ما ان تتاح الفرصة لاحد ابناء الجنوب ليتحدث بشمال السودان الا وكلمنا عن خطا انفصال الجنوب حتى احترنا واحتار دليلنا في من الذي قام بإطفاء النور او قام بفصل الجنوب ؟؟ بل هذه الاسطوانة سمعناها من الرئيس البشير في ابريل من العام الفائت حينما قال تلقيت طلبات من الجنوبيين مطالبين فيها بالوحدة وان لم يسمي الجهات التي طالبت بالوحدة ، ولكن قطبي المهدي ذكر ان جماعة مشار هي من طالبت بالوحدة ، وفي الوقت نفسه نفت حكومة الجنوب تلك المطالب ، مبينة انها مجرد احلام تراود حكومة البشير . وامس بروفيسور بيتر ادوك وزير التعليم الاسبق في السودان والسابق بدولة جنوب السودان ﺧﻼﻝ ﻣﺨﺎﻃﺒﺘﻪ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺒﺪﻳﻠﺔ ﻟﻔﺾ ﺍﻟﻨﺰﺍﻋﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﺟﻨﻮﺏ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻈﻤﺘﻪ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺤﺮﻱ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﻠﺘﻌﺎﻭﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﻭﺟﺎﻣﻌﺔ ﺟﻮﺭﺝ ﻣﺎﺳﻮﻥ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﻣﺮﻛﺰ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺟﻮﺑﺎ ﺑﻘﺎﻋﺔ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ، فبيتر في حديثه سار على ذات وتيرة المناحات السابقة التي تقول بخطأ انفصال الجنوب ، وكان هذا الانفصال لم يكن بإرادة شعب الجنوب ، وان ذات القيادات التي تتأسف على الانفصال هي من صوتت للانفصال جهراً . حيث ذكر بيتر ادوك سببين ﺭﺋﻴﺴﻴﻴﻦ ﻻﻧﻔﺼﺎﻝ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﺣﺴﺐ ﻭﺻﻔﻪ . ﺍﻷﻭﻝ ﺣﺪﺙ (ﻗﺪﺭﻱ) ﺗﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻭﻓﺎﺓ ﺟﻮﻥ ﻗﺮﻧﻖ ﻭﺻﻌﻮﺩ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭﺗﺴﻠﻤﻬﺎ ﻣﻘﺎﻟﻴﺪ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺗﻔﺸﻲ ﺍﻟﻨﺰﻋﺔ ﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻟﻴﺔ ﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺧﺎﻃﺊ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﻮﺍﻃﻨﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺘﻪ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﺑﻨﺴﺒﺔ %98 ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻝ . ﻭﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺼﻮﺹ "ﻭﻟﻘﺪ ﺛﺒﺖ عدم صحة ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺰﻋﺔ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﻋﻮﺩﺓ ﻣﺌﺎﺕ ﺍﻵﻻﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﻴﻦ ﺇﻟﻲ ﺷﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻱ ".. وان كان حديث بيتر فيه جزء من الحقيقة لكنه لم يقل الحقيقة كاملة ، فهل وحدة السودان كانت مرتبطة ببقاء جون قرنق او موته ، وهل كان مشروع السودان الجديد احلام رجل وليس فكر ومشروع شعب ؟؟ . ان بيتر بحديثه هذا يعترف وينعي وبصوت جهور مشروع السودان الجديد الذي ظلت تبشرنا به الحركة الشعبية من 1983 ، وان معاناة وتشريد الجنوبيين سقطت بسقوط طائرة جون قرنق . وبيتر في ذكره للسبب الثاني بتفشي النزعة الانفصالية لم يكن واضحا فلم يقل لنا لماذا تفشت تلك النزعة الانفصالية بهذه الصورة ؟ فباقان بعد توقيع اتفاقية نيفاشا قالها بوضوح لصحيفة (الراي الكويتية ) سأصوت للوحدة ولن اصوت للانفصال و لسنا مع مبدأ الانفصال ابدا، لكن ندعمه إذا لم تتوفر شروط الوحدة والعدالة والمساواة بين أبناء البلد الواحد، و(قيام) مجتمع ديموقراطي . بيتر في حديثه عن خطا الانفصال تحدث عن هجرة الجنوبيين الى السودان كدليل على خطا الانفصال ونسي بيتر ان السوريين والاريتيريين حينما اشتدت عليهم الحرب جاءوا الى دولة السودان فهل هذا دليل وحدة . بل ان بعض السودانيين حينما اشتدت الحرب في دارفور هاجروا الى اسرائيل فهل هذا دليل وحدة بين السودان واسرائيل ؟؟؟ على قادتنا في الدولتين ترك الحديث عن احلام الوحدة الان فلقد جربنا الوحدة وفشلنا في التمتع بها او المحافظة عليها فدعونا نجرب الانفصال . وعسى ان تكرهوا شئيا وهو خيرا لكم . دعونا نعمل على ايجاد مصالح مشتركة فقط ، ولا تحدثونا عن اشواق الوحدة . من المبكيات المضحكات في قضية الانفصال ان حكومة السودان كونت لجان لدعم الوحدة وان نتيجة الانفصال تجاوزت 98% ، وتلك اللجان لم تتحفنا بتقرير واحد عن ادائها وان كانت نتيجة الاستفتاء تعكس اداء تلك اللجان بوضوح ، ولكن تلك اللجان لم تقل لنا لماذا تفشت النزعة الانفصالية وما هي اسبابها ؟ وكانت بعض مراكز الدراسات بالسودان قد قامت ابان الفترة الانتقالية أي قبل الانفصال بعمل دراسات حول اتجاهات الراي العام الجنوبي نحو الوحدة والانفصال ، ولكن تلك المراكز لم تقم بنشر تلك الدراسات للراي العام السوداني ، حتى يتعرف على الاسباب الحقيقية التي ادت الى تنامي النزعة الانفصالية او كما قال بيتر امس . بل ان احدى تلك الدراسات لاحد تلك المراكز ذكرت في قياسها للراي العام الجنوبي ان 57% من سكان الجنوب مع الوحدة . ونتيجة تلك الدراسة هذه تذكرني بتقارير الولاة لدى الحكومة المركزية (كله تمام) فلا يمكن لنا ان نحلم بوحدة قادمة ما لم نعرف لماذا تفشت النزعة الانفصالية هذه. فندم الجنوبيون على الانفصال ليس سببا كافيا لنحلم بوحدة قادمة . والى ان تزول كل الاسباب التي ادت الى تفشي النزعة الانفصالية ، دعونا من دغدغة المشاعر وترديد مواويل الوحدة . [email protected]