الإنسان أسير تجربته مع الحياة.. مجموعة من الأحاسيس خيراً و شراً.. ضجيجاً في الدواخل.. تساؤلات ليست لها إجابات شافية..؟ و أخري لها إجاباتها التي تتحول إلي قناعات ثابتة و ديدن حياة، إلا أنها عُرضه للتحوٌر و التبدُل..؟ ليس لأن أكثرنا يساير الحياة علي نحوٍ يجرفه فيه التيار، بل أن التيار نفسه هو سيل العرم الذي لا يقاوم..!! و إن و قفت لتسبح عكس ذلك التيار، سوف يقذفك بك بعيداً إلي مدائن ليس بها أنيس سوى تساؤلات تأبي الذات أن تناقشها مع ذاتها أحياناً..؟ عندما يسعد الإنسان، فإن حروفه تنساب تفاؤلاً و إقبالاً علي الحياة.. و قد يجزم أحدهم أو بعضهم أنه بفعل تلك السعادة أو بفعل النجاح أو الإنتصار أو غيرهم، قد تم خلقه وحيداً فريداً في هذه الدنيا.. و عندما تأتيه غاشيات الليالي و كدر الدنيا و ربما إمتحاناتها و إبتلاءاتها، يتحول ليكتب أو يتلفظ مُستصحباً معه كل مرئيات الكآبة المنظورة و غير المنظورة..! و تختلف أشكال التعبير عن الإحساس بالرضا و السعادة عن الواقع حسب الشخص و مقدرته علي إستبصار حاله و منظوره للتعاطي مع معطيات حياته وتناول ذلك حسب إدراكه و لغته الرمزية أو التعبيرية للموجودات من حوله.. .. الدنيا لا تتركك لشأنك حتي و إن جلست داخل بيتك لا تخالط أهلها في حواراتهم و أفراحهم و أتراحهم.. إذن ، عليك أن تجلس لتنظر إلى جدران منزلك و تبادل صمتها صمتاً تتعفن معه رائحة الأفواه ليتناغم العفن النفسي مع العفن البدني..!! و إلا فعليك اللجؤ إلي وسائل الترفيه المتاحة داخل منزلك و أولها الهواتف (الذكية) و أجهزة التلفاز الذي قد يجلب إليك ما هربت منه في الخارج لتجد نفسك مٌحاصراً بدموية المشاهد و حوارات الساسة الذين يتجادلون و لا يعيرونك إهتماماً و هم من يتحدثون بالنيابة عنك في منابرك التي رشحتهم أو لم ترشحهم إليها..؟ و إذا جلست تتابع الأغاني أو المسلسلات، فهي أيضاً واقعك من قريب أو بعيد أو في الأصل أن حياتك هي نفسها مسلسل لا تدري متي يقرر المخرج (القدر) حلقته الأخيرة..! ..كانت صغيرتي (رهف) تبكي أحياناً و هي (جالسة) لا تبارح مكانها و أفهم من هذا أن هناك (مناحة) تريد إخراجها و أن في دواخل الصغيرة و (بغاضات) تفهمها هي و تمزق فؤاد الصغيرة النبيل.. و قد يسألني أحدهم لماذا تبكي (جالسة)..؟ لأقول أنه إذا كانت تبكي و هي (ماشية)، نفهم أنها ربما متسخة الملبس أو جائعه أو أنها في حالة عِراك لا نراه مع شقيقها الأكبر (حبيب) أو أنها تحتاج (مس كول)، أي (رضعة) خفيفة من ثدي أمها الطاهر لتساعدها علي النوم أو أنه في الأصل (العافيه في الرضاعه الكافية) .. إلا أن الصغيرة أيضاً لها ضحكاتها التي تدرك كينونتها هي وحدها، فتندلق قهقهة في ثغرها الغض و إستبشاراً في وجهها و و جوهنا.. .. و هكذا يعبر بعض من بعضنا عن تأذيه من الدنيا و يكون في تعبيره شجاعة لا تتوفر لغيرنا سواء أن يبكي أو يكتب حروفاً (قد) يفهم بها أخرون أن هذا حٌزناً مقيماً في نفسيات بعضٍ منا.. أما الأشكال التعبيرية للإحساس بالسعد فهي كثيره أيضاً و لك أن تجيب