كثيرا ما تساءلت بيني وبين نفسي ما المانع في بناء علاقة اقتصادية متبادلة مع دولة اسرائيل وهي دولة قوية ومعترف بها من قبل حتى الفلسطينيين أنفسهم، ناهيك عن الجارة القريبة التي ترفرف علمها فوق القاهرة... وهي تعرف أين تكمن مصالحها فحيث المصالح فثمة مصري هناك... والسودان الآن مقبل على الانفتاح للعالم الخارجي، كالوليد الخارج لتوه من رحم أمه معلنا صرخة مدوية إيذانا ببدء حياة جديدة لا كالتي كان يحياها ولكن لفضاء أرحب بما فيه من تناقضات وتقاطع مصالح ولو أغضب البعض وهؤلاء البعض ليس حبا فيه ولا غيرة على دينه ولكن حسدا وبغضا لما يؤول اليه الحال من بعد ذلك. فالإسرائيليين كانوا أصلا معنا منذ آلاف السنين والسودان ليس غريبا عليهم وهم ليسوا أعداءً للشعب السوداني... وكفانا للشعارات الجوفاء التي جعلت من نصف الشعب السوداني يهاجر تاركا خلفه وطنا يئن تحت وطأة الفقر والنصف الآخر يجلس مغلوبا على أمره في السودان... دعوا السودان يتنفس هواء نقيا وينفتح على العالم الخارجي بدل التقوقع والنوم في سبات عميق والعالم الخارجي يتغير ويتطور من حوله ... فدخول اسرائيل للسودان ليس معناه أن يتحول السودانيون الى الدين اليهودي، فعرب اسرائيل يعيشون داخل اسرائيل منذ عقود ولم يغيروا دينهم... فالمسلم القوي هو من يجذب اليهودي والمسيحي الى دينه وليس العكس... فلا تخافوا على الشعب السوداني من الفتنة وهو مسلم بالفطرة وحتى قبل مجئ الاسلام كان يعتنق المبادئ التي ينادي بها الاسلام مثل الصدق والأمانة والكرم وعدم التعدي على حقوق الآخرين فمكارم الاخلاق كانت موجودة وستظل موجودة ولو أقمنا دولة لاسرائيل داخل السودان ولا بأس من وجود قاعدة اسرائيلية على الحدود السودانية المصرية إن لم تكن أمريكية... فمصلحة السودان في بُعدها عن الجارة التي تطمع في أراضيه، فأن نقتطع أرضا عن طيب خاطر لإسرائيل أفضل من أن يحوز عليها هؤلاء (الذين يتحكمون في مصر الآن) بوضع اليد كما يفعلون في حلايب الآن وهم ليسوا أصلا بمصريين ... فانظروا الى كل من يتباكى على مصر في التلفزيون والصحف فهم من بقايا الفرس والاغريق والرومان والأتراك فهؤلاء لا يملكون ذرة من تراب مصر ولا يجري في عروقهم الدماء المصرية الأصيلة، فالمصريين الأصليين اليوم في غلبة من أمرهم... فعلى الحكومة الحالية أن تفكر بطريقة ايجابية في صالح شعبها وليس في محاربة شعبها إرضاءً لقوم آخرين يكنون لها السوء... على الحكومة السودانية ان تضع النقاط فوق الحروف وتعرف جيدا ماذا تريد من مصر وماذا تريد مصر منها... فمصر تعرف ماذا تريد بالضبط من السودان... تريد مياه وأرضه أو قل تريدهما معا كمخزون استراتيجي لها ولكن للاسف الحكومة السودانية لا تدري ماذا تريد من مصر وفي الحقيقة ليس هنالك شئ نحتاجه من مصر إلا شوية (حلل المونيوم وبعض الملابس والمعلبات التي تسقيها مياه المجاري) فهذه الأشياء يمكن الاستغناء عنها ولكن مصر لا يمكن أن تستغنى عن أراضينا ومياهنا... فعلى الحكومة أن تنفتح نحو الخليج أولا ثم أمريكا والغرب وثالثا نحو أفريقيا جنوبا إذا كانت تريد المصلحة لها ولشعبها وعلى الحكومة أن لا تجزع فأمن مصر كله بين يديه ولا ننسى أن النيل ينساب من الشمال نحو الجنوب فكما يمكن للنيل أن يحمل خيرا وفيرا لأهله فيمكن أن يتأبّط شراً مستطيرا تحت جناحيه.. [email protected]