خيبة حمدوك في باريس    رسالة من إسرائيل لدول المنطقة.. مضمونها "خطر الحرب"    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الثلاثاء    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الثلاثاء    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    قصة مانيس وحمدوك وما ادراك ما مانيس وتاريخ مانيس    ضياء الدين بلال: الرصاصة الأولى ونظريّة (الطرف الثالث)..!    وزير الخارجية يكتب: الإتحاد الأوروبي والحرب في السودان ..تبني السرديات البديلة تشجيع للإرهاب والفوضى    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    ماذا جرى في مؤتمر باريس بشأن السودان؟    رفع من نسق تحضيراته..المنتخب الوطني يتدرب علي فترتين    استمرار حبس البلوجر هدير عاطف بتهمة النصب على المواطنين    ياسر العطا: أمن و استقرار انسان الجزيرة خط احمر    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    حفظ ماء وجه غير مكتمل    ليفربول يسقط في فخ الخسارة أمام كريستال بالاس    خبراء: الهجوم الإيراني نتاج ل«تفاهمات أمريكية».. وجاء مغايرًا لاستراتيجية «طهران»    أحمد موسى: ده مفيش ذبابة ماتت من الصواريخ والمسيرات اللي إيران وجهتها لإسرائيل    إسرائيل تعيد فتح المدارس!    ضمن معايدة عيد الفطر المبارك مدير شرطة ولاية كسلا يلتقي الوالي    محمد وداعة يكتب: الاخ حسبو ..!    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تدهش وتبهر مذيع قناة العربية الفلسطيني "ليث" بمعلوماتها العامة عن أبرز شعراء مسقط رأسه بمدينة "نابلس" والجمهور يشيد بها ويصفها بالمثقفة والمتمكنة    شاهد بالصورة.. إبن عضو مجلس السيادة رجاء نيكولا يحمل السلاح مدافعاً عن وطنه وجمهور مواقع التواصل يشيد ويعلق: (أبناء الإسلام والمسيحية في خندق واحد لحماية السودان من الجنجويد)    شاهد بالفيديو.. مالك عقار يفجرها داوية: (زمان لمن كنت في الدمازين 2008 قلت ليهم الجنا حميدتي دا أقتلوه.. قالوا لي لالا دا جنا بتاع حكومة.. هسا بقى يقاتل في الحكومة)    أرسنال يرفض هدية ليفربول ويخسر أمام أستون فيلا    بعد راحة العيد...المنتخب الوطني يُعاود تحضيراته أمس    تركيا تنقذ ركاب «تلفريك» علقوا 23 ساعة    تجاوز مع أحد السياح.. إنهاء خدمة أمين شرطة لارتكابه تجاوزات في عمله    الموعد الأضحى إن كان في العمر بقية،،    إعلام عبري: طائرات أميركية وبريطانية تسقط مسيرات إيرانية فوق الحدود العراقية السورية    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    والي الخرطوم يزور رموز ونجوم المجتمع والتواصل شمل شيخ الامين وقدامى المحاربين والكابتن عادل أمين والمطرب عوض الكريم عبدالله    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    «العازفون الأربعة» في «سيمفونية ليفركوزن»    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    لن تنهار الدولة ولن ينهار الجيش باذن الله تعالى    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    انتحلوا صفة ضباط شرطة.. سرقة أكبر تاجر مخدرات ب دار السلام    "طفرة مواليد".. نساء يبلغن عن "حمل غير متوقع" بعد تناول دواء شهير لإنقاص الوزن    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    الضربة المزدوجة الإنهيار الإقتصادى والمجاعة في السودان!    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عرض لكتاب التصوف وأثره في المجتمع لمؤلفه د. عبد الله حسن زروق
نشر في الراكوبة يوم 16 - 01 - 2017


++++++
التصوف وأثره في المجتمع
د. عبد الله حسن زروق
شركة مطابع السودان للعملة المحدودة – 2015
510 صفحة – 24 سم
رقم الإيداع 347/ 2015م
==
المؤلف:
البروفسير عبدالله حسن زروق أستاذ الفلسفة في جامعة الخرطوم والحاصل على درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة لندن عام 1972.
له مجموعة من الكتب والبحوث المنشورة في مجلات محكّمة منها: قضايا التصوف الإسلامي ومنهجية لدراسة التصوف والإسلام والعلم التجريبي ومناهج الفلسفة وفلسفة الأخلاق والتصوف وأثره في المجتمع (وهو موضوع هذا العرض).
عمل في عدد من الجامعات بالإضافة لجامعة الخرطوم وهي جامعة الملك سعود والجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا وجامعة قطر.
+++++
استهل المؤلف بشكرٍ وتقديرٍ لمركز دراسات المجتمع ذلك أن الكتاب هو نتيجة اقتراح تقدم به المركز له لكتابة ورقة اختار لها المركز عنوان "التصوف وأثره الاجتماعي في السودان"، وعندما شرع الباحث في دراسته وتشعبت مواضع بحثه وتعقدت واتسعت حول الباحث دراسته إلى مشروع كتاب، جعل هدفه:
تعريف طالب الدراسات الإنسانية والاجتماعية بأبعاد التصوف الاجتماعية،
يستهدف الكتاب أيضاً غير الطلاب من المريدين والسالكين والمنتمين للتصوف،
كما يستهدف المثقفين عموماً،
أما المتخصصين من الأكاديميين والمشايخ العارفين المراد منهم التقويم والتصحيح والتطوير.
