وزير الصحة: فرق التحصين استطاعت ايصال ادوية لدارفور تكفى لشهرين    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)    ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك        أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وادى سيدنا .. اخت حنتوب يا شقيقه (8)
نشر في الراكوبة يوم 09 - 08 - 2016


وادى سيدنا اخت حنتوب يا شقيقه (8)
دهاقنة معلمى الرياضيات والعلوم فى الوادى الاخضر
الرياضيات:
كان نصيب الوادى الاخضرمن معلمى الرياضيات السودانيين ممن كانوا يعملون فى كلية غوردون اكبر من شقيقتها حنتوب التى لم تحظ بالانتقال اليها منهم الآ بالاستاذ امين زيدان ورغم ان الاستاذ اسماعيل الازهرى كان قد ورد اسمه بين المنتقلين الى حنتوب وقال قولته الشهيرة "حنتوب ..حنتوب..برضو موش حنتوب" الآ انه تقدم باستقالته وغادرمهنة التعليم على المنصات داخل حجرات الدراسة لما تبين له ان وراء تصنيف اسمه على رأس منظومة المختارين للانتقال الى حنتوب ما وراءه ولكنه واصل مهنة تعليم اهل السودان ردحا من الزمان وطنية وممارسة سياسية و"طريقا الى البرلمان".. انتقل الى وادى سيدنا ثلاثة من المعلمين الكبار .. كان اثنان منهم "ابناء دفعة " تخرجا فى قسم المدرِّسين بكلية غوردون فى ديسمبر1929 وتوليا فى لواحق الازمان ال"نظارة"فى كبريات المدارس الثانوية..الاستاذ احمد بشير العبادى– اول "هيدماسترحنتوب" سودانى قاد العملية التعليمية والتربوية بكل حنكة واقتدارخلفا للمسترلوبس براون اعتبارا من يوليو 1955 الى يونيو1958 ومن بعد بذل وعطاء امتد اكثرمن ثلاثة عقود من الزمان ظل باقيا فى ابعاد اللانهائية سواء كان فى المدارس الوسطى والثانوية فى شمال السودان وجنوبه اوفى تعليم مديرية دارفور ومن ثَمّ رئاسة وزارة التربية والتعليم مساعدا للمدير لشؤون المديريات والمجالس اومراقبا لتعليم البنات واصل "عم احمد" - بعد تقاعده بالعاش - عطاءه فى مختلف المواقع ذات الصلة بالتعليم وظل يقدم الكثير والوفير فى سعى لانتشاره والارتقاء بمستوياته ناصحا وموجها ومترئسا مجالس الآباء والمعلمين ومجالس الادارة فى العديد من المؤسسات التربوية..رافقه من كلية غوردون الى وادى سيدنا زميله وابن دفعته الاستاذ ميرعنى حمزه..الشقيق الاصغر لمعلم الاجيال "النصرى حمزه"..ومن بعد عمل دؤوب عبرالزمان وعطاء متميز للعم ميرغنى حمزه فى مختلف المواقع حيث ترك من الآثاروالبصمات الباقيات الراسخات فى ابعاد اللانهائية.. فى عام 1954اسندت اليه مهمة انشاء وقيادة العملية التربوية فى مدرسة بورتسودان الثانوية منتقلا اليها من ثانوية المعهد الفنى بالخرطوم . وتواصل ترقيه فى وظائف وزارة التربية والتعليم الى منصب مساعد المديرلشؤون الموظفين حينا ومراقبا لتعليم البنات من بعد ذلك حينا آخرالى ان تقاعد بالمعاش ..اما ثالث السودانيين المرافق لزميليه الى الوادى الاخضر فقد كان الاستاذ خالد موسى– خريج قسم المعلمين فى كلية غوردون فى ديسمبر 1930وهو من كانت (من عجب) بداية وختام بذله فى مجالات التعليم فى ذات الصرح الكبير..