كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    الديوان الملكي السعودي: خادم الحرمين الشريفين يغادر المستشفى بعد استكمال الفحوصات الروتينية    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مولد نبوي .. أم كريسماس شيعي؟: موسم الإهانة لسيد الأنبياء في يوم وفاته!
نشر في الراكوبة يوم 14 - 12 - 2016

-المولد الشيعي محاكاة للكريسماس وجذوره مستمدة من الوثنيات القديمة
-4 أنواع من الإهانات للنبي في المولد الشيعي
مرَّ الصحابيّ العالم عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) – وكان حينها وزيراً لأمير الكوفة- على حَلَقة تسبيحٍ جماعيٍ بمسجد الكوفة فاستنكر ذلك وقال لأصحاب الحلقة:
"فعدُّوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء!
ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هَلَكَتَكم!
هؤلاء صحابة نبيِّكم صلّى الله عليه و سلَّم متوافرون،
وهذه ثيابه لم تَبْلَ وآنيتُه لم تُكْسَر،
والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحوا باب ضلالة!
قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير.
قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه" [رواه الدارمي]
إذاً لم يُقِر الصحابي الجليل عملاً مبتدعاً، مع أن العمل في الظاهر عمل صالح بل اعتبر عملهم سبباً لكسب السيئات؛ كما إنه قال بأن أولئك المبتدعين إما أنهم على دين أفضل من الدين الذي كان عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) وصحابته، وإما أنهم بصدد افتتاح باب للضلال والانحراف. كما بيَّن بأن النية الحسنة لا تكفي إذا كان العمل منحرفاً عن هدي النبي.
تذكرتُ هذا الأثر في خضم الجدل الذي يدور سنوياً بشأن حكم الاحتفال بالمولد النبوي الذي لم يكن من دين النبي وصحابته، ولا عرفه التابعون وأهل القرون الفاضلة- بمن فيهم الأئمة الأربعة-الذين لا مجال للمزايدة عليهم في محبة النبي أو الادعاء بأن من أتى بعدهم أفضل منهم في التعبير عن تلك المحبة.
وبحسب النقاش الدائر، يتبيّن بأننا في مجتمعاتنا مبرمجون على أن الدين هو ما وجدنا عليه آباءنا فنمارسه بتقليد عاطفي أعمى دون علمٍ أو وعيٍ أو دليل أو مرجع، حتى إذا ثار النقاش بشأن العبادة المبتدعة طفقنا نبحث عبثاً عن تبرير لها مهما كان ركيكاً أو متهافتاً. وهو منطق معكوس أشار إليه ابن القيم في "زاد المعاد" بأنه منهج من يعتقد الشيء ثم يستدل عليه لاحقاً من خلال لَيْ أعناق النصوص، بدلاً من أن تكون نصوص الوحيين هي الحاكمة وفق مبدأ (استدِل ثم اعتقد).
المولد الشيعي
لم يُفتِ أحدٌ من العلماء ابتداءً بأن المولد من عبادات الإسلام وقرباته بحيث يكون الاحتفال قد تم بناءً على تلك الفتوى، وإنما جاءت الفتوى متأخرةً في محاولة بائسة للتبرير (أي أنهم اعتقدوا أولاً ثم استدلوا لاحقاً). وهكذا قام الشيعة العبيديين (الفاطميين) بابتداع فكرة المولد النبوي في مصر عام 363ه (ديسمبر عام 973م) مع موالد علي والحسن والحسين وفاطمة (رضي الله عنهم) التي ما زال يحتفل بها الشيعة وأشباههم من الطرق الصوفية التي اخترق بها الفكر الشيعي ديار المسلمين السُنَّة وهم لا يعلمون.