كما عرج على شكر مجموعة من الأشخاص والأفراد سمى بعضهم للدعم والمؤازرة ومساهمة البعض في إنجاز بعض الأعمال وكذلك بعض المفكرين والكتاب ممن استفاد من كتاباتهم.
ثم فهرس المحتويات (22 صفحة)، فمقدمة الكتاب (24 صفحة).
في مقدمة الكتاب أبان الكاتب قِدَم اهتمامه بالتصوف ودارسته وأرجع ذلك لعام 1983 حيث كتب مقالا بعنوان (قضايا التصوف الإسلامي)، وكتابا بنفس العنوان في عام 1985، ثم كتيب بعنوان (منهجية دراسة التصوف) عام 1992 وبحثا باللغة الإنجليزية بعنوان (تصوف الغزالي).
ولتوضيح ذلك تناول الكاتب أموراً تقع في تخصصات ليست من تخصصه كالطب النفسي، وعلم النفس، وعلم الاجتماع، والسياسة والفنون والآداب. وسعى الكاتب أن يؤصل لجوانب من هذه الأبعاد/ كالبعد الخاص بالطريقة وبُعد التربية والتعليم والبُعد الصحي، والبُعد السياسي، والمشكلات الاجتماعية والفنون والآداب والتغيير. كما تناول في الباب الثاني بعض المفاهيم والممارسات التي سادت في مراحل التصوف المختلفة، مثل: العبادة والذكر والزهد والأخلاق والعزلة والمقامات والأحوال والمعرفة الكشفية والكرامة والشطح والفناء ونظرية الاتحاد ونظرية الحلول ونظرية وحدة الوجود ونظرية الحقيقة المحمّدية والنور المحمّدي ونظرية الاتصال ونظرية الإشراق ونظرية الإنسان الكامل والولاية.
يرى الكاتب أن هنالك عدة أسباب تعطي دراسة التصوف أهمية خاصة، ذكر منها (25) سبباً، منها أنه يمثل جزءا مهما من تراث المسلمين، وأنه يمثل طريقة التدين للكثيرين، كما أنه عند البعض يمثل الجانب الروحي والذوقي والباطني في الإسلام وأنه يهتم بإصلاح القلب والنفس. كما أن دراسة الجوانب السلبية وجوانب الانحراف فيه ونقد هذه الجوانب وبيان خطئها كنظريات الحلول والاتحاد لها أهمية كبرى في حماية العقيدة ووقايتها من الزلل والانحراف. ومجمل القول إن أهمية التصوف في أنه طريقة تتدين بها قطاعات كبيرة من المسلمين، وأن له جاذبية خاصة- وأن له محاسن ومساوئ ينبغي أن تبين للمنتمي وغير المنتمي والذي ينتمي عن فهم.
صنف المؤلف طرق دارسات التصوف إلى:
1. دراسة وصفية (تشمل الدراسة التفسيرية والتنبؤية).
2. دراسة معيارية إرشادية أو تبريرية.
3. دراسة تحليلية.
4. دراسة تهتم بالجانب العملي.
كما صنف الدراسين للتصوف إلى أربعة أنواع:
نوع متحامل على التصوف تحاملاً كاملاً.
نوع متعاطف معه تعاطفا كاملاً.
نوع محايد يحاول أن يقضي بإنصاف وعدل.
ثم الاتجاه الأكاديمي الذي يهتم بالتصوف كظاهرة فكرية فلسفية.
أما اتجاهات دعاة الإسلام وظاهرة التصوف فقد كانت:
 الاتجاه الإصلاحي.
 اتجاه المواجهة.
 اتجاه القبول.
 اتجاهات أخرى.
أما عن اتجاهات التصوف نفسه، فإنه وفقاً للمؤلف فالتصوف ليس مذهباً واحداً ولكنه في حقيقة الأمر مجموعة من الأفكار والمذاهب التي كثيراً ما تكون متناقضة أو على أقل تقدير متباينة، فالكلام عنه كشيء واحد غير ممكن وليس من العدل أن تصدر أحكاما عامة وكلية عنه.
ويمكن تصنيف أهل التصوف إلى الأصناف التالية:
1. أصحاب فناء الإرادة الملتزمون بالكتاب والسنة (التصوف السني الحق).
2. الذين يعملون الواجبات وينتهون عن المحارم.
3. التائبون المذنبون من أصحاب اليمين.
4. أصحاب التصوف البدعي، (وتستعمل عبار تصوف بدعي للإشارة إلى بدع ومخالفات تتصل بالعبادة والسلوك، ومن ناحية أخرى فإن البدع قد لا ترقى إلى حد إخراج صاحبها من الملة).
5. أصحاب الأحوال.
6. أهل الرسوم وهم الذين يهتمون بالمظهر كاللباس دون الجوهر والقشور دون اللباب.
7. أهل الأرزاق وهم الذين يعيشون في التكايا.
أما بالنسبة لتعريف التصوف فإن كثيرا منها انتقائي، فيركز بعضها على الجانب السلبي وبعضها على الجانب الإيجابي، وبما أن تاريخ التصوف وحاضره يشمل اتجاهات مختلفة بل متعارضة ومتناقضة، لذا ينبغي عند تعريفه أن نصنف اتجاهاته وهذا ما يقتضيه الإنصاف والعدالة والموضوعية.
وتعريف التصوف قد يكون عن طريق:
 المحتوى (عقدي، وأخلاقي، وعلمي، ومعرفي وفني، وأدبي) والمسائل والمفاهيم.
