عفوا الإخوة اعتذر لغيابي عنكم لليومين الماضيين حيث إنني لم أتردد في تلبية الدعوة التي تلقيتها من اللجنة العليا لتأبين رحمة الله عليه بابكر ابشر بخيت احد رموز مدني اجتماعيا وثقافيا ورياضيا في يوم الأربعين من رحيله لهذا حرصت رغم ظروفي الصحية ألا أتخلف عن المشاركة في هذا اليوم رغم إنى لم تسعدني الظروف للتعرف به إلا ما اطلعت عليه عن سيرته الذاتية التي أرفقت مع الدعوة فرحمة الله عليه كما جاء في سيرته كان ناشطا في العديد من الأنشطة الثقافية والاجتماعية والرياضية لهذا أرجو المعذرة إذا لم أواصل اليوم ما تعرضت إليه في مقالتي الأخيرة حول تدنى مستوى حال المواطن عن ما كان عليه قبل اكتشاف البترول والذهب وعندما لم يكن يملك غير قطن مشروع الجزيرة ولعل هذا نفسه كان دافعا إضافيا لي لتلبية دعوة اللجنة العليا لازور ولاية الجزيرة, حقيقة ما لمسته من حضور مميز لأهل مدني ومشاركتهم في تأبين الفقيد رحمة الله عليه بابكر يؤكد عظمة هذا الرجل وأهل مدني من مختلف الأعمار من شيوخ وشباب من الجنسين وهم يتواجدون في التأبين بهذا الكم لهو اكبر شهادة على عظمة الفقيد ومكانته لدى أهل مدني خاصة وان للراحل مكتبة كانت ملتقى لكل أهل مدني ومنبرا لكل همومها وقضاياها. كما إن الراحل المقيم كان من مؤسسي نادي المريخ الذي فتح أبوابه لاستضافة تأبين هذا الرقم الذي كان من لاعبيه ومدربيه بالتعاون مع اللجنة العليا كما تبوأ العديد من المناصب في الاتحاد المحلى لكرة القدم في عصر مدني الذهبي. توجهت وبصحبتي الزميل الرقم ابوبكر عابدين المتخصص في التوثيق نحو مدني التي لم أتشرف بزيارتها لما يقرب ربع قرن من الزمان إلا إن الحسرة ظلت تلازمني طوال الطريق أن يصبح هذا حال ولاية كانت الأعظم في السودان وكانت القلب النابض لاقتصاده وزعامته السياسية والأكثر خضرة حيث انبثقت منها الدعوة لمؤتمر الخريجين 1938 من الراحل رحمة الله عليه احمد خير المحامى فلم اصدق إن بلد هذه الصحراء الجافة التي أعبرها هي ولاية الجزيرة بلد الخضرة والتي كانت عماد اقتصاد السودان كله تطعم وتعلم وتعالج كل شعب السودان. أما على مستوى الرياضة كما هو حال الثقافة والفن لم أكن اصدق أن هذه الولاية التي قدمت أفضل نجوم الكرة في العصر الذهبي سنطة وعمر النور وسانتو أخوان وحمورى أخوان وسامي وقلة وابوزعبل وحمد والديبة حاج عجيبة عقرت اليوم حيث تخلو اليوم من اسم أي نجم رياضي أما على صعيد الفن بلد ملك الموسيقى والطرب ابواللمين ورفاقه ابوعركى وعبالعزيز المبارك وغيرهم من المبدعين صعب على أن اصدق أنها أصابها الجفاف في كل المجالات التي كانت تبسط سيادتها فيها وصعب على أن أجد تفسيرا لما آلت إليه مدني التي كانت ندا قويا للخرطوم في كافة المجالات السياسية والثقافية والرياضية مدني التي انطلق منها مؤتمر الخريجين وأول مؤتمر رياضي تحت قيادة رمزها الأخ عبدالمنعم عبدالعال الذي جاء امتدادا لعمالقتها من الإداريين وعلى رأسهم رحمة الله عليه محمد كرار النور وهو المؤتمر الذي شكل نقلة نوعية وان شابتها بعض السوالب. كنت في غاية الإحباط شفقة على مدينة حملت كل هذا التاريخ أن يطويها النسيان اقتصاديا ورياضيا وفنيا وتغيب عنها تلك الخضرة التي كانت تزينها على طول الطريق بعد أن واد مشروع الجزيرة وأعدمت مؤسساته. ولكن جاء تأبين هذا الرمز بابكر أن يشهد بإذن الله بداية فجر جديد عندما التقت وتوحدت كلمة أهل مدني من مختلف توجهاتهم السياسة والرياضية فتعاهدوا في هذا اليوم للتوحد لإعادة تاريخ المدينة المعطاءة عبر التاريخ فيا أهل مدني انبذوا خلافاتكم ووحدوا صفوفكم فمدني ليست المدينة التي يطويها التاريخ وهذه أمانة في أعناقكم جميعا بلا استثناء. ولكم سعدت أن يشهد يوم التأبين نهائي بطولة الناشئين وما شهده اللقاء من جماهيرية ضخمة حسب التقرير وما شهده من مستوى فني مميز يؤكد إن مدني لا تزال غنية بالخامات مما يمكنها أن تعيد كتابة التاريخ في مجال الرياضة فمالها مدني حتى يصبح هذا حالها هل هي عين أصابتها أم إنها استهدفت بالخراب ويبقى بيد أهلها أن يعيدوا مجدها لأنهم قادرون على مواجهة التحديات لو توحدت كلمتهم فهم أصحاب علم وتاريخ ورصيد حافل بالخبرات فقط انبذوا الخلافات والصراعات آفة هذا الزمان لتكسب مدني الرهان ولتعود لصدارة الولايات كما كانت سياسيا ورياضيا وفنيا وثقافيا ولتعود الخضرة والنضارة لأرضها الخصبة أرضا وبشرا على ارفع المستويات من الكفاءات فمثل مدني والجزيرة لا يمكن أن يطويها التاريخ.