الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    طائرات مسيرة تستهدف مقرا للجيش السوداني في مدينة شندي    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البديل لرعوية النور حمد - التأخر السلالي في السودان ( 2 )
نشر في الراكوبة يوم 07 - 01 - 2017

نحن ندعي أن الصفات الوراثية الجيدة مازالت كامنة في أعماق السلالات التي تعيش في ربوع السودان . وأنها إلى الآن لم تجد الفرص المناسبة للتعبير عن نفسها حتى تكون ظهيرا للإبداع والابتكار والتجديد وقبول الاتجاهات الإنسانية السائدة بين السلالات العالمية الخلاقة التي تخطو في طرق التقدم بجرأة تحسد عليها . ولقد رأينا كل مظاهر التدهور والانحلال السلالي في السودان منذ فترة ما قبل الحكم السناري , والمهدية , وحتى العصر الحديث حيث انتشر التعليم والتدريب وسط القبائل المغلقة بتكوينات ماضوية عقليا وجينيا , والذي لم يستطع أن يفتح ثغرات كافية , أو يهيئ منصات مناسبة لانطلاق العقل والوجدان وتكوين الإنسان الجديد , وذلك لأن الإنسان متوسط الذكاء والقدرات يستطيع التدريب والإتقان إذا ما داوم عليه طويلا بكل طاقاته المتاحة , ولكنه لا يستطيع التجديد والإضافة مهما حاول إن لم تساعده قدرات فطرية خاصة لدنية ترحلت عبر السلالة خاصة إذا كان ما يحاول تجديده , أو الإضافة إليه , فكرة , أو جهاز ابتكره إنسان آخر يفوقه من حيث ذكاء السلالة والقدرة الكامنة في أجيال قبله قد تصل إلى آلاف السنين أو ملايين . القضية ليست قضية إنسان أبيض أو أسود أو ملون وإنما القضية بعامة هي القدرة على الإضافة والعيش تحت مظلة عصر حديث ابتكرته سلالات من منظور عقلي سلالي نافذ وشفاف ومتجاوز لقدرات الآخرين .
الصفات الوراثية الجيدة تظل كامنة في مجتمعات التناسل الإضوائي أو الدائري أو الداخلي إذا ظلت الأجيال السابقة بلا اتصال خارجي لمئات أو آلاف السنين أو أكثر وذلك كنتيجة لعزلة جغرافية لوجود صحراء أو جبال أو لضعف سكاني بسبب الأمراض الوراثية أو الطبيعية كما حدث لمناطق كثيرة في إفريقيا ظلت بمنأى عن العالم القديم تتناقل جيناتها الوراثية بلا أي تقدم في طريق الإنسان الجديد حتى فتحت أبوابها جحافل الغزاة ورغم ذلك لم يقدم الغزاة نظاما وراثيا جديدا بل كانوا متحرجين من الاختلاط بتلك القبائل البدائية دون أن يقدموا برنامجا لإزالة العيوب العقلية الوراثية أو يقوموا بعلمية فرز للسلالات الأقل تحضرا وقبولا لمنتجات المدنية التي جاؤوا بها محاولين محو شذوذها السلالي وعيوبها العقلية والوجدانية , وظنوا أن الأمر يكون مقضيا إذا علموها لغتهم , وتبحروا بها في ثقافتهم وكتبهم وفلسفاتهم , وغيروا عاداتها , ودينها , وتفاصيلها اليومية , وبنوا لها المدن والطرق والجسور والمصانع والجامعات , ثم عادوا بعد ذلك ليروا أنها مازالت تميل إلى جرائم الحروب والخداع والتطرف على نطاق نخبوي واسع , واستعمال العقل في الخرافات , واتجهت إلى الجوع , والنكسات الاجتماعية , والتسلح القبلي والعقدي , وإشغال للجماهير التي سلموا لبعض قادتها الحكم بالشعارات كالوطنية التي لا يمكن أن يؤمن بها أي متدن في السلالة أو متأخر في المعرفة العقلية الطبيعية الناتجة عنها .
