي ولكن أين بقية البرتي، بل تقابو نفسه وفقاً لرواية محمد البشرى جاء بعد دخول القوات التي طردت من مصر عقب دخول أو استلام صلاح الدين الأيوبي لمصر، إذن تقابو دخل كزعيم لوحده أم وجد سكان محليين أم جاء مع مجموعة من الناس كانت تشكل البرتي.
ومع ذلك يرى الباحث أن البرتي كاسم أيضاً حاول البعض أن يعربوه بمقولة إدريس التونسي أنه جاء من بروتية حين تناسى هؤلاء عمداً أو جهلاً أن إدريس جاء لدار تقابو وبرتي كلمة حاضرة وموجودة ولها قياسها وتصريفها النوبي الذي صار أقرب للحقيقة بعد ظهور لفظ بروتية والإدعاء باندماجه في لفظ برتي لصعوبة نطقه للتأكد بما لا يدع مجالاً للشك في عدم عروبية البرتي طالما صار عصياً عليهم نطق بروتية وكان الأولى أن ينسب لفظ إدريس، وهو نسب فعلاً لفخذ الإدارسة كفخذ من أفخاذ البرتي وربما هذا هو الأصح، في سياق تصريف العروبة. بل أن نادمو وفقاً للحجم الذي وصف به يمكن وضعه في خانه الفراعنة كموفوري الصحة والجسم، وفقاً لأوصافهم التي تتناقلها الروايات، أو حتى الموميات التي وجدت في الأهرامات والجبانات القديمة.
ومع ذلك لا يمكن أن يقول المرء، استحالة أو عدم وجود الدماء العربية بالبرتي ، فهو تتفاوت من فخذ لآخر تماماً كبقية القبائل الموصوفة بأنها غير عربية وتماماً كالقبائل العربية نفسها التي جاءت للسودان وامتزاجها بالدم المحلي متفاوت أيضاً، حتى أنه من السخرية وصف بعض القبائل العربية بالعربية في حين أن الشكل واللون تعرض عكس هذا الادعاء، إذن من خلال مسميات بعض الأفخاذ يمكن الإشارة بوجود دماء عربية بالبرتي مع اعتراف وصعوبة رجوع هذه القبائل الموصوفة بالعربية لأصولها او إلى الجماعات العربية الموجودة بالسودان بل وإذا تجرأت وغادرت القبيلة الرئيسية لم تجد إلا الاستهجان والسخرية من كلا الطرفين الخارج منه والداخل إليه ، وهذا حديث طويل ذو شُعب طالما كانت أدلته موجودة ومواقفه متعايشة بين الناس. وليس من النهج الأخلاقي والمنهجي أن يدعى فخذ أو فرع من فروع القبيلة بعروبيته وفي نفس الإطار أنه ينتمي للبرتي مسمى وجغرافياً بل عادات وتقاليد تشرب بها على مدى الزمان ربما تجاوز المئات السنين كما أشرنا سابقاً حول وجود فقهاء في بداية دخول الإسلام لدارفور، وحول اندماج سلالات هؤلاء الفقهاء في أفخاذ البرتي ووجود مسميات عربية الأصل لا ينفي الانتماء بقدر ما يؤكد أريحية وتسامح الوضع القبلي أو الاجتماعي بالبرتي إذن الأفخاذ التي تنسب للعروبة هي الآن موجودة والمدهش أن مسمياتها، او أصولها موجود بالسودان وبعد كل هذا تصر وتؤكد تمسكها بالبرتي دون الخوض فيما يفرق ويقلل من أصل وجذور القبيلة بل الشاهد أن هذه الأفرع اتخذت أوشام ذات جذور نوبية تم منحها لهم كيف ولماذا؟ ولكن بما أن للبرتي نظام إداري متدرج من أقصى القمة يمثله الملك إلى الدملج أو الشيخ في القاعدة ولهذا النظام عمله الإداري النظري والعملي في التوجيه والإرشاد لمنسوبي القبيلة لذلك من المعتقد وفقاً لهذه النظم أن يتم منح خشم البيت والوشم للحفاظ على النظام القبلي داخل القبيلة خاصة الانعام التي تعتبر العمود الفقري لاقتصاد القبيلة، ومنها جاء اسم القبيلة النوبي. وثانياً لتأكيد بعد الانتماء والاعتراف بالوضع القبلي.
أولاً: من فروع البرتي ذات مسمى الجذور العربية الواضحة وفقاً للمصادر والمراجع السودانية المعترف بها كالآتي:
هم قسمين:
أ/ 1) الجوامعة 2) كنانة 3) أولاد أم جعل جعليين 4) قنب 5) بديرية
ب/ فروع تنسب للعرب من غير اسم القبيلة وهي:
5/ جبايين 6/ أولاد إدريس 6/ أولاد راشد 7/ أولاد قوي
8/ لبابيس 9/ أولاد وريس 10/ بداورين 11/ مسبعات
ونواصل
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.