لعله من نافلة القول أن نشير إلى أن الأنظمة الشمولية والحكومات الديكتاتورية بطبعها السلطوي لا تلتزم بدستور أو قانون أو نظام ولا تتحرج في مخالفة قوانينها التي وضعتها وقد تٌعلق العمل بها صراحة وتفرض قوانين الطوارئ والأوامر والمراسيم الجمهورية بديلاً عنها إذا ما أحست بخطر يتهدد كرسيها. لكن نظام الحكم في الخرطوم ولأنه يعيش حالة من انفصامٍ في الشخصية تجده يعاني في التحايل والالتفاف على الحقوق الأساسية المضمنة في كل الأديان السماوية والاتفاقيات الدولية وفي دستورهم نفسه، يتحايل ويلتف من خلال سن قوانين أخرى تساعده على سلب تلك الحقوق الأساسية المثبتة مثل قانون الأمن الوطني والذي يبيح في مواده لأي عضو يحدده المدير من القبض واحتجاز أي مشتبه به لمدة قد تصل ل 105 يوماً يحرم فيها المعتقل من المراجعة القضائية ومن حقه في المحاكمة العادلة وهذا يخالف وثيقة الحقوق المضمنة في الدستور وكل العهود الدولية والتي تعتبر جزءاً من الدستور ويخالف احكام الشريعة الإسلامية السمحاء التي تأمر بالعدل والإحسان وتأبى الظلم والحيف. وقد شاهدنا كلنا وتابعنا حملة الاعتقالات المسعورة التي نفذها جهاز الأمن ضد سياسيين وناشطين منهم الشباب ومنهم كبار السن ومنهم النساء وكلنا يعلم الفعل الذي قام به هؤلاء وهو رفضهم لسياسة النظام برفع الدعم عن الأدوية والسلع الضرورية وقد عبروا عن رفضهم هذا بالطرق السلمية المعروفة. وهذا التعبير والاحتجاج بالطرق السلمية هو حق اساسي من حقوق الإنسان المثبتة والمضمنة في كل الدساتير والعهود كما اسلفت القول. لكن الجهاز ولكي يسلبهم هذا الحق يسلط عليهم قانون الأمن الوطني لاعتقالهم وتقييد حريتهم لفترة تجاوز الأربعين يوماً بوضعهم في زنازين وقد كشف معظمهم أنه لم يتم التحري معهم أو التحقيق معهم حول أي شبهه أو تهمة مما يعني أن الجهاز يستخدم القانون لإرهاب الناس وتكميم أفواههم. وسقنا التمهيد أعلاه لنواجه أحزاب الحوار الوطني التي فاق عددها السبعين حزباً والعشرين حركة مسلحة ونقول لهم هل تشكيل الحكومة ومشاركتكم خير وأولوية أم تنفيذ مخرجاتكم التي اتفقتم عليها فيما يلي محور الحريات والحقوق الاساسية والتي نصت المادة 24 منها م على حق الطلاقة (الحرية): لا يجوز القبض على شخص واحتجازه دون حق في طلاقته وحرية مسعاه حيثما يرى إلا إذا قبض عليه بشبهة ارتكاب ما يجرم القانون ويعاقب عليه السجن وينبغي أن يبلغ بالشبهة فوراً دون مضي يوم واحد. وغذا تولت سلطة الادعاء أمر التحري في شبهته قد يمضي حبسه لثلاثة أيام ويجوز الرجوع بأمره للقضاء إذا استدعى التحري مداً في حبسه ويجوز للقاضي حفظه محبوساً تحت التحري لشهر واحد. ومحور الحريات والحقوق الاساسية آنف الذكر والذي اتفقتم عليه مع المؤتمر الوطني يتعين عليكم وقبل التفكير والموافقة على تشكيل الحكومة، أن تنزلوه على الأرض الواقع من خلال إلغاء المواد المضمنة في قانون الأمن الوطني التي تبيح الاعتقال والاحتجاز بالكيفية التي اشرنا إليها والتي تخالف وثيقة الحقوق ونصوص الدستور والعهود الدولية. سامي دكين/ المحامي [email protected]