إن يجول بأرضنا همْسٌ تداعتْ له الأعلام والأمم أو يُنَقَّب في الثرىَ أثرٌ تُستنهض الآمال والهِمم آثارنا كاللؤلؤ المكنون مُستتِرٌ ما أزرىَ بها دهرٌ ولا قِدَمُ هي الياقوتُ بل الإبريزُ حُلّتها دولٌ بلا تاريخ تنهبها وتغتنم النوبةُ كنزٌ أرضها ذهب ونيلها أُنُفٌ، يلقاك وهو يبتسم* يفيض بالخيرات حيث سرىَ في مدِّه كرمٌ في جزْره نِعم (1) قد ترَ النيل وحيداً، ينساب في مهلٍ، ينحني طوراً ثم يسْتَقِم وقد تراه والجبال معاً في مشهدٍ قد يعجز القلم في وصفه، في سحره وجماله مِمَّا يُسِرّ الناظرين ويُلْهِم هذا وهاَبةُ والشلال أسفله(2) يُرغي ويزْبدُ والأمواج تِلْتَطم وهديرٌ كهدير الرعد تسمعه يملأ الأفقَ صداهُ فيصطدم في دَبْكةٍ يُغري السامعين بها (3) والطير تهْزِج والوديان والأَكم وكِدَّينُ تطربُ إذْ تهيم بها (4) وكجبارُ بالجانب الغربي تنسجم وقف الزمانُ على أعتاب حُسنهما فسيَّانُ عندهما: الأنوارُ والظُلَمُ شمسُ الحضارةِ بالنوبهَ مشْرِقُها أبو الهول يشهد ذاك والهرم وكلاهما في جبين الدهر مُسْتَطِر وسرٌّ من الأسرار لا يُفضُّ فمُ نحن من سرنا على درب العلوم كما شئنا وشاءتْ لنا القمم فما كل من يطلب المجد هو له ولا كلُّ من يدرس الآثار يفْتهم بنا، لمصر وحتى اليومَ مفخرةٌ آثارنا .. هي البرهان والحَكَم ما وطئتْ يوماً أرضَها قَدمٌ إلا وكانت لبارقة السيوفُ دم فنحن جنوبنا البِجْراويَّه حدُّ ونحن شمالنا خوفو وسخْم (5) وأسوانُ منّا وأُقْصُر في سناها لا يبزُّ قصورها سوى إرمُ (6) ملاحظة: *أُنُفٌ: العزة والإباء 1/ المد والجذر للمحيطات والبحار فهنا كناية عن فيضان النيل وانحساره 2/ وهابه جبل عند الشلال الثالث 3/ دبكة: الجلبة والضوضاء واسمٌ لرقصه شامية 4/ كدين وكجبار قريتان على جانبي الشلال الثالث 5/ خوفو وسخم : أسماء لفراعنة نوبيين حكموا مصر 6/ إرم: ارم ذات العماد التي ورد ذكرها في القرآن الكريم [email protected]