الحقيقة التى لايعلمها صناع القرار الإقتصادي فى إفريقيا بوجه عام و فى السودان بوجه خاص الانتشار الكبير لظاهرة الفقر و التى تعزيها كل الحكومات الى الحروب المندلعة فى معظم الدول الإفريقية وصارت شماعة تعلق عليها الحكومات أخفاقاتها ومفاسدها الإقتصادية ولا يعلم معظم السادة الساسة سبب الحروب الرئيسى هو الاحباط الذي يلازم الشعب جراء العطالة و عدم الحصول علي فرص عمل يوفر الانسان بها ابسط ضروريات الحياة من مأكل و مشرب ومسكن وتعليم و علاج !!فالعطاله هى المورد الاساسى لكل الحروب و التطرف و الصراعات و المفاسد المختلفة !!! اننا بصدد توضيح حقائق ربما تكون غائبة على كثير من الناس فالفقر هو ظاهرة عميقة الجذور السبب الرئيسى فيها هى سياسة الدول الإقتصادية . فالنبدأ اولا بتعريف ماهو الفقر ؟ الفقر باللغة الإنجليزيه يسمى (poverty ) و فى اللغة العربية فقر يفقر من المصدر فقر ، فقر بمعنى حفر ،يعنى فقر الارض يعنى حفر حفرة فى الارض ، او فقر الرجل يعنى كسر فقارة ظهره ، و فقره يفقر فقارة مثل فقر الرجل يعنى ذهب ماله .وهذه الكلمة استدلال وبيان ووصف للمستوي المعيشى و الدخل المتدنى للفرد. حقيقة السياسات الإقتصادية للدول الكبري تقدم النصائح للحكومات الشمولية لتدمير اقتصادياتها واستعمارها بالديون ذات الارباح المركبة وذلك لجعلها فى متناول اليد ضعيفة لا تقوي على انتاج قوت يومها تعيش كدول استهلاكية مشغولة فى الغالب الأعم بجمع الاموال و الجبايات من مواطنيها بمسميات متنوعة موهمة نفسها بأن هذه ايرادات حكومية حقيقية وهى غير ذلك وهى فى حقيقة الامر إضعاف لبنيتها الإقتصادية واضعاف للعنصر البشرى الذي هو اساس التطور و الازدهار ويترتب على ذلك سياسة تضعف القوة الإنتاجية ومن ثم تضعف القوة الشرائية مما يترتب عليه انخفاض فى العملة الوطنية ،واضعاف قوة دوران رأس المال وتحويل الحكومات الى حكومات غير منتجه تعيش على الجباياتو القروض والإعانات و المنظمات العاملة فى مناطق الصراع فى افريقيا وتسلب مواردها بطرق مختلفة ، تارة عن طريق الارباح جراء الديون الممنوحه لهم لان الدول الفقيرة لا تقوي على الانتاج بسبب الضرائب و الجمارك و الجبايات المختلفة بمسمياتها المتنوعة ولذلك نجد شروط ووصفات الدول المانحة كصندوق النقد الدولى وخلافه عند الاقراض يشترطون عليهم اصلاحات اقتصادية تعمق جراحات الشعوب الاقتصادية كزيادة الجمارك و زيادة الضرائب وزيادة الكهرباء وزيادة المواد البترولية ورفع الدعم المزعوم ومساواته وقد جربنا هذه الزيادات مرارا و تكرارا ولم ولن تحسن من الأقتصاد او الانتاج و انما هى اضعاف لعملة البلد الوطنية فكلما زادت الدولة فى الجبايات ذلك يعنى تخفيض فى عملة البلد الوطنية وصدقا لحديثى اتمنى من كل الشعب ملاحظة متى ما تمت هناك زيادة فى اي سلعة بزعم انها مدعومة انخفضت قيمة العملة الوطنية ،وهذه الظاهرة أو الملاحظة لست حكرا على السودان و انما على كل افريقيا بما فيها مصر العريقة ، وهى قد رفعت وزادت قيمة المحروقات العام الماضى ولم ولن يتحسن اقتصادها !!! و انخفضت قيمة عملتها مقابل العملة الصعبة علما بان موارد مصر الاقتصادية كبيرة جدا من قناة السويس ومن السياحة و من الصادرات المختلفة و لكن نجدها تعانى فى الاقتصاد ويعانى المواطن المصرى من مشاكل اقتصادية مزمنة