الفساد ونهب المال العام في زمن السدنة والتنابلة صار يسمي(عضّة)،رغم أن هذه الكلمة في القاموس الشعبي السوداني تعني (شية الجمر)بعد مغيب الشمس،بتوابعها وتداعياتها. جاء زمن علي بعض التنابلة،قالوا فيه أن زمن العضة قد ولي،باعتبار الكم الهائل من الأموال العامة التي نهبت علي مدار 26 عاماً،بما فيها أموال البترول والذهب والكروم،وحاولوا إيهام الناس بأن أورنيك 15 الإلكتروني،هو الذي سيقطع دابر الفساد في بلادنا،وهم يعرفون أن الكمبيوتر لا يتكلم،فالأورنيك يطلع من الكمبيوتر،والقروش يضعها الفاسدون في الخزائن الخاصة وليس العامة،ويدور مسلسل الفساد،ونسمع عن الأرانيك الإلكترونية المزورة،وهكذا فالفساد مؤسسة تحت الحماية الرسمية،طالما أن فساد الكبار ليس عليه(غبار). وللعضة أشكال وألوان،ومنها العضة في شكل الصرف الصحي،ومعناها نهب القرض التركي،عن طريق(تكسير)الزلط،وتجريفه،لوضع أنبوب الصرف الصحي المزعوم،والزلط المكسور تعادل قيمته المليارات،وكان ممكناً وضع الأنبوب بمحازاة الزلط بالخرطوم بحري،ولكن تكسير الزلط يعني إعادة السفلتة والردميات،والميزانية المفتوحة بالجنيه والدولارت،ويعني بناء العمارات وتأسيس الشركات،والعضة جات أملوا الباقات. وهنالك عضة في شكل ست شاي،يطاردونها كل يوم،ويأخذون منها 100 جنيه عبارة عن عضة في شكل غرامة،ثم ترجع (العدة)لتأخذها الكشة غداً،لتدفع مرة أخري 100 جنيه إن كانت ست الشاي سودانية،و 200 جنيه إن كانت إثيوبية،والعضة بالألوان الطبيعية. والعضة في المكاتب الحكومية نجدها في الحوافز اليومية،حافز لجنة،حافز مدير،حافز غفير،حافز لبن الطير في الباقير،وبخلاف الحوافز،فهنالك(عضة)المشتروات،والدلالات،حيث الفواتير المضروبة،والاتفاقات تحت الراكوبة،وعجوبة الخربت سوبا. وطالما كان زمن العضة سائداً،فإن المال العام في قبضة الحرامية،لحين إشعار آخر،بما يعني الإنتفاضة القادمة التي ستكنس،العضّة والمعضوض،وآكلي القروض،ولو كان القرض التركي المخصص للصرف الصحي المزعوم. أما كيف دخلت العضة إلي بلادنا،فهي قصة التمكين،وحكاية الولاء قبل الكفاءة،وفصل الشرفاء،وتعيين الحرامية،وبناء الإمبراطوريات المالية من مال الشعب،والحكم بالحديد والنار،وقهر الشعب بناء علي تفويض إلهي مزعوم. كتب البعض عن قصة الولد السوداني (أحمد) والساعة التي رنت في مدرسة أمريكية فظنوها قنبلة،فقيدوه بالكلابشات،وحققوا معه،لكنهم لم يقارنوا بين التحقيق هنا،والتحقيق هناك،فأحمد لم يعذب حتي الموت مثل شهيدنا علي فضل،ولم يساء كما أسيئت البنات،ولم يجلد بالسوط كحالة(قدو قدو)،ولأن القانون يطال الكادح والفقير في بلادنا،ويصمت عن السادن والمقتدر،تطارد ست الشاي،وبائع التبش،كأن الكفتيرة قنبلة،ويتحلل السدنة من المال العام في المحاكم،ولا أحد يدري هل تم إرجاع المال المنهوب المتحلل منه،أم ان المحاكم نفسها هي مسرحيات هزلية. أما العضة السودانية،الأصلية،وهي الشيّة،فقد صارت أثراً بعد عين،نظراً لسعر اللحمة المبالغ فيه،والذي هو فوق طاقة العمال والمزارعين،فحلت(المرقة)محل اللحمة،ودخلت(العضة)متحف السودان القومي،وغني المغني(يا عزة قومي). [email protected]