محمد وداعة يكتب: المسيرات .. حرب دعائية    مقتل البلوغر العراقية الشهيرة أم فهد    إسقاط مسيرتين فوق سماء مدينة مروي    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    كهرباء السودان: اكتمال الأعمال الخاصة باستيعاب الطاقة الكهربائية من محطة الطاقة الشمسية بمصنع الشمال للأسمنت    الدكتور حسن الترابي .. زوايا وأبعاد    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    أمس حبيت راسك!    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهارب شرفاء (السودان) مثقفين وسياسيين!
نشر في الراكوبة يوم 18 - 08 - 2016

السيد الصادق المهدى .. اللواء / عبد الرحمن الصادق المهدى هو من يحتاج الى مبادرة!
.
.
استأذن الدكتور " النور حمد" فى إستعارة كلمة من عنوان كتابه الرائع "مهارب المبدعين" حيث لم أجد كلمة فى قاموس اللغة العربية يمكن أن تؤدى الهدف الذى إقصده على نحو "لطيف" فى هذا المقال أنسب من كلمة "مهارب" وأن أصفهم "بالشرفاء" لتأكيد حسن ظن فيهم وأملى الذى لن ينقطع بأن يتخلوا عن تقوقعهم وسلبيتهم وإنكفائهم على ذواتهم وأن يخرجوا من"محاراتهم" التى تحمل فى داخلها كثير من الألئ وأن ينظروا للأمور بوقاعية أكثر وأن يتفاعلوا بجدية ومسئولية مع قضايا وطن يئن ويتألم وينزف فى كل يوم حتى أصبح فى مفترق طرق وأن يكون أو لايكون!
بدون أدنى شك أقدر أن "البعض" لا هو "هارب" ولا هو مقصر، لكن ذلك "البعض" لا زال كم قليل ومحدود لا يتناسب مع حجم "المأساة" التى تحل ببلد كانت له مكانته التاريخية، حتى لو كان فى شكل دوليات متعددة كما يقول البعض، وكان له إحترامه وتقديره حتى وقت قريب أفريقيا وعربيا ودوليا، وكان يساهم فى حل المشاكل والأزمات بالرأى السديد لا بالسلاح، بدلا من أن يتسبب فيها ويختلقها ويصدرها للآخرين خاصة فى دول الجوار ثم يعانى منها أخيرا فى نفسه، بعد أن هجم "النمر" على ذلك الوطن فى 30 يونيو 1989.
قبل أن ابدأ الحديث عن تلك "المهارب"، اقول بأنى أتابع فى دهشة وإستغراب كبيرين مواقف قائد سياسى فى قامة السيد/ الصادق المهدى – الدولية والسودانية – الذى قد نختلف معه وفيه لكننا نعترف ونذكر ونكرر فى كل وقت بأنه آخر رئيس وزراء منتخب ديمقراطيا فى السودان ومن خلال إنتخابات لم تعرف "التزوير" أو "الخج" وجرت فى جو سلمى وصحى رغم سخونتها دون حاجة لمراقبين إقليميين أو دولييين.
من ذلك المنطلق تقع على عاتقه مسئولية أكبر، لا نغمطه حقه إذا اصاب، لكن من واجبنا أن ننتقده حينما نرى موقفا أو تصريحا لا يليق بآخر رئيس وزراء إنتخبه شعب السودان وقع، ذلك "الإنقلاب" المشئوم فى عهده وهو لا يعفى من مسئولية وقوعه إستناداعلى نظرية "المؤامرة" أو من حيث "تفريطه" وسوء قراءته للمشهد السياسى فى ذلك الوقت وتقويمه غير الصحيح لما كان يعرف بحزب "الجبهة الإسلامية القومية" وهو أحد مسميات تنظيم جماعة "الإخوان المسلمين" ولا يعفى من المسئولية الى جانبه "وزير داخليته" السيد/ مبارك الفاضل، ومن عجب أنهما من أقرب "المعارضين" للنظام الآن .. وهذا ما يزيد الأمر حيرة وكأنهما لم يدركا حتى اللحظة حقيقة هذا التنظيم الإرهابى التخريبى الدموى، الذى لا يعترف بالديمقراطية ولا يؤمن بها ولا يمكن التعائيش معه فى وطن واحد.