و فى اعتقادي الجازم يتركز السبب الرئيسى لتلك الإعاقات الانتاجية والتى تتمثل فى الجمارك و الضرائب و الجبايات والرسوم المختلفة والتى اصلا تعيق تبادل المنافع بين الناس عبر العملية التجارية الطبيعية . !!. لقد ذكر المؤرخون و بصفة خاصة العالم العلامة أبن خلدون فى كتابة الرائع(مقدمة إبن خلدون) بأن علم الإقتصاد هو علم اجتماع و هو علم تبادل المنافع بين الناس ولذلك ذكر بأن العمل هو مصدر للقيمة ويشترط لوجود القيمة منفعة الناس وهذا كلام فى تقديري فيه فلسفة عميقة لا يتدبرها إلا صاحب بصيرة مبصرة !!!فهذا مقياس بليغ فالجمارك و الضرائب و الرسوم والجبايات المختلفة والزيادات المجربة فى جميع الحقب التاريخية المختلفة و الحكومات المتعاقبة لم و لن تحسن من الإقتصاد و لو درجة و احدة ...!!وهى لا تنفع الناس و انما تلحق الضرر بالناس و المجتمع و الدولة وتخلق الفساد الظاهر و المستتر وتعيق عملية دورة رأس المال الطبيعية فى المصانع و المزارع و الشركات التجارية المختلفة مما تضطرها للتوقف أو انتهاج سياسات الطرق الملتوية و المتعرجة لتحقيق اعمالها تارة بالرشوة ومرة بالمحسوبية لضمان استمرار النشاط أو الخروج من النشاط الإقتصادي للدولة و انتهاج الأعمال الخفية ذات الأرباح الطائلة كتجارة العملات أو تجارة الأراضي و العقارات او تجارة التهريب ذات الأرباح الأسطورية !!! لذلك اننى أعتقد بأن الحل فى معالجة المشاكل الإقتصادية فى السودان الغنى بثروات متعددة ،التغيير الجذري لكل السياسات المتبعة حاليا وانتهاج سياسة جديدة لم تجرب و لم تتبع فى هذا الزمان او ربما كانت متبعة عندما كان الجنية السودانى فى اواسط السبعينات يعادل ثلاثه دولارات امريكية وقد عاصرنا تلك الفترة !!! فكانت هناك شركات او مؤسسات حكومية ذات مساهمة عامة منوط بها شراء السلع و المنتجات السودانية وتصديرها للخارج عبر السفارات السودانية وفى اعتقادي فأن الرجوع للحق فضيلة وسيطرة الدولة بشراء السلع الاستراتيجية من المنتجين وتصديرها للخارج فالصادرات هى المنبع الحقيقى للعملات الصعبة وعبر هذه الشركات يمكن توفير فرص العمل لشريحة كبيرة من الخريجين و العمال وبذلك نكون و ضعنا أنفسنا فى الطريق الصحيح لتحسين الاقتصاد السودانى ويتزامن ذلك برفع كل المعوقات التى تتمثل فى الرسوم و الجبايات حتى تنافس السلع السودانية فى الاسواق العالمية ونحن بوابة افريقيا برفع الجمارك سوف تنساب الحركة التجارية عبرنا لافريقيا كلها وبذلك نكون قد اصطدنا في الماء الصحو. أخوتى و اخوانى واخواتى و ابنائى الكرام السودان بلد منتج صناعيا و زراعيا وهو فى تقديري مازال بخيرات كثيرة لم نحسن استغلالها فى الصادرات عبر المؤسسات الحكومية فلا يعقل عقلا ان تنتظر الدولة رحمة الافراد المصدرين و الاعتماد عليهم فى توفير النقد الاجنبى ،فتوفير النقد الاجنبى مسؤولية الحكومة والنقد الاجنبى لا يتآتى إلا بالصادرات و السياحة فهى المنابع الحقيقية لتحسين الاقتصاد لأي دولة تريد اصلاح اقتصادها فمن المفترض ان تكون التجارة الخارجية مثلها و السياسات الخارجية فهى مسؤولية الدوله و ليس الافراد .!!! يقول الشاعر:- لقد اسمعت لو ناديت حيا * ولكن لا حياة لمن تنادي فلو نارا نفخت بها اضاءت *ولكن انت تنفخ فى رماد . بقلم /عبدالمنعم على التوم [email protected]