وادى سيدنا.. الذى تولى فيها قيادة العملية التربوية اربعة اعوام متصلة من 1961 الى 1964. شأنه شأن من خلفه على "نظارة " الوادى الاخضر الاستاذ محمد ابوبكرالذى كان قد انتقل فى معية ثلاتهم الى وادى سيدنا من كلية غوردون فى عام 1946 معلّما للتاريخ فى البداية لتكون - فى نهاية عهده بالمدارس - وادى سيدنا خاتمة لبذله وعطائه يدرّس فيها مادة الرياضيات جنبا الى جنب مع اعبائه الادارية الاخرى. وكان رابعهم القادم معهم من كلية غوردون هو معلم الاجيال عبد الرحمن عبدالله الذى جاء تذكار سيرته كنائب للناظر (الاستاذ السنى عباس),, وعلى مر السنين والايام وفى تواصل عمايات الاحلال والابدال ظلت وادى سيدنا تحظى بعدد غفير من معلمى الرياضيات الاكفاء من الاجانب والسودانيين الذين كان من بين شبابهم واحد من خريجى قسم العلوم بالمدارس العالية فى منتصف الاربعينات من القرن العشرين – احب الاستاذ مادة الرياضيلت واوفى لها وفاء منقطع النظيرمترهّبا فى صومعتها وجذب انظارمعلميها ممن سبقوه او زاملوه فضلاعن طلابه المتميزين فيها فبادلته مادة الرياضيات حبّا بحب ووفاء بوفاء انقياداله وطوعا لبنانه طوال فترة تدريس اقسامها الاولية والاضافية مثلما كانت مادة الرياضيات " القاسم المشترك الاعظم" بين الاستاذ وطلابه امتدادا لصلات دامت بينهم اينما حل او ارتحل الاستاذ فى المدارس الثانوية..هو معلّم الاجيال الاستاذ عبد الجبار– ابن المعلم الجليل شيخ عبدالهادى عبد الجبار .. واصل الاستاذ عبد الجبار مساره التعليمى متنقلا بين المدارس الثانوية الكبرى يصول ويجول داخل حجرات الدراسة فيها معلما ورئيسا للشعبة ونائبا لناظراحداها ثم ناظرا لحنتوب فى احرج واصعب الفترات فى تاريخها ابّان العهد المايوى ثم الخورالخصيب من بعد.. رحمة الله عليه فى اعلى عليين وجعل الفردوس الاعلى مقرا له ومقاما جزاء وفاقا لم قدّم وبذل واعطى وعلّم وهدى وارشد.
من الذين ذاع صيتهم وبقى فى وادى سيدنا سنين عددا من المعلمين الاجانب كان الاستاذ قطر حنفى المصرى الجنسية والمتمكن من ناصية اقسام مادة الرياضيت الاولية والاضافيه وهو من كان المرجع والملاذ لطلاب السنوات الاربع ولدارسى الرياضيات الاضافيه على مدار العام مثلما قَدِم الى وادى سيدنا على سبيل الاعارة من وزارة التربية والتعليم المصرية مصرى آخرهوالاستاذ لبيب بيباوى عجايبى الذى سعدت بزمالته فى مدرسة عطبره الثانوية ابّان فترة عمله فى السودان للمرّة الثانية على سبيل التعاقد الشخصى.عرفنا الاستاذ لبيب الصامت فى معظم الاحيان خارج حجرات الدراسة الآ مع نفرقليل جدا من رفاقه المعلمين الذين كنت واحدا منهم الآ انه كان الضاحك الممراح حينما يكون رائق المزاج وهذا نادرالحدوث فيرسل الطُّرفة دون ان تفترّشفتاه ووجهه عن انفراج ا ساريرى يتلاشى سريعا.كان له من التعليقات الذكية الوفيرحتى على نفسه على ما حباه الله به من بسطة فى الجسم.ورغم ما كان يبدو عليه من صمته الدائم خارج حجرات الدراسة الآ انه كان سليط اللسان فى داخلها يخشى الطلاب الوقوع فى لسانه خشية ان يطلق عليهم التشنيعات والساخر من القول والصفات ما قد يظل يلتصق بهم عبر السنين.
