من جملة الولاة الذين تم إنتخابهم فى مسرحية إنتخابات السودان الأخيرة ، المثالية بمعايير الإسلام السياسى ، والمستوعبة لكافة ألاعيب وخيانات وغدر الإسلاميين ، فإن ستة منهم قد غادر كرسيه إلى الآن أما بالإقالة ، أو الإستقالة المدبرة ، والتى هى إقالة فى نهاية الأمر ، منهم ولاة كل من (غرب دارفور ، جنوب دارفور ، النيل الأزرق ، القضارف ، جنوب كردفان ، شمال كردفان ) علاوة على موت والى الشمالية). الإقالة بنص دستور الإسلامويين ، لا يتم إلا بموافقة ثلثى أعضاء المجلس التشريعى الولائى ، وهو حق لا يتم اللجوء إليه فى الغالب ، ، ولم تحدث فى أى من الحالات السبعة السالفة الذكر. شنت حرب جنوب كردفان ، وسقط من جرائها الضحايا ، وشرد الآلاف إلى دولة أخرى ، وإقتات الآلاف من الأطفال بصفق الأشجار ، وقصف من تبقى منهم بالطائرات ، وكل ذلك تغطية لإخفاق هارون فى تحقيق الفوز الإنتخابى ،،، وها هو يقدم إستقالته ، فيما إستمات وأمات فى سبيله الكثيرين . فكيف لسياسى إدعى أنه نال قوة إنتخابية ، من آلاف الأصوات ، ثم يتخلى عنها لينتقل إلى ولاية ، لم ينل فيها صوتاً واحداً ، بل يُزاح له من أنتخب ، فيترك كرسيه ، ليجلس على عرش غيره بطمأنينة ؟ إن لم يطعن ذلك فى مصداقيته ، و شرعيته ، وشرعية المقال لأجله ، والعملية الإنتخابية برمتها . لا يخفى طموحات أحمد هارون فى الترقى والعودة وزيراً للداخلية ، بعد أن نال وعداً بذلك ، قبيل توجهه إلى جنوب كردفان ، ويأتى تجدد مطالبته بهذا المنصب ، فى إطار البحث عن طوق نجاة يخرجه من تلك البقعة الملتهبة ، والتخلص من الضغوط الهائلة للجبهة الثورية ، الساعية وراء القبض عليه ، والقريبة جداً منه . خروجه من جنوب كردفان ، ليس للذهاب إلى بيته ، ولكن لإتخاذ ما كونه من رصيد ، سلماً للوصول به إلى أحدى أكثر المراكز قوة ونفوذاً كالداخلية. إذن ، لا بد من وجود صفقة مجزية ، وهامة للغاية ، وقفت وراء تخليه عن كل من جنوب كردفان ، ووزارة الداخلية !! ذكرت بعض المصادر أن أحمد خميس هذا ، المتهم بممارسة التصفيات العرقية ، أيام التمرد الأول ، قد أعيد إلى الخدمة العسكرية مجدداً ، بناء على طلب ومساعدة أحمد هارون ، فقربه ، وعينه نائباً له ، وبحسب مفردات السياسية للإسلامويين ، فهو يعتبر (زوله). أما آدم الفكى ، ورغم أنه شخصية مغمورة ، ولا تتوفر عنه معلومات ، ولا يتمتع بالشهرة حتى وسط الكيزان ، إلا أن هارون هو من ضمه إلى كابينته ، ورفعه من موظف صغير فاشل ، إلى مستشارية الولاية ، وذُكر أنه مجرد ذيل تابع لهارون فى حله وترحاله ! إذن لا نملك إلا أن نقول أنه (زوله) !! أما ياسر عرمان ، فقد إلتقط القفاز ، ليؤكد أن أحمد هارون ، هو الذى عمل مع قيادة المؤتمر الوطني لاختيار هؤلاء الولاة ، وأنه مخطط يستهدف الحوازمة والمسيرية والنوبة ، وإعتبره عمل إجرامى يجب التصدي له ، وعلى هذه القبائل أن توقف حروبها ضد بعضها البعض ، وتتوحد لمواجهة عدو الشعب السوداني ، ولتبقى المصالح المشتركة كما كانت في السابق ، وناشد أبناء وطلائع هذه القبائل لتوحيد الصفوف ، وتوجيه غضبهم نحو