التطرف , الإيمان البدائي بالدين , الجنوح إلى المادية , إشعال الحروب , كراهية القانون و الانضباط الروحي , كراهية الفنون والإدمان , انعدام روح المغامرة , انعدام القدرة على التأمل والتجريد واستقاء المعلومات من الطبيعة إلى جانب أمراض الهوس , والعته , والجنون , والشذوذ , وسلسلة طويلة من الأمراض الوراثية تبلغ المئات , والأمراض الاجتماعية , والانكفاء العقلي , يمكن أن تجدها في تلك السلالة ذات الصفات الوراثية الكامنة التي لم تجد طريقا تاريخيا واجتماعيا لتقوم بعملية تحسين خلاقة تؤهلها لدخول العصر الحديث .
الدليل على تطور السلالات إلى مداها الأقصى هو ظهر الموهوبين من بين أفرادها , وظهور الكفاءات الخارقة للعادة في كل المجالات , وظهور أولئك الأفراد كأولئك الذين حولوا تاريخ البشر إلى وجهات جديدة بتميزهم الوراثي العقلي . بذاكرتهم التي تجمعت في أجيال قبلهم . بنظرهم الثاقب في أطوار ملفوفة في أعماق التاريخ السلالي البشري . قال أينشتاين في أوائل القرن العشرين الطاقة تساوي الكتلة مضروبة في مربع سرعة الضوء , وكانت تلك طفرة إنسانية عارمة ساوت بين الكتلة والطاقة , فهل يستطيع أحد قواد المهدية الذين عاشوا في ذلك الزمان مثلا , أو من جاءوا من بعدهم الوصول لمثل هذا القول , أو غيره , وطرح جاليلو في أزمان بعيدة جدا نظريته المذهلة عن أوزان الأجسام , وقال إن الأجسام تسقط خلال الفراغ بنفس درجة التسارع بغض النظر عن وزنها ولم تتحقق الفرضية إلا بعد وفاته بسنوات , ستقول لي إنهم لم يتعلموا في جامعات , وأقول لك إن قسم الفيزياء في جامعة الخرطوم ( كتشنر التذكارية ) منذ أكثر من خمسين سنة , فماذا قالوا ؟ . وأن الدارسين في الجامعات الذين كتبوا مذكرات جغرافية وتاريخية وعلمية وقاسوا الأنهار وطول الشلالات وسجلوا الملاحظات من الأوربيين الذين زاروا مملكة سنار مثل الرحالة بروس في 1772 بعد رحلة شاقة في أثيوبيا فهل فتحت تلك الزيارة أذهان أهل سنار للعلم أو للمعرفة أو للطموح في معرفة العالم الآخر أو للسفر من أجل الاكتشافات والدراسة والتسجيل ؟. بروس يسجل لنا استغراب ملك سنار وهو في شاب في مقتبل العمر يملك زوجات سمينات قبيحات ويعيش في حالة كسل متناه من رحلة بروس ويحاول أن ينصحه بأن يستقر لا سيما وهو يملك بيتا وحياة مستقرة بين أهله فقال له بروس إنه رجل درويش وزاهد في متع الحياة حتى يتلخص من غبائه وملاحظاته السمجة .
في سلالات العالم الثالث , وفي سلالتنا القديمة ذات الجينات الكامنة بلا تحريك منذ الدهر الأول , والتي , ولسبب ما مازالت تعيش إلى القرن الواحد و العشرين , نعاني من عدم التكيف مع الجديد , ونذهل للأفكار الصاعقة البعيدة التي تشبه الخرافات . ننظر إلى التنوع بعين الشك والريبة , ونحن نعلم أن في دواخل هذه السلالات ذلك الجين الوراثي المتقلب من زمن إلى زمن داخل دائرته المغلقة , وهو جين مفتقر إلى التنوع بحيث لا يستطيع إطلاقا أن يتكيف مع الظروف المتغيرة , فتمر به الحياة والحقب مر السحاب لا ريث ولا عجل , وهو يدين المتغيرات المتسارعة , ويشجب التقنية التي جعلته يسرع في نومه وحياته . ونحن من أكثر الشعوب كراهية لتنويع الأفكار , وللتجاوب مع المستجدات مهما كانت فوائدها لنا ودفعها لضرر يتهددنا , ومن أكثر الشعوب كراهية للحرية بمعناها العام والخاص ومن أكثر الشعوب خوفا من المجهول حتى إذا عرفنا بعدم وجوده . نحن نكره الاحتمالات , ونميل بصورة قسرية إلى النموذج الواحد , وإلى الاستقرار والخمول والاستنامة و إلى كل ما هو قابل للتكرار والاستجرار والجمود . نحن نكره النظافة , والانضباط , والترتيب , والدقة في الحياة ولا نراقب الساعة في أيدينا إلا لماما , ونظرة واحدة إلى شوارع مدننا وقرانا ومشاريعنا ستخبرك بالكثير , ونحب التخمة والاسترخاء الطويل , ونكره الخفة والرشاقة والبساطة ونستبدلها بالتعقيد والمظاهر الكذابة وخداع الآخرين .
