إستراتيجية تعني التفكير والتخطيط لمدى بعيد أقلاه خمس سنوات بتوظيف معطيات الحاضر لمعالجة المشكلات المتوقعة بعد هذه السنوات ... ونحن كشعب سوداني نفتقر للاستراتيجية في نمط تفكيرنا كأفراد وكحكومات .. يعني مثلا الغربيين عندما يتزوجون بمجرد ما حملت الزوجة تجدهم فتحوا حساب ادخار للمولود بمبالغ بسيطة عندما يصل مرحلة الجامعة يكون المبلغ كافي ليتلقى الدراسة . وكذلك بعض المصريين المتعلمين عندهم هذه الثقافة يكون عنده بيت وسيارة في بلده ووظيفة محترمة .. لكن يغترب مدة خمس سنوات ليشتري شقق لأطفاله الذين لم تتجاوز أعمارهم العشر سنوات .لأنهم بعد بلوغ سن الزواج يعرف أن بلدهم فيها أزمة سكن . فهو يؤمنه لهم من الآن حتى ( ما يعنسوش) بسبب السكن . تذكرت نكتتنا القديمة التي تقول أن هنالك رجل غني رزقه الله ببنات يفتقرن الى الجمال ( شينات ) لم يتقدم أحد للزواج منهن .. أخيرا أهتدى لفكرة بتقديم عرض أن من يتزوج أحد بناته سيهديه معها سيارة تيوتا بوكس موديل السنة . أحد الشباب أغراه العرض وجاء ليشاهد ( النظره الشرعية ) بعد تأمل فيهن جميعا .. هز رأسه رافضا وذهب .. لحقه الشيخ شنو يا أبو الشباب غيرت رأيك ولا شنو؟ .. ( والله يا عمنا حسبتها لقيتها ما جايه .. ليه حسبت شنو؟ .....قال : أنت راجل غني ممكن تصرف بناتك ديل مع البكاسي .. لكن أنا كان جني بنات يشبهن أمهن أجيب لهن بكاسي من وين ؟) عاقل هذا هو عين التفكير بمبدأ الاستراتيجية الذي نعنيه . وعلى مستوى الدولة أبان استخراج البترول كان ممكن أن يوظف دخل البترول كله في تهيئة البنية التحتية للصناعة والزراعة والطرق البرية والسكك الحديدية لنقل المنتجات .. ومعروف أن البترول من الموارد القابلة للنضوب وحتى هذا في حالة الأستقرار السياسي .. فما هو الا مطية أو سلم تستغله لتنتقل به الى نهضة أقتصادية ضخمة بشقيها الزراعي والصناعي .. وهذا بدلا أن تضيعه وتجري متهافتا ورى أموال المستثمرين والقروض الربوية بشروطها المجحفة وأموالها الممحوقة . وهذا ما فعلته دولة عظيمة مثل ماليزيا .. فهي أستغلت دخل البترول في البناء الأقتصادي .. وحتى اصبح دخل البترول لا يمثل الا نسبة قليلة من الدخل القومي للبلد . بمعنى عشرة سنوات بترول كانت كافية جدا لتجعلنا دولة حتى ولو بربع موقف ماليزيا الحالي وكان كافي جدا أن يغنينا جميعا ويغنينا عن الآخرين حتى بعد ذهاب البترول . [email protected]