الحقيقة المفزعة والمؤلمة هي أن هذا المولد النبوي الذي تعلَّقت باحتفالاته عواطف الكثيرين ليس إلا إرثاً شيعياً تسرَّب إلى مجتمعات السنة، مثله في ذلك مثل تخصيص الصحابي علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) بتسمية "الإمام" (الائمة الاثنا عشر) أو "كرم الله وجهه" دون غيره من الخلفاء الراشدين أو الصحابة. ويُعَد الكريسماس (عيد الميلاد) أقرب سَلَف للمولد النبوي الشيعي. وكلاهما لا أصل لهما في رسالات الأنبياء لأن رموز الكريسماس كلها وثنية إذ اشتركت الوثنيات القديمة في الاحتفال السنوي بأعياد ميلاد الآلهة المرتبطة بتغيرات الفصول والخصوبة والحصاد، كعيد ميلاد الإله الفارسي ميثرا، وعيد ميلاد بوذا، وآلهة الهندوس راما وكريشنا وهانومان، وكذا أعياد ميلاد أوزيريس وأوتيس وغيرهم.
الأصل في العبادات أنها توقيفية أي ممنوعة إلا بدليل ونص من الشارع. وللأسف ترك كثير من الناس تطبيق ما شُرِع من العبادات واهتموا باختراع أو ممارسة عبادات غير مشروعة. تُرى هل طبقوا سنة النبي كاملة ثم جاءوا يبحثون عن الأزيد؟ الجواب للأسف لا. البدعة شرعاً (وليس في الإصلاح اللغوي) اختراع وإضافة عبادات في الدين، وهي ضلالة وانحراف في كل الأحوال لأنها تؤدي لتحريف الإسلام وتشويه معالمه.
"كل بدعة ضلالة"، هكذا عبّر عنها النبي صلى الله عليه وسلم بوضوح في خطبة الحاجة إذ قال:
" وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار"]رواه النسائي[
وقال صلى الله عليه وسلم بوضوح: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" (رواه البخاري ومسلم)، مبيّناً بأن العبادة المبتدعة مردودة وغير مقبولة.
فلا يوجد هدي (طريقة) في العبادة أفضل مما كان عليه النبي وصحابته وكل اختراع في باب الدين بدعة وانحراف يؤدي إلى النار حتى وإن قُصِد به التقرب إلى الله.
ويؤكد هذا المعنى الصحابي العالم ابن عُمر (رضي الله عنهما) فيقول: "كلُّ بدعةٍ ضلالة وإن رآها الناس حَسنة" [رواه الدارمي]
بينما يقول الصحابي العالم ابن مسعود (رضي الله عنه): "اتبعوا ولا تبتدعوا، فقد كُفيتم، عليكم بالأمر العتيق." [رواه الدارمي]
يعني .. افهموها يا قوم! اتبعوا العبادات المشروعة ولا داعي للاختراعات في الدين!
الأدلة كثيرة وواضحة ولكن كما قال الشيخ الألباني (رحمه الله): "طالب الحق يكفيه دليل، وصاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل، الجاهل يُعلّم وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل". ولهذا تجد من يتهرب من النصوص الواضحة ليبحث عن "ثغرات" يبرر بها بدعته سواءً كانت المولد الشيعي أو غيره فيستشهد بحديث "من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها" [رواه مسلم] والحديث في نصه يتكلم عن "إحياء السنة" وليس عن اختراع بدعة. وأما مناسبته فهي "مبادرة" صحابي بالتصدق بمبلغ كبير لمجموعة من الفقراء فتبعه على إثرها الآخرون بالتبرعات. فما علاقة هذا بالمولد الشيعي؟
والأغرب محاولة البعض الهروب من قطعية قول النبي بأن "كل بدعة ضلالة" والزعم بأن هناك بدعة حسنة استدلالاً بقول عمر (رضي الله عنه) "نعمت البدعة هذه" وهو-هنا- يقصد البدعة بالمعنى اللغوي (وليس الاصطلاحي) في إشارة إلى قيامه بإحياء سنة صلاة التراويح التي صلاها النبي جماعة بإمام واحد ثم تركها مخافة أن تُفرَض على المسلمين، ولذلك لم يعترض أحد من الصحابة على فعل عمر. وكذلك فإن فعل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب يُستَدَل به ما لم يخالف نصاً لقوله صلى الله عليه وسلم " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ" [رواه الترمذي].