 المنهجية – معرفية كانت أم عملية.
 مخرجات التصوف (النتائج التي توصل إليها من مقولات وعقائد وممارسات وأفعال).
 من خلال أعلامه وشخصياته البارزة (الجنيد وأبو طالب المكي والغزالي والحلاج ابن عربي مثلا).
 بحقبه التاريخية (الأولى والمتوسطة والمتأخرة).
ومن التعريفات التي تقيمّه تقييما إيجابياً نقول إنه علم القلوب الذي يجعل القلوب نيّرة سليمة وصحيحة.
كما يمكن تصنيف التصوف تصنيفات عامة كالتالي:
ديني وغير ديني.
الديني (يهودي، مسيحي، إسلامي ...)
الإسلامي (بدعي، سني)
وقد يصنف: عملي، معرفي، نظري، فلسفي
نشأة التصوف اختلف مؤرخو التصوف حول اسباب نشأته، فمنهم من ردّها إلى أسباب خارجية، ومنهم قال إنها أسباب داخلية ومنهم من قال إنها خارجية وداخلية في نفس الوقت.
قسم المؤلف كتابه إلى بابين:
الباب الأول
جاء بعنوان: الأبعاد الاجتماعية للطريقة الصوفية، وقد ضم ثمانية فصول جاءت كالتالي:
o الفصل الأول: مفهوم الطريقة الصوفية.
o الفصل الثاني: البعد التعليمي والتربوي.
o الفصل الثالث: البعد الصحي.
o الفصل الرابع: البعد السياسي.
o الفصل الخامس: البعد الاجتماعي (المشكلات الاجتماعية).
o الفصل السادس: البعد الأدبي والفني.
o الفصل السابع: منهج المتصوفة في التغيير والإصلاح.
o الفصل الثامن: مستقبل التصوف.
++++++
o الفصل الأول: مفهوم الطريقة الصوفية
إن من أهم القضايا التي تناولها هذا الفصل التعريف بالطريقة وهيكلها وتنظيمها (الإداري والروحي) ومشروعيتها ومرجعيتها ومصادرها المعرفية كالإلهام والرؤية المنامية. وقد تناول حكم الانتماء للطريقة وكيفية وإجراءات الانتماء، وكذلك علاقة الشيخ بالمريد. وتناول نشأة الطريقة الصوفية وميّز بين الطريقة والمدرسة الصوفية. كما يشير الكتاب إلى الخلافات داخل الطريقة (مآل المشيخة بعد وفاة الشيخ)، وخلافاتهم مع الآخرين كالسلفيين والعلمانيين والليبراليين. وبعد ذلك تناول أبعاد الطريقة كالبعد التربوي والتعليمي والبعد الصحي وغيرها من الأبعاد وهي موضوع الكتاب.
أورد المؤلف تعريف الجرجاني للطريقة فقال " هي السيرة المختصة بالسالكين إلى الله تعالى في قطع والترقي في المقامات عن طريق الرياضة والمجاهدة على جملة مراسيم تعبدية تمارسها جماعات إسلامية مختلفة منتشرة في بلدان مختلفة".
ثم بحث في نشأة الطرق الصوفية وتطورها وأهمية الطريقة وغاياتها وأهدافها، ومشروعية الطريقة ومرجعيتها. وذكر أن المرجعية الدينية عند المتصوفة هي:
1. القرآن والسنة والإجماع وما يتوصل إليه بالإجماع.
2. أقوال المشايخ والصحابة والسلف الصالح.
3. الإلهامات، "الكشف" ...
4. الرؤيا المنامية.
5. رؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام.
6. رؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة.
7. الموتى وأرواحهم.
8. الحس والعقل.
وبالنسبة للمؤلف لا يوجد خلاف حول المصدرين الأول والأخير، فهما مصادر الدين عند فقهاء وعلماء المسلمين وعامتهم، ولكنه نظر بإيجاز نظرة نقدية تقويمية للبقية.
ثم ذكر البيعة (العهد) وشروطها وكيفية أدائها، وهي عقد بين الشيخ والمريد على متابعة الشيخ وطاعته باتباع سلوك معين من أذكار وأخلاق وآداب وأورد لذلك نماذج للبيعة وكيفية أدائها عند الطريقة القادرية والطريقة السمانية والطريقة الختمية. وفي تعريف جامع للبيعة للأستاذ الشيخ عبد المحمود ود نور الدائم للبيعة في كتابه {النُّصرة العليمة لأهل الطريقة الصوفية صفحة 280 قوله: والحاصل من أخذ العهد هو أن يأخذ الشيخُ العهدَ على المريد أن لا يراه حيث نهى الله ولا يفقده حيث أمره؛ وهذه هي زبدته وأصله وبقية تعريفه على هذا الأصل قلَّ أن تتناهى}
تناول الباحث بإسهاب مفهومي (الولي والولاية) و (الكرامة)، وهما مفهومان مركزيّان لأهل التصوف ولمنتقديهم ومن ينكرون عليهم. فقد عرّف الكرامة والمفاهيم المشابهة والمغايرة لها وإمكانية حدوث الكرامة وشروطها.
ثم عرض الباحث لآداب الطريقة: آداب المريد مع الشيخ (آداب أو أخلاق المتعلم)، ثم قيم المجتمع الصوفي العامة (علاقة المريدين مع بعضهم البعض)، وعلاقة الطريقة بغيرها من الطرق. ثم أورد قائمة بأسماء طرق صوفية والتعريف ببعضها.
