فاز دونالد ترامب أو فازت هيلاري كلينتون برئاسة الولاية الأمريكية؛ في تقديري شأن داخلي؛ وأمر يعني الأمريكيين بالتحديد؛ ولماذا لم يفز الحزب الدستور أو الخضر؟ لأن اللعبة السياسية تتراوح بين الجمهوريين / الديمقراطيين ! فإذا قمنا بعملية إحصائية بسيطة جدا ؛ فعدد رؤوساء أمريكا [ 45 رئيسا] منذ سنة 1789/2016 فالحزب الديمقراطي[ 19] والجمهوري[19] والمستقل[ 02] واليمين[ 04] والفيدرالي [01] فهل مصادفة أن يتعادل الحزبين المهيمنين على الحياة السياسية الأمريكية ؟ لكن الضعف والخنوع العربي؛ جعل الصحف والأقلام والأفواه ككل الانتخابات الأمريكية؛ يحللون ويتمتمون ويزممون؛ كأنهم أصحاب الشأن؛ ومن ساكنة الولايات؛مما تباينت ردود الفعل بين الترحيب والقلق والتذمر؛ففي هاته الانتخابات اشتعلت قريحة المواطن العربي؟ فبقدرة قادر حولوا– ترامب- عدو الشعب العربي الوحيد ؟ وذلك بناء على لهجة الوعيد التي كان يتحدث بها خلال حملاته الانتخابية تجاه العرب والمسلمين؟ دونما تريث وتمعن في الأفكار والقضايا المنطرحة؛ لأن هناك أزيد من 22 جهازا في البيت الأبيض يتحكمون ويفعلون في سياسة البلاد؛ ومن ثمة فليس وحده من يحكم في أمريكا، مثل الحاكم العربي ! فبدأت بعض مواقع التواصل الاجتماعي تشتعل ما بين مرحب و رافض، وبرزت بعض الكاريكاتورات والفيديوهات تتسرب حوله ! أما التعليقات فحدث ولاحرج. فمثلا عدد من المعلقين أعربوا عن صدمتهم جراء فوز ترامب، صاحب المواقف المعادية للمسلمين والمهاجرين، فيما وصف معلقون آخرون وصوله للرئاسة ب"الزلزال السياسي". وبعضهم قال:"تمكن الملياردير الأمريكي الشعبوي دونالد ترامب الذي لا يملك أي خبرة سياسية من الفوز،الأربعاء، في الانتخابات الرئاسية، في زلزال سياسي غير مسبوق يغرق الولاياتالمتحدة والعالم في مرحلة غموض قصوى. وهناك من اعتبر فوزه بالنكسة السياسية؛ وتناسوا النكسات التي يعيشها الشعب العربي يوميا؛ لكن الأخطر في نظري؛ تصريحات بعض الحقوقيين وجمعياتهم؛ مثل : فحقوق الإنسان لن تشهد تغيرا في عهد ترامب باستثناء بعد التغير الجزئي في السياسة الخارجية ! بعضهم قال: ملف حقوق الانسان في العالم العربي سيبقى معلقا؛؟ فهل أمريكا هي التي تحرك ملفات حقوق الإنسان في الوطن العربي؛ أم الإرادة الحقوقية ؟ فمادام الأمر كله بيد أمريكا؛ فلننتظر أن سقط الأمطار على الدول العربية التي تعيش في هاته السنة انحباسا حراريا؛ غير مسبوق؛ وحتى الفنانين والمطربين؛ أدلوا بدلهم؛ بحيث أحد المطربين في تدويناته بين أنه مهتم بالمجال السياسي فخط : زمن الحزب الديمقراطي ما شفنا غير مصايب وحروب ومؤامرات وإرهاب ما شفنا غير الظلم. يالسخافة السياسة العربية في رؤيتها وبعدها ! ويالحماقة من يسمون أنفسهم محللين سياسيين؛ ربما لم يطلعوا على كتاب الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون- نصر بلا حرب – المنشور في 1999 - مقدما توصية للناخب الأمريكي الذي سيختار زعماءه خلال الحقبة المتبقية من القرن العشرين حين يقول: عندما نختار زعماءنا علينا أن نتذكر أنهم ليسوا مرشحين لاجتياز اختبار القديسين، ومن المهم أن يكونوا حسني السمعة والشخصية، ولكن الأهم أن يتميزوا بالقوة والذكاء . وبناء على ذلك؛ فاختيار – ترامب – له ماله من حيثيات فلسفية/ اقتصادية؛ ذات شأن أمريكي صرف؛ وبالتالي فهو أمريكي وليس من مواطني - تنزانيا أو كوريا أو الأورغواي... وسينهج منهجية سابقه؛ لأن ديمقراطيتهم متسلسلة التعامل مع طبيعة ملفاتها؛ فلن يكون خارج نسخة من سبقوه للبيت الأبيض؛ من مسؤولين ولهم تأثيرهم ومؤثرون دائماً بحكم ما لديهم من الخبرة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، فلن يكون بعيدا عن سياسة ليندون جونسون حينما أعلن عام 1964 أمر بهجمات جوية أمريكية ضد شمال فيتنام. بعد اتخاذ موافقة الكونغرس في قرار خليج تونكين للسماح له بالتوسع الحربي ؛ وبعدها ترك إرث الحرب لنيكسون ففي1972 فأمر بما سمي "بقصف عيد الميلاد" للشمال لإستعادة الفيتناميين الشماليين على منضدة المؤتمر. وبتسلسل الحروب والتدخلات السافرة ؛ في مناطق العالم؛ فلن يكون – ترامب – أو غيره مخالفا لبوش الأب (مثلا) قبل مغادرته للبيت الأبيض؛ قام بالدفع بالقوات العسكرية لاحتلال الصومال، وهو الأمر الذي استمر مع كلينتون حتى معركة مقديشو في أكتوبر 1993 ثم شنّ كلينتون هجوما في نفس الشهر على عدة مواقع في أفغانستان ! فهل الجمهوريين أم الديمقراطيين رحماء؟ والعراق دكت دكا ؛ ودخلها العملاء[ العرب] صفا صفا؛ فغرق فيها أوباما خلفا لجورج بوش الابن مُحملًا بتركة عسكرية ثقيلة من حرب في أفغانستان إلى حرب في العراق،وبعدها شنت إدارة أوباما ثلاثة حروب عسكرية خارجية، بدأت في 2011 عبر عمليات عسكرية محدودة في ليبيا لإسقاط نظام معمر القذافي.... فما يغيب عنا أن طبيعة النظام السياسي والاجتماعي في أمريكا متمأسس على اختيار الكفاءات، وبالتالي لا يتجاهل الخبرة على الإطلاق بل ويستدعيها أيا كان موقعها وكلما لزم الأمر أو تفجرت مشكلة أو أزمة، أو استدعت الظروف وضع سياسات جديدة. وما فوز ترامب إلا من هاته الزاوية التي لم تناقش؛ وسبب فوزه ؛ لكي تبقى أمريكا وستبقى قائمة؛ وإسرائيل ستظل إسرائيل؛ وسنظل نحن العرب ضعافا ؛ نعاجا؛ قططا؛ في المشهد السياسي العالمي؛ وبما جادت به أجندة البيت الأبيض...... ملاحظة: أغفلت الإحالات ؛ تلافيا للإحراج؛ وتلافيا للدعاية لها [email protected]