----------- عالم الأعتم بن أبي ليل الظلامي ----------- رواية ----------- قال معاوية بن أبي سفيان لعقيل بن أبي طالب: "ما أبين الشبق في رجالكم يا بني هاشم؟!" فرد عليه عقيل: "لكنّه في نسائكم يا بني أُميّة أبين!" البلاذري، أنساب الأشراف، ص:72 "لا تثقي في الرعية يا ابنتي مهما اظهروا لك من الود. تذكري حاشيتي. كانوا يقبلون قدمي ويتمسحون بها، والآن بعد أن زال ملكي يطلقون حولي الأقاويل، ثم يقولون لي، ما قالت اليهود لنبيها: إذهب ونارك المقدسة، لا نقاتل معك" يزدجرد الثالث آخر أكاسرة فارس اأبوك أبوسفيان لا شكّ قد بدت لنا فيك منه بيّنات الدلائل ففاخر به إما فخرت ولا تكن تفاخر بالعاص الهجين بن وائل وإنّ التي في ذاك يا عمرو حكمت فقالت رجاء عند ذاك لنائل من العاص عمرو تخبر الناس كلّما تجمّعت الأقوام عند المحامل من هجاء حسان بن ثابت لعمرو بن العاص ------------------ 1 اللحظة ذاتها تتكرر عندما يثمل، إذ يصبح كتلة من حنين محض.. يدنو كالهمس ببطء شديد، ويتشرب قلبه بمطر العينة، فينتصب كل بروز فيه، ويصبح دافئا كالزفير، في برد هذه الصحراء.. المستبد كحرها، ثم لا يخمد الا بعد ان يشعر بأندائهما تسيل حارة على فخذيها، و تغطي بربخه.. الذي يضمر بغتة، كانطفاء فقاعة، مخلفا حوله مزيجا لزجا من الدم والانداء الدافئة! فيسحب عضوه حتى ينزوي ويذبل بين فخذيه، غريرا هانئا كطفل شقي، أغرقته الهدهدات في الوسن وأحلام الطفولة الوديعة! هكذا كان الاعتم بن أبي ليل الظلامي، سيد سادات الحناجرة، بكل قبائلهم وفروعهم من النبشيين والجريديين وسواهم، عندما يثمل، إذ يتشرنق في غلالة شجنه الشقي، تتقاذفه رياح عزلته في أيامه الخوالي، وذكريات الكر والفر المنصرمة، التي لا تفتأ تهدد السلام النفسي، لشيخوخته البديعة! فيتذكر الثمن الباهظ، الذي دفعه اسلافه جميعا، لإقامة هذا الوطن.. في هذه الصحراء القاحلة، من روحهم التي باعوها دون تردد، مقابل مستقبل غامض لا يدرون كنهه! ويقوده هذا الشجن عبر تحولات غريبة. إذ تطغى عليه روح من السخرية والدعابة المأساوية، والمرح الكارثي. ثم لا يلبث بعد ذلك، أن يشعر بأحزان العالم كلها، تتجمع من أقصى عيون الأرض السحيقة، منحدرة إلى ينابيع طفولته، لتنفجر في وجهه، محدثة ألما وقلقا وتوترا، لا طاقة (لمراتع الفقرا) به! في بعض الأوقات فيما مضى.. ايّام صباه، كانت أبخرة الخمر، تسرح به في أوديتها و فلواتها، فيهيمن عليه نوع يائس من الحزن. فالأعتم وهو مخمور، شخص آخر تماما، ليس هو الأعتم ذاته، سيد الحناجرة الكبرى! إذ كان تأثير الخمر عليه متناقضا، كفصول السنة الأربعة.. يفجر داخله الينابيع الأزلية للرومانسية، و كوامن الشجن السرمدي، ويشحذ أحاسيسه ويحفز مشاعره، ويجعل حواسه شديدة الكثافة.. فيستحيل الى نصل محض يخترق جدر العزلة القوية، التي سيجت أعماقه بالحنين الأزلي، لليلة الكر والفر الأولى، و (ورد المدائن) تتلوى تحته، وهو رابض فوقها ك (جبل الرخ) و عضوه يتسلخ، في سعيه الحثيث لهتك عذريتها البكر، لا يكل غدوا ورواحا، يصل حنين السماء لأشواق الأرض، في خيط واحد بظمأ صحراء (مراتع الفقرا) القاحلة! والآن.. أبخرة الخمر، تثير فيه شتى أنواع المشاعر العدوانية، فهو يعلم ما ظلت تفعله ورد المدائن، في غيباته الطويلة مع القوافل، لكنه يحبها حد الجنون، ولا يستطيع أن يسرحها أو يبتعد عنها! عندما تمر عليه مثل هذه الأوقات، يعتزل الناس قليلا ليبكي بحرقة، دون أن يراه أحد.. في أوقات أخرى يهيمن عليه الغضب، فيتمنى لو يهم بها، يمسك رقبتها ويقطعها بحد سيفه، أو يُغمد نصله في فؤادها، بل ولطالما فكر في قتل نفسه، ليرتاح من عذاب أحلامه الجموحة، وخيانة ورد المدائن، وبؤس مراتع الفقرا التي يعشعش فيها الحسد، ومنازعه (المنتظر) له سلطة اسلافه الاماجد.. لكن لا يلبث أن يسقط في الوسن وينام! وعندما يصحو لا يتذكر شيئا، من خواطر ليلة البارحة. وفِي الحقيقة أن آل