ما تزال الحركة الشعبية "قطاع الشمال" تتمسك بقضية الحكم الذاتي للمنطقتين (النيل الازرق وجنوب كردفان) ، كواحد من استحقاقات السلام الشامل الذي تسعى للوصول اليه مع الحزب الحاكم ، وبحسب مراقبين فإن انهيار مفاوضات اديس ابابا التى جرت بين الحكومة والحركة الشعبية ابريل 2014م يعود الى مقترح الحركة الشعبية لهذا المطلب في طاولة التفاوض ، والذي وجد وقتها رفضا قاطعا من الجانب الحكومي مما ادي لتعليق المباحثات من قبل الآلية الافرقية رفيعة المستوى بقيادة ثامبو امبيكي ، على الرغم من حالة التفاؤول الكبيرة التى ابداها الجانبين والتأكيد على اقتراهم من توقيع اتفاق. الحكم الذاتي من جديد مشاورات الحركة الشعبية في دارالسلام بتنزانيا افي الفترة من 7-12 اكتوبر الحالي تؤكد تمسك الشعبية بموقفها من قضيةالحكم الذاتي للمنطقتين ، وبحسب ما تناولته الانباء فإن الحركة الشعبية تسعى لبلورة رؤيتها افي هذه القضية من خلال مناقشتها مع عدد من المعاهد والمركزالبحثية ، وبحسب بيان صادر من الناطق الرسمي باسم ملف السلام بالحركة الشعبية مبارك أردول ، أمس ، ان هذه الخطوة جزء من خطة لتطوير رؤية الحركة حول كيفية حكم السودان وإنصاف أهل المنطقتين على قدر تضحياتهم، بمشاركة جميع السودانيين ولاسيما سكان المنطقتين ، واكد "أردول" أن "الحركة ستجرى مشاورات في داخل أجهزتها وفي الأراضي المحررة وخارجها حول الوضع النهائي للمنطقتين والطريقة المثلى لإقامة حكم ذاتي في إطار السودان الموحد وفي توازن بين المركز والمنطقتين" وحول مسألة الربط بين الحل الشامل للأزمة البلاد وقضية المنطقتين قال ان رؤية الحركة أن هذا يتطلب إيجاد مركز جديد وفي إطار حل شامل مفضي للتغيير وإعادة هيكلة الدولة السودانية على أساس من المواطنة بلا تمييز، واكد الناطق الرسمي باسم ملف السلام على انهم سيدفعون كل القوي الساسية للمشاركة في هذا النقاش خلال الفترة المقبلة خاصة ابناء المنطقتين ، وزاد كان من المتوقع اشارك وفد حزب الامة القومي في هذه النقاش الا ان الوفد تأخرة لاسباب فنية ، لكنه اكد المرحلة المقبلة ستشهد مشاركة وفود من قوي الاجماع والجبهة الثورية اضافة الى ابناء المنطقتين. استاد الدمازين ويفسر كثير من المراقبين الخطوة الاخيرة للشعبيةانها تأتي في اطار رفع سقف التفاوض ابان جلوسها مع الحكومة ، لكن البعض يذهب الى ان هذه الرؤية تمثل عقيدة راسخة لدي قيادة الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار ، وانها تمهيد للانفصال جديد ، وفي ظل هذه التكهنات تستعصم الحكومة برفض الحديث في هذا الاتجاه . ويشير البعض ان قطع زيارة النائب الاول لرئيس الجمهورية السابق على عثمان طه الى ولاية النيل الازرق في فبراير 2011م قبل ان يخاطب الجماهيرباستاد الدمازين حسب البرنامج المعد مما ترك استفهامات عديدة ، وحسب شهود عيان فإن الاستاد كان مزدحم بلافتات وبالونات مكتوب عليها شعارات تطالب بالحكم الذاتي للولاية ، وقال والي النيل الازرق مالك عقاروقتها في مؤتمر صحفي لاجهزةالاعلام بمركز مالك عقار الثقافي انه لا يعرف الاسباب التى جعلت نائب الرئيس