ربما لا يصدق الكثيرون ان كل الفوضى الراهنة في السودان سببها الذهب . الذهب وحده هو ما يجعل الجيش يحكم ، ويجعل الشرفاء يجاهدون و يجعل الخونة يخونون ويجعل المتمردين يتمردون . الذهب ، المعدن الأصفر الصلب ، السهل الممتنع الذي تكفي صخرة واحدة منه لجعل من يجدها يقفز لسنواتٍ ضوئيةٍ في سلم الثراء بعد الفقر . الجميع يعلم ان الذهب موجود في الشمال والشرق وان #الفاشر ليست غنية بالذهب . صحيح ان بها نصف مليون انسان ، لكن الإنسانية هنا ليست سوى جلسة طارئة في الأممالمتحدة او مجلس الأمن لا اكثر ولا أقل . فأمّا الإنسانية فتذهب جفاءاً وامّا ينفع الناس فهو الذهب ! انهم لا يريدون الذهاب لتحرير الفاشر لأنها لا تملك ذهباً ، اترون كل هذ الجيوش التي تعج بها اراضي الشمال والشرق والوسط ؟ لا احد منها سيذهب لتحرير مدينة ليس فيها ما يهمه وليس عنده ما يهمها . هذه الجيوش لم تُصنع يوماً لتحق حقاً او تُبطل باطلاً او تنصر مظلوماً ، بل صُنعت خصيصاً من اجل الذهب ! . لا كيكل يمثل الجزيرة ولا عقار يمثل النيل الأزرق ولا اردول والحلو يمثلون جبال النوبة ولا مناوي وجبريل يمثلون الزغاوة ولا طمبور و عبد الواحد يمثلون الفور ولا حميدتي يمثل العطاوة ، كلهم لصوص مجرمين قطاع طرق مغتصبين فاقدين للمعنى من الحياة دون هذه الأسلحة التي يحملونها ، و الجيش لن يستطيع قتال كل هؤلاء مجتمعين ، ليس حتى جيش الناتو ناهيك عن جيش السودان المثخن بالجراحات والحصار هذا . لذلك يحاول الجيش في كل مرة تحييد احد هذه الجماعات بالإستجابة لإبتزازها ومنحها شيئاً ً من الثروة والسلطة لا يستحقونها ، فقط لتصبح اقوى مما مضى وتطمع في المزيد . فقط ليقوم الجيش بتقريب جماعة اخرى وإبعاد التي تمرَّدت وإعادة التجربة بنفس الخطوات املاً في نتائج مختلفة ، حتى وصلت كل هذه الجماعات الى مرحلة من القوة تساوي او تفوق قوة الجيش نفسه فأنهار المعبد على رؤوس الجميع . الحركات لا تريد القتال في الفاشر وترك الذهب ، تتعذّر الحركات بأن الجيش لم يُصدر اوامر لها بالتحرك لتحرير الفاشر وكأن هذه الحركات هي قوات نظامية تأسست بقانون ودستور وتعليمات من الجيش . هذه الحركات حركات متمردة من الأساس لا يجب ان تنتظر امراً من الجيش لتتحرك لفعل ما تراه صوابًا ! هل انتظرت هذه الحركات امراً من الجيش حينما تمرّدت ؟ بل هل انتظرت امراً من الجيش حينما كانت ترتزق في ليبيا ابان حكم القذافي ؟ هذه الحركات المسلحة حركات غير وطنية ، مجرّد شركات خاصة لقادتها يعملون بأجور لمن يدفع اكثر . ان كانت هذه الحركات وطنية بالفعل فيجب عليها ان تتحرّك الى #الفاشر الآن ، الآن وليس غداً مباشرةً تذهب كمستنفرين فقط لا غير مثلهم مثل اي مواطن عادي. امّا ان تجعل استنفارها مشروطاً بمناصب وحقائب وزارية و صفقات فهذا يجعلها لا تختلف كثيراً عن الدعم السريع . من قبل كان الدعم السريع يشترط على الدولة مناصب وحقائب معينة واستثمارات كبيرة في الذهب وغيره مقابل عدم قتال الجيش . الحركات الآن لا تقاتل مع الجيش ، هي فقط لا تقاتل الجيش لا اكثر ولا أقل ! متى ستبدأ الحركات في القتال ؟ حينما تفقد الذهب . حينما تتهدد مصالحها في مناجم الذهب سواءاً كان هذا التهديد من الدعم السريع ام من الجيش نفسه لا يهم ، فإن حاول الدعم السريع اجتياح الشمال ستقاتل هذه الحركات ليس دفاعاً عن اهل الشمال لكن دفاعاً عن ذهبه ، وان فض الجيش شراكته معها ستقاتل ليس دفاعاً عن شيء سوى عن نصيبها من الذهب . وحدها المدن التي تحتوي على مناجم الذهب هي ما سيُقاتل الجميع لحمياتها ، ومن دخلها كان آمناً ، اما #الفاشر وبقية المدن الفقيرة فلن يتحرّك احد من اجلها مهما كان حجم مآسيها ..