ثم ذكر أن هنالك طرقا أخذت بمظاهر الحداثة بدل الصورة التقليدية وأورد لها مثالا طريقة الشيخ الأمين عمر في أم درمان. ولكن اللفتة الحقيقية التي تتطلب وقفة هي اعتباره أن اتباع محمود محمد طه يكونون طريقة صوفية غير تقليدية على الرغم من أنهم يسمون أنفسهم "الحزب الجمهوري"، لأن هذه الجماعة لها بعض خصائص وسمات الطرق الصوفية؛ فمؤسسها له كاريزما شخصية والأتباع يقدرون المؤسس إلى حد يكاد ينزهه عن الخطأ!! كما أن محمود (شيخ الطريقة) نفسه له تأويلات للقرآن والسنة شبيهة بتأويلات الطرق الصوفية الباطنية، وبجانب ذلك له مقولات شبيهة بمقولاتهم. والجماعة الثالثة التي أخذت بالحداثة هم اتباع الشخصية الكرزماتية محمد أبوالقاسم حاج حمد حيث تمثل اتجاها فكريا معينا-اتجاه من اتجاهات أسلمة المعرفة. فالإطار النظري الذي اختاره هو الجمع بين القراءتين: قراءة القرآن وقراءة الكون.
بعد ذلك أورد تعريفا موجزا ببعض الطرق الصوفية مثل (الطريقة القادرية في السودان، والطريقة النقشبندية، والطريقة السمانية، والطريقة الشاذلية، والطريقة الرفاعية، والطريقة الختمية، والطريقة التجانية)، ثم أورد قائمة ببعض مشايخ المتصوفة، وبعض مشايخ الصوفية الذين اشتهروا بالسودان.
o الفصل الثاني: البعد التعليمي والتربوي
كان للتصوف فضل السبق في نشر الثقافة الدينية والقراءة والكتابة في السودان. يستعرض هذا الفصل الممارسة التعليمية والتربوية متمثلة في مؤسسة الخلوة والنظر في ايجابياتها وسلبياتها، كما يستعرض المراجعات التي تمت بشأن أداء الخلوة بغرض تطويرها، ومن ضمن تلك المراجعات مراجعة د.يوسف الخليفة أبوبكر الممتازة ومحاولة تقييمها.
تناول الباحث مؤسسة الخلوة باعتبارها الممثل لنظام التصوف التعليمي والتربوي، بالدراسة والنقد والتقويم:
1. تعريف الخلوة ووظائفها والمؤسسات المشابهة لها كالزاوية والرباط والمسيد وغيرها.
2. الخلوة كمؤسسة تعليمية تربوية (أهدافها ومناهجها وطرق التدريس والأدوات التعليمية المستخدمة وبيئة الخلوة والمعلم والمتعلم).
3. واقع الخلوة ومستقبلها وعملية التقييم والإحياء والإصلاح والتجديد لها.
4. الخلوة والتعليم الحديث/ المدرسة.
على الرغم من أن بداية التعليم في السودان كانت في الغالب الأعم عن طريق الخلاوي التي أسسها المتصوفة، وعلى الرغم من أنها عبر تاريخها الطويل احتفظت بطابعها الديني، لم يكن شيوخها ومعلموها دائما من شيوخ التصوف الملتزمين بالمنهج الصوفي، فلم يكن التلاميذ يسمعون عن الكشف والإلهام كمصادر للمعرفة، ولم يكونوا يدربون على نهج صارم في العبادة والذكر والمجاهدة والرياضة. لم تكن نظرية المعرفة الصوفية محور الدراسة، إن ما يمارسه الشيخ من تعليم في الخلوة يمكن وصفه بأنه تعليم ديني وليس تعليما وتربية صوفية بالمعنى الدقيق لتربية والتعليم.
ثم تناول الكاتب نظرية المعرفة عند المتصوفة ومصادرها وبين بعضا من مزالق هذه المصادر وقارنها بمصادر المعرفة الأخرى.
ثم عرّف الخلوة لغة بالمكان الذي يقصده المرء ليخلو فيه ويعتزل وينقطع عن الناس للذكر والعبادة، حيث تعتبر العزلة من السمات المميزة للتصوف وحياة المتصوفة، واصطلاحا تعني المكان الذي يدرس فيه القرآن وهو المعنى الأكثر شهرة. وذكر العزلة والغربة وعرج على المؤسسات المشابهة للخلوة (الزاوية والرباط والتكية والمسيد)، وأهداف الخلوة:
1. تعليم القراءة والكتابة.
2. تعليم القرآن حفظا وتجويدا.
3. تعليم الفقه والعقيدة والأخلاق (العلوم الشرعية).
4. الإعداد لتعليم القرآن للآخرين.
5. تمكين الطالب من مواصلة تعليمه في المعاهد الدينية والجامعات الإسلامية.
ثم عرض لطرق التدريس في الخلوة وأساليبها والعقوبة وآداب المعلم والمتعلم. وعرض لنماذج للخلوة وذكر بعض الخلاوي التي اشتهرت في السودان.
تقويم الخلوة: إن الخلوة مؤسسة ذات تأثير كبير في بعض مكونات المجتمع السوداني وأسلوب حياته فلا ينبغي لأي عملية تغيير أو إصلاح ونهضة أن تتجاهل هذه المؤسسة.