يعود الى الخرطوم قبيل ثلاثة ساعات من مخاطبته الجماهير المحتشدة للقائه ، واكد بان امر طارئ دفعه للعودة للخرطوم ، وطمأن الجماهيرببقاء الحركةالشعبيةحزب مسجل بالشمال وان المشورة الشعبية للولاية لن تتوقف . لكن مراقبون ان هذه الزيارة كانت القشة التى قصمت ظهر العلاقة بين "عقار" وحكومة المركز ، والتى انتهت بدخول "عقار" الى الجنوب واختيار الغابة مجدد. سياسة العصا والجزرة المجتمع الدولي ممثلا في الولاياتالمتحدةالامريكية يمارس سياسة العصا والجزرة في علاقتها بالجانبين حكومة (مؤتمروطني) ومعارضة(حركة شعبية) ، مما جعل الحوار لا يصل الى منتهاه بينهم في اكثر من عملية تفاوض ، ففى الوقت الذي تتهم فيه الحكومة المجتع الدولي بتمويل (الشعبية) تسعى بنفسها لدخول في حوار مع امريكا حول ملفات عده ابرزها حقوق الانسان وقضية الديون وادراج اسم السودان ضم الدول الراعية للارهاب ، بجانب العقوبات الاقتصادية الى تفرضها عليه ، وكلما سار تقدم بينهم يحدث مزيد من الضغط على المعارضة ، وربما حديث وزير الخارجية الامريكي جون كيري ، أمس ، يؤكد هذا الاتجاه حيث قال ان بلاده قد تقدم في رفع اسم السودان من قائمة دول الارهاب شريطة ان يحدث تقدم على صعيد الاوضاع في دارفور واالنيل الازرق وجنوب كردفان ، وأكد استعداهم للحوار اذا كانت الخرطوم جادة ، يأتي هذا التصريح بحسب المراقبين في خضم مرحلة جديدة من الحوار بدات بين الخرطوم وواشنطن من خلال اللقاءات الثنائية التى جمعت وزيرا خارجية البلدين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وبهذا يمكن ان يفسرالبعض خطوة الحركة الشعبية في تجديد رؤيتها في مسألة الحكم الذاتي للمنطقتين من جديد بأنها استباقية لما يجرى من تقارب بين الخرطوم وواشنطن ، وانها لرفع سقف المطالب من جديد ، ويذكر ان المعارضة في الفترة الماضيةاستطاعت ان تتحرك في المحيط الاقليمي والدولي بصورة كبيرة من خلال توقيعها على عدد من الاتفاقيات اهمها اتفاق "نداءالسودان" باديس ابابا ، ثم اتفاق برلين الذي اقر قيام مؤتمر تحضيري في اديس ابابا تحت رعاية الآلية الافريقية رفيعة المستوي ، الذي رفضته الحكومة وسارعت الى اكمال ترتيبات مؤتمر الحوار الوطني الذي انطلق في العاشر من اكتوبر الحالي رغم مقاطة القوي السياسية الموقعه على اتفاق "نداء السودان" بما فيها الحركات الداررفورية المسلحة والحركة الشعبية بجانب بعض الاحزاب الاخرى في قوي الاجماع المعارض ، لكن المبادرةالامانيةالتى كانتترعى اتفاق "برلين "الذي نظمته القوي المعارضة التقت بالحكومة لمعرفة رؤيتها ،كما التقى القائم بالاعمال الامريكيةبالخرطوم السفير "جيري لاينر" بالامين العام للحوار الوطني بروف "هاشم على صالح " وهوماعده كثير من المراقبين بالخطوةالايجابية. رغم تباينات وجهات النظرحول دواعي موقف "الشعبية" من طرحها للحكم الذاتي في المنطقتين تظل القضية محل جدال داخل القوي الساسية المعارضة ، بينما لا تجد ترحيبا مطلقا لديالحزب الحاكم فهل تفلح "الشعبية" في اقحام رؤيتها في التفاوض القادم أم ان ترتيب الاولويات تسقط هذا المقترح ! [email protected]