الموقف الذى يدهشنى، أن السيد/ الصادق المهدى وبمجرد أن أنفض سامر مجموعة قوى "نداء السودان" وهو جزء منها، تلى ذلك الذهاب للتوقيع على "خارطة الطريق" التى حظيت بتأييد ورفض يكاد يكون متساو عند السودانيين .. ثم توجه الفريقان المعنيان بالحوار والتفاوض فى المسارين من قوى "نداء السودان" فى مواجهة "النظام" والمتحالفين معه، لاحظنا للسيد/ الصادق المهدى، وكأنه مباشرة قد إتخذ موقف "الوسيط" لا "الشريك"،وبدأ بإطلاق مناشدة "للكفتين"، المعنية بالمنطقتين جبال النوبة والنيل الأزرق والأخرى المعنية بملف دارفور، من جهة .. ومن يمثلون نظام "المؤتمر الوطنى" من جهة أخرى، من خلال مسارين كما هو معروف وحسب رغبة "النظام" وموافقة الوسيط، "أمبيكى" مع أن الصحيح هو أن تحل كآفة مشاكل السودان التى لا تنفصل عن بعضها البعض فى طاولة واحدة وغرفة واحدة لو كان النظام فعلا مهتم بحل مشاكل السودان، لكن هل يعقل ذلك وهم "سادة" نظرية "فرق تسد"؟
لم يكتف السيد/ الصادق المهدى، بتلك المناشدة بل أعلن فى اليوم التالى عن نيته لصياغة "مبادرة" جديدة تقرب المسافة بين رؤى شركائه فى منظومة "نداء السودان" و"النظام" .. لا أدرى هل هذا موقف جديد يمكنه من أن يضع قدما مع النظام والقدم الأخرى مع "قوى" نداء السودان .. وهل هذه "بدعة" سياسية سودانية لم نشهد لها مثيل فى أى مكان .. هل يعقل مثلا أن نرى موقف مشابه من الأرزقى "أحمد بلال عثمان" مثلا وهو يناشد الطرفين للتوصل لإتفاق، أم أن تخرج تصريحاته "المدفوعة" القيمة مؤيدة لموقف "النظام" مهما كانت سالبة؟
دون إطالة اقول للسيد/ الصادق المهدى، أن من يستحق مناشدة ومبادرة فى الحقيقة هو سعادة "اللواء" مساعدرئيس جمهورية/ عبد الرحمن الصادق المهدى، ومع تقديرى لفصل رؤية الأب عن الإبن خاصة عندنا فى السودان البلد الذى يعشق أهله "الحرية" لأقصى حد وللأسف لم يستمتعوا بها حيث ظلوا اسرى "الطائفية" والإنقلابات العسكرية، منذ الإستقلال !!
لا أدرى الا يشعر سعادة "اللواء" السيد/ عبد الرحمن الصادق، ومعه نجل السيد/ الميرغنى، أنهما يأكلان ملا حراما لأنهما لا يقومان بأى دور يذكر من خلال منصبيهما التشريفين؟
اليس من حق المختلفين مع السيد/ الصادق المهدى فى "مغالاة" داخل حزبه وخارجه، أن يسألوه كيف يناشد ويبادر ويطالب الآخرين لإتخاذ مواقف معينةوهو عاجز عن إرشاد ابنه للطريق القويم وبالتخلى عن نظام "مجرم" أو على الأقل أن يتوقف عن إطلاق التصريحات المستفزة التى تسئ اليه شخصيا وللأسرة "المهدية" وللحزب حتى لو لم يكن سعادة "اللواء" عبد الرحمن مرتبط به وأن قريبه "مبارك" أقرب للحزب منه؟
الا يعلم سعادة اللواء/ عبد الرحمن الصادق أنه قد وضع فى هذا المكان - فقط - لكونه إبن "الصادق" الذى ينتمى لأسرة " المهدى" كخدعة من نظام يجيد "الخدع" من خلالها "يصور" لعالم لا يهتم كثيرا بتفاصيل قضايا السودان، أن النظام يشارك فيه "إبن المهدى" مثلما يشارك فيه "إبن الميرغنى"، وهما حسب التصنيف الذى تركه "المستعمر" حينما غادر أرض السودان أكبر بيتين فيه.
