دار الريح تاريها مشتولة المنقا فيها نشيل الجوز نسقيها ونحاحي الطير ما يجيها (تراث جراري) يبدو أن هذا العام 2017، حسب المعطيات والواقع، يحمل، بإذن الله، بشريات عديدة ومتنوعة لدار الريح خصوصاً ولشمال كردفان بصفة عامة. فقد شهد مطلع العام، بفضل الله تعالى، حملة موفقة قامت بها السلطات المعنية في الولاية، بالتنسيق مع محلية غرب بارا، نتج عنها بسط الأمن في ربوع ديارنا الحبيبة وبات الناس مطمئنين على ممتلكاتهم بعد أن تمكنت الشرطة من إلقاء القبض على عدد كبير من اللصوص والمجرمين. وقد ورد في الأثر أن الخليفة الثالث عثمان بن عفان قال: (إن الله لَيَزَعُ بالسلطان ما لا يَزَعُ بالقرآن) ومعناه أن بعض الناس لا يردعه عن ارتكاب الجرائم وفعل الفواحش إلا السلطان، وهذا ما حدث بالفعل فقد كسرت شوكة الجريمة تماماً، إثر ذلك التحرك الموفق الذي قامت به السلطات في الولاية والمحلية، ونمتنى أن يكون ذلك ديدنهم أداءً للواجب وحفظاً للأمن. وصح لسان الأستاذة فاطمة إبراهيم التي قالت بهذه المناسبة: من حكمانا جاتنا الليلة أخبار سارة يا هم سيوفنا ودرقنا ساعة الحارة راكزين ليها يوم الدنيا جاتهم تارة ما بهابوا الكماج أخوان فطينة وسارة ويسعدني أن تلك الحملة قد كانت نتيجة جهد مشترك بين الجهات الرسمية والشعبية التي وفرت قدراً من المعلومات عن هؤلاء اللصوص الذين عاثوا في الأرض فساداً ظناً منهم أنهم قادرون على الإفلات من قبضة السلطان، ولكن هيهات لهم، فهم الآن قابعون في غياهب السجون تلاحقهم الفضيحة والذل. وفي واقع الأمر، لا نملك إلا نطالب الجهات العدلية والقضائية، ونرجو من مولانا أحمد هارون شخصياً، باعتبار ما لديه من سلطات تقديرية، أن يبقي هؤلاء اللصوص قيد الحبس بقدر ما تسمح بذلك اللوائح والأنظمة؛ فقد ثبت بقرائن الأحوال أن هؤلاء اللصوص مسؤولون عن كافة السرقات التي حدثت في الشهور الماضية؛ إذ يسجل ولا بلاغ واحد منذ القبض عليهم ويكفي هذا دليل قاطع! هذا أول الغيث بالنسبة لعام 2017، أما الحدث الأكبر فهو افتتاح الجزء الأول من "شريان دار الريح" وأعني بذلك طريق (بارا_ جبرة الشيخ _أم درمان) الذي سوف يفتح المجال واسعاً لهذه الولاية حتى ترتبط بالعاصمة المثلثة وموانئ التصدير على سواحل بحر القلزم في أقصى شرق السودان، فأي بشارة أكبر من هذه يا ترى؟ ونحن لا نملك إلا أن نقول الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. فلطالما انتظر أهل دار الريح وشمال كردفان والغرب عموماً تحول هذا الحلم إلى واقع ملموس. ففي صبيحة يوم الإثنين الموافق السادس عشر من يناير 2017 وصل السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول بكري حسن صالح يرافقه وفد من كبار المسؤولين، وفي معيتهم مولانا أحمد هارون، فتي كردفان البار، وقائد نهضتها ونفيرها، وأركان نفيره، من وزراء ومسؤولين في الولاية، إلى جبرة الشيخ ليشهدوا افتتاح الجزء الأول من الطريق المذكور بطول مائة كيلومتراً ومن بعد ذلك يتفقدون الجزء الثاني منه إيذاناً ببدء العمل فيه فوراً، مع افتتاح عدد من المنشآت الخدمية والمشاريع الاستثمارية التي يأتي في مقدمتها مشروع نادك الزراعي بشمال كردفان. وهذا بكل تأكيد حدث يحمل دلالات هي غاية في الأهمية؛ إذ يتوقع له أن يفتح المجال والطريق لتدفقات استثماريه كبرى باتجاه دار الريح وشمال كردفان، خاصة بعد رفع الحظر الاقتصادي الأُحادي الجائر الذي كانت تفرضه الحكومة الأمريكية على السودان. والكرة الآن في ملعب زميلنا المهندس الهمام النور عوض الكريم محمد، وزير الزراعة والموارد الطبيعية في ولاية شمال كردفان، فهو رجل مختص في مجال عمله وله خبرات واسعة وعلاقات وطيدة مع عدد من المستثمرين، على مستوى الإقليم، كما لديه طموح كبير بأن تشهد الولاية نهضة زراعية غير مسبوقة في مجال البستنة وإنتاج الخضر مع اهتمامه بالشق الآخر من النشاط الزراعي؛ خاصة إذا علمنا حجم القطيع الذي تحظى به الولاية. ويضاف إلى ذلك موارد الولاية من أرض ومياه وإنسان منتج وخبير في مجالي الزراعة والرعي على حد سواء. والمطلوب الآن توفر العزيمة والقرار السياسي لانطلاق دار الريح وشمال كردفان نحو التنمية والنهضة وزيادة الإنتاج، ولن يكتمل ذلك ويتحقق إلا بتضافر الجهود والتنسيق ما بين القطاع العام والخاص وادخال تقنيات وأساليب جديدة ومتطورة من شأنها الاسهام في زيادة دخل المنتج والولاية بالاستفادة من الامكانيات، وفرص التسويق على كافة المستويات الداخلية والإقليمية والعالمية؛ إذ لم تعد هنالك حجة بذريعة المقاطعة أو الحظر أو عدم إمكانية الوصول إلى موانئ التصدير، فكل هذه قد أصبحت حججاً من الماضي. وإذا علمنا أن جامعة كردفان تخرج كوادر بشرية مؤهلة في المجالات التي أشرنا إليها؛ تكون الحلقة قد اكتملت ليتحول مشروع نهضة شمال كردفان لأنموذج رائد وقابل للتطبيق في كافة أرجاء الوطن، ويقال (الصابرات روابح ولو يِجَنْ قُمّاح) فقد صبر أهل شمال كردفان، وهاهم يجنون ثمار صبرهم. [email protected]