الأعتم وأسلافهم، بينما شاع عنهم، أن أهم عناصر فخرهم وإرثهم التاريخي التليد، المؤخرات البديعة الرجراجة في أناقتها! التي تميزت بها نسائهم الفاخرات، والحجم الأسطوري الشرس لأعضاء ذكورهم، الا ان ما ظل مثار تندرًمحبب، تتداوله نسوة مراتع الفقرا، هو صغر حجم العضو الذكوري للأعتم شخصيا، بصورة مخجلة لأسلافه الغر الميامين، تنال من كرامتهم، و "تمرمط" سمعتهم في الأرض! ومع ذلك كانت ثمة شائعات، أنه على الرغم من أن أسلاف الأعتم وسلالاتهم، ظلوا يتميزون بقصر القامة، وتقوس الساقين، والعيون القاحلة، ذات البريق الغائر. إلا أن الأهالي في الوقت نفسه، ينسبون خصب نساء مراتع الفقرا إلى خصب ال الأعتم، الذين كانوا ما أن تلامس أعضاء ذكورهم، مؤخرات النساء، حتى اللاتي انقطع عنهن الحيض، في زحام الطواف، حول (الضريح الكبير) ولو من وراء حجاب، حتى تندى أرحامهن ويحملن. والأمر نفسه ينطبق على نسائهم، إذ ما أن يلامس أحد العقر مؤخراتهن ولو بصورة عابرة، حتى يسترد خصوبته، فلا تنجب امرأته، سوى توائم! لذا لم يكن أمرا غريبا، ما ظلت تشهده مراتع الفقرا، من تناسل وتوالد مروع، وازدياد فاجع في أعداد المواليد داخل وخارج التخطيط، والتضاعف بهذه السرعة المخيفة، حتى فاضت على الصحراء القاحلة حولها! ولولا الغزوات والمعارك والحروبات والأمراض الجنسية المستوطنة، لتهدد الأمن الغذائي لكوكب ذلك الزمان، إلى الأبد.. بنضوب موارده كلها! ومع ذلك كان من اللافت للنظر، أن أهالي مراتع الفقرا، وهم مواليد جدد، يشع من عيونهم عادة بريق عجيب، يختزن ضياع العالم كله! وقد يستمر هذا البريق مع البعض، الى ان يلحقوا بأسلافهم، وقد يختفي في سن المراهقة! وعلى كل حال، لطالما اعتقدت نساء مراتع الفقرا الشريفات، ذوات الفروج الحريرية الناعمة، دونا عن ملمس فروج نساء العامة الجارح، أن مراتع الفقرا ما نهضت في هذا الحال البائس، الا لان علية قومها، الذين يحلون كل معقود، ويربطون كل محلول، خرجو من بين أرحام الرقيق و المحظيات، والجواري والإماء والبغايا، ولطالما تقلب آبائهم، على احضان الزنجيات، ذوات الجسد الأبنوسي المشدود، والنهود الصلبة المنتصبة، التي أوحى لهم عراكهم معها لترويضها، بما اوحى من قرارات، حددت مصير مراتع الفقرا! خلال أجيال من المواليد الحكام الكارثيين، الذين هم ثمرة ذلك العراك الليلي المحموم. وفِي الحقيقة، أن ادعاءات هؤلاء الشريفات العفيفات المزعومات، لم تكن تخرج عن حملات التزييف العامة، التي لطالما دفعت غيرة النسوة، في استهدافهن لأزواجهن بالابتزاز، يرددن ذات مقولات الغزاة الطامعين، في مراتع الفقرا على علاتهاً، كبلدة منفية جنائزية الطابع! أهالي مراتع الفقرا، فضلا عن إدمانهم لسباق الحمير، الذين يتقاطرون زرافات ووحدانا، من كل فج في شعابهم، للمشاركة فيه أو الفرجة عليه.. حتى انهم عندما جاءهم الخبر، في إحدى المرات. أن بلدتهم تتعرض للغزو، رفضوا مبارحة السباق، الى ان دهمهم العدو ونكل بهم واستباح نساءهم وأسرهم! من مفارقات هؤلاء الأهالي أيضا، عشقهم المجنون للسباحة!مع انهم محاصرين بالصحراء من كل اتجاه، بل ويتحاكون في جلسات أسمارهم، ان مقاتلين سود أشداء، في سالف العصر والأوان، قد قدموا على ظهور الفيلة وليس النوق، من خلف الصحاري.. من أعماق الغابات السوداء، وحاصروا مراتع الفقرا مدة من الزمان! دون أن يتساءلوا، كيف أنى لهذه الفيلة التي تموت، لو فارقت الغابات. أن تعبر كل هذه المسافة، إلى صحراء كصحراءهم القاحلة، التي تعبث برمالها رياح السموم القاتلة، وتجد فيها النوق نفسها عناء مروعا؟! والمدهش حقا، أن أهالي مراتع الفقرا، وهذا هو حالهم، كانوا يتسمون بنوع فريد من الاستعلاء، و العنجهية والصلف والاستبداد، وجملة من العبر التي لا يمكن تبريرها! وربما كان مرد هذا يعود، لما أحدثه أسلاف الأعتم وأحفادهم، من تخريب واسع النطاق، في عقول الأهالي البسطاء! نواصل أحمد ضحية