بسم الله الرحمن الرحيم ب/ نبيل حامد حسن بشير جامعة الجزيرة 18/8/2015م الآن بعد أن وضحنا في المقال الأول أسس التعامل في الجامعات السودانية اداريا وأكاديميا وتربويا، وركزنا علي طرق تصحيح الامتحانات وتوزيع التقديرات بما في ذلك الرسوب، ننتقل الآن الي النقطة الثانية التي أثارها صاحب موضوع صحيفة الون، وهو أشار فيها الي (تحرش) عميد كلية علوم الاتصال التابعة لإحدى الجامعات، بطالبة لجأت اليه حتى يحل لها مشكلة تتعلق برسوبها في مادة ما، وخوفها أن يعلم والدها بالرسوب ويمنعها من مواصلة الدراسة. ما كان من السيد العميد الا أن يتصل بها تليفونيا، بعد أخذ الرقم منها، ويدعوها لمنزله حتى يحل لها مشكلتها أن كانت تريد حلا!!!! فهمتوا حاجة!!! (التحرش) بالنساء، متزوجات أو غير ذلك، اصبح ظاهرة شائعة في السودان، بل بكل الدول متقدمة أو متخلفة. نجده في الشارع وفي مكاتب الحكومة والقطاع الخاص والأماكن العامة والمواصلات والمدارس والجامعات والمستشفيات ..الخ. التحرش أيضا طال (الأطفال) من ذكور واناث وأصبح الآباء والأمهات في حالة خوف دائم وذعر علي أطفالهم، والصحف السودانية تعج بالأمثلة بما في ذلك شيوخ فوق الثمانين من العمر. لا أعرف هل هي فحولة زائدة؟ أم بهيمية؟ أم انعدام الوازع الديني والضمير؟ التحرش قد يكون علنا أو بطريقة غير مباشرة أو (مد القرعة) عديل كده!! هذا التحرش أصبح علي كل المستويات من أعلاها الي أدناها ، ومن كبار المسؤولين و المثقفين والجهلاء أو الأميين علي وجه سواء. أكاد أجزم بأنه لا توجد فتاة لم تتعرض لظاهرة التحرش أو علي الأقل (المشاغلة/ المعاكسة) في الشارع أو مكان العمل أو المدرسة أو الجامعة. بل يقول البعض ان البنت ان لم تتعرض للمشاغلة تكون في حالة شك في انوثتها!!!أي أنها ناقصة الانوثة وغير جذابة!! يعني عملية رفع معنويات وكده. لكن أن يصل الأمر الي أن يتحرش أستاذ جامعي أو رئيس قسم أو عميد..الخ بطالبته، فهذا أمر يستدعي أن نراجع مواقفنا كمجتمع. فالأستاذ الجامعي في الأساس هو (تربوي) يقوم بإعداد الشباب والشابات لمستقبلتنتظره الأمة والأسرة. و(مؤتمن) من قبل الدولة والأسرة عليهم. يا ترى كيف سينظر المتحرش به أو بها لهذا الأستاذ في ما بعد. كيف يتحول من تربوي الي بهيمة من البهائم أو وحش مفترس، منتهك لأعراض من ائتمنوه علي فلذات أكبادهم؟ وكيف ينظر هو الي نفسه أن استطاع أن يظفر بما خطط له؟ هل يستمر في الاعتقاد بأنه تربوي ومؤتمن وأمين ورجل محترم أمام نفسه قبل الآخرين؟ . هل يقبل أن يحدث هذا لابنته أو زوجته؟ أو هل سيتحمل نتيجة أن تعلم اسرته بما فعل مع طالبته التي هي في مقام ابنته؟ وماذا يحدث ان قامت الفتاة بعدها بإطلاق لسانها داخل مجتمع الجامعة وخارجه؟ كيف يستطيع أن يتعامل مع بناته وأولاده وزوجته وبقية الطلاب والطالبات ، ،وجيرانه وزملائه..الخ. مثل هذا الأستاذ المزيف والمخادع لنفسه و(المريض نفسيا)، بهيمي التفكير يجب أن يستأصل من المجتمع. فهو ضل طريقه الي مهنة لا يرقي الي متطلباتها ولا يستحقها. فصله من الجامعة لا يكفي، جلده لا يكفي، تغريمه لا يكفي ،وسجنه لا يكفي. بل يستحق (النفي) وبمكان مهجور كالصحراء دون ماء أو غذاء أو حتى شخص آخر يبادله الحديث. من الواضح أن هذا العميد قد لعب برأسه (الخفيف) الشيطان عندما وجد نفسه منفردا بها، وحاول استغلال ضعفها وعدم وجود أسرته بالمنزل، ان كان لديه أسرة، أو يستحق أن تكون له أسرة. الطالبة المسكينة لم تفهم معني تعابير وجه سكرتيرته التي دعتها للدخول اليه وبابتسامة صفراء نظرا لقلة خبرتها. لكن من الواضح أن السكرتيرة كانت علي دراية واسعة بما يدور بهذا المكتب، قد يكون معها ومع غيرها (سوابق يعني). نعرف الكثير عما يحدث بجهات أخرى كثيرة بخلاف الجامعات. لكن لن نقبل أن يحدث هذا بالجامعات ولطالبات العلم، واستغلال ضعفهن الاكاديمي أو المادي أو حتي الأخلاقي. بمعنى أننا لا يجب أن نستغل طالباتنا ان كن ضعيفات الدين والخلق والتربية حفاظا علي قدسية ومكانة الصروح العلمية والمهنة التي كادت أن تجعل صاحبها رسولا. نحن التحقنا بهذه المهنة منذ العام 1977م وعدنا من البعثات 1982م وكانت الجامعة في بداياتها وقمنا بتدريس الدفعة الأولي ونحن الآن علي أعتاب تخريج الدفعة 33. سمعنا الكثير ورأينا الكثير من الأساتذة والطلاب والطالبات. لكن لم تظهر هذه الظواهر الا بعد ثورة التعليم العالي التي أتت للجامعات بكل من يحمل درجة الماجستير أو الدكتوراه من (المصالح غير الأكاديمية) ليصبح أستاذا جامعيا. وهذا خطأ فادح لم يضعوه في الحسبان.