مقطوع الطّاري ... المشروع الحضاري ......................................... الباتافيزيقيا :- في إحدي قري الجزيرة كان هناك رجل كبير في السّن، كان يستغرق يومه كله في جمع الحديد من الكوشة كان يقول بأنه يريد أن يصنع قطاراً ..حين سئل عن كيفية ذلك أجاب قائلاً أنّ القطر عِلِم عين.. بمعني أن يري الشئ بعينه ثمّ يصنع مثله دون أدني تفكيرأو خبرة . إتفق بعض الحَلَب (صانعي الكوانين وأدوات المنزل الأخري) في إحدي قري الجزيرة بان يصنعوا تاكسي للأجرة بدل الكوانين ..قاموا بإحضار ماكينة عربة قديمة ..تمت صناعة التاكسى بالخامات المتوفرة ، إنطلق التاكسي في الزّلط بسرعة فائقة..فكانت الكارثة الكبري حيث تبعثر التاكسي قطعة قطعة ، مات من مات وانجرح من إنجرح . في وقتها كانت مهنة البناء مهنة رابحة في قريتنا ، بتجيب قروش....... إتفقنا علي أن نشتغل في مهنة البناء أنا ومعي إثنين من الأصدقاء..وقتها كنّا صغار في السن 15،14 سنة، إمتلكنا معدات البناء ( شحدة)..خاصة المسطرينة والخيط والقِدّة طورية وكوريق لم نملك ميزان موية .. أول يوم في هذه المهنة دعتنا إمرأة لبناء حيطتها المهدمة الفاصلة بينها والجيران ..وقد قاولتنا بقروش لابأس بها في ذلك الوقت .. إكتملت الحيطة في وقت الغداء الساعة ثلاثة .. أصرت المرأة علينا أن لا تعطينا فلوس خدمتنا إلا بعد تناول وجبة الغداء (لم ننسي لها ذلك الكرم) أثناء تناول الغداء نسمع الحيطة أرررررررررررررب وقعت .... أخذت المرأة صينية الغداء من أمامنا وطردتنا وهي تردد ( كلّ واحد أُمو أدتو مسطرينة وقالت ليهو أمشي أبني حيطة فلانة( بإسمها ) الموضوع :- أستهلّ بهذه المقدمة من الموسوعة الفلسفية المختصرة ( دار الطليعة للطبلعة والنشر ..بيروت ) ( يلعب المضمون داخل العمل الفني دوراً أساسياً . ومضمون الفن هو الواقع المتعدد في نوعياته الجمالية خاصة الإنسان والعلاقات الإنسانية والحياة الإجتماعية في كل مظاهرها المحسوسة . العنصران الأساسيان في مضمون العمل الفني هما موضوعه وفكرته . ينكشف الموضوع بعدد ظواهر الحياة التي تنعكس في العمل المُعيّن ، وتعبر الفكرة عن جوهر الظّواهر وتناقضات الواقع ، وقيمتها الفنيّة الإنفعاليّة من مواقع مُثل أعلى جمالى معيّن ، مما يؤدى إلي نتائج جماليّة وأخلاقيّة وسياسية ....ألخ بعيداً عن الهدف الذاتي الداخلي وعن الطبيعة المطلقة للفن وما يترتب علي ذلك من إفتراض يرمى إلي الإمتاع الجمالي الخالص ، مما يؤدي إلي إنكار الدلالة المعرفية والإيديولوجية والتّربويّة للفن ، كما يؤدي إلي النّزعة الفرديّة المتطّرفة التي تنادي بِحريّة الفنان والتّملّص من مسؤلياته تجاه مجتمعه ) إنتهى وجهة نظر مغايرة ومعلومة: ( أصبحت القصيدة وجوداً مُطلَقاً يعبر عن معانِ مُطلَقة تستكين في النفس الإنسانية منذ الأبد ولاتحاكي أي شئ خارجه، حيث أنه لا يوجد أي شئ خارجه، أي أن (العمل الفني )أصبح كائناً عضوياً مستقلاً عن أي شئ خارجه مثله في ذلك مثل الموسيقي .