فى منتصف خمسينات القرن العشرين انتقل من خوردقت الى وادى سيدنا الاستاذ عمرحسن مدثّرالذى ذاع صيته فى ألآفاق باسم "عمر ماث" .كان له – رحمه الله - من الذكاء الوقاد القدرالوفير..ومن السخرية من كل شىء حتى من نفسه ما يفيض من الاقوال والتعليقات ما يصعب حصره او تذكاره.. اطلق على احد المعلمين اسم "الجملة الفعلية" اذ كان اسمه يشتمل على الفاظ لوقرئت نحويا لكانت بحق تتكون من (فعل ماضى وفاعل يتبعهما جار ومجرور) .كان اكثرمعلمى وادى سيدنا بقاء بين ربوعها .. جاءها معلما فى بداية مسيرته الوظيفية وبقى بها اكثر من عشرسنوات متصلة وغادرها بعد ان جلس على مكتب نائب الناظروظيفيا لمدة عام دراسى واحد او اقله ولكنه ظل على حاله يجوب ارجاء المدرسة يواصل تدريس الرياضيات ويتفقد الداخليات وقاعة الطعام طوال ساعات الدوام المسائى وما بعدها ..ذات مرّة وجد بقايا طعام فى واحد من عنابر داخلية ابوقرجه ووجد بعض الطلاب يستذكرون بعد اطفاء الانوار فى قاعة الطعام و شاهد نفر ممن كانوا بيذاكروا فى "الصُفره" وقد غلب عليهم النعاس و"دقسوا" حتى وقع احدهم على الدرُّرج داخل الفصل فقال قولته الشهيره..- الحكاية باظت.. اصبحتو تا كلو فى الداخليه وتنومو فى الفصل وتقرو فى الصُّفره ..ورّونا حتعومو وين ! " لما وقع عليه الاختيار لتولى "تيوترية" داخلية ابوقرجه ظل مقيما فيها الى ان انتقل الى منزل نائب الناظر لما تمت ترقيته ألآ انه ظل على وفائه ل "ابوقرجه" التى ظل اخا لطلابها وقد شاركهم كثيرا من مناشطهم الاجتماعيه..شوهد فى امسية ترفيهية على المسرح يمثّل دور المكوجى فى احدى التمثيليات الهزليه..كانت البهجة تفيض على وجوه طلابه حالما يدلف الى كل فصل اوعند مروره باى تجمع منهم وقد كان بعضهم يبادله التعليقات دون تخطى الخطوط لحمراء اذ كانت نظراته الساخرة تسبق كلماته . رحمة الله عليه فى الفردوس الاعلى
انتقلتُ الى الوادى الاخضرفىا عام 1965 ووجدمت من شباب معلمى الرياضيات نفرا من خيرة معلميىها الافذاذ وهم يشِعون ذكاء ويفيضون سعادة بعملهم تحت رئاسة الاستاذعمر" ماث" للشعبة قبل اعلان تولّيه منصب نائب الناظرالذى انتقل الى مكتبه بعد فترة من الزمان فقد ظل لزمان ليس بالقصير بين طلابه (معلمى الرياضيات)فى مكتب الشعبه يواصل عمله بينهم.. كان هناك عثمان عبد المجيد الملقّب ب "الشاعر".. القصير القامة والذى تملآ نظّارته الطبية بعدساتها المقعّرة و"اشنابه" الكثّة من تحتها حيزا كبيرا من وجهه.. كان الضاحك الممراح فى ذكاء وقّاد وحركة دائبة ونشاط جم مع استعداد دائم لشغل اى حصة خالية فى اى فصل ولآى مادة! كانت توكل اليه مهمة وضع جدول الحصص الذى ينال رضا الغالبية العظمى من المدرسين ان لم يكن كلهم رغم متطلبات تلك العملية وتشابكها..عثمان"الشاعر" كان صديقا وفيّا ورفيقا لصيقا بزميل له يدرِّس الرياضيات..جمع بينهنا قصرالقامة والعمل الدؤوب وعلو الهمة..والتميز فى تدريس الرياضيات الاولية والاضافية كانا فرسى رهان طوال ساعات الدوام النهارى والمسائى سعيا الى عون ومساعدة طلابهما..فكان لا يذكر اسم عثمان الشاعر ألآ وياتى من بعده اسم "خواض" او العكس صحيح ,, شانهما شأن زميليهما معلّمى الرياضيات احمد الامين الملقّب ب"الدولّب" (والد السيدة الفضلى وزيرة الرعاية الاجتماعية . مشاعر) متّعه الله بالصحة والعافية ورفيقه الزين احمد (رحمة الله عليه فى الفردوس الاعلى) خريجى الدفعة الثانية فى فسم الرياضبات بمعهد المعلمين العالى.. وفى لاحق من الزمان وانا فى طريقى مغادرا الصرح العظيم الى الصرح الاعظم .. جامعة الخرطوم.. انضم الى تلك امصفوفة المتميزة من معلمى الرياضيات الاستاذ صلاح الدين عوض الكريم . طويل القامه الممتبىء الجسم فى تناسق دون ترهُّل. وقد