وببساطة مخلة ماذا كان يفعل أجدادنا في عام 1861 عندما اخترع فيليب رايس آلة يمكنها نقل أصوات الموسيقى , وماذا كانوا يفعلون في سنة 1876 عندما اخترع جراهام بيل التليفون وصار مليونيرا , وماذا كان يفعل أجدادنا الأقربون في سنة 1938 عندما اخترع شيستر كارلسون التصوير الجاف ؟ ماذا كان يفعل أجدادنا رحمة الله عليهم عندما كتب شارلس دارون في 1859 كتاب أصل الأنواع الذي أثر على علم الأحياء التطورية وعلى رأي البشر في تاريخهم وأنفسهم وعقائدهم القديمة منذ أن كانوا خلية وحيدة البناء ؟ ماذا كان يفعل أجدادنا الأماجد من ذوي السلالات المتطورة في عام 1867 عندما أنجز كارل ماركس كتاب رأس المال بل ماذا كانوا يفعلون عندما كتب مونتسكيو روح القوانين وكتب كانط نقد العقل الخالص وكتب آدم سميث ثروة الأمم .
كل الرؤساء الذين حكموا السودان ولا شك والملوك الأقدمين كانوا يخيم عليهم قدر الجينات الكامنة في أعماق سلالاتهم بلا تحولات مهة عبر التاريخ , منذ ملوك سنار القبليين , مرورا بالمهدي الذي مات مبكرا ربما لضعفه الوراثي الجسدي , وكان ذا خاصية فردية غريبة لوحظت في المعاقين سلاليا , وذلك بتحمله للجرائم , والمجازر بين أتباعه وأعدائه على رغم فترته القصيرة في العمل العسكري , والخليفة عبد الله الذي كان ميراثا قبليا محضا يدور بلا طفرات تحديثية طوال قرون حيث كان ميالا للتعذيب والعنجهية والكذب والمتع الحسية التي مهدتها له مبادئ الدين الإسلامي في التعامل مع الأسرى وملك اليمين , مرورا بإبراهيم عبود و بجعفر نميري الذي كان نسلا لزواج قبلي داخلي حيث كان عنيفا ومدمنا وعاقرا لم يعقب نسلا , وبعمر البشير الذي يظهر اضطرابه الوراثي في شخصيته كما يظهر في صحته الجسدية المعتلة ,ونظرة واحدة إلى وجهه ستخبرك في أي الكهوف السحيقة نعيش , وسنفرد لتحليل رؤساء السودان سلاليا ووراثيا فصلا خاصا .
اينشتاين . داروين . دافنشي . فرويد . بيكاسو . أديسون . موتسارت . فينمان . لويس باستير . جاليلو . والت ويتمان . نيلز بور . أرسطو . الإكسندر فيلمنج . مايكل أنجلو . باخ . والت ديزني . مارثا جراهام . تي إس إليوت . بول سيزان . نيوتن . ديفيد بوم . سترافنسكي . تنيسون . إدجار ألن بو . برتراند راسل ....... إلخ ويأتي السؤال لماذا تقدم هؤلاء وتأخرنا نحن ؟ الإجابة لن تجدها في الجامعات أو في البيئة أو في الكتب أو في الاستعمار العالمي كما تعودنا أن نفعل دائما ونحث على ذلك في المدارس , وإنما في داخل هذه السلالات التي تكدح صباح مساء ولا تجد شيئا يسد الرمق أو يشفي الغليل .