و أصبحت القصيدة في كليتها العضوية بناءً رمزياً متكاملاً يعبر عن حقيقة روحية مُطلَقة لا يمكن التعبير عنها بأي صورة أخري . لقد أصبح الشعر في ظل المثالية الألمانية " قاموس الرّوح" أو" موسيقي الروح " كما وصفه ج. هيردر. كان لأفكار المثاليين الألمان عن عضوية القصيدة وإستقلالها الكامل وأقترابها من الموسيقي أثر مباشر في بزوغ فكرة (الفن للفن ) من كتاب (المدارس المسرحية المعاصرة ..نهاد صليحة ص.17)إنتهي أورت ذلك نظريتي الفن للمجتمع والفن للفن لتساعدنا في فرز الكيمان . أتناول الأغنية هنا في هذا المجال ، بنت الثقافة المدلّلة بإعتبارها الأكثر إنتشاراً ورواجاً والأقرب إلي واقع الإنسان تأثراً وتأثيراً في تشكيل وجدان الإنسان وثقافته وذلك بحكم سهولة حركتها وأدائها في الزمان والمكان . تُعتًبر الأغنية بِنية فنيّة ذات عناصر متّحدة ، بل هي هذه العناصر وما ينهض بينها من علاقات مكوِّنة نسقاً system متماسكاً بحيث تنتفي فيه تفرد عناصره إعتماداً علي توقف كلّ عنصر علي بقية العناصر الأخري المصاحبة. العنصر كما هو معلوم يعني وحدة أو جزء من كل تشكل المجموعة منه مادة نطلق عليها بِنية . إذاً الأغنية بمفهومنا للمادة ( البنية) تتكون من عناصر الصّوت ،القصيدة ،الإيقاع ، اللّحن ..ألخ بإعتبار أن هذه العناصر هي أيضاً بِنيات لها تكوينها وكيانها أي نسقها الخاص قبل أن تتحد مع بعضها لتكوّن كلاً ذى صفة خاصة وقيمة أخري مؤدية دوراً أخر نطلق عليه (الأغنية) . الصوت vocal هو مادة نتاج مادة حيّة أو جماد ..ذبذبات ، موجات، نبرات ، صيحات...ألخ يمكن إرجاعه وتحليله إلي مكوناته عناصره الأساسيّة من خلال علم الفيزياء وغيرها . ما يهمنا هنا أنّ الصوت عنصر(خامة) ، بمعنى أنه كطبيعة فيزيائيه بيولوجية ( عند الإنسان وبقية الحيوانات الأخري) يمكن تطويعه وفق قدرات معيّنة ليؤدي وظيفة كما يتسم بالخصوصية كالبصمة اوالتوقيع بحيث يمكن تمييزه بمعرفة مصدره المادي . كما أوضحنا فيما سبق ،أن العنصر خارج البِنيّة ليس كداخلها . أعني أن الصوت داخل الأغنيّة تحور بطريقة ما عن صفاته ، ليخضع لصفات وظروف أخري تقتضيها إتحاده مع عناصر أخرى ، ذات طبيعة مختلفة عن طبيعته ، أي إتحاده مع الإيقاع ، الشّعر، الموسيقى، اللّحن ..ألخ . في إتحاده هنا يخضع لعمليّة مصيريّة صراعيّة جدليّة ، حيث يتحوّر ويحوِّر ، يؤثر ويتأثر ، ينتصر وينهزم ..ألخ في صراعه وتفاعله مع ذات العناصر ذات الطبيعة المختلفة منه ومختلفة فيما بينها . الصوت هنا حاكم ومحكوم بحركة الكلمات الشعريّة ، الإيقاع ، اللّحن ، الموسيقى ، فبمثل ما يفرض طبيعته يخضع هو أيضاً للعناصر الأخرى المكوِّنة للأغنيّة. نواصل ...... [email protected]