وطالما أكبر بيتين يرعيان أكبر حزبين ، يشارك أبناءهما فى النظام فلماذا يعارضه البعض ويرفعون فى وجهه السلاح؟ اليس ذلك هو السؤال المتوقع من أى مسئول أممى لو كان السودان يهمه فى شئ؟
ولولا أن سعادة "اللواء" السيد/ عبد الرحمن إبن السيد/ لصادق ينحدر من ذلك البيت لما منح هذا المنصب الذى لا قيمة له ولا دور.
هل يعقل ان لا يعرف سعادة "اللواء/ عبد الرحمن الصادق المهدى أن "الدفاع الشعبى" عبارة عن "مليشيات" إجرامية ترتكب أقبح واسوأ الجرائم وربما تفوق خطورتها وإرهابها وإنفلاتها كآفة "المليشيات" الأخرى الموجودة فى السودان؟ الم يسمع سعادة "اللواء" بما كانت تفعله "مليشيات" الدفاع الشعبى فى الجنوب، قادتها وجنودها "المخدوعين" يظنون جهلا أنهم مجاهدون؟
الا يعلم سعادة "اللواء" السيد/ عبد الرحمن الصادق المهدى وهو "عسكرى" أن السبب الأساسى لإنحياز "الجيش" المصرى لشعبه فى ثورة 30 يونيو 2013 التى لا ينكرها غير الإسلامويين فى الكرة الأرضية ومعهم "الباشا" الإسلاموى أردوغان، أن "الإخوان المسلمين" حينما أستلموا السلطة فى مصر خططوا سريعا لتأسيس قوات "دفاع شعبى" و"شرطة شعبية" أشبه بالحال فى السودان وكادوا أن يفعلوا ذلك .. وأن رئيسهم "مرسى" سحب القائم بالأعمال المصرى فى سفارتهم بسوريا وأعلن عن فتح "الجهاد" يعنى إذا تدخلت مصر فيما يدور فى سوريا فلن تتدخل كجيش نظامى وإنما كقاعدة وكدواعش وكأى تنظيم همجى يعمل الآن داخل سوريا أم أن اللواء/ عبد الرحمن الصادق المهدى، لا يقرأ كوالده بل لا يتابع القنوات الفضائيه كمسئول فى النظام الذى يحكم السودان الآن، لذلك لا يدرك خطر "مليشيات" الدفاع الشعبى، ولذلك يرى من حقها أن تعمل فى وقت السلم أو الحرب، إذا استمر هذا "النظام" الكوؤد أو لو حدث تحول "ديمقراطى" حقيقى أقرت من خلاله دولة "المواطنة" التى ظل يحلم بها أهل السودان منذ الإستقلال؟
لا يمكن يا سعادة "اللواء" ياإبن المهدى أن يقبل "ضابط" وطنى بمثل تلك المليشيات أن تعمل فى بلده وتعوث فيه فسادا وتنهب المواطنين وترتكب أفظع الجرائم، حتى أصبح عدد من قادتها ضمن المطلوبين "للمحكمة الجنائية الدولية" التى ما منها بد ولابد أن نرى رموز النظام يحاكمون أمامها ولن يرتاح واحد منهم الا أن يغيبه الموت.