فاض معرفة بالمادة وطرائق تدريسها.. وازدانت شعبة الرياضيات فى وادى سيدنا لفترة قليلة بمقدم استاذ الاجيال "على توفيق" يسهم فى تدريس الرياضيات جنبا الى جنب القيام بمهام وظيفة نائب الناظرالى ان غادر وادى سيدنا لتولى قيادة العمل التربوى فى مدرسة بربر الثانوية للبنات. ومثلما كان الاستاذ على توفيق يقدم العون فى تدريس اجزاء من مادة الرياضيات الاضافيه كان الاستاذ محمد ابوبكر- آخر"نُظّار" وادى سيدنا يشارك ايضا فى تدريس طلاب السنة النهائية (اولاد رابعه) الذين كان على الدوام يشيد بذكائهم الوقاد. وله مقولة تناقلها من كانوا يتلقون الرياضيات على يديه فكان يخاطبهم دواما بقوله "تعرفوا... لما تدخلو على امتحان الرياضيات موش حتعرفوا تبدو بحل ياتو مسألة من المسائل المطلوب حلها من شدّة سهولة الامتحان!" اثناء عملى فى جامعة الخرطوم بعد انتقالى من وادى سيدنا التقيت بواحد من طلابى النجباء المتميزين فى كل المواد وكان من المتوقع انه لا محالة سيكون من طلاب الطب .استغرشت لما فوجئت به مصادفة خارج من القاعة 105بين فوج من برالمة الآداب..لأنه حسب قوله " لما دخلوا لاول ورقه من اوراق الرياضيات ما عرفوا يبدوا الاجابه من وين لآن ورقة الامتحان كوولها كانت بالنسبة لهم طلاسم"! اخيرا تخرج الاخ الكريم بمرتبة الشرف فى كلية الآداب التى استبقته معيدا بها ليصبح فى نهاية المطاف من اساتذتها الكبار فى شعبة الآثار! وتقدّرون فتضحك الاقدار!
العلوم الطبيعية وتفواح سِيَرمعلميها العطرة بين المعامل والمختبرات
سعد طلاب الوادى الاخضر المنتقلين من كلية غوردون بصحبة عدد من معلمى مادة العلوم السودانيين(بكل اسف لم تتيسرلى معرفة اكثرمن اسمين لاثنين من السودانيين.. واصل احدهما عطاءه فى المدارس الثلاثة الكبرى..معلما ورئيسا للشعبة فى وادى سيدنا خلال عامى 1946 و1947 لينتقل الى حنتوب فى 1948 نائبا "اوحدا" للمستر براون خلفا لأستاذ الاجيال احمد محمد صالح والمستر كرايتون الى ان حانت ترقيته وانتقاله الى خورطقت مؤسسا و ناظرا لها اعتبارا من يناير 1950 ..ذلكم هو الاستاذ الجليل .. النصرى افندى حمزه .. الذى جاء تذكار سيرته بين من سردت شيئا من سيرتهم العطرة بين ذكرياتى عن صرحنا العظيم ومعلميه الابرار.. اما المعلم الآخر..هو الرجل بحق ..الذى لم يبق طويلا فى وادى سيدنا وانتقل فى دروب اخرى الى ان عرفنا ونحن طلاب على وشك التخرّج فى جامعة الخرطوم ان الاستاذ الذى ورد اسمه كمرشّح لسودنة منصب مسجِّل الجامعة كان القادم من الملحقية الثقافية (مراقب شؤون الطلبه) المبعوثين فى الجامعات والمعاهد البريطانيه من السودانيين العاملين فى مختلف الوزارات والمصالح والمؤسسات الحكومية..هو الاستاذ احمد المرضى جبارة..العملاق حقيقة ومجازا..فارع الطول..قوى البنية الجسمانية..الهيبة والوقار تكسوان وجهه وتفيضان .. ثقة فى النفس وفى الآخرين..الضاحك الممراح ..الحازم فى غير تشدد.و الساعي على الدوام الى ايجاد الحلول وتذليل العقبات بما يؤدى الى كل مصلحة للجماعة.الرجل تخرّج فى كلية غوردون فى ديسمبر1928بين منظومة من العمالقة من ابناء دفعته..على سبيل المثال لا الحصركان دكتورحليم ومن المهندسين كان المحجوب و يوسف التنى ومحمد على كوباوى اما رفاقه المعلمون فقد كانوا عبدالحليم على طه وحسين رستم وحسن على كراروبشرى عبدالرحمن المقبول.. رحمة الله عليهم اجمعين فى اعلى عليين وجعل الفردوس الاعلى مقرّا لهم ومقاما بين الشهداء والصديقين.. بطبيعة الحال صحب الاستاذين الجليلين نفر من المعلمين البريطانيين الذين لم يبق منهم طويلا فى وادى سيدا الآ المستر ليق الذى كان يدرّس مادة العلوم جنبا الى جنب مهام منصبه كواحد من نائبى المسترلانق "هيدماستر وادى سينا"..