الفصل الثالث: البعد الصحي للتصوف
يتناول هذا الفصل مشروعية العلاج الروحي وجواز أنواع العلاج الروحي من حيث الشرعية المعيارية والشرعية الدولية والشرعية الدينية: العلاج الروحي المأثور (الرقية – البخرات – وإخراج الشيطان المتلبس) والعلاج الروحي الناتج عن تجارب وله أصل في الدين والعلاج الذي هو مخالف لمبادئ الدين. ويتسأل هل يمكن إثبات نجاح العلاج الروحي بالتجارب العلمية؟ وهل هذا النوع من الإثبات مناسب للعلاج الروحي؟ وينظر في العلاقة بين الطب الروحي والطب النفسي، هل هي علاقة تعارض أم تكامل؟؟
ويتناول الفصل مزالق العلاج الروحي وضرورة وضع قوانين وتكوين هيئات تنظم العلاج الروحي، كما يتناول مزالق العلاج النفسي ومفاهيم خاطئة عن الطب النفسي ومفاهيم خاطئة عن الطب الروحي، كذلك بعض أعراض مرضية لمتصوفة قد تلتبس بما يعتبر ممارسة صوفية. وأيضا يعرض لمساهمات المسلمين قديما (البلخي وابن سينا) وحديثا (مالك بدري) في مجال الطب النفسي(الروحي). وفي نهاية الفصل يتناول ما يعرف بأمراض النفوس، ولكن الصوفي يهتم في المقام الأول بالشخصية المثالية الخالية من الأمراض، والتي تتمتع بصفات الكمال أو تلك التي تسعى لاكتساب صفات الكمال عن طريق الترقي في سلم الكمال عبر ما يعرف بمدارج السالكين، وله توصيف أكثر كثافة في تحديد الصفات الإيجابية للشخصية مقارنة بنظريات علم النفس المعاصرة.
ويمكن تصنيف الشخصية من المنظور الصوفي:
الشخصية المريضة
الشخصية السويّة
الشخصية السالكة
الشخصية المثالية
إن الصوفي يعتبر أن الإنسان له القدرة على الارتقاء والتسامي والتدرج في مدارج السالكين عبر ما يعرف بالمقامات والأحوال ليصل إلى أرقى الصفات وأرفعها وحتى يصير عند بعضهم إنساناً كاملا وبذلك يحقق ذاته الحقيقية ويكسب أفضل هوية.
واعتبر التصوف عامل توحيد في المجتمع، ذلك لأن أهل التصوف عادة متسامحون في قبول الانتماء إليهم لا يتطلبون مستوى من الالتزام الديني كبير، شعارهم (ينتمي ثم يتم إصلاحه)، وليس عائقا للانتماء للطريقة انتماء الشخص لجهة أو مكان أو جنس أو عرق، أو كونه غنياً أو فقيراً أو متعلماً أو غير متعلم أو غيرها مما يميز الناس.
إن المتصوفة لا يميلون إلى الصراع مع الآخرين ولا يضعون الآخرين في أنماط معينة حتى يتم التعامل معهم وفق تلك الأنماط.
o الفصل الرابع: البعد السياسي للتصوف
يتناول هذا الفصل طبيعة التصوف والعمل السياسي، وهل تتفق مبادئ التصوف وتصورات أصحابه مع العمل السياسي؟ ويتناول مواقف المتصوفة الفعلية من السلطة والمشاركة السياسية من حيث تأييد السلطة أو معارضتها، ومن حيث ممارسة الحكم والسلطة بطريقة مباشرة وغير مباشرة.
ويتناول بعض المبادئ ذات الصلة اللصيقة بالسياسة والتي اشتهر المتصوفة بالالتزام بها كمبدأ التسامح؟ ويناقش تماسك هذا المفهوم وحدوده عند المتصوفة إن كانت له حدود، كما يتناول مسألة الحلاج وموقفه من السلطة وموقف السلطة منه، إضافة لتناول موقف الولايات المتحدة والغرب من التصوف. ثم تناول أخيرا الأنشطة السياسية لبعض الطرق الصوفية.
وقد اختلفت علاقة المتصوفة بالسياسة من مشاركة فاعلة وإدارة لدفة الحكم ونصح للحكام ومن متهالكين على بلاط السلاطين إلى من عارض السلطة وقاومها وإلى من ابتعد عن السلطة ومجالس السلاطين وزهد في كل ذلك. وكذلك اختلفت مواقف الدراسين والنقاد حول وصف علاقة المتصوفة بالسياسة وتقييمهم لتلك العلاقة، وفي ذلك تناول الباحث بشيء من التفصيل الحلاج كنموذج لذلك.
ومن المواقف الفعلية للمتصوفة من السلطة مقاومة الاستعمار وإقامة دولة إسلامية كالحركة السنوسية والتجانية والمهدية والقادرية، وقد كان للقادرية دور جهادي في غرب إفريقيا على يد عثمان بن فودي وفي الشمال ناضلت القادرية ضد المستعمر على يد عبد القادر الجزائري، وقاد الحاج عمر حركة إصلاحية تنتمي إلى الطريقة السمانية في غرب إفريقيا، وفي السودان أسس محمد أحمد المهدي دولة إسلامية، ولقد بدأ مريدا في الطريقة السمانية، وعمل الشيخ محمد بن علي السنوسي بنشر الإسلام في غرب الصحراء وقاوم الغزو الإيطالي. وفي القارة الأسيوية برز الدور الجهادي للنقشبندية في الشيشان ضد القيصرية الروسية، ولعبت الطريقة المحمدية دوراً في مقاومة الاستعمار الهولندي في إندونيسيا وجنوب الهند.