___________
ومن ثم اقول .. أمر مؤسف للغاية أن تقرأ أو تسمع للعديد من المنتمين لطبقة "النخبة" السودانية وأعنى بهم "المثقفين" والناشطين السياسيين السودانيين فى مختلف المحافل خاصة الذين يعيشون فى المنفى – مضطرين - وبصورة أكثر خصوصية فى الدول التى تتيح لهم فرص القراءة والإطلاع والمعرفة.
وبمجرد أن يبدأ أحدهم حديثا عن الواقع السودانى تجده "تهربا" من مواجهة مسئوليته المباشرة الشخصية تجاه "الوطن" بعبارة اصبحت محفوظة ومملة يقرر من خلالها "بالا خير فى النظام أو المعارضة" .. أو أن يقول "النظام سئ والمعارضة كذلك سيئة"، تلك العبارات تقال فى حالتين أو لسببين الأول "منافقة" لجليس يفترض من خلال معرفته أو ما يدل عليه "شكله" بأنه مؤيد "للنظام". يعنى ذلك "المثقف" والناشط ينافق أو دعنا نلطف الكلمة ونقل "يجامل" غير مضطر، إشخصا إما جاهل أو أرزقى، بدلا من نصحه وتوجيه كلمة حق فى وجهه تصله بكل أدب وإحترام.
السبب الثانى أو المبرر الثانى فى إطلاق مثل تلك "العبارات" هو نوع من "الهروب" من تحمل المسئولية للتمتع براحة نفسية، لكون ذلك المثقف والناشط لا يعارض نظاما لا يوجد فى الكون كله نظاما أسوأ منه لا داعى أن اعيد وأكرر "الأيدولوجيا" التى يستند عليها النظام التى لا يمكن أن تثمر عن خير.
فإذا كان الأمر كذلك فلماذا نلوم شعبنا فى "الداخل " الذى يعانى من جميع اصناف البؤس والشقاء والذى يصفه أولئك "الهاربين" من مواجهة الحقيقة بعبارات مثل "الشعب لا يتحرك .. والشعب لا يثور كباقى شعوب العالم" والذى يردد مثل هذا الكلام تجده حينما تتحرك أى مظاهرة يتصل بذوى القربى يحذرهم من المشاركة فى تلك المظاهرات أو الوقفات الإحتجاجية خوفا على حياتهم.
هنا اقول ليس تقليلا من شأن شعبى ولا إتهاما له بالخوف أو الخنوع، لكنى وبكل صراحة أعذرهم لا أعول كثيرا على "تغيير" يحدث عن طريق إنتفاضة شعبية كما يردد عدد كبير من قدامى "الساسة" الذين لا زالوا اسرى الإنتفاضات والثورات القديمة التى أبتدعها الشعب السودانى وللأسف كلها سرقت ولم تحقق له ما كان يتمنى إذا كان ذلك فى أكتوبر 1964 أو فى ابريل 1985.
للأسف هؤلاء الساسة الكبار لا يقدرون حقيقة ما يدور فى السودان منذ 30 يونيو 1989، ليس جهلا منهم أو لعدم خبرتهم السياسية، المشكلة الحقيقة تكمن فى "معظم" اؤلئك الساسة الكبار، لا يختلفون "مبدئيا" مع الأيدلوجيا الإسلاموية التى ينتهجها "النظام"، يعنى هم بصورة أو أخرى "متأسلمون" ولولا ذلك فمن اين أتى "اللواء" عبد الرحمن الصادق، بقناعة لا يرى فيها وجود أى مشكلة فى مليشيات "الدفاع الشعبى"؟
الم نقرأ لقيادى "شيوعى" من قبل، أثار "فصله" من حزبه كثير من الإنتقادات، معلنا بعدم وجود مشكلة عنده فى أن تطبق "الشريعة الأسلامية" كما كانت فى القرن السابع على شعب السودان، فى القرن الحادى والعشرين؟ وإذا كان ذلك رأى قيادى "شيوعى" فكيف يكون الحال عند المنحدرين من أحزاب طائفية كانت تعمل لأقرار دستور "إسلامى" عام 1968 يفترض أن يجعل الدولة "السودانية" طلبانية وداعشية من قبل أن تظهر تلك الجماعات فى الوجود، وكان الحزب "الشيوعى" نفسه ضحية مؤامرة أدت لحله وطرد نوابه من البرلمان بسبب هيمنة ذلك الفكر وتلك الأيدلوجيا الإسلاموية.