ومنذ بداية الخمسينات ذاع صيت نفرمن معلمى العلوم واشتُهرت اسماؤهم وصارت "اسماء فى حياة كل من جلس الى حلقات درسهم وعلى كل لسان حتى بين طلاب حنتوب والخورالخصيب..أذ كان بقاؤهم الممتد فى وادى سيدنا ذا اثركبيرعلى طلابها.. رعاية وارشادا وصلات حميمة امتدت بعد تخرج الطلاب وانطلاق اولئك المعلمين فى المدارس الاخرى يقودون العملية التربوية فيها.. كان اكبرهم سنا واقدمهم تخرجا فى قسم العلوم بكلية غوردون هو الاستاذ على ابراهيم التِلِب.. المتمكن من تدريس اقسام المادة الثلاثة شأنه شأن رفيقيه الاستاذين عبدالقادرحسن الضو ونورالدين عثمان . كان ثلاثتهم يمثلون دعامة الصرح الشامخ. تدريسا وانضباطا وعونا لعدد ممن تولوا "نظارة" وادى سيدنا خلال تلك الحقبة من تاريخ الصرح الالعظيم..كانوا "التيوترز"الكبار اصحاب الرأى الرشيد الناصحين الهادين والمرشدين لطلابهم والناذرين انفسهم لرعايتهم والخارجين عن انفسهم الواهبينها للآخرين.. للطلاب والعاملين. جاء عام 1957 الذى كان بداية لتفرق جمع تلك المنظومة حينما انتقل الاستاذ عبدالقادر الى حنتوب نائبا لأستاذه احمد بشير العبادى ولكنه عاد ثانية الى الودى الاخضر نائبا للاستاذ حسن فريجون قبل ان ينتقل الى عطبرة قائدا للعملية التربوية فيها ..وكان انتقال الاستاذ على التلب فى عام 1960 نائبا لناظر الخور الخصيب ومنها مؤسسا وناظرا لمدرسة سنّار الثانوية فى عام 1962..اما ثالث العمالقة فقد تولى رئاسة الشعبة وقيادة رفاقه من شباب معلمى مادة العلوم الذين قدموا الى الوادى الاخضرمن حين لآخر والذين كان من بينهم الاستاذ عبدالحميد محمد مدنى وحسن عبيد وجاد كريم على عربى وهاشم عبدالله (رحمهم الله جميعا) ومحمد عبد الغفار(حفظه الله ورعاه وزاده صحة وعافية وتصوّفا) زاملهم الاستاذ عبداللطيف السيد كامل بحيويته ونشاطه وحركته الدائبة داخل المعامل وخارجها. انتقل الاستاذ نور الدين الى مكتب نائب النظر فى وادى سينا فى عام 1963 وتولى "نظارتها" بالانابة لعام او اقله لتسعد مدرسة شندى الثانوية للبنين وطلابها ومعلموها بتوليه القيادة فيها عام 1965. وجاء اثناء تلك الفترة ايضا نفر من معلمى العلوم من جمهورية مص العربية.. الاستاذ رمزى احمد علبه وآخرون لم تمتد فترات اقامتهم فى الصرح الكبير الآ بما كانت تسمح لهم به وزارة التربية والتعليم فى جمهورية مصر العربية من سنوات الاعارة المحددة باربع سنوات لا تزيد..
