وإسمه بالكامل محمد عثمان حسن وردي ولد في 19/يوليو/ 1932 توفي في مثل هذا اليوم السبت 18/فبراير /2012 الساعة العاشرة والنصف مساء ودفن في مقابر فاروق تأتي ذكرى وردي هذا العام , وهو مازال يتألق في وجدان الشعب السوداني والأفريقي حضوراً وتأثيراً وردي يشبه المعادن النفيسة التي تزداد قيمتها مع الأيام , والشئ الغريب إن وردي كان متهماً في حياته بأنه يقف أمام ظهور المواهب الجديده أو أنه لا يشجع الشباب أو بمعنى أدق أنه مُحبط للصاعدين وكان النقاد يتهمونه أحياناً بذلك إما غيرة أو حقدا أو تصفية حسابات , ورغم رحيل وردي وخلو الساحة منه إلا أنه مازال بيننا الغائب الحاضر لقد مضى وردي وترك الساحة خالية تماماً ... فأين هذه المواهب التي كان يسد الطريق أمامها .. وأين هؤلاء العباقرة الذين وقف وردي حائلاً دون تألق وظهور مواهبهم لقد إتضح لنا حقيقة دوره وتأثيره وحجمه ... ولقد ظهرت لنا حقائق كثيرة في هذا الزمن الأغبر التعيس وإتضح حجم الكارثة والهجمة التترية الشرسة التي لحقت بالفن السوداني الأصيل بعد إنتشار مجموعة الخفافيش الغنائية التي إنطلقت في ساحة الغناء وإستباحت حتى كل تاريخنا الفني وكانت سبباً رئيسياً في هبوط الذوق العام وكان للقنوات الفضائية وخاصة قناة النيل الأزرق دوراً كبيرا في ظهور هؤلاء الخفافيش وهذا الهبوط وسيسألها التاريخ عن إنتشار الطحالب الفنية التي أفسدت الذوق الفني خاصة من خلال البرنامج المكرر الموسمي (أغاني وأغاني) الذي لم يأت بجديد وأصبح نسخة مكررة منذ السنة الثالثة من ظهوره وحان وقت توقفه منذ زمن بعيد ... وكذلك برنامج ( نجوم الغد ) فهذا البرنامج المشبوه برغم من إيجابياته القليلة جدا فكان من الممكن أن يكون له دور إيجابي كبير في الحياة ويفيد المجتمع لو صدقت فكرته وخلصت نوايا القائمين عليه ..فالنجوم والمواهب ليست في الغناء فقط فهنالك ياسادة يا كرام مواهب كثيرة ... فكم من موهوب مات وسرًه في صدره ولم يجد من يستمع إليه.... فهنالك مخترعون منتشرون على مواقع التواصل الإجتماعي .. وهناك أدباء وشعراء والكثير من المواهب التي تستحق الإستماع إليها وتستحق الرعاية والإهتمام بها والمجتمع في أمس الحاجة إليها ... فمتى تتوقف هذه البرامج عن تخريج سمومها التي سممت أسماعنا ولم يشنّف أسماعنا بأي جديد من خلالها بل كانت كل هذه البرامج إستباحات لحقوق الآخرين الذين غيبهم الموت دون مراعاة لحقوقهم أو حتى الإستئيذان من أسرهم وإتضح لنا إن العدد في الليمون وإن مائة مطرب من هؤلاء الخفافيش لا يصنعون مطربا واحداً موهوباً وإن الساحة ملئية بمئات الأسماء ولكنها خالية تماماً وإتضح لنا إن وردي كان تياراً فنياً متكاملاً في كل شئ في الإحساس .. والأداء .. والقيمة .. كان إحساس وردي من أكبر عناصر نجاحه وتفوقه وإلتفاف الجماهير حوله وردي يغني ويعني كل كلمة يقولها .. كان وهو يغني للحب يحب فعلاً ... كان وهو يغني للوطن فكان مناضلاً حقاً ....وكان أداء وردي شئيا مميزاً وفريداً إختلف به عن كل مدارس الغناء التي جاءت قبله وبعده ولن يتكرر وكانت القيمة الفنية هي الأساس الذي يرتكز عليه وردي في مسيرته كفنان فكان في آخر أيامه عندما أشتد عليه المرض يقول للناس أنه مريض ولا يقدر وكانوا يعتقدون أنه يكذب ولكنه فعلا كان مريضاً جدا لكنه كان يتماسك ويتمنى أن يعيش حتى يكمل الأغنية ... وعندما يسمع تصفيق الجماهير كانت تعود إليه حيويته ولا يصدق أحد أنه كان منذ لحظات يتأوه من الألم وبعد رحيله مازال وردي فارس الأغنية الأول ومازالت تطوف أغانيه كل بيت سوداني رغم إنتشار ألاف الخفافيش التي أفسدت أجيالا كاملة ...بل وتجاوزت أغانيه الحدود وتطوف كذلك دول الجوار الأفريقي من تشاد وأثيوبيا ونيجيريا ... وحكى لي صديقي أنه سمع أغاني وردي في إحدى الكافتيريات في كينيا وعندما إقترب من صاحب المحل قال له بلكنة أثيوبية أنه كيني ولكن تعلق به من صديقه الأثيوبي الذي كان يستمع له كثيراً لذلك أحببته ..... وكلما عادت ذكرى وردي بكينا فيه عمراً جميلاً ..وفنأ جميلا وإنساناً كان أجمل ما فيه الإحساس الصادق. ياسر عبد الكريم [email protected]