إذا قدر البعض مواقف السيد/ الصادق أم لم يقدرها، لكن الحقيقة تقول أن "المسافة" قريبة جدا بين جماعة الأخوان المسلمين وحزب الأمة ومن ورائه "الطائفة"، ولولا ذلك ما أدخلهم السيد/ الصادق المهدى، فى حكومة إئتلافية يوم أن أختلف مع الإتحاديين وكانت تلك بداية "التمكين" .. ولولا ذلك لما توسط لهم فى "مصر" لكى يعودوا من جديد ةويعملوا بالسياسة، بعد كل الممارسات الإرهابية البشعة التى تابعناها وكان خطرهم سوف يمتد حتى يصل الينا وربما عبرنا الى جنوب أفريقيا .. ولولا ذلك لما إستمعنا اليه وهو يدلى بين وقت وآخر بشهادة عن "الإخوان المسلمين" تبرئهم من "الإرهاب" وتؤكد على ضرورة وجودهم فى السلطة فى السودان، مع أن وجودهم يعنى الإقرار "بالدولة الدينية" التى يتهربون من مسماها وهم يمارسونها حتى لو كانت "مدغمسة" وفى اسوأ صورالدولة "الثيوقراطية" ولا داع كذلك أن أتحدث فى إسهاب عن "لفكر" هذه الجماعة الشمولى الإقصائى بل أكتفى بما لخصه "سيد قطب" فى كلمتين حينما قال أن الصراع فى الكون كله بين "كفر وايمان".
ببساطة شديد أعذر شعبى ولا أتهمه بالجبن والخنوع والأستكانة لكنى لا أعول كثيرا على إنتفاضة "سلمية" .. وسلمية هذه كلمة حق أريد بها باطل بدأ فى ترديدها "الأخوان المسلمين" وجماعة "الإسلام السياسى" قبيل أو خلال ما عرف بثورات الربيع العربى من أجل الخداع والتضليل وخوفا من بطش الأنظمة العربية الحاكمة، ولكى يصوروا للعالم أنهم ثائرين ومتظاهرين سلميا حتى لو إستخدموا السلاح.
فالإنتفاضة "السلمية" لن تنجح فى مواجهة مثل هذه الأنظمة القامعة الباطشة التى تبرر كل فعل قبيح تفعله بأنه لله ومن أجل نصرة الدين ولذلك فقتلاها فى الجنة وقتلى خصومها معارضيها فى النار.
مما يعنى إنتفاء الجريمة حينما يقتلون متظاهرا سلميا أو غير سلمى!
ذلك فهمهم وتلك هى رؤيتهم، أما فى الجانب العملى والميدانى، فدعنا ننظر الى ما يدور فى سوريا التى يحكمها نظام " نعم" عقائدى "بعثى" وديكتاتورى شمولى لكن كان لها ولا يزال جيش قوى مدرب تدريبا جيدا ويمتلك اسلحة متطورة ولابد أن يكن ذلك فبجاوره دولة معادية تمتلك جيشا يعد من اقوى الجيوش فى المنطقة.
