د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    طائرات مسيرة تستهدف مقرا للجيش السوداني في مدينة شندي    تحولات الحرب في السودان وفضيحة أمريكا    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    شاهد بالصور.. بأزياء مثيرة للجدل الحسناء السودانية تسابيح دياب تستعرض جمالها خلال جلسة تصوير بدبي    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل برقصات مثيرة ولقطات رومانسية مع زوجها البريطاني    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقتحم حفل غناء شعبي سوداني بالقاهرة ويتفاعل في الرقص ومطرب الحفل يغني له أشهر الأغنيات المصرية: (المال الحلال أهو والنهار دا فرحي يا جدعان)    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    للحكومي والخاص وراتب 6 آلاف.. شروط استقدام عائلات المقيمين للإقامة في قطر    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لا تتقدم «الرزيقات» لاستلام السلطة السودانية عوض اغتيال تاريخ القبيلة
نشر في الراكوبة يوم 19 - 05 - 2015

ثمة استفهام بدأت تطرحه أواسط عديدة من المراقبين لترمومتر القياس السياسي السوداني، على أثر اندحار وتدهور وانحطاط منظومة القيم الإسلاموية للحكم في الخرطوم، على كل الصُعد...
الاستفهام جاء صريحا ومباشرا، لماذا لا تتقدم «الرزيقات» نحو استلام السلطة السودانية عوض اغتيال تاريخ القبيلة؟
يبدو أننا أمام وجاهة في التساؤل وعليه، بل السؤال نفسه ربما يجد شرعيته ومشروعيته بالنظر إلى المشهد السياسي السوداني، الذي يعج باختلالات جوهرية وعلى كل البُني والسياقات التي تختزله، حقيقة بطلان شرعية الحكم الذي يتذرع ويزعم عباءة الوطنية، خلال العقدين ونصف العقد، ويمضي بقدرة قادر نحو الثلاثة عقود، التي فيها تحولت شرعنة الحكم من صيغته الإسلاموية الحركية، أو بالأحرى هي تحملها في ذاتها على مستوى النظرية والتطبيق، كاستراتيجية واعية ومنظورة، إلى مشاريع ذاتية واجتماعية وطبقية مصالحية، وأُخرى، جهوية وقبائلية لا تمت للمشاريع الوطنية السياسية، وفي أعلى درجة انحرافها، بشيء، بل هي في حالة غلو وتطرف وتحد بائن، وكأننا نمضي أو نمضي حقا دون إقرار أو اعتراف، إلى آخر فصل من فصول انهيار مؤسسة الدولة السودانية، كما هو معد لها، خصوصا مع تضاؤل فرص المجهودات الوطنية الأخرى، للحيلولة دون وقوع الانهيار الذي يتقاسم فيه الجميع محصلة الخسارة. لأن رسمهم يقول إن آخر محطة لحكم الإنقاذ فيها قد تختتم مسرحية مؤسسة الدولة السودانية، كاستجابة موضوعية لبنية العقل السياسي السوداني المصاب بنقائص في تاريخيته وراهنه.
في هذه الصورة السيميائية للمخزون السياسي السوداني المسكوت عنه، فضلا عن الهوة ما بين الخطاب الديني الحركي ومتطلبات الدنيوي، لم تتمكن منظومة العجز السياسية التي حكمت البلاد منذ عام 1989 من إنتاج أدوات شرعية تؤسس عليها عجز سطتها أو حمايتها، غير أدوات العجز والشرعنة القائمة على القهر والاستبداد ذاتها، عبر تقنيات تتحول وتتغيير وفق سياق ومهام ضرورات كل مرحلة.
في هذا السياق عمدت مؤسسة السلطة إلى عسكرة قبائل سودانية منتقاة، ونقلت إليها صلاحيات مؤسسة القوات المسلحة القتالية وميزانياتها، التي تحولت إلى مؤسسات قبلية عسكرية دستورية بتبعيتها لأهم جهاز حكم في البلاد، وهو جهاز الأمن والمخابرات السودانية، في إلغاء ضمني للقوات المسلحة السودانية، من دون إعلان رسمي حتى لا يرتب آثارا قد لا تستطيع السلطة تلافيها.
