خبر مختلف، نادر الحدوث، أو لم يحدث من قبل، وإن صح فهذا تحوّل يبدأ من ولاية نهر النيل، أوردت بعض الصحف نقلاً عن المركز السوداني للخدمات الصحفية، أن أجهزة الرقابة والضبط المالي بولاية نهر النيل، تمكنت من استرداد 93% من جملة المال المعتدى عليه (37.046.4) جنيها، ذلك منذ سبتمبر 2013م حتى أغسطس 2014م.. المراجع العام قدر حجم الاعتداء على المال العام في ذات الولاية ب 63 مليار جنيه و 744 ألف ريال سعودي و 117 ألف دولار، اعتداء بالعُملة الوطنية والأجنبية.. أرقام الاعتداء لم تعد مثيرة للاهتمام، لكن المثير حقاً أن تتمكن أجهزة رقابة ولاية نهر النيل من استرداد 93% من حجم المال المعتدى عليه خلال سنة مالية، وإن قلت القيمة الكبيرة للحجم المعتدى عليه. أخبار الأمس كذلك تتحدث عن "عزم" وزارة العدل تشكيل لجنة لمناقشة قانون الثراء الحرام.. نواب البرلمان الحالي لم يجدوا مصوغاً قانونياً لحذف أو تعديل مادة "التحلل" المثيرة للجدل والموجودة ضمن مواد قانون الثراء الحرام.. شهر يونيو 2014م أجاز البرلمان اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد للعام 2012م.. أبريل 2014م وافق البرلمان بالإجماع على مراجعة القوانين المتصلة بالمال العام، قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه، القانون الجنائي، قانون غسيل الأموال، الجمارك والشركات وقانون المراجعة القومي ذاته. مفوضية مكافحة الفساد أُنشئت عام 2011م ولم تٌنجز قضية واحدة إلى أن تم حلها، تلاها قبل أسابيع إعلان هيئة للشفافية ومكافحة الفساد يجري العمل لإنشائها حالياً، وحديث كثيف يدور حول قضية رفع الحصانات، وكل ذلك لا يبرح مكانه. العلة الكبرى ليست في القوانين، لدينا من القوانين ما يُحقق الحد الأدنى من ضبط المال العام أو حفظه ولو فُعّلت مواد القانون على أكمل وجه قد لا نضطر إلى كل هذه الثورة العدلية التي لا تُفضي إلى إلى المزيد من تبديد الوقت وتهوين قضايا المال العام رويداً رويداً. تجربة نهر النيل في استرداد 93% من المال المعتدى عليه خلال سنة مالية وإن اختلفت القيمة المعتدى عليها يبقى أن هناك فعلاً حقيقياً حدث دون الحاجة إلى ثورة في تعديل مواد القوانين أو إضافة أو حذف. قضايا المال العام ظلت ومنذ أن بدأت تتدفق إلى الصحافة مجرد "ونسة" ولم تعد ذات قيمة، لدرجة أن خبر اعتداء كبير من موظف صغير لم يعد يدعو إلى التوقف وكأن الشارع تكيّف مع هذه الوضعية.. المطلوب ليس ثورة في القوانين والمزيد من المواد المحكمة والمضبطة، المطلوب ثورة ضمير تدعو هذه القلوب الميتة للاستيقاظ. التيار