هناك بعض المهام تبدو مستحيلة عندما نفكر فيها قبل ان نبدأ. وغالبا ما ندهش أنفسنا والاخرين عندما نقوم بإنجازها. الأمثلة كثيرة وحياة كل فرد منا حافلة ببعض النماذج. فكم من مرة صدقنا اننا لا يمكن ان ننجز مهمة محددة وأننا لسنا قدرها كما نقول ولكن بالبدء والاصرار والتصميم ننجزها وبتفوق. هذا لا يعنى ان كل ما نحتاجه هو التصميم بل طول النفس ايضا وتعويد أنفسنا على الاستمتاع بالرحلة مهما كانت صعوبتها وليس فقط التعجل للقفز الى النتيجة. لقد لخص ذلك نلسون مانديلا فى جملة بسيطة هى: دائماً يبدو مستحيلا حتى يتم It always seems impossible until it is done انها حقيقة. لقد أسقطنا نظام عبود ونميرى ويمكن ان نسقط هذا النظام الفاسد المتغطرس. اليوم خطوة ومهما كانت صغيرة فهى بلا شك خطوة جبارة توكد على قدرة شعبنا على إسقاط هؤلاء اللصوص. ولكن الغبى هو من يكرر نفس الأخطاء وحاشا وكل فان شعبنا ليس بالغبى بل هو بلا شك المعلم. لا بد من الاستفادة من تجارب الماضى. لا بد من الاستعداد لما بعد حكم الإنقاذ. لا بد من التأكد ان جهد ودماء وتضحيات بنات وأبناء وطننا الشرفاء لن تسرق ونبدل طاغية بطاغية اخر. لقد أوصل نظام الإنقاذ بلادنا الى حالة من السوء لم يعد معها هامش ارتكاب الأخطاء كبيرا. البلد فى وضع كالمريض فى غرفة الانعاش لا يحتمل التجريب بل يحتاج الى جهد النطاس البارع الذى يضعه على الطريق الصحيح ليتعافى. أننى اومن تماما بمقدرة شعبنا ولكن تجارب الماضى تقول لابد من ان يعمل الجميع على خارطة طريق واضحة لما بعد الانقاذ. هذا عمل يحتاج الى ان نتواضع ونقر بصعوبة المهمة ونشمر عن سواعدنا ونقوم بالاعداد لها. وفى هذا لا بد من العمل الجماعى للسودانيين بالداخل والخارج. ولعل اول الدروس منذ عبود وحتى البشير ان حكم الجيش ليس بالدواء الشافى لعلل الديمقراطية بل ان الشفاء فى المزيد من الديمقراطية. الانقلاب العسكري بدعوى الحفاظ على أمن البلاد وتحقيق الاستقرار السياسى والاقتصادى كإطلاق الرصاص على المريض بدعوى تقوية مناعته. تتعافى وتقوى الديمقراطية بالمزيد من الديمقراطية لا بقتلها او حتى بالتقليل منها. مسالة التلاعب بالدِّين والتى أوصلها نظام الانقاذ الى نهاياتها. مشكلة الشعب السودانى لم تكن فى الدين بعدا او اقترابا. ولقد راينا كيف انزل شعار الاسلام هو الحل الى ارض الواقع بعد اكثر من ربع قرن. وطن يعانى جل أهله من الفقر والجوع والمرض . بلاد مقسمة وحرب أهلية وإسلاميون لصوص يستخدمون الدين للنهب والقمع والفساد. الابتعاد عن العمل غير المنظم وشخصنة الأمور والسعى الجاد لوضع لبنات دولة موءسسات. هذا يجب ان يتم فى مرحلة التحضير ويتفق عليه. فاختيار من يحكم هو اختيار من يعمل فى موءسسة تقوم بالتحقق من كفاءته وتراجع عملة وتقوم بمحاسبته. كفانا ان فلان متدين وان علان شيوعى او خلافه. الموءسسية هامة جدا وهى العاصم الأوحد من صنع طغاة جدد يعتلون تضحيات بنات وأبناء شعبنا الى قمة السلطة. اذا استفدنا من تجربة الإنقاذ فى وضع كل الضمانات التى لا تسمح لأحد بالانفراد بالسلطة او إطلاق يدية فى المال العام نكون قد وضعنا اللبنات لدولة موءسسات تعزز ثقة المواطن فى الديمقراطية. يجب الابتعاد عن وهم امكان اعادة الماضى من مجانية تعليم وعلاج وخدمات. لقد تم نهب السودان من قبل الموءتمر اللاوطنى وحتى اعادة الأموال التى سرقوها وهربوها لن يمكن أية حكومة من توفير مثل هذه الخدمات مجانا. لقد تغير العالم ولا بد من التعامل مع وضع ما بعد الإنقاذ بذهن مفتوح يستفيد من تجارب العالم خولنا فى التعليم والصحة والتقانة وكافة الهدمات. هناك لبنات قوية أفرزها واقع النهب الذى قامت به حكومة الإنقاذ واذكر على سبيل المثال شارع الحوادث وقرفنا وخلافة. هذه المجموعات وضعت لبنات إسهام العمل الطوعي للمنظمات غير الحكومية وهى بلا شك يمكن ربطها بالعالم الخارجي عن طريق العمل النشط والممنهج للسودانيين بالخارج. هذا العمل يمكن ان يساعد فى التعليم والصحة وغيرها. يجب ان نعمل كلنا فوق حدود الجغرافية والنظرة الحزبية الضيقة لإنقاذ بلادنا من الإنقاذ. المهمة شاقة وشعبنا على قدرها وهذا يحتاج الى جهد كل بنات وأبناء وطنناالحبييب والذى سنعيده وطننا نفخر بالانتماء اليه. [email protected]