ثم تناول الباحث نظرية وحدة الأديان والاهتمام بها في هذه الفترة الأخيرة وكونها مدخلا وأساسا للتسامح وقبول الآخر ثم عرض لمبدأ التسامح السياسي والديني وخصوصا وجهة نظر برنارد لويس، ولكن الباحث يعتقد أن مجالات التسامح أوسع من حصرها في هذين المجالين فقط حيثها أن تتداخل مثلا اجتماعيا وسلوكيا. وقاد ذلك الباحث للنظر في التسامح من منظور إسلامي. تناول علماء المسلمين موضوع التسامح قديما وحديثا ولكن قد لا يكون تحت مسمى التسامح، وعادة ما توجد المادة ذات الصلة في باب الاجتهاد واختلاف المجتهدين وباب الترجيح. فتحدثوا عن الاختلاف ومشروعيته وحتميته وضرورته وأسبابه ومجالاته وضوابطه وحدوده وإزالة المعوقات التي تقف حائلا دون السماح بممارسته وآدابه.
o الفصل الخامس: التصوف والمشكلات الاجتماعية
يتناول هذا الفصل جملة من القضايا والمشكلات، منها: كيف تحدد المشكلة الاجتماعية، ومن يحددها؟ هل هم علماء الاجتماع؟ أم الجمهور؟ أم السلطة الحكومية أم غيرها؟
وما هي أسباب المشكلات الاجتماعية وفق منظور علم الاجتماع وما هي حلولها وفق الرؤية الصوفية؟ وهل التصوف أو بعض المعتقدات والممارسات الصوفية تمثل سببا في مشكلات اجتماعية؟ وما هي الحلول التي قدمها المتصوفة لهذه المشكلات؟ وما هي حلول المتصوفة للمشكلات التي ليس للتصوف سبب في حدوثها؟ ثم تناول منهج المتصوفة في حل المشكلات الاجتماعية، وتساءل: أي الرؤى والنظريات الاجتماعية أقرب إلى التصور الصوفي؟ وتبين أن أكثرها قرباً من المنهج الصوفي منظور المرض الاجتماعي ومنظر السلوك المنحرف. وبعد أن عرّف المشكلات الاجتماعية والمنظور الذي ينظر به إليها حسب المدرسة عدد قائمة بمشكلات تزيد عن التسعين، ووقف عند المشكلات التي تنشأ بسبب معتقدات وممارسات بعض جماعات من المتصوفة وذكر منها:
ضمور العلوم العقلية والتجريبية والشريعة بسبب الاعتماد على الإلهام والكشف.
الشعوذة والدجل.
الممارسة غير الرشيدة للعلاج الروحي.
التواكل وعدم السعي وإهمال إعداد القوة المادية وإعمار الأرض والاعتماد على خوارق العادات.
تبعية المريد المطلقة وغير المستنيرة للشيخ وإلغاء المريد لفكره وعقله ووجدانه ومسئوليته.
أكل أموال الناس بالباطل.
العزلة غير الرشيدة التي قد تؤدي لمرض نفسي.
ممارسة مهمة التعليم بطريقة تنقصها الكفاءة التعليمية والتربوية.
الرهبانية وعدم الزواج.
الانحرافات في العقيدة كالحلول ووحدة الوجود.
مشكلات تتصل بعلاقة المتصوفة ببعضهم البعض والصراع حول المشيخة، ومشكلات تتصل بعلاقاتهم بجماعات غير المتصوفة.
وخلص الباحث أن المنهج الصوفي يقوم لحل المشكلات الاجتماعية على توجيه الأخلاق وعلى التربية والتنشئة ويتميز بسهولة بناء العلاقة مع (المنحرف) و(المريض) اجتماعياً وبسعة التسامح وتقبل الآخر وعدم إدانته والتدرج في إصلاحه. يهتم المتصوفة بتحليل الشخصية وصفاتها وبأمراض النفوس بما يعرف بالتخلية (التخلص من الرذائل والصفات الذميمة التي تتعارض مع الجماعة)، ثم بالتحلية (وهي عملية اكتساب الفضائل والصفات الحميدة) وما تقضيه هاتان الصفتان العمليتان من مجاهدة ورياضة.
o الفصل السادس: التصوف والفنون والآداب (البعد الأدبي والفني)
يتناول هذا الفصل تعريف الفن عامة والفن الصوفي خاصة، ويتناول موضوعات الشعر والأدب الصوفي، وما يميز الفن الصوفي عن غيره من الفنون ويناقش التزام الفن بالقيم وخدمته لها، وقضية الفن للفن. وبإيجاز أثر التصوف في الشعر العربي الحديث. ثم تحدث عن السماع وآداب السماع والأحوال التي يحرم فيها السماع. وأوراد تعريفا للفن وأهدافه ووظيفته الاجتماعية ثم تأصيلا للعلاقة بين القيم والفنون والآداب، وإن كان التأصيل هو رد الأمور إلى أصلها وحقيقتها، وإذا اعتبر أن الدين هو المعبر عن حقيقتها فيكون التأصيل رد الأمور إلى الدين، ووفقاً إلى ذلك يمكن طرح الأسئلة التالية:
هل الجمال والفن قيمة أصيلة في الدين؟ شأنه في ذلك شأن القيمة الأخلاقية؟
ما هي حقيقة العلاقة بين الفن والأخلاق؟
هل علاقة الفن بالأخلاق علاقة اتصال وارتباط أم علاقة انفصال؟
أما موضوعات الأدب الصوفي ومجالاته فتشمل:
فضائل روحية (كالإيمان والتقوى، والورع، والتوكل).
