كثيرون هم الذين يطلقون مصطلح (رجال الدين) دون أن يفطنوا لمغزاه، وصفاً لعلماء المسلمين، ودعاتهم، وفقهائهم، حتى درج الكثير من المثقفين والإعلاميين يردد هذه الكلمة دون إدراكٍ لمفهومها، ومنشئها، أو فهمٍ لمعناها. إن كلمة (رجال الدين ) تحمل مفهوماً خطيراً، ومعنى فاسداً سقيماً، وهو اصطلاحٌ أجنبي، أطلقه الغربيون على القسيسين والرهبان، والأساقفة، وصفاً لحالهم، وتقريراً لواقعهم، ذلك عندما قامت الثورة الفكرية 1789م في أوروبا تطالب بالإصلاح والتحرر من سيطرة الكنيسة ورجالها، تلك الكنيسة كانت تقف في وجه كل دعوة إصلاحية حسب المفاهيم الغربية وتتهمها بالمروق من المسيحية، فسامت الناس سوء العذاب قروناَعدة،وقهرتهم وظلمتهم باسم الدين، مما أدى إلى تأخر أوروبا وفسادها وشيوع الاضطراب النفسي والفكري و المادي فيها حتى انتزع رجال الفكر السلطة من رجال الكنيسة، وتركوا لهم أمور العبادة والطقوس الدينية يديرونها كيفما يشاؤون، وقد رضي رجال الكنيسة بهذا الحال واقعاً لا يمكن تغييره، وقاعدتهم المعروفة: (اعط ما لقيصر لقيصر، وما لله لله ) . وبذلك هم يسمون رجال الكنيسة (رجال الدين) على أن الدين لا صلة له بالدنيا، وله رجال لا يتدخلون بأمور الدنياالتي لها رجالها، وقد انتقلت هذه التسمية مع الأسف إلى المسلمين بالتقليد الأعمى وأخذ المصطلحات الغربية دون تمحيص، مع العلم بأن الإسلام ليس ديناً كهنوتيا بل هو دين شامل للحياة بكل تفاصيلها، وكل المسلمين ينبغى أن يكونوا رجال دين، بل إن من أهم شروط الولاية في الإسلام: الفقه، والعلم بالدين، حتى تهتدي نشاطات الحياة بأكملها بأحكام الإسلام التي تشمل كل شيء. ومن هنا يتبين مفهوم هذا المنطوق السقيم ودلالاته الفاسدة. وعليه الحذر من إطلاق هذا المصطلح وصفاً للعلماء والدعاة. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل. د. محمد آدم عثمان [email protected]