الإهانة الضمنية في المولد الشيعي
إذاً فالبدعة (يعني في الدين) أمر قبيح لأنها ليست فقط تغييراً لمعالم الدين بل تتضمن إهانة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لأنها تحمل اتهاماً مبطناً للنبي بالخيانة أو التقصير في تبليغ الدين، كما قال الإمام مالك: " من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم، خان الرسالة؛ لأن الله يقول: " اليوم أكملت لكم دينكم" فما لم يكن يومئذ ديناً فلن يكون اليوم ديناً." [الشاطبي في الاعتصام].
فإذا كان المولد الشيعي طاعةً لله وأمراً محموداً، فهل عَلِمها النبي أم كان جاهلاً بها؟
من قال: لا، فقد حكم على نفسه بالطعن في خاتم الأنبياء باتهامه بالجهل بالشريعة،
ومن قال: نعم كان النبي يعلم بأن المولد الشيعي عبادة مشروعة، لزمته الإجابة على سؤال آخر: هل بلّغنا النبي بأمر المولد الشيعي أم كتمه عنا؟
فإن قال بأن النبي قد كتم أمر المولد فقد اتهمه بخيانة أمانة تبليغ الدعوة – كما أشار الإمام مالك – ومن قال: نعم بلّغنا النبي بأمر احتفال المولد الشيعي السنوي، فقد ألزم نفسه بإثبات ذلك بالدليل من القرآن أو السنة أو حتى عمل الصحابة، وهيهات له أن يجد دليلاً!
قال العالم المالكي تاج الدين الفاكهاني (1334-1256م) في كتابه "المورد في الكلام عن عمل المولد": "لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة، الذين هم القدوة في الدين، المتمسكون بآثار المتقدمين، بل هو بِدعة أحدثها البطَّالون، وشهوة نفسٍ اغتنى بها الأكَّالون".
قد يصيح معترض: ويلاه! ما كل هذا الكلام والتنطّع؟ نريد أن نفرح بنبيِّنا كما اعتدنا نحن وآباؤنا منذ سنين. هذه مشاعر حب لا تفهمونها!
والجواب: أن الحب هو اتباع المحبوب، وأن تعبد الله بالكيفية التي يحبها الله ورسوله، وليس بالكيفية التي تحبّها أنت، وتوافق مزاجك وهواك أنت، وعاداتك الشخصية. وإلا فأين جمهور الراقصين المحتفلين بالمولد الشيعي من طاعة نبيهم في سنته فرضاَ كانت أم استحباباً؟ ألسنا نرى كيف يقفز درويش "الباليه" الصوفي بنشاط في بدعته طوال الليل ولكنه لا يطيق عبادة قيام الليل؟ ألسنا نرى بأن جمهوراً كبيراً من المحتفلين بالمولد الشيعي يرفضون بعناد الاستجابة لأبسط أوامر نبيهم التي تكررت كثيراً بعبارات مختلفة: "أعفوا اللحى" .. "أرخوا اللحي" .. "أرجوا اللحى".. "وفّروا اللحى" .. "أوفوا اللحى" [روايات البخاري ومسلم] - دعنا من الجدل عما إذا كان اعفاء اللحية واجباً أم مستحباً، لماذا لم يكن حب أولئك كافياً للقيام بأمرٍ لا يحتاج مجهوداً بل هو في الحقيقة توفير للجهد بإبعاد شفرة الحلاقة عن الوجه؟ ولهذا قال الإمام الشافعي واصفاً الحب الزائف: "تعصي الإله وأنت تُظْهِر حبه ... هذا محال في القياس بديع .. لو كان حبك صادقاً لأطعته ... إن المحب لمن يحب مطيع!". وللأسف فإن المولد بالنسبة للبعض - مثل عيد الأم – مجرد وسيلة مريحة لكي يقنع المرء نفسه بأنه قد قام بكل ما عليه من واجبات المحبة، لكي ينام بعدها طوال السنة دون أن يكلف نفسه عناء أداء العبادات أو ترك المحرَّمات.