ضمن هذه العسكرة القبائلية لأجل مهام بالوكالة وبمقابل، كانت قبيلة «الرزيقات» الدارفورية العربية محل العسكرة الأساس ومعها أُخريات لمهام «الاقتتال العنيف» المرتبط بحماية الحدود، وكذا من تقدم قوى المقاومة الثورية العسكرية أو»الاقتتال المرن»، بقمع الحراك الشعبي الجماهيري في جميع أنحاء الدولة، وخوض معارك مع حاضنات اجتماعية قبلية ذات ارتباط تاريخي وجهوي وعرقي مشترك، لتحقيق مطامح قبلية تتعلق بالهيمنة والنفوذ القبلي، لا تحظى بمقبولية ولا تستجيب لطموح القبيلة، بعدما تم تسييسها وقولبتها لخدمة قالب معين ومحدد. كل هذا، جعل من قبيلة «الرزيقات» الذراع العسكرية الحكومية الرئيسة في البلاد، من دون أن ننسى تطورها النوعي والكمي ما بين عهد «موسى هلال» و»حميدتي»، قائد ما يعرف بقوات «الدعم السريع» التابع لجهاز الأمن.
هذا التطور الدراماتيكي لقبيلة «الرزيقات» ومقاربات تاريخها الاجتماعي والجهوي والإثني، وإشكاليات المحك التاريخي التي وضعت نفسها فيه أو تمت موضعتها عليه، تطرح على نخبة قبيلة «الرزيقات» ذات التاريخ والامتداد الناصع، مراجعات نقدية مهمة في ظل «الورطة» الحكومة المركزية، التي تسعى الآن، بعدما باتت قوة موازية بموازين القوى للسلطة الحاكمة، إلى تقزيمها والتقليل من نفوذها وطورتها في آن، عبر إدخالها في حزم مفصلة من الاقتتال مع حاضناتها التاريخية والجهوية، جاءت قبلية أو مقاومة عسكرية لتحقيق أهداف ثلاثة هي، حماية تمركز السلطة، والثاني تآكل ترسانتها العسكرية، والثالث فقدان علاقاتها التاريخية الاجتماعية لصالح قوى تستعمل الجميع وبلافتات ورموز تختلف بين هذه وتلك، ضمن هذه المراجعات النقدية، هناك سؤال مركزي، أليس ما تخاطر به القبيلة السياسية، التي تموقعت أيضا في استلام زمام إدارة العمل الإعلامي في البلاد، هي محاولة اغتيال عبثية للقبيلة وتاريخها، التي لا تعلم بها حتى قوى التمركز المهيمنة، إلى وقت قريب، وذلك لخدمة مصالح لنخب قد تكون محددة وحصرية في القبيلة، خضعت للتدجين وتماهمت مع أجهزة التمركز في الحكم.
إن السؤال الوطني هو تحد وطني أيضا لقبيلة «الرزيقات»، إذ كيف لها أن تجيب على أسئلة حاضرها بتجاوز حقيقي لوضعيتها القائمة، بالانتقال إلى ملامسة الاستحقاقات التاريخية للوطن السوداني، عبر صياغة مشروع وطني لا يتم إلا بإعادة تحالفاتها والرفع من سقف طموحها تجاه السلطة، بل السيطرة على الحكم السوداني ما دامت الفرصة التاريخية سنحت ووفرت مطلوباتها لبناء اجتماعي سياسي جديد، خصوصا أن إرث القبيلة هو أرث الهامش والغبن التاريخي ذاته، إن لم نقل حتى التراتبية والنقاء، هذا قد يضع القبيلة في هدف وطني وبتحالفات جديدة ومغايرة أسسها موجودة ومتوفرة، وإنهاء لدور الذراع والحارس الذي يضع أسس التبادل التاريخي في السودان وهو معطي في غاية الأهمية.
٭ كاتب سوداني مقيم في لندن
القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.