لامتحانات الاساس نكهة خاصة عندنا في قرية دونتاي ،كانت تسمي سابقا امتحانات المركز الابتدائي . صبح ذلك اليوم ليس كبقية الايام ،صبح مشحون بالقلق وقد سبقه ارق ليلي طويل ، صباح ذلك اليوم بعيد جدا ،اذ ان النوم في الليل الذي يسبقه متقطعا ،علي صوت مدقة البن للحاجة زهراء (الرتينة )قمت من النوم مشدودا ،تعودت هذه المراة الطيبة وهي خالتنا تسكن الي جوارنا ان تصحو مع اذان الفجر لتشرب القهوه مع زوجها عبدالقادر في توقيت الفجر بالتمام ،الجميع يصو علي صوت الفندك، ونكهة البن عند الصباح ،صوت اذان الفجر يعانق ما تبقي من الظلام بحب،الصمت وبعض اصوات العصافير سحر تلك اللحظات ، صوت جدي محمد الفكي وهو يتلو القران لصلاة الفجر يعطي الصباح القا روحيا غير عادي، يتلو ايات برواية حفص (الشمس وضحاها والقمر اذا تلاها والنهار اذا جلاها )الي بقية ايات هذه السورة، يهتز الانسان بكاملة ،لست متفقها في الدين ولكن هذه الايات تبعثر حتي من كان قلبه حجرا ،وتسكن النفس دائما ما نذهب بعد الفجر الي البحر بغرض جلب الماء والاستحام ،في ذلك اليوم البحر اروع ما يكون ،هدو غير عادي والسماء كذلك ،لا تستطيع ان تميز بينهما ،البحر مستوي علي مداه الا من بعض فقاقيع السمك هنا وهناك ،في الاتجاه الشرقي من البحر وعلي مسافة بعيدة من مكان المورد ،يجلس شخص ليستحم ،يجمل مكان استحمامه بهدؤ ومزاج عالي ببعض فروع شجر العوير يتدلي وردها علي البحر وهم مستكين كانه حمام تشطيب ديلوكس ،يغني بعمق (اه لما اشوفك بنشرح قلبي ينسي احزان زمانو وينسي تبريح الجرح ) انه عبد الحكيم (رشوشة) رحمه الله رحمة واسعة . رائحة ملاح الكجيك لعمال الطوب اشهي ما يكون ، الماء يداعب اجسادنا كانه لؤلؤ منثور . امام بوابة المدرسة يتجمع الطلاب الكل يلبس جلابية بيضاء جديدة ،اشتراها له والده للامتحانات ، الامهات والاباء حضور طاغي ، الكل في حالة ترقب الخوف ممزوج بالفرح ، علي يدي قلما تلي عليه جدي الفكي احمد رحمه الله ، ايات من الذكر الحكيم حتي يباركني ويدفعني للنجاح، في جانب واحد يقف الاساتذة الاجلاء( عمر الحاج ،احمد مبارك ،وداد ،ابوشوك ،الرفاعي ،عوض السيد ،محجوب احمد بانقا وبقية الاساتذة )لهم الاحترام من مسافة طويلة يظهر غبار العربة ، انه لوري ثروت ،رجل صاحب شارب كبير وجسم قوي وصرامة ينسجم مع وضع هذا اليوم ،مكتوب علي ظهر العربة (الهجرس)اسم له دلالة رهيبة لا ادري ،اذ كان الفكي ود علي يقول بقوة ابو الزفت الهجرس وصل . عبر اللوري الشارع بسرعة وهو يشق الطريق الوعر الي مركز الامتحانات بكركوج ،الفكي ودعلي الي جانبي ممسكا بسيخ اللوري وهو في حالة زهول ، خالد بلولة بجلابيته الصفراء ويوسف عوض الله يمسك كل منهم الاخر لليقين وسط اللوري ، صاح استاذ احمد مبارك لرفع المعنويات ،يلا يا شباب نشيد قوي ، صحنا بحماس ان الكريم لك الربيع تحبه للحسن فيه وتهش عند لقائه ويغيب عنك فتشتهيه . بصوت موسيقي ولحن جميل . الكل في مركز الامتحانات يترقب وصول مدرسة دونتاي ، اذ كانت افضل المدارس انذاك ، وقف اللوري وصلنا المركز ، الصمت سيد الموقف . نزل الاستاذ عمر الحاج اولا كانه جنرال حرب واشار الينا بالنزول ،خطب فيها بقوة ممزوجة بحنان الاب العطوف والمربي ،شدو حيلكم وما تخافوا انتو افضل طلاب في المركز دا ،الله معاكم . تحركنا باتجاه تجمع الطلاب وسط نظرات اعجاب من طلاب المدارس الاخري . علي الزقاق مرت امامنا حسناء بيضا اللون وطول فارع وجسم ممتلئ ،وضع الشاذلي ذنون يده علي راسة وجلس علي الارض ،الخرااااابا دي بتقري معانا !! ،رد معتصم الدرديري شنو دا ! والله انا قايل دي جايز غايتو يكون معرسها وزير ووالدة عدييل ،نظرت الينا من طولها باحتقار وصرخت في وجهنا بعنف في شنو يا عرب يا مقطعين ، هربنا جميعا الي فصول الامتحانات ونحن نضحك ، قرع جرس بداية الامتحان الهدؤ عم كل المكان ،ووضعت ورقة الامتحان وانكفأ الجميع علي الورق . انها اجمل الايام قضيناها بالود والحب والسعادة والنجاح . في هذه الامتحانات حصلت علي الترتيب الخامس علي مستوي المركز،وحصلت مدرسة دونتاي علي كل المراتب المتقدمة علي مستوي المركز . من الاول الي الخامس من قريتنا .. الاول :معتصم الدرديري الثاني: فيصل القاسم ؛مشترك وديان علي الزاكي رحمها الثالث :عبدالعزيز محمداحمد الرابع ؛منتصر محمداحمد الخامس :معتصم الامين الزاكي . نعم الاساتذة و الاخوة ونعم الدفعة والاهل نتمناكم بخير [email protected]