لكي يحدث تطور طبيعي لابد أن تحدث عملية التبدل أو التحول الوراثي المفاجئ Genetic Mutation ( الطفرة ) بسبب حدث عشوائي ما يحدث في الطبيعة أو بالمصادفة متجاهلة الشفرة في كروموسومات الوالدين وبعد ذلك تقرر عملية الانتخاب الطبيعي أي الأنواع المغايرة للوالدين تبقى وتزدهر . فهل نتوقع أن تاريخنا الوراثي احتوى على هذه الطفرات , وأن الطبيعة التي عاش فيها أجدادنا مهدت لعمل آليات الانتخاب الطبيعي ,بحيث تبقى السلالات الأقوى والأفضل أم أن الطبيعة الوراثية عندنا كانت تسير في خط مستقيم طيلة الملايين السابقة من السنوات على ظهور العصر الحديث ؟ وهل ركود عملية الطفرات في سلالتنا يفسر لنا عدم ظهور الموهوبين , وكثيري الإنتاج , والمثابرين , والعقول النيرة التي تفتتح دروبا جديدة كانت مسدودة , وأصحاب العبقرية في العلوم القديمة والحديثة وأصحاب معدلات الذكاء المرتفع بنسب معقولة ؟ . الإنسان الذي يعيش اليوم ليس محصنا من الطفرات الحميدة والخبيثة لأن الجينوم البشري يحتوي على كل التاريخ السابق لبني البشرية و يعتقد العلماء أمثال ( كارل ويست ) أن الجينات التي انتهت إلينا جميعا ربما تكون قد أتت من الكثير من الأنواع المختلفة من المخلوقات .. فنحن تحدرنا ليس من لوكا واحدة ( خلية ) بل من كل مجتمع الكائنات الوراثية " ففي داخل الإنسان انطوى عالم الطبيعة الوراثية من أصغر إلى أكبر كائن فهو قد ورث من كل نوع .. وأخذ من البكتيريا والديدان والقردة والديناصورات . ولابد هنا من أن نكون نحن بعد أن تفتحت عيوننا على ما حولنا في قاعدة الأجناس البشرية التي مازلت تحمل هذه الجينات القديمة ولا تقوم بأي عملية مدروسة عمدا في تطوير الجينات السودانية والعالمثالثية ولا تبحث في هذا إطلاقا و هي منشغلة بترهات الهوية والعربسلاموية والأفريكانية والفرنكفونية . يقول كارل ويست : " الحياة لها تاريخ فيزيقي وليس تاريخ من علم الأنساب " . ولكن انتسابنا للقبيلة جينيا أي جنسيا في أعماق القارة الإفريقية وسط سهول واسعة وصحارى لا تعبر إلا بشق الأنفس هو الذي أثر على هذا التاريخ الفيزيقي بل قام بتحديده تماما كما قام بتحديد قدرات وذكاء وإنسانية مواليد اليوم والأمس القريب من السودانيين .
في عام 1997 أعلن أحد العلماء أنه وجد جين الذكاء . وأنه موجود على كروموزوم رقم 6 . اسم العالم هو روبرت بلومين , ومنذ ذلك الوقت عادت مسألة الأجناس وتوارث القدرات وانحطاط السلالات بواسطة الجينات إلى واجهة الأحداث مرة أخرى , ويجب أن تعود , وأن نؤيد عودتها , وإن كانت الأبحاث فيها والآراء الحقيقية لا تعلن في الإعلام العام العابر للقارات مثلها مثل الأبحاث الجذعية والتناسخ.