فالأستاذ الجامعي يتم اختياره بأسس تختلف عن أي موظف آخر، ويتم اعداه بطريقة تساعده علي ذلك. عندما تم اختيارنا للالتحاق كأعضاء هيئة تدريس بجامعة الجزيرة، لم يكن الاختيار نتيجة الشهادات العلمية فقط. فقد كان المرحوم بروفيسر/ محمد عبيد مبارك، المدير الأول الفعلي للجامعة ومؤسسها، كان حريصا جدا لمعرفة (كل شيء) عن من سيستوعب ويرسل الي البعثة ليصبح لائقا للتدريس بجامعته. فكان يسأل عن الأسرة وطريقة التربية والحي والقبيلة، ومستوي الأسرة المادي، وترتيب المتقدم بين أخوته هل هو الأكبر أم الأصغر أم في منطقة الوسط، وعدد أفراد الأسرة،....ألخ. يعني بصراحة أراد تعيين كما كان يقول لنا (أولاد ناس محترمين) يقدرون العلم والجامعة و مجال عملهم، ويحترمون الجميع ويحترمهم الجميع. طوال 13 عام من قيام الجامعة لم نسمع بمثل هذه الحالات. بل في احدي المرات قام أحد الأساتذة بسؤال طالبته ببرنامج الدراسات العليا ان كانت تقبل أن تتزوجه، وهو متزوج من أخرى، تسبب هذا في تقديمه لمجلس محاسبة، غادر بعده الجامعة ولم يعود اليها حتى الآن. أغلب الأساتذة الذين تم ضمهم للجامعات، خاصة القديمة منها، فقد كان الغرض من ضمهم أن يقوموا(بعمل أمني) لتأمين حكومة الانقاذ (القوي الأمين)، وجاءوا من مصالح حكومية مشبعة (بأمراض) الخدمة المدنية، بما في ذلك التحرش والرشوة والفساد والايقاع بين الزملاء والحسد والغيرة، وكلها لم تكن معروفة بالأوساط الأكاديمية من قبل، وغير مقبولة. لم يستطع أغلبهم الاستمرار في كادر التدريس، فمنهم من ترك الجامعة وعاد الي مصلحته الأولي ومنهم من تحول الي كادر اداري. نقول لأسر الطالبات ان النفس أمارة بالسوء. وأن العديد من الطالبات لا يلتزمن بالملابس الساترة والمحتشمة، بل يتعمدن ابراز مفاتنهن (بحثا عن العريس) مما يساعد ويشجع علي التحرش بهن. فمن أين يأتين بهذه الأزياء؟ ومن يدفع ثمنها؟ بالتأكيد أنهن يأتين الي منزل الأسرة في العطلات الاسبوعية والمناسبات، فلماذا لا تراقبوا طريقة لبسهن حماية لهن أولا، ولسمعة الأسرة والعائلة ككل ثانيا. فان هن سلمن من التحرش من شواذ الأساتذة، فماذا عن الآخرين، بما في ذلك زملائهن من الطلاب وهم في قمة مراحل مراهقتهم؟ ماذا عن خروجهن للأسواق أو المتنزهات وغيرها. فكما أن هنالك أساتذة شواذ يتحرشون بالطالبات، فهنالك طالبات يستغلن هذا الأمر و(يتحرشن بالأساتذة). والقصص هنا أكثر من تحرش أساتذتهن بهن. بل أن بعضهن يعرضن أنفسهن للزواج من الأستاذ رغما عن فارق السن الكبير جدا بينهما، وان رفض قمن باشانة سمعته واتهامه بأنه يحبها ويعاكسها ويهتم بها دون الأخريات، وقد عرض عليها الزواج ولكنها اعتذرت بلطف أو زجرته..الخ من الأساليب التي تحافظ به علي كرامتها المهدرة. عليه، ما هو الحل؟ 1) العودة الي التدقيق في اختيارالأستاذ الجامعي، آخذين في الاعتبار الدرجة العلمية والأخلاقيات والنشأة السليمة وتقارير أساتذته أثناء دراسته الجامعية. 2) الزام الفتيات باللبس المحتشم. 3) تشديد القوانين المحاسبية لكل من الأساتذة والطلاب والطالبات. 4) لحماية الطالبات يجب أن تصطحب معها مشرفها الأكاديمي أو ولي أمرها أو زميلتها عند مقابلة أستاذ تشك في تصرفه لسبب أو لآخر. 5) علي عمادة الطلاب لعب دور هام في التوعية للطالبات والأساتذة والطلاب مما يحمي الفئات الضعيفة داخل مجتمع الجامعة، مع توفير مشرفات نفسيات واجتماعيات لحل مشاكل الطالبات وتوفير النصح لهن ، بل حمايتهن من أنفسهن ومن الغواية والتحرش وتبني الدفاع عنهن، علما بأن نسبة الاناث بالجامعات الآن قد تفوق نسبة الذكور، بل يتفوقن عليهم أكاديميا. ليس أمامنا الا أن نقول اللهم نسألك اللطف (آمين). ملحوظة هامة: الغاء وزارة البيئة بولاية الجزيرة، وتشتيت كوادرها بين وزارات لا علاقة لها بتخصصاتهم، ستدرك الولاية آثاره قريبا.