عند انتقالى الى وادى سيدنا كان الاستاذ هاشم عبدالله - الذى سعدت بزمالته من قبل فى بداية عهدى بالتعليم فى الخرطوم الثانوية -قد تولى قيادة شعبة العلوم خلفا للاستاذ نور الدين الذى كان قد غادر وادى سيدنا. الى شندى الثانوية للبنين. وظل الاستاذ هاشم (رحمة الله عليه فى اعلى عليين) فى صحبة عدد من شباب المعلمين النشطاء يسير بتدريس مادة العلوم الى غاياتها الى ان حان افول نجم الصرح الكبير وانتقاله الى مدرسة امدرمان الاميرية الوسطى التى كان قد انطلق منها طلاب الوادى وحنتوب الى صرحيهما فى عام 1946.بطبيعة الحال تغيرالحال فى شعبة العلوم التى فقدت بيئتها العلمية المتميزة عبر السنين..المعامل المكتملة العدة والعتاد.. مواقع التطبيق العملى"هاندز اون سينس" التى رغم انتقال ما كان مستخدما او مخزونا من فائض المواد الى موقع المدرسة الجديد الآ انه ظل اسيرالمخازن الى ان فقد صلاحيات الاستخدام والاستفادة المرجوّة منها..كان من بين اولئك المعلمين الاخيارالذين فاضوا نضارة وحماسة..الاستاذ التجانى على مصطفى..من اميزمعلّمى الفيزياء من بين خريجى الدفعة الاولى فى معهد المعلمين العالى الذين فاض وتدفق عطاؤهم فى وادى سيدنا وفى حنتوب من بعد (رحمه الله فى اعلى عليين)..مثلما كان للاستاذين الدرديرى المعروف بأسم "ابو الدهب" وفاروق قِدْح معلّى فى توفير متطلبات نجاح طلاب الوادى الاخضر والتحاق كتائب متتابعة منهم بكلية العلوم فى جامعة الخرطوم بداية لمواصلة دراساتهم الطبية والهندسية والزراعية فى مستقبل السنوات.. ذلك فضلا عن اسهام استاذين جليلين قدِما الى السودان على سبيل الاعارة من جمهورية مصر العربية..صبرى عشم و زميله صُبْحِى معلم الفيزياء الذى فاض علما ووقارا .
لعلى اختم حديثى عن معلمى الرياضيات والعلوم فى الوادى الاخضربسيرة عطرة لاثنين من كرام المعلمين(عليهما فيض من رحمة الله فى الفردوس الاعلى) جمعا بين تدريس المادتين فى وادى سيدنا وفى غيرها من المدارس..اولهما وهو الاكبر سنّأ والاقدم تخرّجا فى قسم العلوم بكلية غوردون هوالاستاذ محمد عبدالمجيد طلسم..علم من اعلام التربية والتعليم جمع بين تدريس الرياضيات والعلوم طلسم اجتمعت فى شخصه من الصفات والشمائل التى قل ان تجتمع فى شخص واحد..فقد عرفه طلابه وزملاؤه ومن عاشروه بالحركة الدائبة طوال يومه داخل الفصول او خارجها.. ولم يكن لديه امر يستحيل تحقيقه فهو الخارج عن نفسه الواهبها للآخرين اذ هو من كان شعاره المرفوع "نحن نفعل المستحيل ولكن المعجزات ربما اخذت منّا مزيدا من الوقت".وهو صاحب البديهة السريعة الحاضرة والرأى السديد الذى لا يتردد فى ابدائه فى شجاعة واقدام..كان الضاحك الممراح والكريم المضياف عرفته حنتوب سنين عددا ترك فيها من الذكريات ما تناقلها رفاقه المعلمون وطلابه شعرا ونثرا.ومن البصمات والآثار ما يصعب حصره.. ورغم انه فاض عطاء وبذلا اينما انتقل او ارتحل.. فى عطبره وفى ادارة القسم الثانوى برئاسة الوزارة فانه غادر الدنيا الفانية فى صمت الى رحاب ربه يجنى الخلد والاجر,, بكل اسف دون ان يأتى تذكاره او نعيه على لسان اى من زملائه او طلابه او وزارة التربية التى لم يعد القائمون على امرها يعلمون اسماء من تعاقوا جلوسا على سدتها من الوزراء قبل الثلاثين من حزيران ناهيك حتى عن قدامى الافذاذ من المعلمين الذين طافت بسيَرهم الركبان من امثال محمد عبد المجيد طُلُّسْم.. تيوترداخلية ابو لكيلك فى حنتوب و"هيدماستر آتبرأ" فى لواحق من الزمان دون الاشارة الى انه(كما لايخفى على كل من اصغى السمع وطرب من اهل السودان اجمعين) كان والد المبدعات البلابل وبقية اخواتهن.. حفظهن الله ورعاهن واخويهن بركات وعمر..
