عندما يموت الانسان في رحلة البحث عن المياه,فتلك قصة اخري،رغم ان الموت واحد واسبابه متعددة، جميعها تقابل بالايمان التام قضاءً وقدر,لكن ان يموت البشير في رحلة بحثِ عن مياه شرب صالحة,هدما تحت الثرى،فالامرجلل والمصيبة اعظم!!! ذلك هو حال مدينة الاضية زكريا وهي رئاسة محلية،بها معتمد واجهزة دولة كاملة (الدسم) من شرطة وأمن وقيادة لمنطقة عسكرية،هي ليست بلدة في الواق واق،تتقطع بالناس السبل من اجل الوصول اليها،بل بلدة تقع في منطقة وسطى،خلابة خضراء جميلة،ملتقى رئيس يربط بين مدن النهود وبابنوسة والفولة، بلدة من اقدم المناطق،تحتفظ الى الان بآثار (سكنات الانجليز) وهي مركز بالغ الاهمية منذ عهد المهدية، هي حضارة ضاربة في القدم والتراث والتاريخ. المؤسف حقاً أن يبحث إنسانها في القرن الواحد والعشرين عن مياه شرب صالحة!! وما ألحقته ملوحة المياة بسكان المنطقة من امراض وضرر,جعل الهجرة منها هي المنفذ الوحيد،فالمواطن فيها يعيش على ثمرات الارض وخيرات البلاد من الماشية والزراعة،و موارد المياه رغم ملوحتها هي بدأئية عبارة عن(مضخات) وابارتحفر على مجارى الوديان يصل عمقها لنحو عشرة امتار، من اجل الحصول على المياه والحصول عليها غالباً ما يكلف المواطن حياته،لان الانسان في تلك الديار شهمٌ وخدوم ومتطوع لخدمة اهله ولعمل الخير,فهو يُضحى بروحهُ سِلماً وحرباً فِداءً للاخر. تابعت بحسرة خبر اوردته صحيفة الوان، في بحر الاسبوع المنصرم , جاء فيه ,وفاه شخصين وإصابة إثنين اخرين في هدم بئر مياه كانوا يعملون على صيانتها و(تكحيلها) بغرض توفير الماء لسقيا الاخرين,وحسب إفادات اهل المنطقة ان ازمة المياه ظلت مستمرة معهم منذ فترة طويلة،لا يوجد بالمدينة غير(بئر مياه) واحدة يشهد اهل المنطة بانها معطلة لسنوات تصل لاعمار جيل كامل?? يعتمد السكان في الحصول على المياه,على بعض الوحدات الإدارية,والقرى النائية ،بينما السواد الاعظم من السكان يعتمدون على مياه الآبار التي يتم حفرها بعمق عشرة امتارو(يكحلونها) من وقتٍ لاخر(لتوفير) المياه,وعملية (تكحيل) البئر،مع تزايد عمقها لامتار تحت الارض تجعل مخاطر الهدم مسألة وقت ليس ألأ!!! بالذات مع تحرك التربة الرملية التي تفتقد عوامل التماسك،وبالتالي إحتمال الهدم واردة بدرجة كبيرة،لكن الذي يجعل الناس،يخاطرون بحياتهم الى هذه الدرجة هو عدم توفر مورد بديل، فلا يمكن ان تكون عملية حفر بئر لسقاية المدينة هي آخر الاولويات في هذه المحليات وبرامجها?? هناك اسئلة مشروعة,كم من المعتمدين تعاقبوا على هذه المحلية خلال الفترة الماضية، اومنذ ان صارت الاضية رئاسة محلية!! وهل القصر الذي تعاقبوا عليه وبيت المعتمد وما به من فرش ورخام ومتاع ظل هو هو؟،أم القصر مشيد والبئر معطلة،!! لا يوجد منطق ولا سبب يجعل الانسان والحيوان يشربون من مورد واحد، مهما كان هذا المورد,حفير او خزان او مضخة،الماء تلك البقاع يجلب باللوارى احياناً من مناطق بعيدة ما يجعل سعر البرميل يصل الى خمسة وعشرون جنية في بعض الحيان،? لا يوجد عزر لحكومة غرب كردفان وهي تجد الاشادة من قبل رئيس الجمهورية بانها الولاية الوحيدة التي ظلت متقدمة في مجال خدمات المواطن والمشروعات التي تهمه،بينما يموت انسانها تحت هدم بئر في رحلة بحث عن جرعة ماء!!! ان أشواق مواطن الاضية تتوق الى ان يظل مقيماً بها,متنسماً هواها العليل,ومسامراً ليلها الهادي الجميل,لكن أشواك البحث عن الماء العذب الذي جعل الله منه كل شئ حى،وشهر الصيام على الابواب,تجعله يهجر المنطقة هرباً من جحيم العطش ومخاطره ،الى بلاد اخرى،لا توجد بها خضرة ولا جمال لكنها ذات ماء, يجنبهم العيش فيها ذكريات الموت هدما تحت البئر بحثا عن مياه الشرب. صحيفة الوان [email protected]