قامت جامعة امدرمان الاهلية علي فكرة مثالية تتوافق مع روح وفكر مؤسسها ورؤيته لمسار التعليم العالي في البلاد ومستقبل أبناءها. التعليم العالي في السودان عند قيام الجامعة الاهلية كان لا يستوعب كل الطلاب الناجحين في البلاد،فكل السودان توجد فيه اربعه جامعات فقط تستوعب عدد محدود جدا من الطلاب وبعض المحظوظيين يستوعبوا في البعثات الخارجيه ومنح المعسكر الاشتراكي.وعلي الرغم من ذلك كان هناك عشرات الالاف من حملة الشهادة السودانية ممن لا يجدون فرصة في التعليم العالي. نبعت الفكرة ولها جذورها في تجربة التعليم الاهلي في السودان الذي بدأ بالمدارس الاهلية في عهد الاستعمار البريطاني،ورغم كبر وعظم الفكرة واتساع المسافة ما بين الجامعة والمدرسة إلا أن صاحبها لم يستصعبها بل ألحق فكرته بالعمل عليها وأصبحت واقعا بالاصراروالعمل ،جامعة ما بين الاكاديمين واهل المال والقادة المجتمعيين،فكرة أن تقوم جامعة اهلية تستوعب بعض من الفاقد التربوي في البلد يسهم الخيرين في تاسيسها مع استيعاب الطلاب برسوم مدفوعه تعمل علي تسيير دولاب العمل، والعمل علي تنمية موارد ذاتية للجامعة بحيث تصبح الجامعة مجانية في مستقبلها كما كانت الفكرة الاساسية التي لم تحقق حتى اللحظة. بدأت الجامعة ونمت وكانت تعداد الطلاب المقبولين في اذدياد حتى تحولت الي مبانيها الحالية في حمد النيل صعوبات التاسيس ومراحله المختلفة نحن غير معنيين بها هنا فالاحري بمن بقوا احياء ان يكتبوا عنها . الجامعة كان في ذهن مؤسسها بان تكون مؤسسة ليس معنية فقط باعداد المقبولين بل تعكس تنوع البلد في تركيبة طلابها وتحكمها وتديرها مجالس ديمقراطية تعبر عن روح ديمقراطية التعليم وفكر حامليه، لذا نمت جامعة من دون سيد ،يملكها كل من انتسب اليها وساهم في تأسيسها. عاق تطور الجامعة كما كان مخطط لها شئ اساسي وهو حدوث انقلاب 30 يونيو والتغيير الذي فرضه علي مجمل مناحي الحياة خصوصا الديمقراطية وما كانت تتيحهه من امكانيات للحركة تسمح لتطور دون تدخلات سلطوية في الجامعة وهو ماحدث خصوصا مع طبيعة النظام ورؤيته للتعليم العدائية القائمة علي اسلمته، عامل ثاني هو وفاة مؤسسها بكل ما يحمله من وزن اكاديمي وفكري واجتماعي عوامل للكارزما الشخصية التي كانت كثيرا ما تحل المصاعب التي تواجهة الجامعة. سياسات النظام ووفاة المؤسس احدثا خلل في مسار تطور الجامعة لكن العله الاساسية هي النظام واستهدافه للجامعة ومعلوم استهداف النظام للجامعات كاستهدافه لكافة مؤسسات القطاع العام ونقاباتها، فكانت خصصة التعليم وتغيير مناهجه وأدرات مؤسساته يشكل حجر زاوية في برنامج الجبهة الاسلامية ورؤيتها للتغيير المجتمعي .فكان الغاء السكن والاعاشة والغاء الخدمات هو مدخل الخصصة في التعليم العالي وما تبعه من سياسات وكانت المفارقة التاريخية بانه في خلال فترة التمكين والحروب الجهادية والتصفية للمعارضيين من الاكاديميين والاداريين في الجامعات كانت الاهلية تتمتع باستقلاليتها وتغرد خارج السرب،تستوعب مفصولي الصالح العام وبها أتحاد طلابي معارض تسيطر عليله القوي المعارضة ولها مواردها المالية المستقلة التي تتيح لها الاستمرارية دونما الحوجة للدعم الحكومي،فكان لابد من ما ليس منه بد فلا يتأتي مع طبيعة النظام وتفكير قائميه ان يكون امرآ كهذا قائمآ لا سياسيا ولا اقتصاديا وهذه تفتح شهية كل اللصوص فالجامعة خاصة وليست مملوكه لأحد وغايتها ليست ربحية فهي اذا ترحب بكل قراصنة المال والسياسة. كيما يتسني للسلطة التدخل في الجامعة كان لابد من مسوغات قانونية وسياسية وكان هذا صعبا وقتها للاستقرار الاكاديمي للجامعة وتميزه وقتها واداريا لم تطفح مشكلات ادارية تتيح للتعليم العالي التدخل واهليتها ايضا لاتسمح للحكومة بالفصل والتعيين.أتت الفرصة عند ترفيع الجامعة من كلية الي جامعة حيث يستدعي ذلك تعديل القانون وأجازته من المجلس الوطني وموافقة رئاسة الجمهورية. وتم ذلك عن طريق أجازة القانون وتضمينه فقرة باحقية وزير التعليم العالي بتعيين اول مجلس للامناء بعد أجازة القانون فكان المجلس الستيني الذي أتي وبه ثلاثين عضوا من القدامي وثلاثين جدد أتي بهم الوزير كان يصاحب ذلك هجوم أعلامي عنيف من قبل السلطة علي الجامعة باعتبارها تمثل قلعة للمعارضة العلمانية في دولة المشروع الحضاري ويذكر الجميع وقتها يونس محمود في خطابه الصباحي بالاذاعه وهو يصرخ شاكيا بضرورة استئصال الشيطان القابع في حمدالنيل.