ما تشهده الساحة السياسية هذه الأيام من شد وجذب بين الأحزاب المشاركة في عملية الحوار الوطني بشان التعديلات الدستورية وما صاحبها من اتهامات لبعضهم بواد الحوار أو العمل على عرقلته ما هي إلا عمليات توسعة داخلية لإثراء النقاش أو إجراء عمليات إحماء تقوم بها الحكومة لمرحلة مقبلة تتطلب إثارة بعض النقاط الحساسة والتي قد يصاحبها جدل بشأن التغييرات التي تشهدها البلاد لذلك كان لابد للحكومة من تهيئة المجال على المستويين السياسي والشعبي حتى يتم تقبل عملية التحول السياسي في المرحلة المقبلة , فالحوار الوطني في نسخته الأولى أصبح لا جدوى منه بعد التحول السياسي الذي شهدته العلاقات الخارجية بالشأن الأمريكي والتي دفعت بدورها إلى الرفع الجزئي للعقوبات الاقتصادية على السودان والمشروط ببنود يجب تحقيقها خلال الستة أشهر المتفق عليها , التغيير الذي حدث في جانب العلاقات الأمريكية كان لابد له أن تصاحبه بعض التغيرات على المستويين الداخلي والخارجي لأجل تحسين وتجميل وجه الحكومة حتى تكون مقبولة لدى المجتمع الدولي , هذه التغييرات قد تكلف النظام كثيرا وعلى حساب الحزب الحاكم بالتحديد والذي تشهد منظومته الداخلية تصاعد وتيرة الخلاف بين عضويته خوفا من تكلفة هذه التغييرات وذلك بصعود قوى أكثر تأثيرا قد تنال من مناصبهم في السلطة. فما يدور في الساحة السياسية من جدل بشان مخرجات الحوار الوطني حول إجراءات بعض التعديلات الدستورية بالإضافة إلى إرجاء تكوين الحكومة المرتقبة لحين آخر أمر افترضه الواقع والذي من شانه أن يصب في خانة التغييرات التي تحدث الآن , قبول حزب المؤتمر الشعبي المشاركة في عملية الحوار الوطني رغم الخلاف بشان التعديلات الدستورية إلا أن مشاركته أدت إلى تقريب المسافة بينه وبين الحزب الحاكم وبقية الأحزاب المشاركة في عملية الحوار وذلك نسبة لتقبلها برنامج الحزب الحاكم لتكتمل بعد ذلك إحدى كفتي الحوار التي تتسيدها الحكومة والتي من شانها أن تذهب بها إلى خارطة الطريق لإحلال السلام الموقع عليها من قبل الحكومة والمعارضة والمتوقع تفعيلها في مارس المقبل والتي حظيت بدعم دول الترويكا لها مؤخرا والتي حثت بدورها الأطراف الموقعة عليها بالالتزام بالاتفاق بالانخراط في حوار سياسي شامل. مؤشرات عملية مخاض التغييرات على الساحة السياسية أضحت واضحة المعالم تنبئ بحدوث انفراج وشيك بالمشكلة السودانية فلذا يجب احتمال آلامها المصاحبة لها رغم مراحلها المتعددة وما سيصاحبها من قلق وتوتر يسود أوساط القوى السياسية بشان ما ستفسر عنه عملية المخاض على أريكة خارطة الطريق , إذاً يجب علينا التأكيد على وجوب قبول الإصلاحات الفعلية التي تنتج عن الحوار السياسي الشامل والخروج من هذه المرحلة بسلام حتى تنعم البلاد بواقع سياسي يعيد لها مجد ماضيها ومن ثم الانطلاق إلى مرحلة الاستقرار. [email protected]