الحب والأدب مع المحبوب هو الاتباع وامتثال الأمر والنهي. وكمثال على ذلك: إذا أمَرَك مُديرُك بالحضور للعمل يومياً في الثامنة صباحاً ولكنك تعمدت التأخر باستمرار وأهملت واجباتك، تُرى هل سيفرح المدير ويرضى عنك إذا أقمت احتفالات أسبوعية في المكتب لمدحه وتعديد مناقبه؟ قطعاً لا، بل سيحاسبك على عدم الانضباط وعدم تنفيذك لأوامره.
وللأسف فإن المحتفلين سنوياً بالمولد الشيعي يرفضون الاحتفال الأسبوعي المشروع بصيام يوم الاثنين، وكأن همهم هو أن يأكلوا و"يهيصوا" فقط. ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن صيام يوم الاثنين فقال: "ذاك يوم وُلِدْتُ فيه ويوم بعثت – أو أُنْزِلَ عليّ - فيه". والعجيب أن الشيخ محمد متولي الشعراوي قد استدل بهذا الحديث ليقفز به قفزة هائلة وبعيدة في الاستنتاج ليستنبط منه احتفالاً سنوياً بالمولد. ومع ذلك اعترف الشعراوي فقال: "ما أكثر ما احتفل المسلمون بهذه الموالد، وما أقَلْ ما انتفع المسلمون بها، ولو أن كُل ميلاد لرسول الله يُستقبل بإحياء شعيرة من شعائر دينه، لَثَبَتَ دينُه في الآفاق، ولكن يبدو أننا نكتفي من الحفاوة بالمناسبة بما يتفق أيضاً مع شهوات نفوسنا وخلاص شهية عام، ولذيذ حلوى، وجمال سهرة، ودين الله بعيد عن كل هذه الحفاوات".
الإهانة في طريقة الاحتفال
وبالفعل فإن طريقة الاحتفال بالمولد الشيعي فيها إهانة لسيد الأنبياء. فحتى مع التسليم جدلاً بمشروعية المولد الشيعي، يظل السؤال قائماً: هل ما يجري حالياً هو الطريقة اللائقة للاحتفال بسيد الأنبياء والمرسلين؟ .. احتفالاتٌ برقصٍ وموسيقى ومواكب تختلط فيها البنات المتبرجات بالرجال بمظهر غير لائق ويستغلها المتواعدون والمتحرشون جنسياً إلى درجة وقوع حالات اغتصاب عند انقطاع الكهرباء. أليس في هذا أعظم إهانة لنبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)، كما يهين نصارى الغرب نبينا عيسى (عليه السلام) سنوياً بجعل الكريسماس موسماً للزنا والعربدة وشرب الخمور وسائر الفواحش؟
ولذلك فإن البدعة أعظم خطراً من المعصية لأن صاحب البدعة يظن أنه يتقرب إلى الله، وبالتالي فلا مجال لتوبته خلافاً لمرتكب المعصية. ولهذا يفرح الشيطان بأصحاب البدع أكثر مما يفرح بأهل السُكر والعربدة. بل إن الشيطان يدعم صاحب البدعة أو الشرك بالخشوع الزائف والوَجْد الذي قد لا يتحقق مع عبادةٍ موافقةٍ للشريعة. ولذلك يجد درويش "الباليه" أو "الديسكو" الصوفي طاقةً على الرقص العنيف طوال الليل، ولا يجد طاقة أو لذة في أداء ركعة من قيام الليل، بل إن بعض أولئك الراقصين لا يصلي أساساً بعد أن وجد لذة "العبادة" في الرقص المبتدع الذي تكتنفه أغانٍ وثنية. وقد قيل للصحابي العالم ابن عباس (رضي الله عنهما) أن اليهود والنصارى يزعمون بأنهم لا يوسوسون في صلاتهم، فقال: "صدقوا، وما يصنع الشيطان بالبيت الخرب".