علي نفسك ماهية أنماطها عندما تكون فرحاً و زهواً تبعاً لغبطة خالجت النفس عند لحظات سعادتك (الحقيقية). .. كثيرون هم من هجروا الدنيا و إلتفوا حول ربهم يتعبدون و يرجون لقاء الله تعالي يوم الميعاد.. أخرون، أدخلوا أنفسهم في حالة من إنعزالية الإنطوائية و هجروا الأخرين ودنياهم علي خلفية (خذوا دنياكم هذه.. فدنياواتنا كُثرو..) و عاشوا واقعهم الخاص قانعين به و إكتفوا به عن غيرهم.. أخرون، تقوقعوا أكثر داخل أنفسهم و قرروا الرحيل الأبدي، طالما أنهم لم يختاروا المجئ (حسب منظور البعض منهم)..! فإنتحروا و قرروا اللارجوع (الأبدي)..!! فخاصموا الدنيا و الأخره و قبل ذلك ربهم و إنقلبوا هناك خاسرين.. و أخرون جلسوا أحياء في الحياة، أموات في واقعها و أرادوها معيشة ضنكا..؟حيث كفروا بربهم و عادوه و جادلوه فيما أعطاهم قبلها و يعطيهم حينها و بعدها..!! و العياذ بالله.. و أخرون جلسوا يتأرجحون بين نعيم الدينا و جحيمها، يقارعون الخمر أو يتعاطون المخدرات أو راكضين وراء الملهيات أملاً في الحصول علي شئ من نشوة و لذة (مؤقتتين) تخفف عنهم قليلاً من مرارات واقع الحال..!!؟؟ ..هكذا حال بني أدم مع الحياة (حلة جقاجق تجقجق)..؟ و الذي لا يتناولها، يتأذي من رائحتها أكثر..؟ و الذي يتناولها بشهية بداعي الضرورة في تناول هذه (الحَله) و هي الحياة، يضع علي (حَلته) كمية من التوابل حتي أن مذاقها أحياناً يتحول و يجعلها (حَلة) بٌهارات..؟ ..أن نكتب حروفاً سوداء، فهذا لا يعني أنها واقع الحال الذي نعيش..و أن نكتب عن الحب و الأمل و التفاؤل و جمال دنيانا، لا يعني أيضاً أننا نعيش واقعاً جميلاً صفصفا.. إلا أنه و إن أغفلنا وجوده في دواخل حياتنا، فهو موجوووووود و لا بد أن نتطلع نحو تنقيبه و بقائه مرسوماً علي لوحة حياتنا في كل صباح و مساء و جعله الميقات الأول الذي تتبعه بقية المواقيت..؟ .. كتبت هذا و لم تكن حينها (روحي مُكركرة) ،كما قد يتخيل البعض، أو أن النفسية كانت حينها في واحده من أسوأ دركات كدرها.. بل علي العكس، كتبت وأنا أعيش حاله من التوازن الداخلي قد لا أجده إذا أردت أن أكتب مثل مكتوبي هذا مره أخري.. أخيراً.. قال أحدهم.. (ليست مشكلتي إن لم يفهم البعض ما أعنيه.. فهذه قناعاتي .. وهذه أفكاري ..وهذه كتاباتي بين أ يديكم.. أكتب ما اشعر به .. وأقول ما أنا مؤمن به .. ليس بالضرورة أن ما أكتبه يعكس حياتي الشخصية ... هي في النهاية مجرد رؤية لشئ من أفكاري) ..يالله..لا نسألك، فتعطينا.. نسألك، فتمنحنا من خيرك الكثير.. نستغيثك، فتغيثنا.. نستجديك، فتغدق علينا من جزيل جودك و كرمك.. اللهم أجعلنا هداة مهتدين و لا تجعلنا ضالين مُضلين.. سائلاً الله تعالي لكم جميعاً التمتع بنعمة الحياة و حتي التمتع بسكرات (الموت) و الموت نفسه وما بعده..؟ أخيراً.. قال الراحل أنيس منصور فيما معناه (إذا إشتميت رائحة عفن و نظرت حولك و لم تجد ما يدعُو إلى هذه الرائحة ، فهذه رائحة أفكارك).. و ما علي أحدٍ جنيت..؟ و دمتم الرشيد حبيب الله التوم نمر [email protected]