تلقيت أتصالاً هاتفياً صباح 20 يوليو 2015 وانا علي سرير المرض من علياء أبوهندي وهي من قادة الحركة النسوية الليبرالية بالمغرب، وعضو برلماني سابق مثيرة للجدل وواحدة من المدافعات بشراسة عن حقوق المراة بالمغرب والمراة الأفريقية في شرق افريقيا بصفة خاصة، ومضمون الاتصال أن البرلمان بالمملكة المغربية وافق أخيراً علي التوقيع علي أتفاقية القضاء علي جميع أشكال التمييز ضد المراة (سيداو)، وهذا يعني ان برلمان المغرب قد وجه صفعه قوية للمغالطات الأيدلوجية بشأن التوقيع علي اتفاقية القضاء علي جميع اشكال التمييز ضد المراة المعروفة اختصاراً بسيداو في المغرب بين التيارات الليبرالية والراديكالية الاسلامية، وكذلك لطمة كبيرة لها في الدول التي تدعي العروبة والاسلاموية في شمال وشرق أفريقيا واصر بان حقوق المراة الممنوحه لها وفقاً للقوانيين الحالية كافية وغير منقوصة، حيث أن موافقة برلمان المملكة المغربية وباغلبية كبيرة بعد سنوات من التحفظات والرفض والموافقة بالتوقيع علي الأتفاقية وعلي البرتكول الاضافي للعهد الدولي للحقوق المدنية، يمثل انتصاراً كبيراً للحركة النسوية الليبرالية بالمغرب وافريقيا شمال الصحراء، وللمنادين بمساواة المراة في المجتمعات العربية والافريقية بشمال افريقيا، وسقوط سحيق للايدلوجيات الفكرية المتطرفة تجاه المراة التي ظلت تركب موجه أتفاقية سيداو واقوم بمقاربتها بالاسلام والاديان الاخري، ولتتحسن لأوضاع المراة في دول شمال افريقيا يتطلب وقتاً طويلا ولكن هذا الانتصار الاخير يمثل دافعاً معنوياً كبيراً. لتقصير المسافة والوقت اللازم للتغيير تجاه اتفاقية سيداو، يجب أولاً أن تتبني برلمانات تلك الدول في شال افريقيا كالجزائر وتونس ومورتانيا ومالي والمغرب وتشاد والسودان، مبادارات المجتمع المدني ونشطاء حقوق الانسان كما فعل برلمان المغرب، للانضمام الي اتفاقية سيداو لتعزيز اوضاع المراة وحقوقها في هذة المجتمعات ذات التكوين الاجتماعي المصادم للتغيير فضلاً عن الحكومات المتسلطة، لكن يبدو أن للبرلمانيين والمسئولين ف حكومات هذة الدول التي تتحكم فيها التنظيمات الأسلامية والايدلوجية المتناحرة علي السلطة في الدول المضطربة ك (السودان وليبا ونشاد ومالي)، بعيدة عن مستويات التفكير في بعض الدول النظيرة لها في شرق وشمال افريقيا، وبالتالي بعيدة عن التفكير في سبل تعزيز الوعي بحقوق المراة وقضايا التنمية البشرية ونشر الوعي الذي يمثل الضمانة الأساسية لتحسن اوضاع حقوق الانسان وحقوق المراة والحقوق المدنية والسياسية وبالتي حدوث التنمية التي يرجون بها مايكات وسائل الاعلام. ويفاقم من هذة الاوضاع الانسانية والحقوقية السيئة ظهور موجات وحركات التطرف الايدلوجي وظهور تنظيمات أيدلوجية أسلامية متطرفة تستخدم قضايا المراة وموقفها من اتفاقية سيداو لمقاربتها مع الايدلوجيات الاسلامية كما في تنظيم الدولة الاسلامية في دولة الشام والعراق (داعش) التي تمددت في شمال افريقيا بمصر وليبيا، ومن قبلها جماعة بوكو حرام الاصولية المتشددة في نجيريا التي تستخدم النساء كجنود ومقاتلات لحمل قنابل موقوتة بدلاً عن حمل مشاعل التنوير والوعي، اضف الي ذلك الجماعة الاسلامية في الجزائر ومصر وليبيا بعد سقوط نظام بن علي وحسني مبارك وسيادة درجة من الديمقراطية والحرية في الممارسة البرلمانية والنقابية. في السودان صادف توقيع برلمان المغرب علي برتكول سيداو في يوليو أصدار محكمة ببحري في العاصمة الخرطوم ، حكماً بالجلد والغرامة علي 12 فتاة بقانون النظام العام سئ السمعة لارتدائهن ملابس قصيرة كما يفسرة القاضي وفقاً لقانون النظام العام ، والذي تطالب النساء والحركات النسوية الليبرالية والجماعات الحقوقية الحكومة السودانية بإلغاء هذا القانون وتعديل بعض القوانيين الاخري كالاحوال الشخصية والعمل، وحملن النساء والمدافعين عن حقوق المراة لافتتات كتب فيها عبارات مناهضة للقانون، وتصر الحكومة السودانية علي