اما المعلم الثانى الذى مزج بين الرياضيات والعلوم مع الأصالة والتجرّد فى اسمى معانيهما فهو من سعدت والله بمعرفته وبزمالته فى الخرطوم القديمه معلما للمادتين بادىء ذى بدء الى ان انتقل منها الى مدرسة ودمدنى الثانوية للبنات ليعود للخرطوم مرّة اخرى فى عام 1962ليؤسس المدرسة الخرطومية الثانوية الحكومية التى تم توطينها فى مبانى المدرسة الفرنسيه (ليسى فرانسى) القائمة شرق ميدان عبد المنعم بالخرطوم جنوب والتى تلفّتت وزارة المعارف حينها يمنة ويسرة ولم تجد لها من الاسماء ما تطلقه عليها الآ اسم "الجديدة" مما اضطرها لآضافة والصاق صفة "القديمه" الى مدرسة الخرطوم الثانوية الحكومية للبنين. وليتولى قيادة العملية التربوية فى "الجديدة"سنين عددا..هو الاستاذ محمد محجوب سليمان امعروف بأسم "شوره" رحمة الله عليه فى اعلى عليين- الشقيق الاكبر للاستاذ احمد الشهير يأسم "كتّه" (حفظه الله ومتّعه بالمزيد من الصحة والعافية). كان"شوره" قريع رهطه..كريم نسب و ماجد الاعراق شانه شأن رجال وابناء اهل شمال السودان الاقصى الغرالميامين.فاض شجاعة واقداما وانسانية وخروجا عن نفسه ووهبها للآخرين. اراء سديدة لرفاقه المعلمين ونصحا وهداية وارشادا لطلابه قيادة لهم الى التفكير المستقيم والركون الى كل منطق سليم.تخذ الاستاذ شورة مساره فى التدريس حال تخرجه فى فسم العلوم بالمدارس العليا بين منظومة متميزة من رفاقه ممن زاملوه فى الوادى الاخضرمن بعد فترات عمل تفاوتت آجالها وعدد سنواتها فى المدارس الوسطى اولا واكمالهم فترة تدريبية فى معهد التربية ببخت الرضا قبل الحاقهم بالمدارس الثانوية من بعد..هذا هو ما كانت مصلحة المعارف قد درجت عليه فى البداية فى تعاملها مع الخريجين الاوائل فى المدارس العالية قبل الحاقهم بالعمل فى وادى سيدنا وحنتوب ولكن منذ قيام الخورالخصيب فى عام 1950وارتفاع اعداد المقبولين من طلاب المدارس الثانوية بانشاء المزيد من المدارس الثانوية تباعا وتزايد عدد خريجى كلية الخرطوم الجامعيه وجامعة الخرطوم لاحقا وان ظل الكثيرون منهم لا يتحمسون للوقوف امام ابواب وزارة المعارف الآ مضطرين كملاذ اخيرفضلا عن تزايد اعداد معلمى المرحلة الثانوية الذين صاروا يغادرون مهنة التعليم اعتبارا من بداية الخمسينات الى مجالات اخر..مشروع الجزيرة ووزارة الخارجية نموذجا..اذ عدّلت الوزارة من نهجها ليصبح من يلتحق بها من الخريجين يجد الطريق سالكا الى المدارس الثانوية مباشرة حال تعيينهم فيها.وان لم يبق الاستاذ شوره طويلا فى وادى سيدنا ألآ ان آثاره ستظل باقية فى حياة طلابه فى وادى سيدنا او فى غيرها باعتبار استحالة انفصام آثارمعلم عن آثارغيره من رفاقه المعلمين فى ذات المؤسسة التربوية على حياة جميع طلاب تلك المؤسسة سواء كانوا من الذين جلسوا الى حلقات درسه اولم يسعدوا بوقوفه امامهم اثناء فترة عمله فيها. وهكذا تبقى مقولة التربوى الامريكى هنرى آدامزعلى مر الازكان والدهور ان المعلمين لا محالة يؤثّرون فى اللآنهائية وتبقى بصماتهم فى اغوارالابدية ومن العسير بل المستحيل تحديد متى يتوقف ذلك التاثير.Teachers affect eternity, infinity and beyond. It is next to impossible to ascertain when that effect comes to an end
وفى جلقتنا التاسعة والاخيرة عن سيَر معلمى الصرح الكبيرتلتقون بأذن واحد احد باساتذة مادة الامصاروالبلدان مكانا وزمانا فضلا عن اساتذة الفنون والجماليات.. فابقوا معنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.