الحياة مدرسة مبسوطة للإنسان وفيها يعطى ويأخذ حسب سعيه وكل فرد في المجتمع له دور تجاه أسرته وقريته وقد يمتد دوره إلى قطاع كبير من الناس بل يفيد الناس بجامعة من عتاد وعدة وخاصة في المجال الذي يجوده لذا نجد الناس لا يتساوون في المجتمع بحكم فاعليتهم في تقديم الخدمات للأفراد والجماعات .. بعد بحث عميق وتمحيص وجدت أن هنالك أفراد لهم دور بارز ومؤثر في المجتمع وهم كثر ولا نقلل من شأنهم ولهم دور في حياة الناس. الإنسان يمتهن الكثير من الحرف ولكن المدرس رأس الرمح في الحاضر والمستقبل وذلك بشهادة المجتمع وكل الناس في بداية حياتهم حيث الطفولة يدفعون إلى يد المعلم ويتم ذلك بإجماع الأسرة حيث يبدأ البرتكول يوم الولاد بإستخراج شهادة الميلاد ويدفع الطفل إلى حجر المعلم الذي يصنع منه إنساناً يشار إليه بالبنان ويتدرج بين يدي المعلم حتى يتخرج من الجامعة أو الثانوي ويكون بعيداً عن الجهل والفقر والمرض مما يغير من وضع الأسرة إلى الأفضل ويصبح عضواً فاعلاً في المجتمع وهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون.. ونصل إلى نتيجة يجب التأمل فيها وهي أن كل الناس على وجه الأرض أو معظمهم هم من صنع المعلم الذي تحمل في ذلك الكثير من العنت الذي يتحول إلى غبطة وسرور حينما يرى تلميذه قد أصبح جوكر في المجتمع (مش كدة يا سيد حمدتو مختار معتمد الدويم )، بعد أن هذبه وشذبه بالعلم والمعرفة التي تعود على المجتمع بالخير والبركة والرحمة وصدق المثل الذي يقول (من علّمني حرفاً صرت له حواراً) .. وهذا تعظيم سلام للمعلم إينما نلتقي به حتى لو وقفناً على قبره نذكره ونترحم عليه لأنه أضاء لنا الطريق حتى أصبحنا سراجاً منيراً وقمراً مضيئاً في الظلمات كما تتأمل أن المدرس عمله صدقة جارية ينهل من معينها حياً وميتاً حتى تقوم الساعة وذلك بنص الحديث ( مَنْ سّن سنة حسنة فله أجرها وأجر مَنْ عمل بها إلى يوم القيامة) " مزمل مالك عمك حظو سمح" أرجو القبول، حظي 6 سنوات في التدريس، وهذا يدل على عظمة المدرس في الدنيا والآخرة ودليل آخر أن سيدنا جبريل الوحي عليه السلام نزل على سيدنا محمد (ص) معلماً وجاء من اللوح المحفوظ بكلمة (إقرأ) التي توالي بعدها القرآن الكريم وبعد ذلك جاء المدرسون يعلمون الناس مشتقات كلمة (إقرأ) من لغة عربية وإسلامية ورياضيات وعلوم وكيمياء وفلك وأحياء وحتى علوم الذرة وكل هذه العلوم مشتقة من الدروس التي نتلقاها من المدرس.. وطوبى للمدرسين إن شاء الله تكونوا من البدريين والله واسع الرحمة. أبونا ومدرسنا الأستاذ البصري الصادق يرحمه الله قد رحل عن دنيانا الفانية التي هي للعبور حيث ولد في العام 1925م في قرية دمر الحاج فوراوي غرب النيل الأبيض وبعد حفظ القرآن بدأ تعليمه بمدرسة نعيمة الأولية ومن ثم واصل دراسته الثانوية والجامعية بالأزهر الشريف في قاهرة المعز متخصصاً في اللغة العربية وتخرج في العام 1956م ثم يمم وجهه للعمل في السودان حيث كان العباد في أمس الحاجة لمعرفة أمور دينهم وتعليم أولادهم بعد خروج الإستعمار الإنجليزي وحط رحاله أولاً في المعهد العلمي بأبي قوتة ومعه الشيخ بابكر محمد حمد وآخرين ثم إلى القطينة الأميرية ثم رفع إلى ثانوية النيل الأبيض الدويم وبحري الثانوية وعاد أدراجه إلى القطينة الثانوية وبعدها إلى ليبيا ثم إلى المملكة العربية السعودية معلماً للغة العربية وبعد وصوله سن التقاعد لم يركن للدعة والراحة بل عمل أستاذاً متطوعاً في مدرسة الكريل الثانوية وإماماً لمسجد الكريل العتيق يعلم الناس أمور دينهم وقد داهمه فقد البصر ورغم ذلك ظل متقد البصيرة لم يترك نشاطه في الدعوة إلى الله فكان يذهب إلى القرى المجاورة ليعلم الناس أن الحياة في الدين والدين هو الحياة المستقيمة بل يعمل على إصلاح ذات البين بين المتخاصمين ويصل الأرحام وهو زاهد في كل شيئ إلا الحضور بين الناس لمعرفة أحوالهم وكان يفرح وينشرح صدره حينما يزوره أحد تلامذته من المسؤولين الكبار ونشكر باسم أهلنا بمنطقة الكريل محافظ الدويم الشيخ حمدتو مختار (الشاب) لزيارته الكريمة للأستاذ البصري وهكذا الوفاء لأهل العطاء. فقد ورحيل الأستاذ البصري الصادق عصي على أولاده هشام وعثمان وسوسن وعلينا جميعاً لانه كان فخر وزينة المدرسين ونحن نحزن لذلك ولكن عزاؤنا أنه كان (مدرس) وهذا يكفي كما قال العالم بدوي الشيخ نور الدائم بود الهبيل. على الله قصد السبيل،،، [email protected]