الإبقاء علي هذا القانون وتطبيقة بالرغم من الإهانة والأضرار النفسية والجسدية التي يخلفها تفيذ احكام القضاء بموجوب هذا القانون علي النساء والتي في الغالب تقتصر العقوبة علي الجلد والغرامة، فالسودان نتيجة لممارسات الحكومة السودانية منذ توقيع اتفاقية سيداو والي اليوم مازال في المرتبة الاخيرة لحقوق المراة في دول شرق وشمال افريقيا، ولا يتقدم عليها من الدول سوي جمهورية الصومال وارض الصومال. فمنذ وصول حكومة الجبهة الاسلامية في السلطة في العام 1989 ظلت نسبة مشاركة المراة في البرلمانات غير المنتخبة عن 7% ولم تزيد عن 15%من اعضاء البرلمان، وعرف عنهن تباريهن في ارتداء الملابس والخمارات والثياب الراقية ووضع المساحيق والزينه في الجلسات بصورة ملفته للصحافة ووسائل الاعلام ، وبالرغم من وجودهن في البرلمان لم يكن يوماً نصيرات لقضايا النساء السودانيات في الهامش او الوسط، ولم يساندن الحركة النسوية السودانية المطالبة بالمساواة في الحقوق المدنية والسياسية والتمثيل في بعض الوظائف المقصورة علي الذكور، وسمحن بتمرير قوانيين وأتفاقيات مثيرة للجدل ومحط من قدر المراة عند تطبيقها مثل قانون الامن الوطني وقانون الأحوال الشخصية وقانون النظام العام والمناهج التربوية والميزانيات السنوية للدولة والمنح والقروض والأتفاقيات الدولية للمشروعات الكبري والاستثمارات الخارجية، وكذلك ساهمن ولعبن دور كبير في وضع تمرير التعديلات الدستورية الاخيرة في السودان التي مددت للرئيس عمر البشير فترة حكم جديدة لخمس سنوات. حالة الغباش للبرلمانيات السودانيات بعد العام 1989 جعلتهن لا يستطعن التمييز بين كونهن نساء برلمانيات ونساء زوجات الرجال الحاكمين وعشيقات لفتوات التنظيم الحاكم في السودان، ولم يميزن الكيفية التي يمكن أن يسدين خدمة جليلة لإخواتهن من السودانيات في ظل قمع وتسلط أزواجهن الماسكين بقبضة الحكم، ومارسن دور السيطرة الزكورية والوصاية الابويه بنفس الطريقة المتخلفة التي تمارس من قبل التنظيمات الاسلامية الراديكالية والايدولوجيات المناهضة لأعطاء النساء حقوق موازية للرجال، فوقفن بعنف وناهضن تقارير أوضاع حقوق الانسان والمراه من قبل المبعوثين الدوللين والمقررين والخبراء الدوليين التابعيين لمجلس حقوق الانسان، وفضل بعض البرلمانيات الاستفادة من الوضع المميز كزوجات للرجال الحكم والوزاء لتعزيز أوضاعهن بصفة شخصية داخل الدولة وجهازها التنفيذي وصنع القرار بعد فراغ صفة أخوات نسيبة ( الأرامل من زوجات الشهداء) من مضمونة وفقدانه لبريقه والحظوة التي كانت توثرن بها. من فشلن من نساء البرلمانيات وأنقطع عنهن طمس حظوة أخوات نسيبة فضلن الإنطواء وتملك وادارة جمعيات ومنظمات خيرية ومدنية وأهلية حظيت بمليارات الجنيهات من الدعم والتمويل من الخزينة العامة والامتيازات الاخري، وفشلن ايضاً في ادارة هذة المنظمات والجمعيات التي كونت غالبيتها تحت أهداف لخدمة المراة ومناصرة قضاياها ومحاربة الفقر وتمكين المراة الريفية، وبدلاً عن ذلك إنشرت اخبار فساد البرلمانيات ونساء الوزراء وكبار ضباط الجيش علي مجالس المجتمع، ولم تسهم هذة الجمعيات التي تراسن البرلمانيات غالبيتها في تعزيز أوضاع المراة المعيشية كما فعلن النساء في بعض دول شمال افريقيا مثل المغرب، ومع وجود مثل هولاء النوع من البرلمانيات (لا بطقعن ولا بجين الحجار) ستظل المراة السودانية التي تناضل انابه عنها الجماعات النسوية والحقوقية بعيدة كل البعد عن قطف ثمار اتفاقية سيداو وتبؤ اوضاع مميزة في الرقي والسلم الاجتماعي بصورة جماعية وليس عن طريق اجتهاد فردي، والكارثة الكبري هو وجود جماعة اسلامية حاكمة (الحركة الاسلامية) تغذي العنف وتبت حرية التنظيم المدني للتنوير بالحقوق ليتمكن المجتمع من الاستنارة واتخاذ قرارات صائبة بخصوص الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان والحركة العالمية لتعزيز وجود المراة في المجتمع. [email protected]