ذلك الجيش "السورى" عانى خلال عدد من السنوات ولا زال يعانى، من تدفق الجماعات المتطرفة لا أستثنى منهم أحدا ، داعش، نصرة، أنصار الشريعة، جيش الشام، إخوان مسلمين، فجميهم فى النهاية متطرفون يتبنون منهجا إرهابيا بالمفهوم العصرى، وكلهم ينظرون نظرة دونية لغير المسلمين وكلهم يؤمنون بالجهاد و"بالفتح" والسبى والإسترقاق وما ملكت الأيمان، وبنكاح الجهاد .. وصل عدد المليشيات التى تؤمن بذلك الفكر فى سوريا أكثر من 350 الف مقاتل حسب آخر إحصائية وتحاربهم الى جانب الجيش الحكومى "السورى" دول عظمى وكتائب "حزب الله"، لكن حتى الآن لم يتحقق النصر وتحسم المعركة ويدحر "الأرهابيون" لا لقوتهم وإنما لأن داعم الأرهاب الأكبر فى العالم "أردوغان" ظل يضئ لهم اللون الأخضر للدخول ولتعويض الخسائر البشرية بين صفوفهم والدليل على ذلك دخول عدد من اولادنا وبناتنا عبر المنفذ "التركى" منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر يومه وأجله.
فإذا كان الأمر كذلك فى "سوريا" فما بالك بالذى يحدث فى السودان والنظام "الإرهابى" المتطرف الذى لا يختلف عن المليشيات الموجودة فى سوريا هو الحاكم والمسيطر على أرض السودان وثرواتها ويمتلك 5 "مليشيات" لا تحارب ضده، بل الى جانبه لا يرى سعادة "اللواء" ابن السيد/ الصادق المهدى أى خطر من إحداها وهم يرددون فى اناشيدهم كلما يحمل معانى الحقد والكراهية للجنس البشرى تختتم ب "قش أكسح ما تجيبو حى".
لقد رأى الشعب السودانى كله ما حدث لإبنائه الطلاب فى وسط العاصمة خلال ساعات محدودة فما بالك بما يحدث فى الأطراف شرقا وغربا وجنوبا وشمالا، حيث أفادت الأخبار أن "مليشيات" حميدتى قد مارست إرهابا للمواطنين فى أقصى شمال السودان لكى يؤكدوا للجميع قدرتهم على الوصول الى أى جهة سودانية، وقد نقلت تلك المعلومة جريدة "التيار" التى يرأس تحريرها الأستاذ/ عثمان ميرغنى "الإسلاموى" الآخر الذى لا يشعر مثل اللواء/ عبد الرحمن الصادق، بخطر عدد من "المليشيات" من ضمنها "الدفاع الشعبى" تمددت واصبحت اقوى من الجيش الذى تركه المستعمر، مهما كان أفضل مما هو عليه الآن من حال.
الحقيقة التى يجب أن يعترف بها أى "مثقف" وأى "سياسى" أن السودان الآن محكوم بعصابات وبمليشيات إرهابية لا تتورع من قتل أى سودانى تشعر بخطره على النظام وأن المجتمع الدولى والأفريقى والعربى يقف متفرجا من أجل تحقيق مصالحه، إما بسبب فساد فى تلك الدول أو جهل قادتها الذين يتعاملون مع النظام وكأنه ممثل حقيقى لشعبه.
رغم كل ذلك وتلك هى الحقيقة وأن الشعب السودانى الأعزل يواجه نظاما فى حقيقته هو تنظيم إسلاموى "إرهابى" متطرف، لكنى لا أدعو للتوقف من "النضال" بأى شكل من الأشكال والتفكير فى التخلص من ذلك النظام بكآفة الوسائل حتى يتحقق "النصر" مهما طال أمده وأن يتوافق من يتبقى من سودانيين على تأسيس نظام سياسى سليم يرسخ لديمقراطية حقيقية ودولة حديثة تقوم على أساس "المواطنة" تنأى بالدين عن السياسة، لا عن المجتمع الذى من حق افراده أن يؤمنوا بما يشاءوون.
مرة أخرى كفاية مساواة بين النظام والمعارضة مهما كان حجمها، حتى لا يتساوى الجلاد مع الضحية.
تاج السر حسين – [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.