الإهانة في الاحتفال بوفاة النبي
ويحمل الاحتفال بالمولد إهانةً أخرى لسيد الأنبياء الذي لا يوجد دليل صحيح ثابت على تاريخ ولادته المختلف عليه بين أيامٍ من شهر ربيع الأول ورمضان. وأما المؤكد بالفعل، فهو أن تاريخ 12 ربيع الأول هو تاريخ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. ولو فرضنا جدلاً أن تاريخ ميلاد النبي هو نفس تاريخ وفاته، لما جاز الاحتفال والفرح بهذا اليوم الحزين في تاريخ الأمة.
الاستهانة بمقام النبوة أكبر إهانة للنبي في المولد
المولد الشيعي والمبالغة في طقوسه كذبة كبيرة يخفي بها الشيعة وأشباههم من الصوفية حقيقة المكانة المتدنية للأنبياء – ومنهم سيد الأنبياء- قياساً بمكانة الأئمة عند الشيعة والأولياء عند الصوفية.
فالخميني يقول في كتاب "الحكومة الإسلامية" صفحة 52: "ومن ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقامًا لا يبلغه مَلَكٌ مقرَّب، ولا نبي مرسل" ولم يحاول الخميني استثناء نبينا محمد، فجعله أقل مقاماً من أحفاده، مع أن أئمة آل البيت يرجع فضلهم للنسب النبوي الشريف!
وأما الصوفي الفارسي أبو يزيد البسطامي (804-874م) فقد زعم بأن مقامه ومقام الأولياء المزعومين فوق مقام الأنبياء، حيث قال "خضنا بحراً وقف الانبياء بساحله" [الابريز للدباغ: ص276]، وحتى لا نشُك في أنه يستثني نبينا، تجرأ البسطامي فقال:" تالله إن لوائي أعظم من لواء محمد صلى الله عليه وسلم. لوائي من نور تحته الجان والجن والانس كلهم من النبيين" [لطائف المنن والأخلاق للشعراني: 1/125].
يقول المرجع الشيعي محمد باقر المجلسي (1698-1616م): "الإمامة أعلى مرتبة من النبوة" [حياة القلوب:3/10]، بينما يقول الصوفي محيي الدين ابن عربي (1165- 1240م) بكل وضوح: " مقام النبوة في برزخ .. فويق الرسول ودون الولي" [طبقات الشعراني:1/68].
هناك قواسم مشتركة إلى حد التطابق بين التشيع والتصوف، وبخاصة فيما يتعلق بالعقيدة الباطنية والغلو في الأئمة والأولياء، وتقديس الأضرحة والمراقد. بل إن أول طريقة صوفية -الطريقة البكتاشية- كانت شيعية، إذ نشرها في تركيا الشيعي " خنكار الحاج محمد بكتاش" (1248-1377م).
ولك أن تتخيّل حجم الإهانة لمقام النبوة عندما تحيي احتفالات المولد طرق صوفية تنسب لأوليائها مقامات الألوهية والربوبية، ولا تتحرج من التغنِّي "بربوبية" شيخ الطريقة أثناء الاحتفال بمولد النبي الذي تم انتقاص مكانته لصالح تمجيد شيخ الطريقة، إلى درجة أن الأتباع عندما يستغيثون الاستغاثة الشركية يستغيثون بشيخ الطريقة، ولا يستغيثون بالنبي الذي يزعمون محبته، مع كون الاستغاثة بغير الله شركاً في الحالتين .. فهذه طريقة تتغنى في المولد بشيخها الذي وسعت رحمته كل المخلوقات في الكون (كما يزعمون) .. وأخرى تمزج مدح النبي برفع شيخ الطريق إلى مرتبة مالك الكون ومن يقول للشيء كن فيكون، ويحيي الموتى ويرزق الكائنات .. فماذا بقي من محبة النبي صلى الله عليه وسلم بعد كل هذا الكلام؟ بل ماذا بقي من الإسلام والتوحيد الذي ناضل النبي من أجله طوال حياته؟
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.