لست من هواة تحليل خطابات المسؤولين والوقوف على عثراتهم وذلاتهم لأن فيها من مايشعرك بالأسي ما لا يطاق ولكنني من دعاة التغيير نحو التحول الديمقراطي لنرتاح من رؤية هذه الوجوه المكررة فاقدت الموهبة والمقدرة على العطاء والعاجزة عن فعل شيء التي كلما تحدثت كذبت وكل ما أوعدت أخلفت وكل ما أؤتمنت خانت واذا خططت أخفقت وإذا عزمت أحنثت حتي خشيناعلى أنفسنا أن لا تألف الا الإستماع للكاذبين إستمعت لخطاب سيدنا والي الخرطوم وتعجبت من سماعي لهذه العبارات الضخمة الفاخرة والتي أٌختيرت بعناية فائقة ودقة متناهية كأنها مقصودة في حد ذاتها لإقناع الحاضرين من نواب الشعب بمجلس الولاية بأن الخطاب المقدم هذا بلغة غير لغتهم وفهم يستحيل عليهم الوصول اليه فليس أمامهم غير التصفيق والإجازة والإعجاب بمقدرات سيدنا الوالي..! ولو جاز لنا أن نتدخل نقول أن هذه الرؤية الإستراتيجية التي أقدمت عليها قد مضي الزمن المناسب لطرحها فكان ينبغي أن يكون معمولا بها أصلا أو قد خٌطط لها مسبقا في مطلع التسعينات من القرن الماضي أو حتي في أول حكومة بعد إنفصال الجنوب الحبيب في 2011م ولكن أن تأتي في العام2016م فهي معدة في دائرة التخدير ومحاولة يائسة لبعث الأمل الكاذب في نفوس أعياها الرهق ولم تعد تأبه بما يقوم به أو يفعله النظام ولا تنتظر الا إسفار صباح الحرية والخلاص المأمول أن يأتيها بحول الله وقوته فهو ناصر المستضعفين المكافحين من أجل التغيير. وحتي لا نتجنى على الرجل تأملوا معي هذه العبارات التي أتت في خطابه هل هذا ما كنّا نود سماعه ؟ مثل قوله :( الانتهاج لمبدأ العمل الاستراتيجي والتخطيط طويل المدى لحل الأزمات، وقال: من الآن فصاعدا سيكون ذلك منهجنا حتى نخرج من الدائرة ونصنع حلولا جذرية تحيل واقع العاصمة إلى الأفضل ) ...عفوا سيدنا الوالي نحن لا نمانع من التخطيط الإستراتيجي ولكن لا بدّ من فعل شيء لإزالة أسباب معاناة اليوم الحاضر فكلما أصبح صبح زادنا فقرا وعوزا وفاقة بالزيادات الفلكية على أسعار السلع والخدمات(عيشتين قدر حبة البندول بجنيه) و أنقصنا عددا بسبب الهجرات والموت بالامراض الخبيثة الفتاكة الناتجة من التقصير في مجال الخدمات الصحية والبيئية والتعليمية وقد شخصتم الداء في مستهل خطابكم فلا حاجة لمزيد إيضاح ولكن نحتاج لحلول عاجلة وعاجلة جدا جدا لكبح جماح الغلاء وقمع جيوش الذباب والباعوض وتكدس النفايات ومياه الصرف الصحي وإختلاطها بالماء العذب ومياه الأمطار التي لا تجد مصارف لتتوزع عليها بيد أنها لو كانت زكاة لأوجدتم لها مصارف ثمانية غير ثمانيتها. ثم إن الذهنية الإستعلائية والعقلية السلطوية لا تخدم قضية فإذا أجزنا لكم وضع خطة إستراتيجية حتي العام2030م كيف تسوّل لكم أنفسكم محاصرة الأجيال القادمة بالقانون ومنعها من التطوير والإبتكار الا وفق رؤيتكم حيث جاء في خطابكم (خطة استراتيجية حتى العام 2030م ترتكز في الأساس على القضايا الاستراتيجية وإصدار قانون يحرم الخروج عن الخطة الاستراتيجية) سيدي الوالي إن ولايتك اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضي لإعلان حالة طوارئ فيها ليس لملاحقة الصحافة والنشطاء السياسيين ولكن لإزالة تشوهات لحقت بالحياة فيها تدني الذوق العام والسلوك الحكومي الضاغط من أجل إستشراء الفساد والرشاوى والمحسوبية والحاث على الأنانية والإستئساد على القانون بنافذين داخل الحزب الحاكم والدولة أو الإستناد على قوة نفوذ القبيلة حاملت السلاح وهكذا أصبحت دوائر صنع القرار داخل حزبكم وحكومتكم لا تحسب حساب الا لأصحاب الولاء والنفوذ فزهد الناس في خير يأتيهم من قبلكم وفوضوا أمرهم لله فهو نعم المولي ونعم النصير. ختاما سيدي الوالي إن الخطة الإستراتيجية التي أشرفتم عليها لن تنجح ولن تفلحوا في مباشرتها على أرض الواقع إذا لم يتفاعل معها المجتمع بكافة ألوانه وقواه الإجتماعية والسياسية من العلماء والفقهاء والمثقفين والتجار والعمال وحتي ستات الشاي ولن يتفاعلوا معها الا أن تقفوهم على الحقائق وتستجيبوا لمطالبهم الأنية بالعدل والإحسان. أحمد بطران عبد القادر [email protected]