فضائل أخلاقية (كالصدق، والإنفاق).
قصائد تعبر عن مضامين ميتافيزيقية (كالاتحاد والحلول، ووحدة الوجود، والنور المحمدي، والإنسان الكامل).
قصائد تعبر عن مشاعر وجدانية (كالمحبة والوجد).
قصائد تعبر عن أحوال نفسية (كالغَيبة والسُكْر).
قصائد تعبر عن مضامين معرفية (استمولوجية).
وأخرى تعبر عن مضامين عقدية وسياسية وثقافية (كوحدة الأديان).
ولقد أنشد المتصوفة في الحب الإلهي، وفي المناجيات، وفي مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي مدح الصحابة، والمشايخ والصالحين. وخلفوا نثراً يشمل أذكاراً وأدعية وأوراداً وحكما ومواعظ ووصايا، وقصائد عرفت بالحجازيات والتصليات. وأورد نماذج لذلك من اشعار رابعة العدوية وأبن الفارض وأبن عربي وجلال الدين الرومي وفريد العطار.
ونظموا الأشعار في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد مماته. كان مدح الرسول صلى الله عليه وسلم محبة فيه وفي خلقه الرفيع وسيرته النبيلة وتأييدا لدعوته وهو نبيها ورسولها ورمزها. كما كان لمدحه أغراض أخرى، منها تحفيز السامعين للتأسي به صلى الله عليه وسلم وبأخلاقه الكريمة السامية وترقيقاً لقلوبهم ومشاعرهم وغيرها من الأغراض والمقاصد. وأورد نماذج من أشعار حسان بن ثابت وكعب بن مالك والبوصيري والبرعي (اليماني)، كما أورد نماذجاً من أشعار متصوفة السودان. وأورد لنماذج شعر عبد الرحيم البرعي.
وأما الأثر الصوفي في الشعر العربي المعاصر فقد أشار فيه إلى تأثر صلاح عبد الصبور ومحمد عفيفي مطر ومحمد الفيتوري وأورد نماذج من أشعارهم.
o الفصل السابع: منهج المتصوفة في التغيير والإصلاح
يتناول هذا الفصل منهج المتصوفة في التغيير والإصلاح. فيُعرف مفهوم التغيير ويتناول المفاهيم ذات الصلة: التطور والتقدم والاستنارة والحداثة والنهضة. وهذه المفاهيم شاع استخدامها عند المفكرين الغربيين ومن تبعهم من المفكرين العرب والمسلمين، ومن جهة أخرى فقد شاع استخدام مفهوم الإصلاح والتجديد عند المفكرين الإسلاميين ولكن لا تخلو معالجاتهم من استخدام مفاهيم النهضة والحداثة والتقدم. استعرض الباحث مواقف الإصلاحيين المسلمين والعرب بمختلف اتجاهاتهم بجانب مواقف المفكرين الغربيين وقام ببيان موقف المتصوفة من هذه الاتجاهات جميعها.
وتناول الجدل الدائر بين الذين يركزون على منهج إصلاح الفرد والذين يركون على إصلاح الدولة ومؤسساتها بالتحليل والنقد. كما تناول بالتعريف والشرح مصطلحات: التغيير، التطور والتقدم، والاستثارة، والنهضة، والحداثة، والتجديد، ومفهوم النهضة في العالم العربي، ومفهوم النهضة عند المتصوفة، والتصوف والتغيير والمعارف الحديثة. وعند الحديث عن النهضة من منظور التصوف رأى أنه من المناسب استخدام عبارات إصلاح وإحياء بدلا من النهضة. ويهتم المتصوفة بالعمل ويرون أن صرف الجهد في النظر العقلي وفي العلم الشرعي مضيعة للوقت ولا يؤدي إلى تغيير السلوك. الإشكال عندهم ليس إشكالا ً معرفياً بل إشكالاً عملياً، والعمل وفق ما نعلم يكون بالرياضة والمجاهدة ومغالبة الهوى وعن طريق شيخ مرشد.
o الفصل الثامن: مستقبل المتصوفة
يعتمد مستقبل التصوف نمواً وازدهاراً أو تراجعاً وتقهقراً كغيره من الحركات والاتجاهات والأحزاب والمنظمات على ما يقوم به من مراجعات ونقد ذاتي وسماع رأي الآخر والاستفادة منه وتقويم مستمر لأحواله ومحصلة أفكاره وإنجازاته. وإذا تمت المرجعات سوف تكون هنالك فرصة لازدهار ونمو التصوف، وإذا كان عكس ذلك فإنه سيظل في حالة تدهور وتراجع بل قد يزول ويتلاشى أو يكون حياً كالميت.
=======
الباب الثاني
جاء بعنوان المفاهيم.
وجد الكاتب وهو يتناول هذه الابعاد الواردة في الباب الأول أن الأمر يقتضي توضيح مفاهيم لصيقة بمجال البحث، كمفهوم المعرفة والكشف والحلول والاتحاد والعزلة وغيرها من المفاهيم. وقد ذهب رأيه في بادئ الأمر أن يجعل هذه المفاهيم ملاحق ولكنه عدل عن ذلك واختار أن يجعلها جزءا من الكتاب. (وقد وفق أيّما توفيق في ذلك)
وقد سعى أن يجعل هذه المفاهيم في مجموعات تمثل مراحل التصوف المختلفة جاءت كما يلي:
مرحلة العبادة والذكر والعزلة والزهد والأخلاق.