زعزعت السلطة عبر تنظيمها الطلابي الاستقرار الاكاديمي للجامعة بعنفها غير المسبوق وقتها وحرق مكاتب الادارة-المدير-والموسم الثقافي الذي يعد اكبر تظاهرة ثقافية في الجامعات.العنف الطلابي في حد ذاته يعتبر اداة رئيسية في استراتيجة النظام بشكل عام واستخدامه في الجامعه يخدم عدة اغراض في وقت واحد،زعزعة الاستقرار الاكاديمي تعني التدخل الامني المباشر وتدخل الوزارة وفرضها لقرارات تمرر عبر مجلس الامناء ومن ثم عزل الطلاب سياسيا ونقابيا الامر الذي انتهي بتجميد الاتحاد، كل ذلك لاضعاف حركة الطلاب في تنظيماتهم السياسية وانعكاس ذللك علي مجمل النشاط الثقافي والاجتماعي للجامعة ما يساعد تنظيمهم علي النمو في بيئة تقوم علي الارهاب والعنف اللامحدود.قاومت حركة الطلاب والاساتذة والعامليين بالجامعه ما استطاعوا للحد من أثر سياسات النظام علي الجامعة علي الرغم من فقدان الجامعه لواحد من اهم ابنيتها وهو أتحاد طلابها. هذه الحالة الصراعية كان نتاجها أن استفاد منها تحالف اللصوص والانتهازيين وسدنة النظام،فالفساد والتردي الاداري ليس بجديد في الجامعه ولكن كان في كثير من الاحيان يتم التغاضي عن التجاوزات خصوصا لمجلس الامناء تحت دواعي استهداف السلطة للجامعه والمحافظة عليها وحمايتها،رمزية الجامعة وقتها ومكانتها وسط الشارع السوداني كمنبر للمقاومة ضد النظام اضافة للاعداد الكبيرة من الطلاب المقبوليين خصوصا كان بها اكبر تجمع للطلاب المقبوليين من الجنوب ودارفور عوامل من ضمن اسباب كثيرة ولكن اهمها في تقديري الرمزية السياسية أدي الي حاة نفسية رومانسية بالدفاع عنها سلبا وايجابا مما ترك الباب علي مصراعية لتحالف اللصوص والانتهازيين وبعض من كنا نسميهم وطنيين للاستفادة من موارد الجامعه لمصالحهم الشخصية دونما الالتفات لطلابها واساتذتها وعامليها،وبذا اصبح رئيس مجلس أمناءالجامعه هو الامر الناهي واصبحت الجامعه تدار كضيعه من ضياعه وهو الخبير بشئون السوق وليس العلم ولكن يحيط به من العديد من حملة الشهادات العلمية وذوي الخبرة كيما يمكنوه مما يريد أحاطة الشعراء بهارون الرشيد. تغييب المؤسسية الممثله في هياكل ومجاس الجامعه ومساهمة الاسلاميين في ذلك عبرتضييع سنين من الاعوام الاكاديمية باغلاق الجامعه عن طريق العنف،و الضرر الاكاديمي والزمني والمعنوي للطلاب والاساتذة تحديدا إلا أن تحالف الشر كان هو المستفيد الوحيد من تعطيل الجامعة مما يعني تعطيل المؤسسات وتصبح الاولوية هي الوضع الاكاديمي وتقويمه. قانون الجامعه لعام 1995 أذا ما عمل به وحسب الوائح والنظام الساسي لهي كفيلة بتسسير الجامعه علي قدم وساق وبطريقة ديمقراطية تتيح التعديل في القوانيين واللوائح وتمكن مجلس الجامعه وهو الجسم الاهم في المجالس من تسييرها بشكل قيادي يعبر عن وظائفه كما هي منصوص عليها في القانون،ولكن الحال أن تحول مجلس الجامعه الي برلمان سلطوي لاجازة الميزانية ليس ألا،بينما المناط به هو أعدادها وأجازتها مع وضع سيساسات القبول للجامعه وهو المورد الاساسي للدخل، فمجلس الجامعه بعدم توليه مسئولياته وتغييب دوره تؤول كل الامور لمجلس الامناء. فكما ذكرتقريرلجنة 2004 برئاسة د.أحمد حسن الجاك بان تحولت مجالس الجامعه الي افراد يمثلون مجموعات هي المسيطرة دونما الاخرين علي مقاليد الامور ما حدا بهم للاقترح بتخفيض عضوية مجلس الامناء. ألان وتدخل الجامعه شهرها الرابع من التوقفات عن العمل لهيئة الاساتذة نتيجة للصدود عن مطالبهم لمجلس الامناء مطالبين بضرورة الاصلاح المالي والاداري للجامعه والذي يبدأ بأقالة مدير الجامعه ومديرها المالي الامر الذي حوله مجلس الامناءالي تراشق اعلامي وهجمة من مجلس الامناء علي الاساتذة مما يجعل من الواجب اتخاذ المواقف في قضية تهم كل السودانيين وخصوصا من ساهموا في الجامعة بأي شكل .وسنعود [email protected]