ظللت بقلق بالغ أتابع نتائج التصويت في إنتخابات السباق نحو البيت الابيض الامريكي مستصحبا نتائج إستطلاعات الراي و عاطفتي الشخصية التي لا ترغب في فوز السيد ترمب,كل إستطلاعات الراي كانت لصالح كلينتون و التي لا شك مال الاعلام الامريكي لجانبها كثيرا,طبعا وجودها في البيت الابيض سابقا كزوجة للرئيس الاسبق كلينتون تأريخها كمنافسة في الانتخابات للرئيس الحالي ومنصبها السابق كوزيرة للخارجية اضافت كل هذه الاشياء لها زخما عكس منافسها ترمب القادم من خارج المؤسسة الامريكية السياسية العريقة و الذي ليست له أي خبرة أو داعمين في هذا المجال. عاطفتي الشخصية حال كل مسلم و شخص غير أبيض كان سببها عنصرية السيد ترمب الواضحة و الفاضحة و يمينيته المتطرفة مع أنه غير متدين إلا أنه ضد الاسلام و المسلمين ,الطريف في الامر أن كثيرا من الكنائس دعمته بالقول للناخبين أن الشيطان يتصرف من خلال الديمقراطيين. من الواضح أن السيد ترمب هو الفائز لاني و أنا أكتب هذا المقال تبقي له فقط ست أصوات ليكسب 270 من اصوات المندوبين متفوقا علي كلينتون التي حصلت علي 270 حتي الآن. من الجلي أن الرئيس الامريكي القادم وجهه لا يبشر بخير,حتي أوروبا لا ترتاح له و تتمني عدم فوزه لكن الله غالب,الرجل بالرغم من عدم خبرته السياسية و بورجوازيته الا أنه حصد اصوات الطبقة الوسطي الامريكية لسببين رئيسيين, السبب الاول هو الاقتصاد أذ عانت هذه الطبقة كثيرا في الآونة الاخيرة علي صعيد المعيشة و السبب الثاني هو الاسلاموفوبيا التي غذاها صعود داعش و الاحداث الارهابية الاخيرة في اوروبا و أمريكا. فوز ترمب لا يجب ان يؤخذ بمعزل عن أحداث أخري في العالم و المنطقة و محليا : 1-مؤتمر غروزني: وضع تعريفا لاهل السنة و الجماعة إستثني منهم الفكر السلفي الوهابي. 2-قانون جاستا و قوانين أخري أمريكية :يدعو لان تدفع السعودية و دول أخري من بينها السودان تعويضات مالية لاسر ضحايا هجمات إرهابية قتل فيها أمريكيون. 3-نكوص الغرب عن رؤيته لحل مشكلة سوريا بإطاحة الاسد خوفا من تنامي الارهاب الاسلامي. 4-نكوص الغرب عن التزامه الانساني بدعم اللاجئين الفارين من المناطق الملتهبة في أفريقيا و الشرق الاوسط خوفا من تغلغل إرهابيين وسطهم. 5-تعديل بعض مواد القانون الجنائي السوداني ذات الاصل السلفي. 6-تجديد العقوبات الامريكية علي السودان لعام آخر. 7-تطبيق إجراءات إقتصادية مرة بالتدرج في مصر و فجأة في السودان تماشيا مع مبدأ الصدمة الاقتصادية الذي إبتدعه ميلتون فريدمان الامريكي الصهيوني الحائز علي نوبل في الاقتصاد و الذي وضع مبادئ اقتصاد النظام العالمي الجديد. 8-فشل أنموذج الاسلام السياسي في السودان و مصر و تبنيه موقفا وسطا في تونس حركة النهضة مثالا. 9- صعود نجم المنادين بالعلمانية والدولة المدنية حتي وسط المتدينين في العالمين العربي و الاسلامي. 10-صعود نجم اليمين في أوروبا. القائمة تطول و لكن المحصلة واحدة ,هناك تصادم مع باقي العالم كما قال صامويل هنتنجتون في كتابه صراع الحضارات, و هناك إنحطاط و مشاكل كبيرة عندنا,يجب ان تراجع النخبة الاسلامية المثقفة موقفها من الارث السلفي القديم و المحتوي علي الكثير من المثالب و قبل هذا و ذاك يجب أن تستجيب لتطلعات جماهيرها في حقها في الحصول علي الحد الادني من العيش الكريم,صار الانسان في دولنا نهبا لليأس و الاحباط و الحيرة, فإما أن تتناوشه المصائب في مكانه, و إما أن يحاول الهرب فيقتل بالرصاص عند الحدود و إما أن يركب قوارب الموت فيموت و هو يحاول أو ينتصر فيصل و يعيش منبوذا في وطن غير وطنه ,قلة من اللاجئين ينجحون في تحسين ظروف حياتهم في الغربة,أكثرهم يقنعون بأن يأكلوا و يشربوا و يرسلوا لاهليهم بعض الدريهمات. [email protected]