(1) طفر (الغناء) بصورة كبيرة وقوية للساحة السياسية وأصبح من الصعب أن تجد برنامجاً سياسياً يخلو من الفواصل الغنائية المصاحبة ، حتى لو كان ذلك البرنامج السياسي مؤتمراً عاماً لحزب سياسي عقائدي. معظم السياسيين الموجودون في السلطة الآن ، خاصة ولاة الولايات يحشدون الناس لحضور تفاعلاتهم السياسية بانصاف مدني ومكارم بشير وعاصم البنا وصلاح ولي. عجز السياسيون من أن يقدموا برنامجاً سياسياً جاذباً دون أن تتخلل هذه البرنامج (أغنيات) موزعة ما بين الافتتاح والختام. (2) في المهرجانات السياحية والثقافية التي تقام في عدد من ولايات السودان ، لا سياحة ولا ثقافة في تلك المهرجانات ، إلّا من بعض المشاركات المكررة للفنانين والأغنيات التي لا جديد فيها ، حيث تدور كل هذه المهرجانات حول أغاني التراث وأغاني الحقيبة. مع أن هذه المهرجانات تدعي أنها للسياحة ، إلّا أننا لا نشاهد فيها سياحة إلّا من بعض صور للولاة في شوارع الولاية الرئيسة. بعضها يضحك فيها. وبعضها يلوح فيها بيديه. أما الثقافة فقد اختزلوها في أسهل الضروب وأيسرها وهو الغناء ، حيث لا مسرح يقدم ولا معارض تشكيلة ترعى خلال تلك المهرجانات. نحن لا نشاهد في تلك الثقافات غير هدي عربي وفهيمة عبد الله وحرم النور. (3) في كل المناسبات الدينية والوطنية نعبر عن تلك الأعياد عن طريق (الأغنيات). هذا هو الأسلوب الوحيد الذي نعرف أن نعبر به. في عيد الاستقلال نقدم أغنيات وطنية وفي الأعياد الدينية نقدم كوكتيل من الأغنيات. نفعل نفس الشيء في عيد الأم .. والفلاناتين.. لا شيء غير الغناء. (4) ما يحدث في المهرجانات الولائية التي تدعي السياحة والثقافة يحصل ما هو أسوأ منه في الفضائيات السودانية التي تقدم كميات مهولة من الأغنيات في ساعات بثها اليومي. لا شيء يقدم في تلك الفضائيات غير (الأغنيات) ، لدرجة أن الأغنيات أصبحت تتخلل حتى برامج (الطبيخ) و الأعمال الدرامية التي أصبحت تعتمد هي الأخرى على الأغنيات. فضائيات الولايات لا شيء تقدمه غير برنامج السيد والي الولاية مع برامج غنائية مكررة. نحن نفعل ذلك حتى في شهر رمضان المبارك ، إذ يقدم برنامج (أغاني وأغاني) في فضائية النيل الأزرق ويكرر نفس البرنامج بصور أخرى في القنوات الأخرى. برامج رمضان في الفضائيات السودانية عبارة عن (فنانات) يتوزعن تناوباً في القنوات السودانية. بعضهن تجده في أكثر من قناة. بل أن المطربة يمكن أن توجد في أكثر من برنامج في القناة نفسها. سوف نكون في شهر رمضان المبارك مع (رق) ميادة قمر الدين و(دلوكة) إنصاف مدني و (ثياب) ندى القلعة!!. (5) في عيد الأم ..قدمت مجموعة من الأغنيات. كلها حاولت أن تلبس ثوب (الأمومة). الى هؤلاء وأولئك ..عيد الأم ..هو مناسبة (عامة).. تفقد معناها إن خصصت للأم المثالية او اختصرت في بعض الأمهات. الاحتفاء بالأم المثالية يجعل المناسبة (خاصة) لتفقد خاصيتها. الأم لا تحتاج الى رمزية. هذا مع التأكيد أن كل الأيام عيد للأم .. ليس هناك يوم واحد تقدر فيه الأم ويحتفى بها. نحن مغرمون بتقليد الآخرين ..حتى في الاحتفاء بالأمهات. الأم السودانية هي الأعظم بين كل الأمهات في العالم ، لذلك الاحتفاء بها يجب أن يكون مختلفاً. الاحتفاء بها يجب أن يكون على امتداد العام. إن كانوا في الخارج يحتفلون بالأم مرة واحدة في العام ، دعونا نحتفي بها في السودان في كل يوم. وذلك لأن الأم السودانية مختلفة في الحنان ومختلفة في العطاء..مختلفة في كل شيء. (6) هذا العمود يخيل لي أنه لا علاقة له بعيد الأم!!. الانتباهة