عدوهم . رغم الترحيب الحذر للمسيرية بعودة غرب كردفان ، إلا أنها تنتقد أن عودتها بمعية شخصية أحمد خميس ، الذى لم يكن متفقاً حوله ، ولم يرد إسمه فى أى من مراحل مفاوضات الإعادة ، فأطلق فى وجهه عبارات جارحة تعبر عن عدم الترحيب به ، كما أن آدم الفكى ، لا يتمتع بأى ثقل فى ولاية جنوب كردفان ، ولا أوساط النوبة الذين هم الغالبية العظمى فى المساحة الجغرافية التى ولى عليها. كلا الرجلين لا يتمتعان بالوهج الذى يؤهلمها لهذين المنصبين ، سواء أنهما ذيلين تابعين لأحمد هارون. هنا تنكشف الصفقة ، بأوضح صورها ، وهى تعيين هارون والياً على شمال كردفان ، وحاكماً على ولايات كردفان الكبرى الثلاث ، بمساعدين إثنين من أتباعه ! ، أحدهما والى على غربه ، والآخر على جنوبه . أى ( سيبك من الداخلية ، إستلم كردفان كلها وإعتبر نفسك رئيس جمهورية عليها ). تظهر هذه الصفقة بجلاء ، حتى فى التصريحات التى أدلى بها ثلاثتهم ، بعد أداء القسم أمام البشير ،،، فقد تعهد هارون فى تصريحات صحفية ، بالعمل من أجل خدمة إنسان كردفان بولاياتها الثلاث !! وأن الولايات الثلاث يربطها نسيج اجتماعي موحد ، الأمر الذي سيسهم في توطيد عري التعايش السلمي ، ويحقق تطلعات أهل كردفان. وأعرب عن شكره لمواطني جنوب كردفان على صمودهم، وصبرهم في التصدي لتحديات الحرب ، مؤكداً التزام الولايات الثلاث بالتنسيق والتعاون من أجل العيش في جوار آمن ، وسلام مستدام .. أرأيتم أن والى شمال كردفان لا يتحدث إلا عن كردفان الكبرى ؟؟ أما آدم الفكى ، فأكد عزمه العمل من أجل النهوض بإنسان الولاية ، وتكملة مشروعات التنمية التي بدأها سلفه مولانا أحمد محمد هارون !! وأى مشروعات تنموية يا ترى ؟؟ أما أحمد خميس فقد أظهر مضمون تلك المؤامرة ، بصورة أكثر وضوحاً ، وأكد على إلتزام ولايته بالعمل مع ولايتي شمال وجنوب كردفان، لضمان تحقيق تطلعات إنسان كردفان في السلام والاستقرار والتنمية. إذن فإن هارون وحده هو من دبر هذا الأمر ، وهو النسخة الثانية من ظاهرة عبدالرحيم محمد حسين ، الذى لا يتم التخلى عنه ، مهما كثرت أخطاؤه ، وزادت مساوئه وسوءاته . ولسان حال البشير بعد إكتمال الصفقة ، يقول " هارون هو المسئول عنكما ، وسيحل لكما أى مشكلة فى الأبيض ، ولا داعى لتأتيانى بها إلى الخرطوم " وفى سبيل إضفاء الشرعية والعلنية ، سيتم اللجوء حتماً ، إلى تكوين مجلس صورى ، يُعنى بتنسيق شئونها .. وهكذا دائماً شأن العقول الإسلاموية المعطوبة ، التى دأبت على محاصصة وتقسيم مراكز السلطة إلى وحدات أصغر لتوفير المزيد مناصب يقال عنها دستورية ، وتفصيل وإستنباط ونجر مناصب على مقاس شخص معين ، فى محاولات لكبح الأطماع ، وإعادة توجيه سموم الإجرام ، ثم التحايل فيما بعد ، على نفس الوظائف وتبيسطها للحد من المشاكل التى تتسبب عنها. لقد بتنا أكثر قناعة اليوم ، أن منصب الحاكم الأعلى لكردفان ، هو الذى أقنع أحمد هارون بالتخلى عن ولاية فاز فيها بإهدار الدماء ، وتهجير المدنيين !! وعن وزارة هامة ، التى طالما تطلع إلى الجلوس على قمتها ، كالداخلية .. [email protected]