منذ ان اصدر البيت الابيض الامريكي قراره الشهير برفع العقوبات من السودان قبيل ان (يلملم) الرئيس الامريكي السابق اوباما اشياءه ويرحل وقتها تنفست الخرطوم الصعداء وانفتحت في وجهها ابواب من الامل واعتبرت ان هذا القرار يعتبر بمثابة نقطة التحول الكبري في تفكير العقل الامريكي تجاه السودان بالرغم من القرار نفسه حدد سقفا زمنيا قدره ست شهور ليصبح قرارا فاعلا تتبعه خطوات اخري اكثر رشدا ومرونة تجاه الخرطوم . غير ان القوي السياسية الاخري سواء المحلية او الاقليمية والدولية التي تقف علي الضفة الاخري في مقابلة حكومة الخرطوم نظرت لهذا التحول الامريكي الموجب في علاقته بالخرطوم وكانه الضربة القاضية في وجهها او هو الكرت الدولي الاخير الذي مزقه اوباما علي عتبة البيت الابيض قبل ان يغادره . وبهذه المعطيات والمشاهد الجديدة تبدلت الكثير من الاوضاع وساءت الظروف وتلوثت المناخات التي افلحت في اوقات ماضية في صناعة وانتاج امزجة وافكار القوي السياسية المعارضة وبالاخص ما يسمي بقطاع الشمال وهي المجموعة التي وقفت ولازالت كخصم لدود ضد الانقاذ او بالاحري ضد النظام الحاكم الان في السودان وبالضرورة هنا ان نشير الي حالة (الزلزلة) التي طالت عرش الحركة الشعبية (قطاع الشمال) وهي الحالة التي فجرتها استقالة الجنرال( عبد العزيز الحلو) قائد قطاع جبال النوبة بقطاع الشمال باعتباره احد الاضلاع الثلاثة القوية التي بنت عليها الحركة مشروعها الفكري والسياسي والعسكري ومن البديهي هنا الربط بين ما تشهده الحركة الشعبية من اهتزازات وانقلابات داخلية وبين قرار رفع العقوبات ضد السودان لما يمكن ان يحدثه من تداعيات وتحولات واسقاطات سالبة علي كافة جبهات المعاضة السودانية . لكن يبدو انه من غير المنطق الاعتقاد بان الذي تعانيه الحركة الشعبية الان هو مجرد اختلافات هامشية فقط او سحابة صيف عابرة لكنها في الواقع كما اكدت التسريبات والتقارير الخاصة ان هذه الاختلافات والتباينات حقيقية ومبدئية طالت (اللحم الحي) وضربت المكون الفكري والعقدي الذي كانت تتواثق عليه هذه المجموعة في صياغة مشروعها السياسي وهو مشروع ولد من رحم الحركة الشعبية (الام) والتي رحلت هي الاخري (جنوبا) بمشروعها الفكري والسياسي عشما في دولة (مستحيلة) تاويهم وتلبي اشواقهم ورغباتهم لكنها كانت هكذا احلاما واوهاما تبددت وتناثرت كما الجثث في العراء فباتت دولتهم هناك (معطوبة) و محروقة . ربما لم يتبين للعامة حتي الان ماهية هذه الخلافات وطبيعتها التي احدثت كل هذه التفجرات بين الرفاق وباعدت بينهم المسافات , صحيح انها خلافات طالت الثوابت العليا للحركة لكن لم يعرف بعد من هو الذي بقي علي فكره القديم ومن الذي خرج ؟ وما هو شكل وحجم الضغط الذي تعرضت له مكونات القيادة بالحركة ومدي استجابتها وتاثرها بذلك ؟ ستبقي الحقيقة ان اي تحول فكري او تبدل في مبادي وثوابت هذه الحركة يعني بالضرورة هزيمة وانهيار مشروعها الكلي وبالتالي فان هذه المجموعة ربما هي امام عاصة قادمة حينما يدرك قادتها انهم فعلا بلا مشروع وبلا فكرة وبلا مواقف وبلا داعم , فكيف اذن تتبدي خيارات هؤلاء القادة في مستقبل الايام ؟ وهل بامكانهم البحث عن مشروع سياسي او حلفاء جدد ؟ نحن الان امام فرضية اساسية تنطلق من ان هذه التحولات والزلازل التي ضربت اوصال ومكونات الحركة الشعبية ستفرض علي هؤلاء القادة (عقار والحلو وعرمان) واقعا جديدا يجبرهم علي ضرورة التفكير في تجاوز محطة (الممانعة) والعودة سريعا الي خيار التفاوض واللحاق بالحكومة المرتقبة .. فهل تصدق هذه الفرضية ؟ سننتظر كيف تجري الامور داخل الحركة الشعبية وننتظر ايضا مصير ياسر عرمان والوجهة التي سيتجه اليها خصوصا ان بعد التقارير والاخبار التي تحدثت بالامس عن اقالته من القطاع . مع طلاب الشهادة السودانية ..! تتجه صباح اليوم انظار الاف الاسر السودانية تجاه معركة امتحانات الشهادة السودانية والتي يجلس لها هذا العام حوالي 500 الف طالب وطالبة فهؤلاء الطلاب سيدخلون قاعات الامتحانات وخلفهم عشم الاباء والامهات ينتظرون موسم الحصاد الاكاديمي لفلذات اكبادهم الذين لطالما بذلوا كل ما لديهم من جهد ووقت في سبيل توفير البئة والمناخات الصالحة للتحصيل , فكم من الاسر السودانية التي استقطعت من ميزانياتها ورصيدها الخاص علي حساب التزامات اخري حتي تفي بكل المعينات والاحتياجات التي يجب توفرها لكل طالب يحلم بالمجد والنجاح في وقت تراجعت فيه الدولة كثيرا عن مسوؤلياتها الحقيقية تجاه هؤلاء الطلاب وتجاه العملية التعليمية عموما . قضايا وموضوعات واشكاليات عديدة دائما ما تصاحب فترة الامتحانات كل عام خصوصا في الجوانب التي تتعلق بالامن والتامين لهذه العملية فوزارة التربية والتعليم تتحدث عن سلامة ترتيباتها واستعدادها وقالت انها قامت بكل ما يخرج هذه العملية الي بر الامان لكن يبدو واضحا ان هذه الترتيبات ربما تنكشف حقيقتها وضعفها وهوانها حينما يجلس الطلاب علي مقاعدهم ثم يحدقون في اوراقهم فهناك من بين الاشكاليات مسالة الكنترول والرقابة واستحقاقاتها ثم تاتي مرحلة التصحيح واستحقاقاتها ايضا ولكن تبقي القضية الاكثر خطرا وتاثيرا علي هؤلاء الطلاب حينما تتناثر اوراق الامتحانات لتصبح في العراء او ان تتسرب لدي مجموعة من الطلاب دون اخري بهذا تفقد الشهادة (شرفها) وتنتهك سيادتها . علي الحاج ..تداعيات العودة يتجه المؤتمر الشعبي بكل ارادته وبخطوات عجلي لاقرار امين عام جديد (منتخب) لخلافة الشيخ الراحل حسن الترابي في مرحلة مفصلية بالغة التعقيد سواء علي المستوي العام او المستوي الخاص بالمؤتمر الشعبي فالحزب وكما هو مثار عبر مجالسه الخاصة تتنازعه الكثير من الرؤي والافكار والمواقف والتي برزت الان وبشكل واضح في مرحلة ما بعد الترابي في وقت تتحدث عنه بعض المجموعات داخل الحزب عن عدم رضاءها بالمنهج الذي يدير به الشيخ السنوسي الحزب ولكن تظل قضية التقارب او الشراكة مع المؤتمر الوطني هي القضية الابرز التي حركت الكثير من البرك الساكنة داخل مكونات المؤتمر الشعبي . وبالامس القريب وضع الدكتور علي الحاج (عصا الترحال) وانهي سنوات المنفي السياسي جاء بكامل اسرته للاستقرار النهائي بين الاهل واحضان الحزب الذي ارهقته مسيرة البحث عن حكومة (منزوعة) ومشروع اسلامي تنازهته الاهواء وتحاصره الضغوط والعاتيات محليا وخارجيا . ولعل هذه العودة للدكتور علي الحاج لا تفسير لها سوي ان الرجل طوي صفحة مليئة بالمرارات والخصومات القديمة التي لطالما (عكرت) صفو الاسلاميين وباعدت الشقة بينهم غداة فتنة الرابع من رمضان الشهيرة في العام 1999 التي شطرت الاسلامين الي معسكرين (معسكر القصر ومعسكر المنشية ) فجرت كثيرا تحت الجسر مرت عبرها الحركة الاسلامية بمراحل وتطورات عديدة صعودا وهبوطا في شكل هذه العلاقة , لكن يبدو ان العلاقة عادت الان بين (الوطني والشعبي ) الي اصولها القديمة مضمونا وليس شكلا لان الشكل الجديد لحركة الاسلاميين الحاكمين والمعارضين هو الان في مرحلة التخلق وصولا الي صيغة (المنظومة الخالفة ) التي اوصي بها الراحل الشيخ الترابي والتزمت بها جماعته . كل الشواهد والمعطيات تؤكد ان الدكتور علي الحاج سيكون هو الخليفة الانسب والاوفر حظا لمنصب الامين العام وربما اكتملت كافة الترتيبات لهذا التنصيب لان الحكومة نفسها تدفع بقوة في هذا الاتجاه فهي تعتقد ان الدكتور علي الحاج يتمتع بعلاقات قوية علي المستوي الاقليمي والدولي والاوروبي يمكن للحكومة استغلالها وتوظيفها بما يخدم مصالحها وملفاتها الدولية علاوة علي الدكتور علي الحاج يمكن ان يكون له دورا فاعلا في الاتصال بالحركات والمجموعات الدارفورية المسلحة وقياداتها خصوصا ان الحكومة لازالت تعتمد سياسة الابواب المشرعة للاتصال بالممانعين واقناعهم بقبول الوثيقة الوطنية ولهذا كله فان الحكومة تدعم وبشدة خطوة صعود الدكتور علي الحاج الي منصة الامانة العام للمؤتمر الشعبي ولكن تبقي القضية الاكثر قلقا امام دعاة وحدة الاسلاميين ان هناك تيارا قويا ربما يتزعمه شباب المؤتمر الشعبي يقف سدا منيعا ضد محاولات التقارب مع الوطني وبالتالي ضد مشاركة حزبهم في الحكومة المرتقبة , فهل يمكن ان يكون لهذا التيار دورا فاعلا لاجهاض كل خطط ومساعي المؤتمر الشعبي في اتجاه عودة اللحمة بين الاسلاميين او بالاحري بين (الوطني والشعبي) ؟ . [email protected]