ظهور دولتنا الآن كواحدة من أفشل دول العالم على الإطلاق سببه هو سيطرة الأوهام على عقولنا السياسية والفكرية منذ أمد بعيد وهذه الأوهام تغذيها عدم الثقة بالنفس وتغذيها عوامل حب الذات وحب السيطرة. وقد بذل مفكرونا وقادة العمل السياسي عندنا وقتاً وجهداً في الجدل والممارسة في محيط هذه الأوهام فظلت هي محور العمل السياسي ومحور العمل الفكري. وهذه الأوهام التي سيطرت على عقولنا وعجزنا عن الفكاك منها بالرغم من أننا نرى كل يوم نتيجتها من الفشل والخراب في حياتنا ولكننا لا نستطيع الفكاك عنها ونواصل الجدل حولها ولا نستطيع أن نطرح مشروع سياسي خالي منها. ما لم نتفق على طرح مشروع سياسي وطني خالي من الأوهام لن نستطيع أن نضع رجلنا في الطريق الصحيح لإنشاء دولة حديثة ومتطورة تفخر بها الأجيال القادمة. الكل يعلم الآن أن وهم الحركة الإسلامية الظلامي الذي سيطر على عقولنا لأكثر من عقدين من الزمان هو سبب الكوارث السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها الآن. ومع ذلك نواصل الجدل حول محيط الفكرة نفسها ونحتفل بعرابها ونناقش الأثر الباقي من وهم فكرته هذه. هل هناك من وهم أكثر من فرض مشروع ديني ظلامي على وطن فقير مترامي الأطراف متعدد الأعراق والأديان اللغات والإثنيات وتناسل هذا الوهم وإنتاج وهم أشد ضلالاً وظلاماً بأننا نقيم دولة الخلافة في الأرض وسوف نحكم روسيا وامريكيا، ونحن لا نستطيع أن نصنع ابرة هل هناك وهم أكبر من هذا؟ وهم يمتد ليسيطر على عقول الناس والشباب ويحاربون ابناء جلدتهم الفقراء ويقتلونهم ويحرقون قراهم ويقتلون أطفالهم ويقام للقتيل منهم عرس شهيد، ما هو الوهم إن لم يكن هذا بعينه. هذا الوهم قادنا إلى انفصال دولتنا لأن الوهم المسيطر علينا يرفض الاعتراف بالدين الآخر ويرفض أن يتعايش مع الكافر في الوطن الواحد. وقادنا هذا الوهم إلى صفاء عرقنا واننا أفضل العرب وننتمي إلى العباس بن عبد المطلب ومارسنا بهذا الوهم أسواء انواع العنصرية الذي عرفها التاريخ الحديث والقديم. وفتتنا نسيجنا الاجتماعي واشعلنا الحروب القبلية واصبحنا نتقاتل على موارد البلد المتبقية. إدارة الدولة وإدارة مواردها وإدارة مواطنيها لا يمكن أن يستقيم بالفكر الوهمي ايا كان اتجاه هذا الفكر الوهمي، فهي تستقيم بالفكر الحر ولا يكون الفكر حراً إلا بتحريره من كل الأوهام والخرافات. مجرد تحرير هذه العقول فإن إدارة هذه الدولة وتفجير طاقاتها والعيش فيها بسلام وحرية هو مسألة زمن ليس إلا. لا بد من طرح مشروع وطني سياسي خالي من الأوهام الدينية والقبلية والعنصرية والنظر فيه للدولة مجردة وما هو المطلوب لتأسيسها وإدارة خلافاتها لوضعها في الطريق الصحيح للنهضة الكبرى. سامي دكين/ المحامي [email protected]