أما ما نعلمه جميعا فهو أن السودان تعرض لعزلة خارجية استمرت لقرون ثم عزلة داخلية لتباعد مسافاته فعاشت المجاميع السكانية القبلية خلف جبالها وأنهارها وسهولها دون أن تتصل ببعضها البعض لبعد المسافات فصنعت لغاتها الخاصة وتقاليدها وآلهتها وأعراس زواجها الراكد في الظلام الإفريقي دون توقف , و عمق العزلة أيضا نظام الزواج الداخلي الأسري فالنقاء العرقي كان يعني في ما يعنيه النقاء القبلي والذي ترك آثاره اليوم في اعتقاد كل قبيلة أنها الأفضل , فتباعدت القبائل , وساهمت الهجرات العربية مساهمة كبيرة في هذا التباعد حينما قسمت البلاد عنصريا إلى عرب ( إفريقيين ) وزنوج أقحاح إلى جانب الميراث الجيني الذي نشره العرب في السلالات الإفريقية الموجودة في السودان والذي كان بدوره قبليا راكدا لم يتعرض للتغيرات في صحرائهم الشاسعة منذ سنوات طويلة حينما خضعوا لنظام قبلي قاس ومنضبط أشد الانضباط , فكان من مشجعات الكسل والخمول وعدم الطموح والتباعد من الإبداع والرغبة في التطور وتبني النظام والدقة في الحياة والتخالط مع الأجناس الأخرى . ( فشن لاقى طبقة ) .
السلالات العربية حتى في بلادها اليوم ومع توفر إمكانيات هائلة لا تبدي أي درجة من الذكاء الحضاري وهذا في كل البلدان العربية من المحيط إلى الخليج . بل وفي كل مكان ترك العرب فيه بذورهم وجذورهم لا تجد أي ملامح لهذا الذكاء على الرغم من فائدة التخالط والتلاقح وتبادل الجينات .. وأثر في ذلك أيضا عقيدتهم الجنسية التي لا تبيح الاختلاط الجنسي وحرية الاختيار وتجعل من المرأة تابعا ومتلقيا للإملاءات الجنسية والاجتماعية .
دخول العرب مسئول مسئولية أولية عن الكبت السلالي في السودان والمساهمه في كبح تقدمه لانتاج سلالات عصرية قابلة على الأقل لقبول الحضارة إن لم يكن إنتاجها والمساهمة في تقدمها عمليا .
الأنظمة الوراثية العليلة في أجيالنا ظاهرة لا تحتاج إلى أدلة من الغربيين ووراثة الذكاء أو ضعفه من الآباء والأجداد ملمح لا يخفي على من أنعم النظر أو سرح به عفوا . وكذلك السلوك وأكثر ما يرثه السودانيون من الأجيال السالفة خصلتين هما ( 1 ) الأمراض العصبية التي تنتشر بينهم انتشار النار في الهشيم وأكثر ما تنتشر بين من نسميهم علمانيين فتدعوهم إلى الجنون , والإحساس بالعظمة والتفوق , والاضطرابات العقلية , والإدمان , والإلحاد , والشوفينية , والميل إلى الطغيان والاستعلاء , أما الخصلة الثانية فهي العي والضعف النفسي وجموح الخيال المرضي والجنوح إلى الطعام والجنس وضعف الذكاء البين والرغبة الهاجسية في التطرف والجريمة الدينية وينتشر بين من نسميهم سلفيين ودينيين وأخوان مسلمين فتدعوهم إلى التدين الأعمى والتطرف في العلاقة مع الله ومعادة الحضارة والتنطع الكهفي وضيق الأفق والرغبة في الموت والاستهتار بالضعفاء ولا تستطيع الأنظمة التعليمية تخليص أي شخص مصاب بواحدة من هاتين الخصلتين كما لا تستطيع الأدوية شيئا إلا من ناحية التهدئة والتنويم إلى حين . ولا يوجد سياسي في السودان يمكن لنا تنزيهه من واحدة من هاتين الخصلتين اللتين نعتقد بجزم أنهما يرجعان لمؤثرات وراثية قديمة ولأسس جينية تكبل الجينوم السوداني الذي لم يتطور حتى الآن منذ العصور الحجرية القديمة . هذا الجينوم البدائي هو الذي يقف عقبة رغم المدارس والجامعات والدراسات العليا وأمام تطور وقبول الديمقراطية وتطور وقبول الحضارة وتطور وقبول أسس الأخلاق الحديثة ويجعل من الإنسان السوداني محاصرا بالخوف أي بالأكاذيب والاستبداد والقشور العلمية في كل شيء وليس العقل الرعوي الذي أثبت دكتور عبد الله علي إبراهيم فائدته وجدواه في المناطق الرعوية تماما مثل المناطق الحضرية .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.