مرحلة الأحوال والمقامات والمعرفة والكشف والكرامة.
مرحلة التصوف الفلسفي والشطح والفناء نظريات الاتحاد، والحلول، ووحدة الوجود، والحقيقة المحمدية والنور المحمدي، والاتصال، والإشراق، الإنسان الكامل ثم الولاية.
وأخيراً مرحلة الطرق الصوفية.
ففي المجموعة الأولى عرّف مفاهيم العبادة والذكر والعزلة والزهد والأخلاق وأتى بالآيات والأحاديث الدالة عليها وحجج كل فريق في دعم وجهة نظره.
ففي المجموعة الثانية تناول تعريف المقام والحال والمعرفة وأنواع المعرفة والمعرفة الكشفية (والكشف أو المكاشفة هي علم بغير برهان) ثم المعارف الصوفية وكيفية التحقق منها والأمور الخارقة للعادة والبراسايكولجي
أما في المجموعة الثالثة فقد تناول بالشرح والتعريف مفاهيم الشطح (والشطح حسب تعريف الطوسي عبارة مشكلة على عامة الناس ولكنها ليست كذلك لخاصتهم) والفناء ونظريات الاتحاد، والحلول، ووحدة الوجود، والحقيقة المحمدية والنور المحمدي، والاتصال، والإشراق، الإنسان الكامل ثم الولاية، وهي مفاهيم مشكلة في التعريف والشرح وقد جرت عل الكثير من المتصوفة ابتلاءات عظيمة وصلت حد القتل والصلب.
وتناول الباحث بعد ذلك مجموعة من المفاهيم الناقدة للتصوف، وهي مفهوم البدعة، ومعايير فهم النص، ومعايير المعنى الظاهر والباطن، ومعايير التأويل، ومعايير تحديد النص الشاطح ومعايير الحكم عليه، ومعايير درء التعارض.
ثم ثبت بالمراجع (17 صفحة)
++++
وأخيراً
قدم الباحث في الباب الأول عرضا بانوراميا للتصوف وأثره في المجتمع وقام بسياحة وبيانا وشرحا للأبعاد التعليمية والتربوية، والصحية والسياسية، والاجتماعية (المشكلات الاجتماعية)، وكذلك للبعد الأدبي والفني، ولمنهج المتصوفة في التغيير والإصلاح ثم ختم بتناول مستقبل التصوف. مما يفي بغرض الكتاب وهدف الكاتب كما جاء في المقدمة تعريفا لطلاب الدراسات الإنسانية والاجتماعية بأبعاد التصوف الاجتماعية، وكذلك استهداف غير الطلاب من المريدين والسالكين والمنتمين للتصوف، وأيضا استهداف المثقفين عموماً. وهذا يجعل من الكتاب مرجعا لمن أراد دراسة أي من الأبعاد المذكورة أعلاه ذلك أن التصوف مكون هام من مكونات المجتمع ولا يمكن تجاوزه أو إغفاله في أي دارسة للمجتمع.
وفق الباحث في الباب الثاني والذي كان بعنوان المفاهيم لتحرير المصطلحات وضبط مفاهيمها. ذلك أن تحرير المصطلحات حريّ بإنهاء الكثير من اللجب والجدل عند المناظرات والنقاش بين أهل المتصوفة ومنتقديهم ومعارضيهم فغالبا ما تجد أن كل طرف يحدث ويشرح في وادي ومن يرد عليه أو يناقشه يبحر وفق فهم آخر ومفهوم مختلف.
شابت الكتاب بعض أخطاء الطباعة بداء من صفحة الغلاف، أما الخطأ المتكرر والمحمول كان استخدام همزة القطع (أ) مكان همزة الوصل (ا) بصورة شبه دائمة، نأمل في تلافي مثل هذه الأخطاء في الطبعة الثانية للكتاب.
في الفصل الرابع (البعد السياسي للتصوف) فات الكاتب الإشارة إلى الشريف يوسف الهندي (الطريقة الهندية) مع أنها مع الأنصار والختمية لعبت ولاتزال تلعب دورا في السياسية السودانية، وبالرغم من إشارته إلى المهدية ضمن الطرق الأخرى التي لعبت دورا في الساحة السياسية في أفريقيا، إلى أني كنت أتوقع توسعا في دور المهدية لسببين:
أفلحت الحركة في إسقاط دولة قائمة وإحلال نظام بديل.
توظيف الرؤية المنامية والحضرة مصدرا للتشريع بعد القرآن الكريم والسنة النبوية المطهّرة وإلغاء مصادر التشريع الأخرى وكذلك إلغاء الطرق الصوفية الأخرى مع أنها خرجت من بينها.
اما عن الزاهدين الفارين بدينهم من دنيا الحكم فإن شعارهم هو شعر الشيخ فرح ود تكتوك حلال المشبوك حيث قال:
يا واقفا على باب السلاطين ارفق بنفسك من هم وتحزين
تأتي بنفسك في ذل ومسكنة وكسر نفس وتخفيض وتهوين
استغن بالله عن دنيا الملوك كما استغنى الملوك بدنياهم عن الدين.
شكراً جزيلا للأستاذ البروفسير عبد الله حسن زروق أفاده الله بأجر ما ينتفع به من العلم.
ولله الأمر من قبل ومن بعد
++++
عمر محمد الأمين
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.